|
القس ديسموند توتو والاستاذ عثمان ميرغني ؟ الحلقة الخامسة ( 5 - 7 )
|
بقلم : ندى عابدين سليمان
mailto:[email protected]@gmail.com
في يوم الخميس 14 أغسطس 2014 ، نشر القس ديسموند توتو ، الحائز على جائزة نوبل للسلام قبل 30 سنة في عام 1984 ، نداءً في صحيفة هآرتس الليبرالية الإسرائيلية ، يدعو فيه المجتمع الدولى لمقاطعة إسرائيل لعدوانها الغاشم على معسكرات اللاجئين الفلسطينيين العُزل في غزة ( فغزة لا تعدو أن تكون معسكر ضخم للاجئين بل سجن مفتوح الهواء كبير ) ، مستعملة أحدث الأسلحة الفتاكة من دبابات الميركافا الضخمة ( 200 طن للواحدة ) إلى طائرات الأف 16 ( أحدث صيحة في منظومة سلاح الجو الامريكي ) مروراً بالمدافع الثقيلة ... كل تلك المعدات الحربية آخر صيحة من ثالث أقوى جيش في العالم ضد معسكر غزة للاجئين ، ولمدة 50 يوماً عبوساً .
قال القس ديسموند توتو أن المظاهرات التي إنتظمت عواصم بلاد العالم قاطبة ( بإستثناء البلاد العربية ) من واشنطون إلى بونس ايرس ، إلى باريس ، إلى نيودلهي ، إلى سيدني وجوهانسبرج يمكن إعتبارها إضخم وقفات إحتجاجية في التاريخ الإنساني ضد عدوان وبطش الإنسان بأخيه الإنسان .
صار النموذج الإسرائيلي ، الذي يتغنى به الأستاذ عثمان ميرغني ، وصمة عار في جبين الإنسانية .
قال القس في ندائه للعالم إن الوقفات الإحتجاجية والمظاهرات حول العالم جمعت الصغير والكبير ، الرجل والمرأة ، الشاب والشيب ، المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي والا ديني ، الأبيض والأسود والأحمر والأخضر ولون زينب ؛ جمعت كل هؤلاء ومثلهم معهم من الساسة ومتخذي القرار والنخب في الفضاء العام .
للأسف لم يقل القس إن الأستاذ عثمان ميرغني قد تخلف بل قاطع هذه الوقفات الإحتجاجية لأنه يؤمن بالنموذج الإسرائيلي .
قال القس إنه طلب من المتظاهرين أن ينشدوا معه أنهم ينددون بالعدوان الغاشم الإسرائيلي ضد المستضعفين من اللاجئين في غزة ، ولكنهم ليسوا ضد اليهود ولا ضد الدين اليهودي ... إنهم فقط ضد النموذج الإسرائيلي ... النموذج الذي يتغزل فيه الأستاذ عثمان ميرغني . قال القس إن الإتحاد العالمي للمعماريين كان مجتمعاً في جنوب افريقيا خلال الأسبوع الاول من شهر أغسطس ، وأنه ناشد الإتحاد طرد دولة إسرائيل من عضويته لعدوانها الغاشم والمتكرر على الشعب الفلسطيني ، كما ناشد مواطني جنوب افريقيا بمقاطعة البضائع الإسرائيلية ، وإعتبار النموذج الإسرائيلي تجسيداً للنازية والفاشية والأبارتيد والظلم والعدوان . كرر القس إنه يجب إدانة النموذج الإسرائيلي صباح مساء ، كل يوم من أيام الأسبوع ، وكل شهر من شهور السنة لأنه نموذج ظالم باغي طاغي وغير إنساني .
للأسف لم يسمع القس بأن الأستاذ عثمان ميرغني يتغزل في النموذج الإسرائيلي .
قال القس إن أكثر من مليون و600 الف مواطن من جميع دول العالم ( بإستثناء الدول العربية ) قد وقعوا على عريضة لمقاطعة الشركات عابرة القارات التي تتعامل مع اسرائيل ومنها شركة كاتيربيلار للجرارات ، شركة هيلوت باكارد ، بنك باركليز ، صندوق المعاشات الهولندي ضمن شركات أخرى . في يوليو 2014 ، طلبت 17 من دول الإتحاد الأروبي مواطنيها عدم شراء المنتوجات الواردة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية . وأكد القس إنه سوف يستمر في جهوده لفضح النموذج الإسرائيلي وتعريته حتى يتجنبه الناس وينبذونه ، بل يبصقون عليه .
هل قال القس هذا الكلام ؟ نعم قاله ودعا الناس السويين أن يبصقوا على النموذج الإسرائيلي . ثم ياتي الأستاذ عثمان ميرغني من أقصى المدينة يسعى طالباً منا أن نتخذ من النموذج الإسرائيلي نموذجاً نسير على هديه ونتمثل به لأنه ، بحسب الأستاذ عثمان ميرغني ، هو نموذج يجسد الديمقراطية الحقة ( ديمقراطية عزل المواطن الإسرائيلي الفلسطيني ) ويحترم حقوق الأنسان ( بقتله الرضع والأطفال والنساء والشيوخ في ملاجئ الأمم المتحدة في غزة ) ؟
نعم ... هذا هو النموذج الإسرائيلي الذي يتغزل فيه الأستاذ عثمان ميرغني .
يقول القس إن العنف الإسرائيلي يستولد مزيداً من العنف والكراهية ، ويستولدان بدورهما مزيداً من العنف والكراهية في حلقة جهنمية مفرغة ، لا تبقي على أخضر ولا يابس . يقول القس إن ما يؤذيه أكثر ليس سماع قادة إسرائيل وهم يطالبون بقتل الأمهات الفلسطينيات حتى لا يلدن الثعابين الصغيرة ، وهم يطالبون بقتل العرب والفلسطينيين ؛ إنما ما يؤذيه أكثر هو صمت الأصدقاء على جرائم إسرائيل البشعة ، خصوصاً صمت الدول العربية ، وقفل مصر لمعبر رفح طيلة العدوان الإسرائيلي على غزة ، في تواطؤ مع إسرائيل مستفز للنفس البشرية السوية .
قال القس إن العنصريون البيض في نظام الأبارتيد كانوا يوسمون السود ومنظماتهم واحزابهم بالإرهاب ، ويدعون إلى إبادتهم وتصفيتهم جسدياً كالحشرات السامة . تماما كما تفعل إسرائيل حالياً مع حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من حركات التحرير الفلسطينية . ثم بدأت الكوديسا في عام 1992 ، وإكتشف الجميع زيف دعاوى العنصريين البيض عندما تم إنتخاب مانديلا رئيساً لجنوب افريقيا في عام 1994 . بارك الرب قادة جنوب افريقيا من البيض والسود لانهم أعتمدوا الكوديسا كمرجعية حصرية لهم للخلاص الوطني . كانت الكوديسا مفتاح الحل في جنوب افريقيا ، وسوف تكون مفتاح الحل في إسرائيل وفلسطين ، كما يؤكد القس .
تمنى القس على قادة إسرائيل تبني الكوديسا للخروج من المستنقع الآسن الذي أوقعوا فيه إسرائيل .
ونسي القس أن يشير إلى مجاهدات السيد رئيس حزب الأمة الذي بشر منذ سنوات خلت بأن الكوديسا هي مفتاح الخلاص الوطني في السودان .
يقول القس إن من الآليات التي ساعدت الكوديسا على النجاح في جنوب افريقيا كانت مجموعة المقاطعات والعقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على حكومة جنوب افريقيا ، مما جعل قادتها البيض يرضخون للضغوط الدولية المتنامية ، عندما ايقنوا أن الفوائد من الكوديسا ترجح الكفة على الخسائر من إستمرار نظام الأبارتيد . وأقسم القس إنه سوف يواصل مجهوداته لعزل إسرائيل ونبذها ، حتى يرجع قادتها إلى رشدهم ، ويجلسوا مع الفلسطينيين ليبدأوا الكوديسا الإسرائيلية – الفلسطينية .
ختم القس مرافعته بأن قال بأن مانديلا قد أكد إن المواطنين في جنوب افريقيا لن يشعروا بالحرية ويتنسموا نسائم التحرير إلا بعد أن يتحرر الفلسطينيون . وكان يمكن لمانديلا أن يضيف إن تحرير فلسطين هو تحرير لإسرائيل .
يردد القس وعالياً بأن تحرير فلسطين هو تحرير لإسرائيل !
فهل يسمع الأستاذ عثمان ميرغني ويتدبر نداء القس ؟ أم يكون من الذين قالوا سمعنا وعصينا ؟
وفي هذه الحالة الأخيرة ، يمكنه أن يردد لنفسه الآية 206 في سورة البقرة ليعرف مصيره :
وَإِذَا قِيلَ لَهُ and#1649;تَّقِ and#1649;للَّهَ ، أَخَذَتْهُ and#1649;لْعِزَّةُ بِand#1649;لإِثْمِ ، فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ and#1649;لْمِهَادُ.
|
|
|
|
|
|