|
الوطني يدفع (800) مليار جنيه ليحكم بقلم يوسف الجلال
|
هبوط اضطراري
يبدو أننا أمام سيناريو جديد لتبديد موارد البلاد في ما لا طائل منه، فثمة دراما طويلة قادمة، سنرى من خلالها كيفية استسهال المال العام، وانفاقه في شؤون لا ناقة للشعب فيها ولا بعير، مع أن ذاك المال ينبغي أن يُصرف في ما يُصلح حال البلاد، لا ما يُمجِّد بعض العباد..!
انظر إلى الانتخابات العامة التي تعتزم المفوضية إجراءها في أبريل من العام 2015م، ستجد أنها شأن يخص المؤتمر الوطني، وبعض الأحزاب التي تُعرف في القاموس الإعلامي بـ(أحزاب الفكة). وهذه الأحزاب معلوم انها تناسلت من رحم تكوينات سياسية اخرى، بما فيها حزب المؤتمر الشعبي، قليل العضوية، الذي نتج عن مفاصلة الإسلاميين الشهيرة. ومعلوم أن تلك الانتخابات مرفوضة حتى لدى الأحزاب التي قبلت الدخول في الحوار الوطني. أو ما يعرف بـ(أحزاب الوثبة). هذا فضلاً عن المقاطعة الجهيرة التي أعلنتها أحزاب قوى الإجماع الوطني، ولهذا يصح أن يُقال على انتخابات أبرايل 2015م أنها معزولة، ولا تجد التأييد.
تلك واحدة مهمة، أما الثانية التي تفوقها أهمية، فهي لأن الميزانية المحددة من قبل المفوضية لتلك الانتخابات بلغت (800) مليار جنيه (بالقديم)، تزيد أو تنقص بنسبة (5%). وأهم من ذلك كله، فهو أن الأسرة الدولية رفضت تمويل تلك الانتخابات. وعليه فقد تكفّل المؤتمر الوطني الحزب الحاكم، ممثلاً في وزارة المالية بتوفير الميزانية الموضوعة من قبل المفوضية لقيام الانتخابات.
السؤال هنا، لماذا نفضت المنظمات المعنية بإرساء وتطوير الديمقراطية، يدها عن دعم انتخابات السودان؟، هذا السؤال أجاب عنه رئيس المفوضية البروفسور مختار الأصم، بقوله "إن المفوضية قامت بمخاطبة الدول المانحة وبعض المنظمات مثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لتمويل الانتخبات في السودان، لكنها طلبت أولاً أن يتم تقييم الجو السياسي في السودان، وهل هو مناسب لإجراء الانتخابات وهل ستكون العملية شاملة وجامعة وخالية من العيوب، أم لا؟، ومضى الأصم يقول: "نحن قلنا لهم إننا جهة فنية مستقلة ولا نملك الحق في البت على هذه الأسئلة، وبالتالي تلاشت فرص التمويل، وبناء على ذلك تكفلت وزارة بتمويل الانتخابات بالكامل".
هكذا إذن، فقد رفع المانحون أيديهم عن التمويل، بعدما تأكد لهم أن العملية لن تكون خالية من العيوب، وإنها مرفوضة حتى من حلفاء المؤتمر الوطني. مع أنهم أسهموا - أي المانحين - في تمويل انتخابات أبريل 2010م بـ(275) مليار جنيه بالقديم، أي يعادل نسبة 43% من القيمة الكلية التي بلغت "639" مليار جنيه بالقديم، بينما تكفلت الحكومة حينها، بتوفير "364" مليار جنيه بالقديم، أي ما يعادل نسبة "57%" من حجم التمويل.
وهذا كله مقروناً مع مقاطعة الأحزاب للانتخابات، يجعلنا نؤكد أن المؤتمر الوطني سيُنافس نفسه أو من هم ظله أو امتداد له. وعليه يبقى من العبث – وربما العبط – الإصرار على قيام الانتخابات التي ستمول بالكامل من مال الشعب. ويبقى من غير اللائق أن يدفع المؤتمر الوطني وأن يهدر "800" مليار جنيه، من أجل أن يحكم لخمس سنوات جديدة.
وإذا استفتى المؤتمر الوطني أيما حزب أو إنسان حادب على مصلحة الوطن وحريص على المال العام، لقال له لا يعقل هذا العناد وهذا التبذير وهذا السفه بإنفاق "800" مليار جنيه في انتخابات معلولة الممارسة، معلومة النتيجة، في الوقت الذي يموت فيه الناس بالجوع والمرض والفقر في كل أطراف السودان. بصراحة، المؤتمر الوطني يبحث عن شرعية بقيمة "800" مليار، على أنقاض من يطحنهم الفقر.
نُشر بصحيفة (الصيحة)
|
|
|
|
|
|