|
هل نداء السودان تتويج لتشكل الكتلة التاريخية ؟! بقلم عبد العزيز التوم ابراهيم
|
قد يحار المرء وخاصة المشتغل والمراقب للفضاء السياسي السوداني الذي يغيمه سحب الغموض والالتباس ! ان ثمة مبادرات ومنابر قد تمخضت عنها اسماء وصفات رنانة شغلت الساحة السياسية لحين من الزمان واختفت دونما ان يعلم لها اي اتجاه مثل البديل الديمقراطي ، الفجر الجديد ، اعلان باريس...واخيرا وليس اخرا نداء الوطن!!! وهنا يبرز سؤال شكاك وملتبس جدا ، هل الساسة السودانيين يعشقون تكاثر وتوالد المنابر واطلاق اسماء وصفات دونما اي اثر او جدوي؟! ام ان ما يدور مجرد عمليات متصلة يمكن ان تفضي لتشكل مفهوم الكتلة التاريخية علي غرار ما استعمل في ايطاليا بواسطة الفيلسوف الايطالي "انطوني غرامشي " كحاجة ضرورية وبرنامج للخروج من مازق الضعف وعدم الفعالية التي تردت بها قوي التغيير ، ويجب التواضع علي مسلمة مفادها استحالة ان يقود اي تيار منفردا علي اداء المهام التاريخية المطروحة علية ،وهكذا اسس غرامشي لرؤية منفتحة تري ان الشمال الايطالي الغني والعلماني لابد له من خلق كتلة تاريخية مع الجنوب الفقير الذي يسيطر عليه الفكر الديني الكنسي ،وبذلك اعتبر انه يجب الاعتراف بالكنسية كقوي موضوعية وبالتصورات التي تنطلق من المرجعية الدينية .وكما انه يقتضي في مسار تحقيق الكتلة التاريخية لابد ان تناي كل قوي التغيير الفاعلة بنفسها من حالة التزمت الايدولوجي وان تربط الاهداف السياسية والاجتماعية بطموحات المجتمع ككل ، مؤكدا علي فكرة محورية هي رفضها لعقلية اقصاء الاخر ياي ذريعة كان، وهذه الكتلة التاريخية لسيت ابدية لابد ان ياتي يوم يكون قد انجزت مهمتها ، وكما ان الكتلة التاريخية لا تعني ذوبان القوي الفاعلة ذوبانا كاملا مع بعضهم البعض ولكن يقتضي فقط التخلص من الشرنقة التي تسجن فيها نفسها لتتمكن من الارتباط ارتباطا جديدا نحو خلق اطار مشترك لمصلحة المجتمع ككل.ولكن اذا دار بنا ساقية السؤال مرة ثانية ،هل ما يدور في اوساط المعارضة السودانية بشقيها المسلح والمدني القصد منها تشكيل كتلة تاريخية يخرج السودان من هذه الورطة ام ان ما يدور مجرد استهبال وابلسة فكرية من بعض الحرس القديم والمنظومات المركزية لتقويض مسار ثورة الهامش ؟! وهل هناك ثمة ارادة قوية ما يدفع الاحزاب السياسية مثل حزب امة ، الاتحادي الديمقراطي ، الحزب الشيوعي ، حزب البعث العربي الاشتراكي ...الخ. التخلص من الوهم والاسطورة التاريخية التي يتمسكون بها ؟! كل هذه التساؤلات تبدو الاجابة عليها من الضرورة بمكان والا تظل كل هذه المنابر مجرد مهرجانات سياسية تثقل كاهل الدول المضيفة والتي تلتقي بها القوي المركزية مع قوي الهامش لاطالة امد الصراع في السودان ولزيادة معاناة الانسان السوداني المفعول به. اذا لم يتم الاجابة علي هذا التساؤال الجوهري ما الذي يشكل نقطة التقاء بين حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يهدف لتاسيس دولة متخيلة قائمة علي اساس النقاء العرقي العربي المتوهم مع حركات دارفور والحركة الشعبية الرامية لقيام دولة ديمقراطية علمانية موحدة !!! وكذلك مع حزب الامة ومن لف لف في فلكهم الذين يتمسحون بمسوحات الديمقراطية ولكن في حقيقتهم يسعون لقيام دولة دينية وهي نقيض الدولة العلمانية !!!. كل هذه الحزمة من التناقضات وبالرجوع الي التجارب السابقة والصيغ التي تم الوصول اليها بين المعارضة نجد انها لاتسندها اي ارادة جادة للتنازل من الايدولوجيات العقيمة وصولا لارضية مشتركة وما المناكفات والسجالات التي اتسمت بها الصيغ السابقة ينم علي حالة الشرنقة !. ومع كامل اقرارنا ان المقاومة المسلحة لوحدها لا تستطيع انجاز مهام هذه المرحلة التاريخية ، بل لابد من تلاقح والتصاق كل قوي التغيير الفاعلة نحو احداث انقلاب حقيقي في بنية المنظومة المجتمعية وهذا الامر يقتضي استظهار النية والارادة الجادة ولكن ما تنتهجها بعض القوي السياسية وما تستظهرها من ارادات هازلة ومحاولة الالتفاف حول قوي الهامش لضمان استمرارية الايولوجيات العقيمة التي اقعدت السودان ودمرته وشرذمته لا تعتبر منتجة ، بل يكون مدعاة لمزيد من التشرذم والانقسام والانشطار في الجسم الاجتماعي السوداني .
|
|
|
|
|
|