|
الجبهة الثورية السودانية في حوجة ماسة لميثاق شرف بقلم/ عبد العزيز سام
|
- 12يوليو 2014م الجبهة الثورية السودانية هي تحالف لقوي سياسية سودانية مدنية ومسلحة، تأسست في يوليو 2012م ثم إكتمل تكوينها في خواتيم 2012م حيث صدر نظامها الأساسي الذي تم تعديله لعدة مرات، أولها كان في 12 يناير 2013م في الهيكل التنظيمي بإضافة قطاعات وأمانات جديدة مع تعديلات داخلية في القطاعات، ثم كان التعديل الثاني في 13 اكتوبر 2013م الذي وقع أيضاً في الهيكل بإضافة الجهاز التشريعي للجبهة بإسم (المجلس التشريعي الثوري) كما أستُحدِثَ جسم تنفيذي بإسم(المكتب التنفيذي)، وجري تعديل ثالث وأخير في إبريل 2014م إقتضاه ضرورة فصل الهيكل العسكري للجبهة الثورية من الهيكل السياسي وتقليل التمثيل العسكري في الهيكل السياسي إلي حده الأدني لضرورات إستراتيجية مع إيراد ذلك في النظام الأساسي للجبهة الثورية. وردت هذه التعديلات متوالية لأن العمل الحقيقي اليومي يُظهر الثغرات، فتُحتِم تلك التعديلات في إطار المعالجة والتطوير والإصلاح داخل الجبهة الثورية التي هي تحالف جاد لتنظيمات سياسية ذات أجنحة عسكرية وأخري سياسية بدون أجنحة عسكرية، وما يقتضي ذلك من ضرورة التوفيق والموائمة بين ظروف عمل هذه التنظيمات علي مستواها الشخصي وعلي مستوي عمل وأداء الجبهة الثورية السودانية. توجد نقطتا ضعف أساسيتان في الجبهة الثورية السودانية: الأولي واردة في النظام الأساسي وهي آلية اتخاذ القرار(بتوافق الآراء) فقط، دون أي خيارات أخري في حال عدم الوصول إلي التوافق المنشود!! وهي آلية مثالية تفترض أن جميع مكونات الجبهة ذوات توجه فكري ومنهجي وتكتيكي واحد، ومصالح مشتركة في كل الأحوال، وهو ما أثبت عكسه الممارسة العملية التي قالت أن الأمر ليس كذلك. فادرك الجميع أن قوة الجبهة ومقدرتها علي اتخاذ القرارات في المجالات المختلفة تقتضي آلية بديلة حال عدم تحقيق التوافق، ويقتضي ذلك تعديل المادة(13/ج) من النظام الأساسي للجبهة الثورية التي تقرأ: (القرارات: 13/ج: تُتخذ قرارات المجلس بتوافق الأراء.)، ويجب أن تُعدَّل لتقرأ: (13/ج: القرارات: تتخذ قرارات المجلس بتوافق الآراء، أو بالأغلبية.) كما يجب تعديل كل المواد التي تحصر ألية إتخاذ القرار داخل أجهزة الجبهة الثورية في توافق الآراء فقط، مثل المادة(16) الخاصة بإنتخاب نواب الرئيس، المادة (32) الخاصة بآلية إجازة وتعديل النظام الأساسي. لأنه أمر غير معقول وغير عملي، ويؤدي إلي إضعاف الجبهة وتأخير العمل وتعويقه ورهنه لرأي مكون وآحد أو أكثر من مكونات الجبهة الثورية علي حساب رأي الأغلبية، كما وأنه أمرٌ مخالف لحجر الزاوية في العملية الديمقراطية التي تنزل إلي رأي الأغلبية في اتخاذ القرار، دون حجر الرؤي الأخري من الإدلاء والعرض والمدافعة لمحاولة إقناع الآخرين بها دون قتل ماكينة الممارسة الديمقراطية بتعويق رأي الأغلبية. أمّا نقطة الضعف الثانية في الجبهة الثورية السودانية هي إفتقارها لميثاق شرف ملزم لكل مكوناتها، أقول حوجتها الماسة لتبني ميثاق شرف مُلزِم، ثوري وإخلاقي ومهني يقضي بعدم الإضرار بالمصلحة العامة للجبهة الثورية، ولا بمصالح مكوناتها كافة، والإلتزام الصارم بقواعد السلوك القويم، والقيم الفاضلة، وقواعد الفرسان، والتسامي الشريف والشفيف في العمل التنظيمي والسياسي والإجتماعي والثقافي. كيف؟ لأنَّ قيام الجبهة الجبهة الثورية السودانية وإستمرارها وإنجازاتها الكبيرة تعد إنجازاً عظيماً في تاريخ العمل السياسي السوداني، هو عمل متقدم نحو الوحدة الشاملة لمكوناتها الحالية فضلاً عن التنظيمات والأفراد الذين يزمعون الإلتحاق بها، وذلك بموجب التقارب في الفكر والرؤي والمفاهيم والبرامج والخطط المستقبلية. فإذا كان ذلك كذلك، فكيف يمكن فهم وتفسير وتكييف التباعد والتنافر والشطط الذي يظهر جلياً في بعض الأعمال التي تقوم بها بعض مكونات الجبهة الثورية، والتصرفات التي لا توحي بدنو أجل ذلك الإلتصاق المفضي إلي الوحدة والإندماج؟؟ لست بصدد توجيه تهمة محددة لأي من مكونات الجبهة الثورية السودانية، ولكن لا بُدًّ من التزكير بأن الأطماع السياسية والشخصية لأي من مكونات الجبهة ستضعفها، ومجرد إهتزاز الثقة فيما بين هذه المكونات ستؤجل حتمية الإندماج الوشيك، والذي هو أمل الشعب السوداني الذي يستحق أن ينتمي، في المستقبل القريب إلي احد تنظيمين سياسيين لا ثالث لهما: أولهما هو "حزب الجبهة الثورية السودانية" بفكره المتجدد الشامل لسودان جديد يسع الجميع بتنوعه المتحد وإتحاد أقاليمه، وفق فكر ورؤي وبرامج نابعة من "ميثاق الفجر الجديد"، والثاني هو حزب الآخرين المنكفئين علي ماضٍ خيالي ومريض، يُنْكَر فيه حق الآخرين في أن يكونوا آخرين.. فليحفظ الله الجبهة الثورية من الذين لا يتورعون من تكرار أخطاء الماضي السياسي السوداني البغيض الذي صادر الحريات الخاصة والعامة، ودَجَّن الناس في هوية كاذبة مزيَّفة، وفِكرٍ بالٍ مستورد ومنكفئ، ونظام حكم لا يستجيب إلي التنوع والتعدد الذي يقتضي فدرالية سودانية حقيقية، وسياسات فاسدة أوردت البلاد والعباد موارد الهلاك والتفتيت والتعاسة والهوان. ما دفعني إلي كتابة هذا المقال هو رغبة مُلِحَّة ظلَّت تدفعني إلي تزكير الرفاق في الجبهة الثورية السودانية بضرورة محاربة الرجعية والهيمنة والتسلط والإنتهازية، وإستغلال النفوذ داخل مكونات الجبهة بالإستفادة من نصوص مواثيقها وفي مقدمتها النظام الأساسي للجبهة، وأن يعَلموا أفادهم الله أن المثل الدارفوري القديم والحكيم (اللقمة الكبيرة بِتفرّتك الضرا) ما زال مُوغِلٌ في الرصد والمواكبة والكياسة. وأخيراً، لا بُدَّ من التعليق، بصفتي الشخصية البحتة، علي مذكرة التفاهم الموقعة والمنشورة بتاريخ 10 يوليو 2014م الجاري، بين الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، ومجلس الصحوة السوداني بقيادة الشيخ/ موسي هلال.. بإعتبارها مذكرة منشورة في وسائل الإعلام المختلفة ويحق للعامة إيراد آراءها وتساؤلاتها فيها، كالآتي: هل كانت الحركة الشعبية ستَقْدِم علي هذه الخطوة لو أن الجنجويد الذين إنقلبوا بقدرة قادر إلي "مجلس صحوة سوداني" قد إرتكبوا تلك الفظائع والموبقات بأهل جبال النوبة والنيل الأزرق بدلاً من أهالي دارفور؟ دون أن تطالب الجناة الجنجويد بأية مساءلة أو مجرد إعتذار؟؟ (ذلك لأني لم أجد في مذكرة التفاهم المنشورة فقرة تشير إلي مجردّ الأسف أو الإعتذار من مجلس صحوة الجنجويد عن الفظائع التي إرتكبوها في أهل دارفور أيام غلواءهم الأولي لحرب التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد أهل دارفور، بالوكالة عن المركز -إرتزاق- ضد أهالي دارفور).. أم أن الحركة الشعبية لتحرير السودان تمييز وتفرِّق بين شعوب الهامش السوداني فتحابي هذا وتركِلُ ذاك علي قفاه، وتتنكر لحقوقه المكتسبة ؟؟ هل تشاورت الحركة الشعبية شمال مع رفيقاتها من مكونات الجبهة الثورية السودانية قبل التوقيع علي هذه المذكرة، فقطـ، حول الأثر النفسي السالب الذي سيتركه هذه الخطوة في نفوس الضحايا وأسرهم في إقليم دارفور الذين نكَّلَ بهم مليشيا الجنجويد الذين قادهم موسي هلال في السنوات من 2003- 2012م لتدمير دارفور عن بكرة أبيه؟ لم يتركوا فيه قائمٌ علي ساق أو قدم؟؟ قبل توبة زعيم الجنجويد "المزعومة" الأخيرة دون إعتذار للضحايا أو تعويضهم عن الأضرار البالغة التي ألحقها بهم دون سبب، فلا ضرر ولا ضِرار، فماذا تنفع صحتوهم من غيبوبتهم التي قادتهم إلي تلك الموبقات التي أرتكبوها في أهالي دارفور المدنيين العزل؟؟ وماذا ستجني الحركة الشعبية لتحرير السودان من هذه المذكرة الملطخة بدماء أهل دارفور والمطرَّزة بشرف حرائرها والمدبّجة بدموع ودماء الشهداء والأرامل واليتامي والثكالي؟؟ ماذا تستفيد الحركة الشعبية- شمال بهذه المذكرة التي قدم رفاقهم في حركات دارفور عشرات الآلاف من الشهداء لكبح جماح طرفها الثاني زعيم الجنجويد التائب للتو، فكيف يجوز الإحتفاء، وأنَّي تُزَفَ البشري لأسر ضحايا دارفور من أفعال الجنجويد ومجلس الصحوة والدعم السريع وحرس الحدود وعمر البشير. من الذي يحق له قبول العفو والتوبة والأوبة من الجنجويد ومجلس صحوتهم من الفظائع التي إرتكبوها في مئات الآلاف من أهالي دارفور، والتفاهم معهم علي ماذا؟؟ علي خارطة طريق لدولة القانون وحكمه، والديمقراطية وقيمها، والتحول السياسي المفضي إلي دولة المواطنة المتساوية!! وكل الفقرات التي وردت في مذكرة التفاهم بتاريخ 10 يوليو 2014؟؟ أهل أهل دارفور والحركات المسلحة التي نشأت في الإقليم أولي وأصاحب حق، أم الحركة الشعبية لتحرير السودان؟ مالكم كيف تحكمون؟ وماذا قصدت الحركة الشعبية شمال بهذه الخطوة الإستباقية الشوهاء مع مجلس صحوة الجنجويد؟؟ هل تزمع الحركة إلحاق مجلس الجنجويد هذا بالجبهة الثورية السودانية رغماً عن بقية مكوناتها، أم فقط لتخفيف العُزلة المضروبة علي مجلس الجنجويد بسبب تعاليه عن مجرد الإعتذار علي ما فعلت(علي الأقل) وطلب العفو الصفح من الضحايا وأسرهم من أهل دارفور الذين قلب الجنجويد ليلهم إلي نهار لسنين عدداً لا لذنبٍ جنوه ولا لخصومة نشأت بينهم، ولكن فقط لأن حكومة الجلابة في الخرطوم إستأجرتهم ومنحتهم المال والسلاح لفعل ما فعلوا من منكرات يستحِ من إرتكابها الشيطان الرجيم ذات نفسه. هب أنّ عموم شعب دارفور رفضوا هذه الخطوة (مذكرة التفاهم) وأدانوها بأغلظ العبارات وقالوا إنها عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وتنكروا للحركة الشعبية ونكّرُوا لها عرشِها!، وطالبوا حركات الكفاح المسلح التي إنطلقت من دارفور وإنضوت تحت الجبهة الثورية السودانية رفض هذه الخطوة، وفض هذا التحالف، والخروج عنه وعليه، فماذا تري الحركة الشعبية في وجاهة ذلك الطلب الذي هو بمثابة أمر؟؟ وأي الأمرين تختار، وأحلاهما مُرّ؟؟ ما الفائدة والخير الذي ترجوه الحركة الشعبية من هذه الخطوة وكيف تنظر إلي مستقبل علاقتها بـ(مجلس الصحوة السوداني) خارج إطار الجبهة الثورية السودانية، وأثر ذلك علي تماسك الجبهة الثورية، بل بقائها علي قيد الحياة؟؟ لماذا لم يتم التواصل والتعامل والتحاور والتفاهم مع مجلس الصحوة عبر جبهة ثورية سودانية كوعاء جامع، علي الأقل في مستوي التعاطي السياسي وصولاً إلي تفاهمات ثم تحالفات ثم إندماجات وهو أمر ممكن وجامع لكل الجبهة الثورية وفي المتناول؟؟ كيف تجرؤ الحركة الشعبية علي الجمع بين أختين هكذا؟ وأي سبق وإنجازٍ حقق بهذه المذكرة التعيسة؟؟ أريد أن أفهم: من خلال هذه المذكرة مع ملك الجنجويد ومجلسهم، ماذا إختارت الحركة الشعبية من دور؟ هل هي تُطارِدُ مع كلاب الصيد، أم تجري مع الطرائِد؟؟ مع الجاني أم مع الضحية؟؟ نريد أن نفهم. في آخر حوار لرئيس مجلس الصحوة الشيخ/ موسي هلال في راديو عافية دارفور 8-10 يوليو 2014 الجاري، قال هذا الشيخ بوضوح لا لبس فيه الآتي: إنه قيادي بحزب المؤتمر الوطني، وإنه جاء إلي دارفور في مأمورية لإجراء مصالحات قبيلة بين مكونات دارفور، ولتوحيد الرأي والرؤي حول القضايا الوطنية، وأنه قد أخذ الإذن للحضور إلي دارفور من رئيس الجمهورية عمر بشير، ومن رئيس المجلس الوطني الذي هو عضو فيه.. واضاف أنه في تواصل مع الحركات المسلحة التي خرجت من رحم دارفور، وأن هناك حوارات جارية.. طيب، كل هذا مفهوم ويمكن أن يفضي في خواتيمه إلي خيرٍ عميم بين المكونات الدارفورية/ الدارفورية، ولكن مذكرة الحركة الشعبية هذه هي التي سوف تقصِم ظهر بعير أي تفاهم أو مصالحة يمكن أن تتم بين مكونات دارفور الإجتماعي بما في ذلك الجنجويد ومجلس صحوتهم.. دماء أهل دارفور ليست رخيصة، وشرف حرائرها ليست للبيع في أسواق النخاسة السياسية. أهل دارفور وحدهم الذين سيجلسون لحلحة مشاكلها ومشاكلهم، وأي شئ غير ذلك سيُعقِّد المشاكل ولا يحِلّها.. ولو كان هنالك من يري أنه يحق له القفز فوق الحواجر هكذا ويدوس علي أرواح الشهداء، ويسترخص الكرامة الإنسانية لأهل دارفور، فمن حق أهل دارفور وكافة التنظيمات والمؤسسات التي تنهض لصون حقوق أهلها أن يرفضوا التواجد في أي محفل مع أي شخص أو تنظيم، يقبل لنفسه أن يكون أداة من أدوات إذلال شعب دارفور والإستهانة بحقوقه وإنكار مشروعه المعروف للقصاص ممن نكلوا به. وأن المنابر والتحالفات المشتركة القائمة تمثل تواجداً في معسكر وآحد مع الطغيان، مع من سَلَّم صغار دارفور إلي غول حكومة الإنقاذ مليشيات جنجويده، حضورٌ مع من حرق قري دارفور وفتت مكوناتها الإجتماعية.. بإختصار حضور وشراكة مع من نفذ جريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية والإغتصاب في حرائر دارفور وأهله ونسيجه الإجتماعي الموغل في التعايش والتسامح علي مدي قرونَ عدداً، حتي أتي هؤلاء إلي السلطة. لذا، قلتُ وأعيدُ القول ألف مرَّة: أن الجبهة الثورية السودانية في حاجة ماسة إلي ميثاق شرف ثوري، وميثاق شرف نضالي، وميثاق شرف أخلاقي، يحكم تصرفات مكوناته قبل الخوض في أي شيئِ آخر. أذكر بكل إعزاز أقوال عمنا المرحوم الحكيم في كل كلمة ينطقها المرحوم الحاج/ بابكر نهار، قيل أنه غضب من أحد الذين ينصبون أنفسهم سادة علي الشعب السوداني المغلوب فوبخه قائلاً: (يا وليدي حزب الأمة ما دين، والخلاه ما كفر.)، فلا حزب الأمة ولا الجبهة الثورية السودانية بدين، والذي يتركه ليس بكافر ولا مُرتد apostate.
|
|
|
|
|
|