|
القنوات السودانية ... حالة من الاحتفال المستمر !!!!! بقلم عبد المنعم الحسن محمد
|
من يغلط ويتخبط في نافوخه ويمسك ريموت التلفزيون ويحاول المرور سريعاً على القنوات السودانية التعيسة آملاً أن يجد ولو مصادفةً ما يسر خاطره في إعلام بلده بعد أن اتعبت نفسيته أخبار الحروب والقتل والدمار وداعش وكيري ولافروف وابنعوف وكل هذه الملفات المملة التي تملأ الفضاء الاعلامي العربي اليوم ، يندم ثم يندم على هذا الخيال المترف لأنه حتماً سيجدها كلها في حالة غناء وطرب وموسيقى كأن الشعب السوداني ما هو الا الشعب السويدي او السويسري أو القطري , ولا ينقصه شيء من ملذات الحياة ورفاهيتها سوى الطرب والمرح والبهجة ، لم يترك اصحاب القنوات عندنا ضرباً من ضروب الفن الا نفضوا عنه الغبار ولمعوه وأزاعوه ، فتيات في ريعان الشباب معظمهن بلا موهبة لا يتورعن في الخوض والمغامرة بغناء اجمل اغنيات العمالقة و" يجوطنَها ويصوتنَها" الا من رحم ربي مثل الفنانة المتمكنة فعلا اسرار بابكر التي لم اشاهدها منذ سنوات طويلة على شاشاتنا ، وهذا هو حال السودان يذهب الثمين ويبقى الغث الرخيص الذي لا ينفع الناس ، واخريات الواحدة منهن كان الأجدر بها أن تدخل أولاً أي صالة gym لتخفيف وزنها قبل أن تخفيف دمها من خلال فنها البائس الذي لا ندري أنركز معه أم مع هذه الكتلة البشرية العملاقة التي ربما تناسبها مهنة المصارعة الحرة مع الرجال ، مدراء القنوات موجهين من الدولة ومن وزارة الاعلام لبث هذا الهراء ليل نهار لالهاء هذا الشعب المسكين عن همومه وفقره وجوعه ومرضه وفاقته ، ود كثير من أهل الانقاذ أن يشغلونا ليل نهار بهذا الغناء الركيك والفن المبتذل حتى لا يتذكرهم أحد وهم في لهطهم لأموالنا وثرواتنا منهمكون والبسطاء من شعبنا منهمكون في غمرة الطرب وحالة الحفلات التي تضج بها البلد حيث صارت تصم الاذان اينما وليت وجهك ، وليس ببعيد عن ذاكرتنا ذلك المسئول الرفيع بالمؤتمر الوطني الذي زار المرحوم محمود عبد العزيز في ايامه الاخيرة بمستشفى رويال كير وربت على كتفه وقال له " شد حيلك يا محمود نحن في حوجة لك ". الغناء أصبح مادة تصيبك بالارباك والتوتر في اي مكان تذهب اليه في الخرطوم ، في صالات الافراح ، الاندية ، القاعات ، الحدائق العامة ، البصات السفرية ، الركشات ، وفنان نص كم او فنان حيرة يغني بدون مقابل في كل المناسبات الصغيرة والكبيرة وبدون مناسبة حتى يملأ بقية مساحات الراحة النفسية التي لا زالت هادئة . واكثر ما يغيظ ويرفع الضغط ويجعلك تبلع حبوبك قبل مواعيدها ظاهرة اغاني الحماسة التراثية باصوات نسائية بعيدة عن الحماسة والكياسة ، تلك تمدح اخوها الما بنقدر سيل الوادي المنحدر ، واخرى تدعي أن سيف اخوها من لفحته بشيل الراس بي صفحته ، وآخرى تلعلع بدخلوها وصقيرها حام وهي ليهم بتجر كلام " يجرك يوديك البحر ". في فكر الانقاذ في سنواتها الاولى وهي متدثرة بثوب الدين والتقى والطهر منع عرابيها الغناء بكل الوانه لعشر سنوات عجاف كان التلفزيون عبارة عن طابور عسكري وساحات فداء وجلالات وانشايد باعتبار أن البلد تعيش حالة حرب وسيطرت على الاعلام وقتها مواكب الشهداء وحفل الشهيد وعيد الشهيد ومنظمة الشهيد ، حرموا المستمع السوداني لعشر سنوات أو يزيد من اغاني وردي لكونه معارض ومن اغاني عثمان حسين لانها تدعو للفجور كما في اغنية الوكر المهجور حسب زعم أحد المهووسين آنذاك ، هذا السخف كان ايام التأصيل وايام هي لله لا للسلطة ولا للجاه ، اذن لمن هي اليوم ؟ وها هو الرائع بابكر صديق أبتكر سودان آيدل وصارت الناس تنتظره كل خميس بفارق الصبر ونأمل ان يخرج لنا فنانين ينافسون في آرب آيدل الذي لا مكان لنا فيه حتى الآن ولا أظن أنه اتيح لنا اصلاً ان نقدم فنانين سودانيين لمبارزة العرب في هذا البرنامج ذو الصيت الكبير . كم اغاظتنا الانقاذ في سنينها الاولى بفناني البلاط الذي ظلوا يشنفوا آذاننا ويأذوا مشاعرنا لسنين بسخيف المدح والثناء والتملق لتخليد هذه الثورة فناً وفشلوا جميعا ولم يكسبوا سوى كراهية الناس ووصمة العار ومعظهم اما انزووا تماما أو توفوا الى رحمة مولاهم ، وبالتالي حرمونا من روائع الفن الجميل الذي سيفسد الاخلاق حسب زعمهم لاكثر من عشر سنوات، كانت اشرطة الفنان مصطفى سيد أحمد مثل البنقو يضرب ويسجن من تضبط معه ، ويتهم ويزج في السجن من يمدح الفنان وردي ويتهم بالشيوعية وأقل عقاب هو فصله للصالح العام ، فلما انتهت هذه المرحلة وانكشف المستور ولم تعد هي لله ، أقيمت حفلات التابين لمصطفى سيد احمد ، وكرم عدوهم الاول اللدود الشاعر حميد الذي اهدروا دمه في فترة سابقة ، وتصالحوا مع وردي وكرموه وغنى في نهاية حياته كما لم يغني من قبل . وأنفتحت الحكاية على مصراعيها ولكن بموت هؤلاء الرموز خلت الساحة للسفهاء والصعاليك وفناني البلاط ، فاليوم هناك اكثر من خرتومية فنان وفنانة يعلعلون على مدار اليوم مما يجعلنا نفضل العودة لقناة الجزيزة ومتابعة اخبار قتل بشار الاسد للسوريين وأخبار تنظيم الدولة " داعش" التي صارت ارحم من الاستماع لهذا السخف ، ولكن في ختام هذا المقال لا يفوني ان اثني على فنانة شابة موهوبة جدا ولفتت نظري وسط هذا الزخم تدعى فاطمة عمر ادعوكم لسماعها . مع بالغ شعوري بالغيظ ،،،،،،،،،،،،، عبد المنعم الحسن محمد 16/12/2014م
|
|
|
|
|
|