|
هل صححت القاهرة المسار؟ د. فايز أبو شمالة
|
إذا صح ما يتردد عن دعوة القاهرة للسيد خالد مشعل لزيارتها، والتباحث معها بشأن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، فمعنى ذلك أن القاهرة قد صححت مسارها بعد يومين من الاعوجاج، لأن صاحب القرار في التهدئة والتصعيد على أرض غزة هم رجال المقاومة، ولا يحق لأي فلسطيني لم يشارك في المقاومة أن يتحدث باسم المقاومين، أو أن يفرض رؤيته السياسية على ساحة المعركة. ولكي تنجح مصر في تحقيق التهدئة فعليها أن تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات القائمة على الأرض، والتي تجاوزت حاجيات الشعب الفلسطيني للحياة الكريمة، تلك الحاجيات الحياتية التي اعترفت بها القيادة الإسرائيلية، وأبدت استعداداً للتجاوب معها دون تحفظات، ومنها فتح المعابر على قطاع غزة، والعودة إلى تفاهمات التهدئة التي تحقق سنة 2012. إن المتغيرات الميدانية الجديدة التي فرضتها المقاومة على الأرض هي التي ستفرض شروط التهدئة، وهي التي ستدقق في صياغة بعض الجمل التي سترد في اتفاق التهدئة، وهي التي ستفرض التفاهمات التي أجمع عليها المقاومون، وتحمل من أجلها الشعب الفلسطيني المعاناة، لذلك فإن يد خالد مشعل، ويد رمضان شلح اللتان وقعتا بفرح على شروط التهدئة شتاء 2012، سترتجفان كثيراً لو امتدتا للتوقيع على شروط التهدئة ذاتها صيف 2014. إن اتفاقيات التهدئة مع الإسرائيليين تتمدد وتنكش وفق قدرة المقاومة على تطوير أدائها على الأرض، فبعد مواجهة سنة 2008 جاءت اتفاقية التهدئة متناغمة مع قدرة المقاومة على الصمود فقط، وقدرتها على الرد المحدودة بقصف بعض التجمعات الصهيونية، بينما اتفاقية التهدئة سنة2012 جاءت متوافقة مع قدرة المقاومة على الصمود، وقدرتها على الرد المناسب على العدوان، بما في ذلك وصول صواريخ المقاومة حتى مدينة تل أبيب. اليوم، وبعد أن تجاوزت صواريخ المقاومة مدينة تل أبيب، ووصلت حتى حيفا شمالاً، ووصلت حتى البحر الميت شرقاً، ووصلت حتى ديمونا جنوباً، فمعنى ذلك أن شروط التهدئة يجب أن تتجاوز شروط التهدئة التي تحققت سنة 2012، وهذا ما يجب ان تتنبه له القاهرة، وهي تقدم مبادرتها للتهدئة، وما عدا ذلك، فإن أي جهد لا يأخذ بعين الاعتبار المستجدات فهو قلب للحقائق، وتنكر للواقع، وعدم تفهم لمزاج الشعب الفلسطيني الذي يرفض أي تهدئة لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب الفلسطيني السياسية قبل تحقق مصالحه الحياتية. ملاحظة، على مضض يقبل الفلسطينيون أن تكون أم الدنيا، وحضن العروبة وسيطاً بين مسلم عربي فلسطيني يصارع على وجوده مع يهودي صهيوني إسرائيلي.
|
|
|
|
|
|