|
فزاعة البديل العنصري..! بقلم يوسف الجلال
|
هبوط اضطراري
تنشط دوائر حكومية بلا هوادة، لتخويف المواطنين من شيء اسمه (البديل)، وتنفق جهدها لاسترهاب الأصوات المنادية بالتغيير، من خلال تصوير التداعيات التي يمكن أن تنجم عن إسقاط النظام على أساس أنها كارثة لن تبقي، ولن تذر..! وظني، أن الخطاب السياسي للمؤتمر الوطني تمحور خلال السنوات الماضية في تحذير المواطنين من البديل الذي سيرث عرش الإنقاذ. ومنبع هذه اللغة يعود بالدرجة الأولى إلى أن الحزب الحاكم يعتقد أن الشعب السوداني يمل التجريب، وأنه يركن إلى الخيارات المستقرة، ذات الكلفة الأقل.. طبعاً إذا ثبتت هذه المزاعم فإن هذا يعني أن الشعب سيبارك خطوة إنهاء حكم المؤتمر الوطني بإجماع كاسح، إذا ضمن الناس له إتمام الخطوة بلا خسائر. المهم أن الحزب الحاكم أعمل آلته الإعلامية لاستتفاه الأحزاب السودانية، وتصويرها في صورة العاجز الذي لا يملك أيما حيلة. وذلك بعد أن انتهى من مرحلة كسر العظم التي خاضها من أجل إخراج تلك الأحزاب بعيداً عن دائرة الجماهيرية والفعل السياسي. صحيح أن المؤتمر الوطني تمكن من إضعاف الأحزاب وجعل من بعضها خيالاً لا يتحرك إلى في مكامن عاطفة المؤيدين، لكن هذا بدوره أفرز واقعاً سياسياً مزرياً، تراجع فيه دور الأحزاب لصالح تشكيلات أخرى، زدات الأزمة السودانية تعقيداً. ومعلوم أن فترة حكم الإنقاذ أوجدت تنظيمات عشائرية جعلت من القبيلة تتجاسر على الأحزاب، بعد أن شرعنت الحكومة لمثل هذه السلوكيات غير الرشيدة. وتبعاً لذلك أصبحت الحظوة والاستوزار يأتي انطلاقاً من المكانة والبعد القبلي، فكان أن شهدنا محاصصات على أساس قبلي وجهوي ومناطقي. وهذا أضر بالممارسة السياسية ضرراً بليغاً. وكلنا لاحظ ورصد صعود القبلية داخل المؤتمر الوطني، وطغيانها على حساب القدرة والكسب. إذ لم يعد المؤهل العلمي والأكاديمي هو المعاير لشغل المناصب الحزبية والتنفيذية، بل أضحى المقياس هو التأثير القبلي. وبالعودة إلى شأن القبلية، نجد أن الحزب الحاكم استثمر فيها جيداً، ولعب على التناقض الديموغرافي، ووظفه لصالحه تماماً، حتى أن فوز المؤتمر الوطني في الانتخابات المخجوجة الأخيرة، لعبت فيه تكوينات قبلية دوراً كبيراً، وأدت فيه شوطاً حاسماً، أسهم في ترجيج الكفة حتى في ظل العلل البائنة والأمراض الجلية التي لازمت انتخابات أبريل 2014م. الآن يجد المؤتمر الوطني نفسه محاصراً، بتيارات شبابية مستنيرة، لا تنطلي عليها حيلة "فزاعة البديل"، لأن تلك التشكيلات الشبابية تعلم أن التغيير يفزر قادته تلقائياً. ثم أن تلك الفئات الشبابية غمرتها موجة معرفية كثيفة مصدرها الإعلام الجديد المتمثل في (فيسبوك- تويتر– واتساب)، بعد أن كانت تلك الفئات معتقلة ومسجونة طوال الفترة الماضية في خانة الإعلام الرسمي، الذي ظل يصوّر الحكومة الحالية على أساس أنها قطعة من مدينة إفلاطون المثالية، قبل أن تتكشف الحقيقة ضحى الغد، جراء تصاعد منابع المعرفة. بصراحة، سيجد المؤتمر الوطني نفسه مطوقاً بحزام مواده فئات عمرية تحررت من سطوة "نشرة" سونا، وأخبار التلفزيون "القومي"، وحينها لن ينفع الحزب الحاكم احتكاره للإعلام بل سيضره، لأنه سيكتشف أن الناس قد كسروا طوق التغييب والتخليط والتدليس. نُشر بصحيفة (الصيحة)
--
|
|
|
|
|
|