|
بين علي الحاج و إبراهيم غندور ...!!/عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الإثنين 25 أغسطس 2014 في الأخبار التي تنشرها الصحف اليوم نقلاً من ألمانيا، دكتور علي الحاج يقول: إن البروفيسور إبراهيم غندور تعهد باستيعاب جميع وجهات النظر في الحوار الوطني.. ليس واضحاً في هذا الخبر هل يعني ذلك أن دكتور علي الحاج اتخذ موقفاً خارج نطاق حزبه الشعبي رافضاً للحوار رغم أن حزبه هو الأكثر تحمساً لعبور ماراثون الحوار حتى آخره.. أم أن علي الحاج أصبح كتلة منفصلة مستقلة مثله وأي حزب آخر؟. الدكتور علي الحاج هو نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي، ويفترض المنطق أنه بذلك ممثل في آلية الحوار من خلال حزبه، لكن الصورة الآن تبدو كما لو كانت هناك تلميحات بأن رمزية علي الحاج، وانتماءه إلى دارفور، وقربه من الحركات المسلحة، هو المدخل إلى مثل هذه المفاوضات مع غندور، ومن هذا المدخل تبدو مفاوضات تمهيدية لإلحاق حركات دارفور بقطار الحوار الوطني، أكثر منها دعوة إلى علي الحاج نفسه.. ولا حرج في ذلك سوى أنها ترفع حاجب الدهشة بالإثارة، عندما يصبح التفاوض لإلحاق الجبهة الثورية بالحوار في باريس جريمة تستحق رد الفعل العنيف.. بينما كلّ هذه الالتفاتة الطويلة عبر ألمانيا رغم كونها غير مؤكدة النتائج مباحة تستحق أن يحتفى بها في صدارة الإعلام. لكن الذي يثير الدهشة أكثر أن آلية الحوار الوطني التي تتكون من أربعة عشر حزباً، وهي مجرد آلية تنسيقية تتولى- الآن- تحديد الأجندة، وفرز المباح والمتاح من الممنوع والمسكوت عنه في الحوار، فحسب تصريحات علي الحاج أن غندور تعهد باستيعاب جميع وجهات النظر، بينما غندور ليس أكثر من واحد من أربعة عشر حزباً تشكل الآلية... إلا إذا كانت الأوزان السياسية هي العبرة، ويصبح وزن المؤتمر الوطني في الآلية أكثر من بقية أطراف الآلية. ما زلت مصراً أن هناك خطأ قاتلاً في منهج الحوار قد يؤدي إلى نتيجة قاتلة لا تصل بالحوار إلى غاياته المنشودة، هذا الخطأ يتمثل في إصرار حزب المؤتمر الوطني على منهج إدارة يوميات، ومصاير عملية الحوار، وكأنها تمثل عملية ثنائية، طرفها الأيمن حزب المؤتمر الوطني، وطرفها الأيسر كل الأحزاب الأخرى.. هذا الشكل من الحوار يعني أنها مفاوضات شراكة في الحكم أكثر منها هيكلة الدولة، وتصميم مستقبل جديد للسودان؛ لأن وجود المؤتمر الوطني في مواجهة كل الأحزاب الأخرى لا يتيح البحث إلا في خارطة طريق تضمن استمرار هذه المعادلة السياسية إلى المدى الذي يقرره حزب المؤتمر الوطني. من الحكمة تحرير الحوار من هذه الثنائية الافتراضية، وتركه مفتوحاً بين أي طرف من أطراف الملعب السياسي السوداني.. يستطيع أي حزب أن يتحاور مع أي حزب وأي مجموعة أو أي تحالف مع أي مكونات سياسية أخرى، بما في ذلك الحركات المسلحة، كما فعل السيد الصادق المهدي، مثل هذا الحوار تتكافأ فيه الأوزان، وتصبح الخلاصة النهائية هي ما يتفق عليه الجميع دون الحاجة إلى الجلوس في قاعة واحدة.
|
|
|
|
|
|