|
لم ينتحر ولكن نحروه !! بقلم خالد قمرالدين
|
مشهد محزن جدا ، لرجل خمسيني مضرج بدماءه في احد شوارع عاصمة بلادنا الخطوم . مشهد قاسي الوقع على النفس البشرية تناقلته وسائل الإتصال المختلفة ، فإنتشر سريعا يحكي الهوان والذل والظروف التي وصل إليها حال العباد ، والتي يكتوي بها العامة دون أهل السلطة . حكام هذا الوطن الذي ينتقل من بؤس إلى بؤس ، رفعوا شعار (لن نذل ولن نهان ) باكرا ، وبالتالي فرزوا عيشتهم حتى من شعبهم. إستغلوا الدين لمصالحهم الشخصية بمعزل عن مواطنيهم ، اللهم إلا أن تكون إدانة لهم لكبح جماحهم والحيلولة دونهم وحقوقهم المشروعة وتحقيق تطلعاتهم ، والتي بالضرورة تتعارض مع تطلعات كل ندل وقح . رغم إطلاق (لا لدنيا قد عملنا) مسبقا وباكرا مع حلول ظلام القوم ، إلا أن الدنيا بملذاتها ومتاعها وغرورها تسجل حضورها بقوة ، وتخرج لسانها ساخرة على قوم أقبلوا عليها بشهوة شيطانية وغرور كبيرين . بدأ جليا أن أموال الزكاة في البلاد منذ زمان طويل ، قد ضلت طريقها إلى مستحقيها من الفئات الرئيسية المذكورة في القرآن ، إلا واحدة وهي فئة العاملين عليها ، ومن جانب هذه الفئة الباغية تمتد أيادي الإفساد إلى المنتسبين إليهم . والزكاة ليست وحدها ضحية ، وإنما لها أخوات أُخريات تتلوّىَ في أيدي العبث ، ليس آخرها مشروع الجزيرة والمنتسبون إليه جغرافيا ، المتهكم عليهما مؤخرا من كبيرهم . لكن الزكاة كمؤسسة تمثل فرع في بيت مال المسلمين ـ فضلا عن ان كلمة (بيت) هذه ذات إيقاع وإحتواء خاص لأصحاب حق مؤصل من لدن رب رحيم ـ تمثل قدسية خاصة ، إلا أنها منتهكة بجهالة ممن يرفعون كتاب الله ويعلمون انهم لا يحسنون صنعا . إذا هذا الرجل ـ والذي أرى فيه نحن (كلنا) ـ هذا الرجل المجنى عليه ، وعندما أقول (المجنى عليه) أعني ما أقول !! ، لم ينتحر !! ، نعم لم ينتحر ، وإنما نحروه ، قتلوه ، ذبحوه من الشريان إلى الشريان . ذبحوه بشريعتهم الأنانية ، التي تحول بين الزكاة ومستحقيها قتلوه بسنتهم التي تحب لهم ، لا لغيرهم نحروه عندما أصابوا الإنسانية في مقتل مع سبق الإصرار ذبحوه عندما ذبحوا المروءة والقيم قطعوه إربا عندما قطعوا حبل المسؤولية بين الراعي والرعية نحروه عندما إنكبوا على ملذاتهم ، وعملوا لدنياهم ، وإغتروا بصولجان سلطانهم ، ونسوا رحمة رحمان رحيم ، فأنساهم قول عمر بن الخطاب : لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق ياعمر ؟؟ .
|
|
|
|
|
|