|
ملامح من تكوينات وصراعات القوي السياسية السودانية ( 2 ) بقلم صلاح الباشا
|
mailto:[email protected]@gmail.com
· كنا قد تحدثنا في الحلقة الاولي عن كيفية دخول الافكار الاخوانية والماركسية معاً من مصر في بداية النصف الثاني من القرن الماضي عن طريق الطلاب السودانيين الدارسين في القاهرة في ذلك الزمان . وإنتشارها المتواضع في البداية داخل المجتمعات الطلابية وبين القليل من الموظفين وبخاصة في قطاع التعليم . كما تحدثنا في ملمح طفيف عن تكوين الحزبين العريضين الاتحادي والامة ، وسوف نتناول مسيرة هذين الحزبين الكبيرين بما في ذلك من صراعات قوية بينهما قبل وبعد الاستقلال ثم مسيرة تحالفهما في الحكم في زمان لاحق في حلقات قادمة ، وكل هذا الجهد هو مجرد ملامح وليس بتوثيق تفصيلي لان مكان ذلك هو الكتب وليست الصحف نظرا لضيق حيز النشر فيها.
· وقبل ان نذكر تفاصيل الصراع الطويل والممتد والعنيف احيانا الذي كان سائدا ثم خبأ إوار ناره مؤخرا بين الاسلاميين والشيوعيين بسبب انهاك وتضعضع عنفوان قوي هاتين المنظومتين الفكريتين بفعل الزمن وتقادمه ، والذي اخذ منهما زمنا طويلا وانهكهما تماما كما انهك الحياة السياسية في البلاد بطولها وعرضها ، وقد احدث تشوهات عميقة داخل الحياة السياسية السودانية في زمان مضي ( وياليتهما يعترفان بذلك الآن ) ، لان صراعهما المتوتر والمشدود دوما وغير المجدي عبر عشرات السنين ، لم يكن يحتاجه مطلقا مجتمعنا السوداني الفقير والمتسامح بطبعه . وسوف نتناول هنا مسيرة هذا التنظيم الاسلامي ونعقبه بحلقات اخري عن مسيرة تنظيم الشيوعيين السودانيين خلال حقب سياسية عديدة في التاريخ السياسي السوداني الحديث . ثم ندلف الي الحزبين الكبيرين الاتحادي والامة في حلقات اخري ، وذلك خدمة للاجيال الجديدة المهتمة بالشأن السياسي السوداني.
· فقد برز تنظيم الاخوان المسلمين في السودان بقوة ملحوظة وعلنية واعلامية في ميدان السياسة الواسع عقب انتفاضة 21 اكتوبر 1964م الشعبية التي ازالت نظام الرئيس الفريق ابراهيم عبود الذي حكم البلاد عسكريا لست سنوات ( 1958 – 1964 م ) ، وقد كان قائد الجماعة سياسيا في البدء المرحوم الاستاذ الرشيد الطاهر بكر والذي شارك في حركة انقلاب الضابط علي حامد وزملائه الثلاثة الذين تم اعدامهم معه بعد فشل المحاولة في العام 1959م وهم الطيار الصادق محمد الحسن وعبدالبديع علي كرار ويعقوب كبيدة وشقيقه عبد الرحمن كبيدة الذي لم يتم اعدامه ، وحكم عليه بالسجن المؤبد جنبا الي جنب مع الرشيد الطاهر والذي انتقل الي الحزب الاتحادي بعد انتفاضة اكتوبر وهجر حركة الاخوان تماما حتي رحيله بعد انتفاضة ابريل 1985م بسنوات قليلة .
· برز وقتذاك بعد انتفاضة اكتوبر نجم الاخوان اللامع الدكتور حسن الترابي الذي اعتلي مقعد عميد كلية الحقوق بجامعة الخرطوم بعد عودته بقليل من البعثة الدراسية بجامعة السوربون في باريس ، ليتم تقديمه كامين عام للتنظيم الاسلامي وليتفرغ تماما له ويترك مقعد العمادة بالجامعة وهو صغير السن لم يتجاوز سن الثلاثين بكثير، وليفوز باعلي الاصوات في دوائر الخريجين في الانتخابات التي اعقبت الفترة الانتقالية في ابريل 1965م وليفوز معه المحامي المرحوم محمد يوسف محمد .. اما بقية دوائرالخريجين وقد كانت 15 مقعدا علي مستوي السودان فقد فاز فيها الشيوعيون واليساريون باحد عشرة مقعدا سنذكرهم في حلقة تالية من ضمن سياق حديثنا عن مسيرة الحزب الشيوعي ، كما فاز بالمقعدين الاخرين محمد توفيق احمد وصالح محمود اسماعيل من تيار الاتحاديين .
· تم تغيير اسم جماعة الاخوان المسلمين الي الاسم الجديد ( جبهة الميثاق الاسلامي ) عقب ثورة اكتوبر 1964م الشعبية حسب التجديدات التي احدثها الدكتور حسن الترابي الامين العام الجديد برغم تحفظ رموز الاخوان التاريخية لهذا التغيير في الاسم ، وقد كان الترابي يرمي بذلك الي تاسيس تنظيم اسلامي سياسي مستقل يبتعد عن التنظيم العالمي لجماعة الاخوان المسلمين وعن قيادته في مصر وليجعل منه تنظيما سودانيا وطنيا صرفا شأنه شأن بقية الاحزاب السودانية وقد نجح في ذلك تماما ، كما قام الشيوعيون السودانيون ايضا بجعل حزبهم سودانيا وطنيا صرفا لا يتبع لموسكو كما كان يعتقد البعض ، بل يتعاون في اهداف عامة مع الاحزاب الشيوعية العالمية في محاربة الاستعمار والامبريالية ، لأن الحزب الشيوعي السوداني ظل يعمل وسط بيئة سياسية ليبرالية كشأن الاحزاب الشيوعية في العالم الراسمالي الليبرالي ، ويختلف مهنجه عن منهج الاحزاب الشيوعية الحاكمة بالقوة في المعسكر الشرقي الاشتراكي القديم .... ونواصل ،،،،،
|
|
|
|
|
|