|
لُعبة الكُرات الزُجاجية (7) | محمد يوسف
|
سنوات الحرية: وكان جوزيف نكهت حوالي أربعة وعشرين عاماً عندما تخرج من والدزيل. وبدأت سنوات الدراسة الحرة. خاصة بالنسبة للشبان الموهوبين مثل نكهت جوزيف ، غير مدفوعين بموهبة واحدة للتركيز على تخصص ولكن طبيعتهم تهدف إلى ألتكامل والتوليف والعالمية ، و هذه الدراسة الحرة غالباً فترة من السعادة مكثفة. في كاستليا الحرية الفكرية للطلاب أكبر مما كان في أي وقت مضى في جامعات العصور ألمضت نظراً لتوافر المواد. وعلاوة على ذلك الدراسات في كاستاليا غير مقيدة باعتبارات مادية. كل الطلاب سواسية فى الحلقات الدراسية والمكتبات والمحفوظات ومختبرات المقاطعة التربوية. درجات التسلسل الهرمي تخضع لصفات العقل والشخصية فقط. القيد الوحيد على حرية الطالب فى هذه المرحلة هو التزامه بتقديم خطة دراسة لكل سمستر. السلطات عليها الإشراف على تنفيذ هذه الخطة بطريقة معتدلة متسامحة. يطلب من الطالب عرض مرة واحدة فى العام عن المحاضرات التى شارك فيها والكتب اللتى قرأها والبحوث التي قام بها في المعاهد المختلفة. أدائه يخضع الى ضبط أوثق فقط عندما يحضر حلقات دراسية تقنية بما في ذلك دورات في " لعبة الكرات الزجاجية" والموسيقى. بجانب السلوك القويم على الطلاب تقديم مقالة عن "حياة " كل عام. هذه العادة القديمة والتى سخر منها الكثير. نكهت بدوره كتب خلال السنوات التي قضاها في الدراسة الحرة ثلاثة مقالات عن "حياة" أو سير ذاتية. هذه السير الذاتية وهمية في أي فترة من الماضي تعكس الحياة والثقافة والحياة الفكرية فى تلك الفترة. جوزيف كتب ثلاثة سير ذاتية احتفظ بها. نسرد منها السيرة التالية: الحياة الهندية: رافانا (Ravana) ، عاش أمير الحرب عند نهر الجانج العظيم و كان له ابنا اسمه داسا و لكن والدة داسا توفت في شبابها وتزوج الأمير زوجة أخرى أنجبت له إبنا يدعى نالا. هذه السيدة اصبحت طموحة وأعربت عن استياء لداسا رغم أنه الإبن الأول للأمير وقالت أنها مصممة على رؤية ابنها نالا يرث الحكم عندما يحين الوقت. وهكذا سعت إلى تقريب الأب لإبنها نالا و التخلص من داسا في أول فرصة. ولكن برابمانس من محكمة رافانا ، فاسوديفا المنقذ ، حما داسا من أي ضرر حتى يمكن وضعه بعيدا عن زوجة الأب. رافانا (Rajah Ravكان يملك قطيع من الأبقار مكرسة الى براهما. وهذه تعتبر مقدسة وحلبيها والزبده تقدم إلى الإله. وقد حجز أفضل المراعي فى البلاد لهذه الأبقار. يوم ما جاء راع لهذه البقر المقدسة إلى القصر لتسليم دفعة من الزبدة وقال أن هناك علامات الجفاف في المنطقة حيث كان يرعى القطيع. ومن ثم سوف يقودون الأبقار إلى الجبال ، حيث المياه والأعشاب متوافرة. كان البراهمي يعرف الراع لسنوات عديدة ويثق فيه. وطلب منه أخذ الأمير داسا معهم الى المرعى. وأخذ الراعى الصبي داسا الى التلال معه. داسا انضم إلى فرقة الرعاة وتعلم حراسة وتحريك الأبقار وحلبها ولعب مع العجول وتجول حول المروج ألجبلية و شرب أللبن وقدميه العارية لطخت ببروث البقر. حب الحياة مع ألرعاة و عرف الغابات والأشجار والفواكه وأحب المانجو والتوت ألبري وشجرة فارينجا والتقط جذور اللوتس الحلوة من الغابات الخضراء. وفي أيام الأعياد الدينيه ارتدى إكليلا من أزهار حمراء. أصبح على دراية بطرق جميع الحيوانات ألبرية و تعلم كيفية النأى عن النمر وجعل صداقات مع النمس الذكي و القنفذ. وفي مواسم الأمطار اتخذ كوخ مؤقت حيث لعب ألعاب الأولاد أو تلاوة الآيات أو نسج سَلَّة من حصير القصب أو الريد. داسا لم ينس تماما منزله السابق وحياته ألسابقة ولكن سرعان ما بدت له مثل حلم. وفي يوم ما عندما انتقل القطيع الى منطقة أخري ذهب إلى الغابة للبحث عن العسل. منذ معرفته للغابة ازداد حبه لها وهذه الغابة بدت له فى غاية الجمال. أشعة الشمس خلال الأوراق والفروع كالحيات ألذهبية ضجيج ألغابة و صيحات ألطيور و شخشخة قمم الأشجار و ثرثرة القرود و أصناف ألخشب و المياه والطحالب النامية و الحيوانات و الفواكه و الأرض حلوة والبرية ألحميمة مرحة وحزينة و فراشة خضراء مخملية مع علامات سوداء وصفراء رقصت على الزهور ألبيضاء و بين ظلال الأشجار الزرقاء كسر فرع وسقطت صفقات بشدة على صفقات. نسي داسا البحث عن العسل. أثناء الاستماع إلى غناء الطيور الصغيرة ، لاحظ درب ضيق بين نبات سرخس والذى وقف مثل غابة كثيفة مصغرة داخل الغابات الكبيرة. وفى صمت وحذر سار على الدرب الضيق و بعد فترة جاء الى شجرة اثاب كبيرة ذات جذوع عديدة تحتها كوخ صغير مثل خيمة منسوجة من صفقات السرخس. الى جانب الكوخ جلس رجل بلا حراك. ظهره مستقيم كما قضيب ويديه بين قدميه المتقاطعة. تحت الشعر الأبيض وجبهته العريضة عينيه كعيني ضرير مركزة على الأرض. عينيه مفتوحتان ولكن تنظران إلى الداخل. داسا أدرك أن هذا رجل مقدس. شاهد آخرين من قبل رجال مفضلة للآلهة. من المفضل تقديم الهدايا لهم واحترامهم. هذا الرجل يجلس أمام كوخه الجميل بلا حراك و فقد نفسه في التأمل. جذب الصبي اكثر من الذين شاهدهم من قبل. يبدو وكأنه يطفو فوق سطح الأرض وكأنه يرى ويعرف كل شيء. محاط بهالة من القداسة له دائرة سحرية للكرامة وشعلة من كثافة مركزة وموجه من اليوجا مشعة بالطاقات والصبي لا يتجرأ بكلمة للترحيب. بلا حراك كشجرة اوراقها وأغصانها تتحرك في تنفس بلا حراك كالحجر... صورة الله ، جلس قبالة كوخه ومن هذه اللحظة حين رآه الصبي ظل بلا حراك. فتن بهذا المشهد. وقف يحدق. ورأى بقعة من ضوء الشمس على كتفه و بقعة من ضوء الشمس على إحدى يديه ألمسترخية ورأى بقعة ضوء تتحرك ببطء بعيداً وأخريات تبرز إلى حيز ألوجود وبدأ يفهم أن هذه الخطوط الضوئية لا علاقة لها بهذا ألرجل ولا علاقة لها بأغاني الطيور وثرثرة القرود ولا النحل البرية الذي استقر على وجه القديس تشم في جلدته و تزحف مسافة قصيرة على طول خده وتطير مرة أخرى. أحس كل هذا و كل ما يمكن أن ترى العين والأذن تسمع و كل شيء جميل أو قبيح وكل ذلك لا علاقة له على الإطلاق بهذا الرجل القديس. ألبرد والمطر و النار لن تزحزحه من مكانه. أصبح العالم حوله لا معنى له. ألعالم كله ليس أكثر من نسمة رياح على ألسطح تموج موجات على أعماق غير معروفة. شعر برعشة الرعب والإعجاب لهذا ألرجل وبالشوق لحياة كمثل هذا الرجل. و ألغريب أن هذا الرجل ذَكره بأصله و بأسرته الملكية. بعد ذلك لم يدرى ان كان قد قضى ساعتين أو ثلاث ساعات أو أيام امام الكوخ. عندما زال ألسحر وعندما تسلل مرة أخرى بين الأشجار خارج ألغابة ووصل أخيرا إلى السهول المفتوحة والقطيع فعل ذلك دون أن يكون على علم بما كان يقوم به. ناداه أحد الرعاة و الذي كان غاضبا معه لكونه تركهم زمنا طويلاً وتساءل أين كان. وقال داسا _ كنت في الغابة. أردت أن ابحث عن العسل ولكن نسيت ذلك لأنى رأيت ناسكا هناك جالسا في الصلاة أو التأمل و وقفت لمشاهدته لفترة طويلة و أود أن اذهب مرة أخرى هذا المساء لجلب الهدايا له. قال له الراعى _ اعطيه زبدة وحليب. ينبغي إعطاء الرجل المقدس ما يمكننا. اتركها امام الكوخ وليس هناك حاجة للفت نظره. داسا فعل ذلك. استغرق منه بعض الوقت لإيجاد المكان مرة أخرى. داسا جلب الهدايا مساء كل يوم و وجد الرجلالقديس في عمق التأمل. بعد فترة طويلة قادوا القطيع إلى المراعي ألجديدة و تذكر داسا تجربته في الغابة. عندما كان وحدة أحياناً حلم كأنه ناسك يمارس اليوجا. يوم ما حينما أتوا إلى المناطق المحيطة بالمدينة سمعوا بمهرجان كبير. الأمير رافانا، المتهالك فقد قوته ألسابقة و قد عين اليوم ابنه نالا خلفا له. داسا اراد الذهاب إلى المهرجان وتمنى أن يرى المدينة مرة أخرى. اراد الاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة العرض والبطولة بين النبلاء. الرعاة كان من المفترض أن يجلبوا شحنة من الزبدة من أجل التضحيات للمهرجان و داسا كان واحد من ثلاثة شبان اختارهم الراعي الرئيس لهذه المهمة. جلبت هذه الزبدة إلى القصر عشية المهرجان. فاسوديفا البراهمي تلقاها منهم ولم يتعرف على داسا. في الصباح الباكر شاهدون بداية التضحيات وفقا لإرشادات البراهمي. شاهدوا كميات الزبدة الذهبية مهدى للنار المشتعلة والتى تحولت الى نار متقدة مرتفعة الى ما نهاية بفرحة اللآلهة. شاهدوا الافيال تتقدم الموكب وراكبيها فى الهودج ذات السقف الذهبي. شاهدوا العربة الملكية مغطاة بالزهور وجالس فيها نالا وسمعوا أصداء الطبل. كان كل شيء رائع جداً وأيضا مثير للسخرية قليلاً أو على الأقل كان يبدو لداسا الشاب. فوجئ بضجيج العربات والخيول والبذخ كما أنه سر برقص الفتيات اللاتي وثبن مرحا أمام العربة ألملكية. اندهش لحجم وجمال المدينة. بعد ألمهرجان وصلوا إلى منطقة مسطحة المروج والأراضي الرطبة المزروعة بأشجار الخيزران. هنا شاهد فتاة باسم برافاتي وقد حب هذه الشابة الجميلة ابنة مزارع مستأجر. داسا احبها حتى أنه نسي كل شيء بهدف كسبها. عندما حان الوقت للرعاة للتحرك إلى مراعي جديدة لم يراع المشورة والتحذيرات وودع الرعاة والحياة التى احبها كثيرا. نجح في الفوز برافاتي كزوجته و فى المقابل حرث حقول الدخن و الأرز وساعد والد برافتي في مصنع الأخشاب. بني كوخ لزوجته. كانت له عزيمة هائلة للتخلي عن أفراحه السابقة وأصدقائه والعادات وتغيير وجوده تماما والعيش مع برافاتي الجميلة المغرية و وجد السعادة الكبيرة في ذراعيها. ولكن كان مقدرا له اأمورا أخري وسعادته لم تدم طويلا.ً سعادته لم يمضي عليها عام عندما يوما ما جاء الى الحي نالا وقواته للصيد. داسا لم يعبأ بكل هذا وباشر عمله في الحقول وبقى بعيداً من الصيادين. وعندما عاد إلى الكوخ لم يجد زوجته. واخبره صهره الاصغر أن رجال نالا خطفوا برافاتي وهي معه في خيمته. ترصد داسا بشكل غير مرئي معسكرات نالا وهو يحمل مِقلاع ويقترب من خيمة الأمير نالا منتهزا غياب الحراس. وشاهد داسا نالا يمتطي فرسه ذاهبا للصيد. وعندما عاد بعد ذلك بساعات ودخل خيمته وتمكن داسا من النظر داخل الخيمة حيث جاءت امرأة شابه للترحيب بالأمير. كاد يسقط من الشجرة التى اعتلاها لمراقبة نالا حينما تعرف على زوجته برافاتي داخل الخيمة. شعر بالإهانة وبدت الدنيا حالكة امامه. ظل داسا على مقربة من معسكر نالا و أخفى نفسه مرة أخرى على أشجار تطل على الخيمة. عندما خرج الأمير نالا من من الخيمة صوب داسا مِقلاعه وضرب نالا مباشرة في جبهته بالحجر. نالا سقط على ظهره وبات بلا حراك. عند اندلاع الصخب حول الرجل المقتول وبدأ الفضاء أمام الخيمة يعج بالحراس ، هرب داسا الى اعماق الغابة للاختباء. خلال يوم وليلة داسا تجول فى الغابات وتحصن عميقا فى الغابة و كان منهكا. بدأت عملية مطاردة القاتل. وفى يوم ما جاء الى منطقة التلال والعشب الخصبة التي بدت جميلة وهادئة مرحبة كما لو أنه يعرفها. في مكان ما عرف مرج بأعشابها المتمايلة بهدوء وفى مكان آخر بستان الصفصاف الذي ذكره بأيام هادئة عندما لم يكن بعد يعرف الحب والغيرة والكراهية والانتقام. الآن نظر الى تلك الحياة خلال هوة لا مرجع منها. كآبة في قلبه استجابت للأصوات التى رحبت به هنا و الرياح رعشة الصفصاف ألفضي وأغانى الغدير ألمرحة وأغانى ألطيور و طنين النحل رافقته. تجول حول هذا المشهد ألممتع للمرة الأولى منذ عدة أشهر وهو فارا من وجه العدالة ومرشح للموت ولكن بقلب مفتوح لا يفكر في أي شيء راغب في لا شيء ومستسلما تماما لهدوء الحاضر بامتنان مندهش. شعر بانجذاب إلى الغابة التي تقع بعد المروج الخضراء. وصل إلى كوخ صغير. على الأرض أمام الكوخ جلس الرجل القديس بلا حراك. توقف كما لو أنه قد أيقظ لتوه. كل شيء هنا هو نفسه كما كان هنا لم يمر الوقت و يبدو الوقت والحياة كانتا صلبة كالكريستال، مجمدة في الخلود. وقف ينظر الى الرجل ألقديس و عاد إلى قلبه هذا الإعجاب و ألحب والشوق الذي قد شعر به عندما شاهد هذا الرجل فى لمرة الأولى. نظر الى الكوخ واعتقد أنه ربما يحتاج لبعض الإصلاحات قبل بدء موسم الأمطار القادم. دخل الكوخ وأطل حوله. كان هناك ألقليل و لا شيء تقريبا: فراش من ألقش وقرعة تحتوي على ماء وحقيبة من اللحاء فارغة. أخذ الحقيبة وذهب إلى الغابة بحثاً عن الطعام. وعاد ببعض الفواكه.أخذ القرعة وملأها بالمياه العذبة. ركع داسا على الأرض وغرق في حلم. قانع بهذا السكون الصامت وقانع بصوت داخله الذى قاده الى هنا. أحس بالسلام والسعادة. وهكذا بقي مع القديس الصامت. جدد فراش القش وعثر على الغذاء لهما وأصلح الكوخ القديم وبدأ بناء ثان لنفسه على بعد مسافة قصيرة. فرغ القديس من التأمل وذهب إلى النوم في الكوخ بعد أن أكل و تمشي قليلاً في الغابة. داسا بقي معه لكي يخدمه. كان فارا من وجه العدالة لوقت طويل غير متأكد من نفسه و يعاني من متاعب ألضمير ويسعى إلى إخفاء نفسه خوفاً من المطاردة. هذه الحياة من السكون ووجود الرجل الذي لا يبدو أن يلاحظه جعله مطمئنا الى حين. بدأ فى تقليد الناسك والجلوس بلا حراك مثله أرجل متقاطعة مثله يحدق في عالم غير معروف. طوال اليوم تنقل حول الكوخ و جلس عدة مرات لإجراء تدريبات التأمل ولكن في كل مرة شعر باضطراب وقلق. وعندما ارتفع الناسك وتحول نحو الكوخ ، داسا ذهب اليه وتشجع وقال للناسك: اغفر لي للإخلال بسلامك الأب القديس،أسعى السلم والهدوء ؛ وأود أن أعيش مثلك. كما ترون أنا مازلت صغيراً ولكن قد سبق ان تذوقت الكثير من المعاناة. لقد ولدت أميرا وأصبحت راع قطيع. ثم فتحت عيني للنساء وفزت بأجملهن ووهبت حياتي في خدمتها. ثم، جاء نالا وأخذ برافاتي مني وشاهدتها بين ذراعيه. وهذا هو العذاب الأكبر. غير حياتي كلها. قتلت نالا وقدت حياة مجرم هارب. لم اعد احتمل هذه الحياة. الرجل القديس استمع بهدوء إلى هيجان الفتى بعيون منخفضة و فتح عينيه وثبت نظرات مشرقة على وجه داسا ، نظرات راسخة تكاد لا تطاق. فمه ببطء حمل ابتسامة ثم ضحك بدون صوت هز رأسه وقال: مايا ! مايا )مايا, الكلمة الهندوسية لعالم الأحاسيس والأوهام; قوة شبه إلهية لخلق الأوهام.( باندهاش واحراج وقف داسا بلا حركة. قبل وجبة ألمساء أخذ القديس نزهة قصيرة على الطريق الضيق بخطوة هادئة وإيقاعية ، سار بخطى ذهابا وإيابا. وبعد عدة مئات الخطوات عاد ودخل الكوخ. وجهة تحول مرة أخرى كما كان دائماً تحول نحو شيء آخر غير عالم المظاهر. ماذا كان معنى الضحك. داسا لم يستطع حل اللغز "مايا! مايا! " خمن المعني العام للكلمة. مايا-كانت حياة داسا ، شباب داسا ، سعادة داسا وبؤسه المرير. برافاتي الجميلة كانت مايا وكان الحب و كل الحياة مايا. رغم أن الرجل من المحتمل ان يصرف النظر عن حياة داسا بالضحك وكلمة مايا، لا يمكن لداسا فعل ذلك. كما أنه قد رغب في أن يصبح مثل هذا الرجل وينظر لحياته لاشء غير مايا تلك الحياة بأكملها قد نشطت فيه مرة أخرى خلال هذه الأيام المضطربة والليالي. تذكر كل الأمور التى قد نسيها تقريبا عندما وجد ملجأ هنا بعد فراره من وجه العدالة. هناك يبدو له بصيص من الأمل لتعلم فن اليوجا ، ناهيك عن أن يصبح مثل هذا الرجل القديس. ولكن لماذا يبقى في هذه الغابة؟ الان قد استرد قوته. وربما تعقب قاتل نالا قد انتهى وأنه يمكن مواصلة الرحلات دون أي خطر كبير. قرر أن يغادر اليوم التالي و لا يمكن أن يبقى في هذا المكان إلى الأبد. هذا القرار أعطاه قدرا من السلام. كان ينوي المغادرة عند الفجر. ولكن عندما استيقظ بعد فترة طويلة من النوم وجد الشمس بالفعل عالية في السماء. بدأ القديس التأمل وداسا لا يريد أن يترك دون وداع. وعلاوة على ذلك لا يزال لديه طلب. وانتظر ساعات طوال وقال للرجل عندما خلص من تأمله : سيدى أنا ذاهب فى طريقي. ولكن اسمحوا لي بطلب هذه المرة الأخيرة. عندما اخبرتك عن حياتي ضحكت وصحت، 'مايا!' أتوسل إليكم علمنى المزيد عن مايا. الرجل تحول نحو الكوخ وبعينيه قاد داسا لمتابعته. اخذ قرعة المياء الى داسا لغسل يديه. داسا فعل ذلك. ما تبقى من الماء دفقه على سرخس وأعطى القرعة إلى داسا و طلب منه إحضار المياه العذبة. داسا أطاعه وذهب لجلب ألماء. سار في الدرب الضيق الى الينبوع و حينما انحنى فوقه غطس القرعة ببطء في الماء وأنتابه شعور بإحساس غريب من عدم اليقين. لم يستطع أن يفهم لماذا أو لماذا آلمته إذ أنه يعني المغادرة على أية حال. أن الرجل العجوز لم يطلب منه البقاء فترة أطول أو ربما البقاء إلى الأبد. انحنى بحافة الينبوع و شرب. ثم وقف يحمل القرعة بعناية حتى لا يتدفق الماء منها. كان على وشك العودة ، عندما اشتعلت أذنه بنغمة بالسعادة والرعب على حد سواء. هذا صوت سمعه في الكثير من أحلامه والذى تذكره بشوق. قلبه ارتعش بالخوف والسرور. كان صوت برافاتي زوجته "داسا" نادته. بريبة ، نظر حوله ، مازال يحمل القرعة ؛ وفجأة ظهرت بين جذوع الأشجار ، نحيلة كقصبة– برافاتي ، حبيبته و اسقط القرعة وهرول نحوها. مبتسمة ، مرتبكة نوعا ما ، ووقفت قبالته ، تنظر له بعيون كبيرة. حينما اقترب منها راء أنها ترتدي صنادل من الجلد احمر وثوب جميل وسوار ذهب على ذراعها ، والأحجار الكريمة تلمع على شعرها الأسود. حضنها بين ذراعيه ، بدون كلمات و امطرها بقبلاته وشعر أن كل شيء عاد إليه.كل أفكاره انتقلت بعيداً عن الغابة والناسك ؛ الغابة ، والتأمل ، واليوجا قد اختفت ، وأصبحت طي النسيان. لم يفكر فى القرعة التى كان عليه حملها الى الرجل القديس مليئة بالمياه واللتى تركها بجانب الينبوع حينما هرول نحو برافاتي. قصتها مدهشة وسارة مثل خرافة وحدثته كيف مات نالا و البحث عن القاتل قد توقف منذ فترة طويلة وأنه أصبح الوريث الشرعي خلفا لوالده. كانت فرصة جميلة أن برافاتي هي اللتى عثرت عليه. على حافة الغابة وجد خيام نصبت و رائحة الدخان وشواء لحم الصيد ملأت الجو. وبدأت وليمة كبيرة عندما قدمت داسا زوجها. أحد اصحاب داسا اخبر برافاتي كيف يمكن العثور على داسا في أحد الأماكن العزيزة له من أيام سابقة. ضحك الرجل بسرور عندما شاهد داسا وأنطلق نحوه يود احتضانه ولكن داسا قد أصبح الأمير وتوقف ثم تقدم ببطء واحترام وانحنى. داسا رفعه وحضنه إلى صدره بمودة وناداه باسمه تم على الفور منحه ثلاثة من قطيع راجح. وأدخل المزيد والمزيد من الناس إلى الأمير الجديد: وبدأ ل داسا وكأنه في حلم. عندما اقترب داسا وحاشيته من المدينة جاء موكب بقيادة براهمانس الذى أشاد بداسا الراجح الجديد وانشدوا الترانيم وقادوه إلى القصر حيث أضيئت عدة حرائق كبيرة للقرابين. دخل داسا بيته الجديد و خارج القصر احتفلت المدينة بفرحة غامرة حتى وقت متأخر من الليل. بناء على تعليمات يوميا من اثنين من براهمانسن، داسا بسرعة اكتسب المعرفة اللازمة للحكم وحضر التضحيات و تصدر الأحكام القضائية وتدرب على فنون الفروسية والحرب. البراهمي المسمى غوبالا علمه الحياة السياسية وأوضح له موقف منزله وامتيازاته الملكية. من اعدائه أم نالا واللتى في الماضي قد سلبت داسا الأمير من حقوقه وقد سعت إلى قتله و الآن قد فرت إلى حماية ذلك الجار الأمير غوفيندار. وكان غوفيندار وعائلته أعداء من زمن سحيق. و كانت العلاقة ودية مع الأمير جايبالي، جاره في الجنوب، وكان دائماً لا يحب نالا راجح. السيدة برافاتي قد اعتادت سريعاً على طريقة النبلاء وانجبت صبي جميل سمي باسم والد داسا رافانا. و اغدق على برافاتي بالملابس والحلي. الآن ممتلكاته تبدو الآن أكثر أهمية لأنه يرى فيها الإرث لابنه رافانا والسعادة مستقبلا. برافاتي ملذاتها تكمن في المهرجانات والمسيرات الفاخرة في اللباس والحلي وعدد كبير من الخدم. اما داسا فضل حديقة منزله و جلب الأشجار النادرة والنفيسة والأزهار والببغاوات والطيور و الحيوانات الأليفة أصبحتً من متعه اليومية. وبالإضافة إلى ذلك التعليم جذبه. تعلم من براهمانس القراءة والكتابة وحفظ الكثير من القصائد والأمثال وأبقى كاتب شخصي لفن جعل مخطوطات من أوراق النخيل ونمت مكتبة متواضعة تحت أيدي ماهرة من الكتاب. اودع الكتب في غرفة فاخرة صغيرة بخشب مذهب ومنحوتة بإشكال تمثل الحوادث في حياة الآلهة. دعا أحياناً براهمانس والعلماء والمفكرين بين الكهنة وإجراء مناظرة فى المواضيع المقدسة. أحياناً كان هناك شيء مثير للسخرية حينما كبار العلماء الذين يسردون تلاوة مأثورة من Vedas جنبا إلى جنب مع تفسير رائع أو الذين ثبت عمق معرفتهم لجميع السماوات والبحار، اصابتهم غطرسة وفخر بجائزتهم من داسا أو ذهبوا إلى المشاحنات مع بعضهم البعض على هذه الجوائز. داسا الأمير في بعض الأحيان لا يسعه الا أن يعتبر كل شيء يتعلق بحياة الإنسان والطبيعة البشرية كلاهما غريب ومشكوك فيه ومثير للسخرية. عندما حدق بإسهاب فى أزهار لوتس في برك حديقته ونظر الى ريش الطاووس متقزح اللون و طائر الذيال ووحيد القرن والطيور و المنحوتات المذهبية من قصره ، هذه الأمور أحياناً تبدو له مقدسة تتلألأ بالحرائق للحياة الأبدية. ولكن أحس فيها شيئا غير واقعي وغير موثوق ومشكوك فيه وتميل نحو الفوضى والفناء. كما أنه هو نفسه كان أمير أصبح راع و انحدر إلى قاتل وفي نهاية المطاف أصبح أمير مرة أخرى وتحرك بقوة غير معروفة و لحياة تسير مايا فى كل مكان تحتوى في نفس الوقت نبل وانحطاط وخلود وموت وعظمة وعبث. حتى برافاتي الجميلة الحبيبة في بعض الأحيان ولحظات قصيرة ظهرت له في ضوء السخرية و جردت من سحرها ؛ ارتدت أساور كثيرة جداً ، لها الكثير من الفخر وانتصار في عينيها. حب ابنه رافانا اكثر من حديقته وكتبه. وكان أميرا حقيقيا ، طفل جميل ، ذو عينين مثل والدته ويميل إلى التأمل والتفكير والخيال مثل والده. يوم ما وصل رسول من المنطقة الحدودية وأفاد بأن رجال غوفيندا قد شنوا غارة وسرقوا الماشية و اختطفوا عدد من رعايا داسا. داسا أخذ معه الكولونيل وعدد من عشرات الخيول والرجال وانطلق لملاحقة المهاجمين. أخذ ابنه في ذراعيه وقبله واشتعل الحب في قلبه مثل ألم ناري. قوة الألم ادهشته ؛ أثرت فيه مثل شىء من المجهول وخلال رحلة طويلة أفكاره بشأنها نضجت إلى التفاهم. وأدرك أن من واجبه القيام بهذه الرحلة للانتقام. ولكن ما هو الواجب؟ هناك واجبات كم هي اهملت في كثير من الأحيان دون أدنى تأنيب للضمير ؟ ما هو السبب في أن هذا الواجب للانتقام ليس بالشيء أل######## وأنه لا يمكن إهماله وأنه في الواقع كان لا يقوم به من غير مبالاة وبدون حماسة ولكن مع الحماس والعاطفة؟ بمجرد التساؤل خطر له ، أجاب قلبه ، مرة أخرى قلبه ارتعش بذلك الألم الذى شعر به عند فراق ابنه الأمير رافانا. أدرك أن من واجبه القيام بهذه المهمة للانتقام. وإذا لم ينتقم ، السرقة والعنف ينتشر من حدود بلاده وفي نهاية المطاف العدو سيقف أمامه مباشرة. أنهم يأخذون ابنه وخليفته ويقتل ربما تحت وطأة التعذيب.وصمم على الانتقام وغار عبر الحدود بإحدى القرى المجاورة له ونهب الماشية وبعض العبيد. وعاد منتصرا وغرق في التأمل و عاد بهدوء وبحزنو فى تأمله قد أدرك أنه وقع في شرك دون أي أمل في الهروب ؛ طبيعته برمتها وجميع تصرفاته خنقت في شبكة شيطانية. بينما ميله نحو الفلسفة وحبه للتأمل الصامت وحياة البراءة والتقاعس عن العمل ، كانت تنمو دائماً ، كما يتزايد من مصدر آخر هو حبة لرافانا ، قلقه إزاء حياة ابنه والمستقبل. قد نهب قطيع روع الناس الأبرياء الفقراء وبطبيعة الحال سوف ينمو قانون جديد للانتقام والعنف من جديد. كان على حق اذ جاره العدائي لم يتركه فى سلام. تكررت عمليات التوغل والمداهمات. داسا خرج مرة أخرى للانتقام والدفاع وعندما انسحب العدو جنوده تحولوا إلى القرى المجاورة للنهب والسلب. والجنود المحملة بالسلاح ، أكثر فأكثر أصبح مشهدا مألوفاً في العاصمة وكثيراً ما تحدث مع غوبالا ، البراهمي ، حول هذه المسائل ، وفي بعض الأحيان مع زوجته برافاتي. الا ينبغي أن يطلبون من أحد الأمراء المجاورين للعمل كوسيط؟و من جانبه سوف يساعد في إحلال السلام بالتوفيق والتنازل عن بعض المراعي والقرى. شعر بخيبة أمل وغضب عندما البراهمي وبرافاتي رفضا أن يسمعا أي شيء من هذا القبيل. أن الاختلاف في الرأي مع برافاتي بشأن هذه المسألة أدت إلى شجار عنيف جداً وانتهت بالنفور الشديد. حاول اقناعها ولكنها تصرفت كما لو أن كل كلمة ضد الحرب والقتل وجهت ضدها. وقالت العدو يهدف إلى الاستفادة من طابع داسا وحبة للسلام داسا شعر بالحزن. الغارات الحدودية تواصلت ؛ سلام مؤقت فقط مع بداية موسم الأمطار. الآن هناك اثنانن من الفصائل في محكمة داسا. جانب واحد ، حزب السلام ، كان محدودا جداً ؛ بجانب داسا لم يبقى سوى عدد قليل من كبار السن البراهمانس جميعهم منقبس في تأملات. لكن حزب الحرب، حزب برافاتي وغوبالا، به معظم الكهنة وجميع ضباط الجيش الى جانبه. اصبحت البلاد فى حالة استعداد للحرب. رافانا الأمير درب للحرب ، ووالدته أخذته جنبا إلى جنب معها لتفتيش كل القوات. خلال هذه الفترة ، داسا أحياناً فكر فى الغابة حيث عاش لفترة من الوقت فارا من وجه العدالة ، وفى الناسك الذي عاش هناك منهمكا في التأمل. أحياناً شعر برغبة للعودة للناسك ، ليراه مرة أخرى وطلب المشورة ولكنه لا يعرف ما إذا كان حيا وإذا كان سوف يستمع له. استسلم داسا و لم يكن قنوعا مع برافاتي. استعرض القوات وشاهد الحرب قادمة ، توقعها في أحلامه المنهكة ، اصابه النحول ، تلاشت السعادة. بقي حبه لنجله فقط. على الرغم من أن حياته قد تكون بلا معنى ، لكنها ليست بدون مركز ؛ أنها تدور حول حبه لنجله كما هجرته أفراحه وحديقته ، وكتبه تدريجيا ، كذلك هجره أولئك الذين شكلوا سعادته. وقد بدأ ذلك مع السياسة ، بخطاب عاطفي لبرافاتي لمحاربة خوفه من الإثم والمحبة للسلام ، وعلنا وصفته بالجبن وأدرك إلى أي مدى قد أصبحت زوجته بعيدة منه. منذ ذلك الحين اتسعت الهوة بينهما. تذكر كيف كان أسيرا لها وكيف ترك أصدقائه من أجلها و تخلى عن حياته كراع. ثم جاء نالا و غوى زوجته. ولكن إذا كانت مخلصة وحميدة في القلب هل يمكن ان تستجيب للإغراء بسهولة؟ إنه أخذ الثأر وقتل نالا. لأيام وأسابيع وشهور كان يعيش في المستنقعات والغابات وما ذا كانت برافاتي تفعل كل هذا الوقت؟ قد بحثت وعثرت عليه إلا بعد أن داسا أعلن خلفا لنالا نظراً لولادته ، وأنها في حاجة إليه لدخول القصر واستلام العرش. ذهب تاركا وراءه سلام الغابة ، والعزلة والرجل القديس. الحقيقة أنه لم يكن ناسك على الإطلاق. على العكس من ذلك ، أنه كان على وشك مغادرت الناسك. إتعتبرت برافاتي هذه المسائل بصورة مختلفة تماما ، رغم أنها أقل ميلا إلى التفكير من زوجها.. لم تفكر فى نالا على الإطلاق. من ناحية أخرى ، هي وحدها التى أسست حسن الحظ لداسا و أنجبت ابنا ، وقد أسرفت في الحب والسعادة عليه. ولكن في النهاية وجدت أنه غير قادر على مجارات عظمتها ، ومشاريعها الممتد. أمنت أن الحرب القادمة لا يمكن أن يكون لها أي نتيجة أخرى غير تدمير العدو ومضاعفة سلطاتها وممتلكاتها. ولكن داسا لأمير ، ضد الحرب والغزوات ، وكان يفضل أن يشيخ مقضيا وقته مع الأزهار والأشجار والببغاوات والكتب. لاحظ داسا صداقة زوجته المتنامية مع فيشواميترا قائد قوات سلاح ولم يجسس عليهما أو حاول اكتشاف ما إذا كانت الصداقة بينهما قد تجاوزت حدود اللياقة. غوفيندا استمر فى عمليات التوغل والتحديات. شن العدو غارة رئيسية التي ضللت داسا ، جنبا إلى جنب مع القبطان والفرسان وقواته الأفضل ، في الاندفاع إلى الحدود. وبينما كانوا في طريقهم ، القوة الرئيسية لغوفيندا غزت البلاد واقتحموا بوابات العاصمة ومحاصرة القصر. حالما داسا عرف ذلك الخداع عاد الى العاصمة وكان يعلم أن زوجته وابنه في القصر ، وأن معارك دامية تدور في شوارع المدينة. واجه العدو وحارب مثل مجنون حتى وقت الغروب في ذلك اليوم الدامي ، و أنهار واستنفد ونزف من إصابات عدة. عندما استعاد وعيه ، وجد نفسه سجينا. وخسر المعركة وكانت المدينة والقصر في أيدي أعدائه. مكبل بالإقلاق اقتيد امام غوفيندا و الذي استقبله بإذلال وقاده إلى إحدى الغرف من القصر. كانت الغرفة ذات الجدران الذهبية حيث أبقى داسا مخطوطاته.وجد برافاتي على سجاد تحمل ابنها جثة هامدة. حراس مسلحون يقفون خلفها. لم تلتف المرأة لزوجها. جلست تحدق فى الجثة الصغيرة. قاده الجنود واقتيد إلى زنزانة في عاصمة غوفيندا. احد الجنود جلب له إبريق من الماء ووضعه على الأرض الحجرية وأغلق الباب وترك لوحده. جرح في كتفه مثل النار واخذ إبريق الماء ومبلل يديه ووجهة. الموت فقط يزيل التعذيب في قلبه. عندئذ فقط سوف يتم مسح صورة الأم مع ابنهما الميت. ولكن في خضم العذاب تغلب عليه التعب والضعف واستسلم للنوم. عندما عاد إلى وعيه من النوم ، حاول أن يفرك عينية ، ولكنه لم يتمكن. كلتا يديه ، يحملان شيء. فتح عينية ورأى أنه لم يعد محاطا بجدران الزنزانة. تدفق ضوء أخضر مشرق وقوى على أوراق الشجر. نظر عدة مرات وانتفض برعب ، ورعشة الخوف ، مرت بمؤخر العنق من رقبته وأسفل عموده الفقري. نظر مرة أخرى ، وفتح عينية على نطاق واسع. كان يقف في إحدى الغابات ، ممسكا في كلتا يديه بقرعة مليئة بالماء وعند قدميه حوض ينبوع عكس الرمادى و الخضر وتذكر الكوخ والرجل القديس الذي أرسله لجلب الماء ، والذى ضحك بغرابة وكان قد طلب منه تعليمه شيئا عن مايا. لم يخسر معركة ولا ابن و أنه لم يكن راجح أو أب وبدلاً من ذلك ، القديس قد منحه رغبته وعلمه عن المايا. قصر وحديقة ومكتبة والسيادة وحب الأب والحرب والغيرة ، وحبه لبرافاتي وشكه كل ذلك كان لا شيء. كان المايا! داسا وقف هناك محطم ودموع سالت على خديه ويديه ارتعدت و هزت القرعة وانسكب الماء على قدميه. شعر كما لو كان شخص بتر أحد أطرافه وأزال شيء من رأسه. فجأة سنوات طويلة التى عاشها ، كنوز عزيزة ، فرحات تمتع بها ، مخاض عان ، المخاوف التي عان منها أليأس الذى ذاق الى حافة الموت ، كل هذا قد اخذ ولكن ليس إلى لا شئ. الذاكرة بقيت وقد ظلت الصور معه. كل هذا الازدحام الواقعى كان حلما. ربما أيضا أنه كان يحلم كل ما حدث سابقا وقصص داسا الأمير و حياته كراع وزواجه و الانتقام من نالا. كل ذلك كان صورا عند وصوله إلى الكوخ. الناسك استقبله بنظرة غريبة ، متسائلا بعض الشئ. هذا الأمير الراعي رجع لتوه من الينبوع حيث ذهب لجلب الماء وقد امضى خمس عشرة دقيقة فقط ولكن ما زال قادما من زنزانة و قد فقد زوجة وابن وإمارة وأتم حياة بشرية وقد ألقى نظرة خاطفة للعجلة الدائرة. ربما استيقظ مرة أو عدة مرات من قبل وقد تنفس الواقع و إلا أنه لن يأتي هنا ولكن الآن يبدو أنه قد أستيقظ بشكل صحيح وجاهز لرحلة طويلة. سوف تستغرق عدة سنوات لتدريس هذا الشاب الوضع السليم والتنفس. بهذه النظرة وحدها ، هذه النظرة التى تضمنت مسحة من المواساة والتلميح للعلاقة بينهما ، العلاقة بين السيد والمريد – بهذه النظرة وحدها قبل السيد الناسك المريد. هذه النظرة الوحيدة نفت أفكار عقيمة من رأس المريد. أنها ملزمة له في الانضباط والخدمة. ليس هناك المزيد أن يقال عن حياة داسا وكل المتبقي جرى في عالم ما وراء الصور والقصص. لم يغادر ابدا الغابة مرة أخرى. انتهت السيرة.
يتبع محمد يوسف
|
|
|
|
|
|