|
لجنة 7+7 و إعادة إنتاج الإزمة السودانية زين العابدين صالح عبد الرحمن
|
لجنة 7+7 و إعادة إنتاج الإزمة السودانية زين العابدين صالح عبد الرحمن إن اللجنة التي تكونت من قبل الحزب الحاكم و أحزاب التوالي، بالإضافة لأحزاب المعارضة التي قبلت بالحوار دون شروط، و علي رأس هذه اللجنة رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية عمر البشير، و هي، لجنة منابط بها قيادة عملية الحوار الوطني، و السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا، هل العناصر و القيادات التي خلقت كل هذه الإزمة المستمرة، و التي تتعمق كل يوم أكثر، تستطيع أن تقدم حلولا للأزمة التي صنعتها؟ إن أية قيادة واعية لدورها التاريخي، في مثل حالة السودان، لا يمكن أن تقدم مبادرة سياسية تدعو لحوار وطني، يهدف للبحث في أسباب الأزمة السياسية، و تقديم إجابات لكثير من التساؤلات، أن تتكون اللجنة من الأشخاص الذين ساهموا في صناعة الأزمة، و إذا كان هؤلاء لديهم 1% من التأهيل و الاستعداد لحل الأزمة، ما لبسوا فيها ربع قرن يتشادون، و بالتالي هؤلاء لا يقدمون أسئلة مستقبل، و يضعوا شروط هذا المستقبل، أنما هؤلاء إمكانياتهم و قدراتهم و استعداهم النفسي يؤهلهم فقط لإعادة إنتاج الأزمة و بشروط جديدة، فهي عقليات استهلكت ما عندها، و فقدت قدرتها علي العطاء، فستظل تجتر ما صنعته بالأمس، و كما ذكر السيد الصادق المهدي، إن دعوة الحوار تقزمت و أصبح حوارا يدور بين الإسلاميين و من شايعهم، و حتى إذا كان فقط بين قبائل الإسلاميين أيضا سوف يجهض بسبب إن الفكرة نفسها قاصرة علي العلاج، و دلالة علي ذلك انقساماتهم و تكتلاتهم، التي جعلتهم فرقا و أحزابا، و كل حزب بمالديهم فرحين، فالفكرة التي قام عليها النظام هي المعلولة، و هي التي أدت للأزمة التي تعاني منها البلاد. أصبح الحوار دائر بين القوي الإسلامية، و هي القوي التي خلقت هذه الأزمة، و قد ثبت بالفعل هي قوي سياسية لا تملك مشروعا وطنيا، و لكنها تملك الإصرار علي التمسك بفشلها حتى إذا أدي إلي تمزيق السودان، و دلالة علي ذلك تابع كل تصريحات الإمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، و التحولات التي تحدث في خطابه السياسي، يؤكد إن هذه القوي تواجه معضلة كبيرة بسبب غياب الفكر الذي يضبط مسيرتها، كما يؤكد إن قضية الحرية و الديمقراطية مباديء تفتقدها، و هي سبب الأزمة السياسية. في جانب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم، هناك إختلالات منهجية و نظرية كبيرة، و دلالة علي ذلك خطاب الرئيس نفسه الذي يدعو للحوار الوطني علي أن يكون الحوار جامعا،، و ليس قاصرا علي فئة أو أحزاب، ثم تقلص ليكون قاصرا علي الحركات الإسلامية السياسية، و هذا لرفضهم الاستجاب لمتطلبات الحور ا########، ثم تراجع الرئيس عن ذلك برفضه الكامل في بورسودان لتكوين حكومة انتقالية ترعي الحوار و من بعد الانتخابات، لكي تكون كل الأحزاب علي قدر واحد من المساواة، ثم جاء و أكد إن الانتخابات سوف تجري في وقتها، و كلها شروط للحوار الوطني، رغم أنهم يرفضون الشروط المسبقة و لكنهم من جانبهم يضعون ما شاءوا من الشروط. و القضية المهمة الأخري، التي تؤكد إن الحوار لن يسير في مساره الصحيح، الحملة التي يشنها جهاز الأمن و المخابرات علي الصحافة و الصحفيين، بهدف الحد من حرية الصحافة التي تعتبر ركنا أساسيا في عملية الحوار الوطني، كما إن تكوين قوات تابعة لجهاز الأمن و المخابرات " قوات الإنتشار السريع" و هي ممارسة مخلة بالدستور حتى إذا حاول أن يدافع عنها رئيس الجمهورية، و غيره أو إعتقال كل من حاول انتقادها، يدل علي ثلاثة أشياء:- الأول – هي عملية تشكيك في القوات المسلحة ، باعتبار أنها قوات خلقت موازية لهذه المؤسسة القومية، بينما قوات الانتشار السريع التي تكونت مخالفة للدستور، تابعة للجهة التي كونتها و ليس لها الصفة القومية، و تعتبر مثلها مثل المليشات الحاملة السلاح، تدين لجهة سياسية و ليس للوطن، و هذا مضر باستقرار الوطن حاليا و مستقبلا. ثانيا – يدل التكوين علي إن الجهة التي كونتها جهة خائفة من تحركات من داخل المؤسسة العسكرية، و بالتالي أنشأت هذه القوات لكي تكون في مواجهة القوات المسلحة، إذا حدث تحرك من جانبها، فبحكم الدستور إن جهاز الأمن و المخابرات هو مؤسسة ليس للقتال، أنما مناط بها جمع معلومات و تحليلها و تقديمها لصناع القرار، و بالتالي تكون السلطة نفسها لا تحترم الدستور الذي صنعته، و ما هي ضماناتها لاحترام مخرجات الحوار أو أية دستور أخر. ثالثا – إن السلطة بتكوينها هذه القوات، لا يكون لديها الحق في نقد القوي السياسية التي تنشيء مليشات عسكرية، لتحقيق أهدافها السياسية، مادام الحزب الحاكم لديه مليشات عسكرية يحمي بها نفسه، و الآن الإعتداء الذي تم علي الأستاذ عثمان ميرغني، و إغتيال مدير مؤسسة الأقطان السابق، و تخريب دور حزب المؤتمر السوداني، هناك قناعة كاملة عند الأغلبية في الشارع السوداني وراءها هذه القوات، باعتبار إن السلطة خلقت " بعبع" تريد أن ترهب به الآخرين لكي ينصاعوا إلي توجيهاتها، و هذا النهج يشكل واقعا جديدا في البلاد في أنها غير أمنة، مما يؤكد إن السودان أصبح دولة فاشلة بالمقاييس العالمية. و أيضا في الجانب الأخر من المشهد السياسي، نجد إن قوي المعارضة قد فقدت قدرتها علي تقديم مبادرة وطنية تحاول تجميع نفسها عليها، و هذا الضعف في القوي السياسية، هو الذي يعطي الحزب الحاكم الحركة في مساحات ليست ملكه، رغم أنه فشل في كل مناحي الحياة، أنا اعتقد الفشل ليس راجعا للقيادات الحاكمة، أنما الفشل راجع للحركة الإسلامية السودانية كلها بجميع مسمياتها، باعتبارها هي التي خلقت هذه الأزمة السياسية و فشلت في معالجتها، و هذا راجع لقصور مفاهيمي و فكري في هذه الحركة السياسية. أما الجبهة الثورية التي تتحفنا كل يوم بأن قادتها في زيارة لعاصمة أوروبية، و تطرح عليهم أنهم مع الحوار الذي يفكك السلطة القائمة، هذا ليس دليل نجاح أنما فشل، نظام الخرطوم لا يسقط من فينا و باريس و واشنطن و لندن و برلين و استكهولم، النظام بيسقط من الخرطوم، و العمل من داخل الخرطوم هو الذي يؤدي للتلاحم الجماهيري، و الشكية الأوربا بصورة متواصلة تؤكد إن الجبهة الثورية قد فقدت الأمل في الشعب السوداني، و لذلك يجب عليها إعادة حساباتها و تقيم الوضع السياسي، و التركيز علي خلق قاعدة جماهير داخل الخرطوم، هذا هو العمل الفاعل الذي يرجي منه، و العمل من أجل الوصول لبرنامج واحد تتفق عليه المعارضة، و تعبئ الشعب حوله، هذا العمل ذو مردود فاعل، أما زيارة عواصم دول العالم بالصورة المستمرة يؤكد ضعف الوعي السياسي بمتطلبات التغيير. لذلك إذا كان بالفعل هناك توجه وطني من البعض، في أن يكون الحوار الوطني هو الخيار للحل، يجب ألموافقة علي تهيئة مناخ الحوار الوطني، في إطلاق الحريات السياسية و الصحفية، و إطلاق المعتقلين السياسيين، و أولهم رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، و كل قيادات المؤتمر السوداني و كل الذين اعتقلوا في ثورة سبتمبر، وطلاق سراح المعتقلين من الحركات المسلحة، و إعلان عفو شامل علي كل المحكوميين في الصراع السياسي، و تأجيل الانتخابات لبعد الإنتهاء من الحوار الوطني، و الاتفاق علي تشكيل حكومة انتقالية من التكنقراط متفق عليها، لتنفيذ بنود اتفاق الحوار الوطني. إلي جانب إتخاذ قرارباتباع قوات الانتشار السريع للقوات المسلحة، و جعل مؤسسة الأمن و المخابرات أن تؤدي دورها المنصوص عليه في الدستور، إذا كانت بالفعل تريد الحركة الإسلامية السياسية أن تعيد للبلاد السلام و الاستقرار الاجتماعي، و الانتهاء من النزاعات و الحروب، و تأكيد مبدأ التبادل السلمي للسلطة. الأن اللجنة المكونة من 7+7 هي لجنة جلها من الحركة الإسلامية السياسية و توابعها التي صنعتها بنفسها أو من مال الدولة، فهل لديهم الإرادة في خلق واقع جديد، لكن أشك إن العقليات التي خلقت الأزمة تستطيع أن تخلق واقعا جديدا و سوف نري. و الله الموفق.
|
|
|
|
|
|