|
د. النعيم وأسس نقض الدين/خالد الحاج عبدالمحمود
|
بسم الله الرحمن الرحيم "فَخَلَفَ مِنand#1762; بَعْدِهِمْ خَلْفٌand#1773; وَرِثُواand#1759; and#1649;لْكِتَـand#1648;بَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـand#1648;ذَا and#1649;لْأَدْنَىand#1648; وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا، وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌand#1773; مِّثْلُهُand#1765; يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَـand#1648;قُ and#1649;لْكِتَـand#1648;بِ أَن لَّا يَقُولُواand#1759; عَلَى and#1649;للَّهِ إِلَّا and#1649;لْحَقَّ!؟ وَدَرَسُواand#1759; مَا فِيهِ، وَand#1649;لدَّارُ and#1649;لْءَاخِرَةُ خَيْرٌand#1773; لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ، أَفَلَا تَعْقِلُونَ!؟"
"هَـand#1648;and#1619;أَنتُمْ هَـand#1648;and#1619;ؤُلَآءِ جَـand#1648;دَلْتُمْ عَنْهُمْ فِى and#1649;لْحَيَوand#1648;ةِ and#1649;لدُّنْيَا، فَمَن يُجَـand#1648;دِلُ and#1649;للَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ and#1649;لْقِيَـand#1648;مَةِ، أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًand#1773;ا!؟" صدق الله العظيم د. النعيم وأسس نقض الدين القراء الكرام رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير المشهد الأول: لقد مضى وقتٌ طويل، ود.النعيم يمثل علينا أنه جمهوري، يعمل في نشر الفكرة، والدعوة لها، ويقدر الأستاذ محمود، كمرشد للجمهوريين، بل ويقدسه.. فهو كثيراً ما لا يلفظ كلمة أستاذ، إلا ومرتبطة بكلمة (سيدي)!! ولم نبدأ في اكتشاف خيانة، د. النعيم، إلا في عام 2009م.. وقد استمرت هذه الخيانة، ربما لعشرات السنين!! كان فيها د. النعيم يظهر لنا بوجه، وللعالم الخارجي الذي يتعامل معه، بوجه معاكس تماماً!! وأصبحنا نرجع لنشاط د. النعيم في الفترة المذكورة ـ وهو مسجل بعدد من المواقع بالشبكة ـ وقد هالنا، أننا كلما بحثنا في هذه المواقع، نكتشف لد. النعيم من المفارقات الخطيرة للدين، ومن العداوة للأستاذ محمود، والعمل المتصل في تشويه دعوته، ما جعلنا نحتار أشد الحيرة، في شخصية هذا الرجل.. كيف يمكن لشخص، أن يعيش لعشرات السنين، بوجهين متناقضين تماماً!؟ لماذا عجزنا أن نكتشفه، طوال هذا الوقت!؟ هل لسذاجتنا، وغفلتنا، التي جعلتنا دائماً نحسن به الظن!؟ أم لمقدرته هو الفائقة على التمثيل، ولبس الأقنعة المختلفة!؟ وما هو الدافع لكل هذا!؟ لقد أصبح محسوماً عندنا، بصورة لا لبس فيها أنه مُستخدم، من قبل أعداء الإسلام، وأعداء الفكرة من الغربيين.. وقد توفرت الأدلة القاطعة على ذلك.. ولكن الأمر المحير، لماذا قبل هو هذا الدور ابتداءً، مهما كانت الإغراءات!؟ الإجابة المباشرة، والسهلة، أنه قبل بسبب هذه الإغراءات!! ولكنني أرى أنها غير كافية.. فلو كان الأمر يرجع إلى هذا السبب، للعب الدور المكلف به في اعتدال.. ولكنه متطرف، أشد التطرف!! هو متطرف في عداوة الإسلام، والفكرة الجمهورية، وفي عداوة الأستاذ محمود بالذات.. فهو لا يجد مناسبة يشوه فيها دعوة الأستاذ محمود، ويسيء إليه، إلا انتهزها.. وتشويهه للأستاذ محمود مبالغ فيه، حتى أنه يصور جميع أساسيات دعوة الأستاذ محمود بعكس ما هي عليه.. ولإحكام التضليل، هو دائماً يتحدث بصفته تلميذاً للأستاذ محمود.. واضح أن هذا هو الدور المرسوم له، ولكن المفارقة تأتي من أنه يدعي التلمذة للأستاذ، وكلما وجد الفرصة، أساء إليه، إساءة الشخص المغبون وصدره مليء بالحقد!! هذه الظاهرة بالذات، تجعل تفسير دافعه بالإغراءات وحدها، غير كافٍ.. فمع الإغراءات، واضح جداً أن له قضية خاصة ضد الأستاذ محمود ودعوته، وضد الإسلام بصورةٍ عامة!! ضمن ما وجدناه من أقوال د. النعيم المسجلة، وصف غريب لدعوة الأستاذ، قال فيه د. النعيم: " النقطة التي أود أن أؤكدها هنا، هي أن النموذج الذي قدمه الأستاذ محمود كان بدائيا ومتخلفا، بالنسبة لي" But the point is that the model Ustaz Mahmoud presented was rudimentary, to me جاء قوله هذا في شهر مايو 2008.. فهو قول حديث.. الكلمة الأنجليزية التي استخدمها، هي صفة من الاسم (rudiment)، وهو اسم يعني شيء في مرحلة بدائية، أو عضو غير تام النمو.. وكلمة (rude) صفة تفيد شيء خام، بدائي، وجاهل، جلف غير مهذب.. والاسم (rudeness).. فما هو دليل د. النعيم، أن دعوة الأستاذ محمود، دعوة بدائية، ومتخلفة ليستخدم في حقها هذه الكلمة الانجليزية!؟ من الناحية الموضوعية، لا يوجد أي سبب.. هو لم يذكر سبباً لوصفه هذا المتطرف، كل ما قاله عبارة "بالنسبة لي".. والسبب الأساسي في عدم إيراد النعيم لأي سبب موضوعي، هو أن طرحه كله، يقوم على (الذاتية).. فهو يقرر فقط.. فطالما أن الأمر قرره هو، فهذا هو عنده الدليل الكافي لصحته!! بعد عبارة "كان بدائياً، ومتخلفاً بالنسبة لي"، جاء مباشرة قول د. النعيم " حيث لم أستطع أن أستوعب حقيقة إمكانية تطبيق هذا النموذج!! كيف يمكن أن يحدث ذلك؟" ثم ذهب يتحدث عن تخلف الشعب السوداني، ومشاكله المختلفة!! ووضع هذا القول، وكأنه دليل على ما قاله: بدائية وتخلف النموذج الذي قدمه الأستاذ محمود.. وتصبح الصورة وكأن دعوة الأستاذ متخلفة وبدائية، بدليل تخلف الشعب السوداني، أو لأنه ـ د. النعيم ـ لم يستوعب إمكانية تطبيقها على الشعب السوداني!! فإذا كانت الدعوة متخلفة، فمن الطبيعي أنها تناسب الشعب المتخلف.. ولكن تفكير د. النعيم مفكك.. هو فقط يريد أن يقرر أن دعوة الأستاذ متخلفة والشعب السوداني متخلف، دون الربط بينهما!! وتفكك تفكير د. النعيم يظهر بصورةٍ أكبر، عندما نراه يقول في نفس النص "كيف يمكن لهذا البلد أن يتحول، في الواقع، إلى شيء عظيم كالذي يقول به طه".. فهنا يقرر أن دعوة الأستاذ "شيء عظيم"، وهذا بعد أربع أسطر فقط من قوله، أن النموذج الذي يقدمه الأستاذ "كان بدائياً ومتخلفاً"!! د. النعيم في كل طرحه، لا يفعل أي شيء سوى أن يقرر تقريرات ذاتية.. وهو لا يهتم أدنى إهتمام بأن يقرر شيئاً، ثم يقرر نقيضه!! الأمر الوحيد الذي يعنيه هو أن يقرر أشياء ضد الإسلام، وضد الفكرة الجمهورية.. ودائماً هذه التقريرات عنده صحيحة تماماً، والسبب الوحيد لصحتها، هو أنها صدرت منه هو.. وهذا سبب عنده، لا يحتاج إلى أي زيادة.. وهذا هو مفهوم الذاتية عنده!! هذا هو الأساس، والأساس الوحيد الذي يبني عليه د. النعيم، نقضه لجميع أسس الدين، وبصورةٍ متطرفة جداً.. هو يقرر فقط، دون أي محاولة لذكر أي أسباب موضوعية.. وحتى عندما يذكر أسباباً، تكون هي أيضاً مجرد تقريرات ذاتية.. وهذا يجري منه في أخطر المواضيع، وأكثرها أهمية!! هو يقرر، أنه لا يمكن أن يكون هنالك دين موحى به من الله تعالى، إلى البشر، هذا أمر مستحيل!! لماذا!؟ السبب هو قرار ذاتي أعجب من النتيجة، فهو يقول "فكل ما يدخل في فهم البشر وتجربتهم ليس منزلاً من الله"!! لا يوجد أي سبب يذكره سوى "أنا عبدالله أحمد النعيم أقول"!! هو موضوع رغبة أو مزاج!! ماذا عن مليارات البشر الذين يؤمنون بالأديان السماوية اليوم، ومن قبلهم، من لدن آدم!؟ هو يقرر أن ليس كل ما يراه البشر صحيحاً، أو موجوداً، فعنده هو ليس كذلك.. ولكن ما الذي يمنع أن يكون ما يدخل فهم البشر وحياً من الله!؟ لا إجابة!! ويزداد العجب عندما نعلم أن د. النعيم يقول: (كمسلم، فأنا دائما أطلق التقرير (الهرطقي) أن الدين علماني، وهذا القول ربما يبدو متناقضاً، في العبارة. ولكن واقع الأمر هو، أنه ليس لنا من سبيل لأن نعتنق الدين، أو نعقله، ونتأثر به، أو نؤثر فيه، إلا عبر الواسطة البشرية. فواسطتنا، كبشر، هي العامل الحاسم في تحديد، وتعريف، ديننا. وبهذا المعنى فإن الدين علماني.. الدين من صنع البشر.. وموقفي هنا، هو أن أؤكد علمانية الدين، هذه، التي أتحدث عنها، حيث يمكن، من هذا المنطق، إخضاع الدين للسياسة، أي جعله عنصراً، وذخراً، سياسياً.. وهذا المفهوم ينطبق، بنفس المستوى، على الثقافة".. فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كلاهما من صنع البشر، وأن كلاهما يمكن إعادة صنعه، من قبل البشر) ح2 نص (5) يجب الوقوف عند هذه القضية الخطيرة جداً، والتي يبني عليها د. النعيم كل ضلالاته الخطيرة الإرادة والرضا: في الدين، هنالك الأمر التكويني، والأمر التشريعي.. الأمر التكويني، هو الإرادة الإلهية المتفردة، ويقوم عليه إيجاد الوجود كله "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ".. هذه هي منطقة الحقيقة.. منطقة الإسلام العام، وفيها جميع الخلائق مسلمة لله، طائعة له في الحقيقة.. يقول تعالى: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ".. فالخلائق جميعها مسلمة في الحقيقة، طائعة لإرادة الأمر التكويني.. ولكن إسلامها هذا ليس به عبرة، لأنها غير واعية به، إسلام (كره). فإرادة الله لا تعصى، ولكن الله تعالى يريد أن ينقل الخلائق من طاعة ما يريد، إلى طاعة ما يرضى، فأنه تعالى أراد شيئاً لم يرضه!! ففي الإرادة ـ الأمر التكويني ـ يدخل الخير والشر، الكفر والإيمان.. الهدى والضلال.. يقول المعصوم: "من آمن فقد آمن بقضاءٍ وقدر، ومن كفر فقد كفر بقضاءٍ وقدر".. ويقول تعالى: "إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ".. وهذا يعني، أن تكفروا، لم تكفروا مغالبة لأمر الله، وإنما كفرتم بإرادته، ولكنه لا يرضى منكم الكفر.. الذي أراده لكم.. والرضا هو الطرف الرفيع من الإرادة، أو هو قمة، قاعدتها الإرادة.. فالإرادة في مرتبة "الثنائية"، والرضا في مرتبة الوحدة "الفردانية".. ففي الإرادة يدخل الكفر والإيمان، ولكن في الرضا لا يدخل إلا الإيمان. أما الأمر التشريعي هو أمر الله تعالى للبشر، أو لعقول البشر، الذي يجيء عن طريق الرسل، للذين يوحي إليهم الله تعالى، بهذا الأمر، عن طريق ملك الوحي جبريل.. فالأمر التشريعي هذا يقوم على الرضا، فقط.. يقول تعالى: "وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ".. "لا يأمر بالفحشاء".. يعني بالأمر التشريعي.. يعني أن الله لا يرسل رسلاً، ويؤيدهم بالمعجزات ثم تكون شرائعهم داعية للفحشاء. فالأمر التشريعي، دعوة لأخراج الناس من إرادة الله تعالى، إلى رضاه.. ومن أجل ذلك أرسل الرسل، وأنزل الله الكتب، وقال فيها: "إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".. وبهذا دخل الإسلام الخاص ـ إسلام العقول، إسلام البشر.. ففي حين أن الإرادة الإلهية القاهرة، هي دين الإسلام العام ـ الذي يشمل كل الخلائق ـ فأن الرضا الإلهي اللطيف، هو دين الإسلام الخاص.. فأنه من دقائق العلم بالله، أنه أراد شيئاً ولم يرضه.. فهو قد أراد الشر، ولكنه لا يرضى إلا الخير.. وقد سبق أن أوردنا الآية التي تفيد أنه أراد الكفر والإيمان، ولكنه لا يرضى الكفر.. فمنزلة الإرادة منزلة خير الشر فيها أكثر منه في منزلة الرضا ـ منزلة رحمانية.. ومنزلة الرضا منزلة خير، الشر فيها غائب ـ منزلة رحيمية.. فدين الإسلام الخاص هو دين العقول، التي تميز بين الأشياء ـ العقول المكلفة.. وبالتكليف، والعقل، بدأت مرحلة البشرية في الأرض، وبهما، وفق إتباع مرضاة الله، يحقق الإنسان إنسانيته.. فالعقل المكلف هو الفيصل بين الإنسان والحيوان.. فالحيوان ـ بما في ذلك الحيوان في الإنسان ـ يطيع النفس ـ يطيع الأمر التكويني.. وتصعب عليه طاعة الأمر التشريعي.. النفس قانونها إبتغاء اللذة بكل سبيل، واجتناب الألم بكل سبيل.. ولذلك تصعب عليها طاعة الأمر التشريعي، لأنه يضع لها الحدود.. فهي تطيع الأمر التكويني، والذي ليس فيه معصية.. وهي في ذلك تشبه أبليس.. والروح قانونها الحرام والحلال، وهي تبتغي من النفس أن تستعصم عن اللذة العاجلة، إذا كانت حراماً، وذلك إبتغاء اللذة الآجلة الحلال، وفراراً من الألم المترتب على تعاطي اللذة الحرام ـ سواء أكان هذا الألم معجلاً أو مؤجلاً.. ولذلك الروح ـ العقل ـ ترتفع من طاعة الأمر التكويني إلى طاعة الأمر التشريعي.. وهي في ذلك تشبه الملائكة.. وبداية شريعة الحلال والحرام، في مستوياتها البسيطة، هي بداية ظهور الإسلام الخاص، وبداية ظهور البشر.. وقد أرسل الله الرسل ليعينوا العقول لتخرج مما أراده الله، إلى ما يرضاه الله.. فالعقول هي مصافي الرضا من الإرادة.. وقد شبه الأستاذ محمود الإرادة بماء المحيطات المالح، والرضا بماء الأنهار العذب.. وتوسط حرارة الشمس في استخراج الماء العذب من الماء المالح، كتوسط العقول البشرية في استخراج الرضا من الإرادة.. وإنما شُرّع الحلال والحرام ليروض العقول على القدرة على التمييز بين الخير والشر ـ بين ما يريد الله وما يرضاه.. وحسب هذا الترويض، ينتقل الإنسان من الحيوانية إلى الإنسانية، ويحقق كمالاته.. وهذا هو غرض الإسلام الخاص. هذه مقدمة ضرورية جداً، لأن كل ضلالات د. النعيم، وتخبطه، يقع في هذه المنطقة ـ منطقة التخليط بين الحقيقة والشريعة، والإرادة والرضا.. (يلعب) د. النعيم على التخليط في أمر الحقيقة والشريعة، والإرادة والرضا.. وهو تخليط يبين الخلل الخطير في التفكير وفي الأخلاق، أو فيهما معاً، بأكثر مما سبق أن أوردناه بكثير جداً.. وفيه يظهر التناقض الحاد، في القضايا الجوهرية، كما لم يظهر من قبل.. ونبدأ بتناول هذه القضية، من زاوية الوحي عند د. النعيم.. يقول د. النعيم: "فكرة أخرى أود أن أقدمها هنا، هي أن الله خلق العالم أيضاً!! وعلى هذا أياً كان العالم الآن، فهو خلق الله، وبالتالي هو جزء لا يتجزأ من الوحي. لهذا: الوحي ليس فقط في الكتب السماوية، الوحي في حياتنا!! وهذا هو السبب الذي أقول به أن الوحي يجب فهمه باستمرار من المنظور التاريخي، عبر الزمن، وليس كشيء (مجرد) خارج حياتنا.. إن الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها، ونمارسها، وعليه عالمنا المتغير هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله!! وهنا أيضاً فيما اعتقد، تتواصل المفارقة، أو العبارة الموهمة للتناقض"!!.. هكذا د. النعيم يقرر أن كل ما يحدث في الوجود، وفي الحياة البشرية، هو وحي!! إلى ماذا يريد أن يصل!؟ يريد أن يصل إلى النتيجة الخطيرة جداً، التي ذكرها في قوله "عالمنا المتغير هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله"!! فعنده، لا فرق بين كون عالمنا المتغير من الله، وأن وحي الله لرسله هو من الله!! الأمر واحد!! وهذا يعني أنه عند د. النعيم، الإرادة والرضا شيء واحد.. وكذلك الخير والشر، والحلال والحرام.. وكل ما ذكرناه من اختلاف بين الإرادة والرضا، لا وجود له عنده، فالوحي للبشر من المرسلين، والوحي الذي به عالمنا المتغير هو من الله، كلاهما أمر واحد.. وكلاهما وحي بنفس القدر.. وعليه كل سلوك بشري هو من الله، وهو صحيح، وليس لأحد الحق في أن يزعم أن دينه أو سلوكه هو الصحيح، ودين الآخر أو سلوكه هو الخطأ!! كل شيء صحيح وهو من الله بنفس القدر، لا فرق في ذلك بين ما يريده الله، وما يرضاه!! وهو يوضح نفسه بصورةٍ أكبر فيقول: "ولأقدم الفكرة بإختصار: المسلمون باللغة العربية يسمونها التوحيد!! وهي الاعتقاد بأن الله هو المتفرد بالوحدانية، وأن الله هو الفاعل الوحيد في الوجود.. هذه الفكرة تقول أن الله هو الفاعل الوحيد، الفاعل المطلق في الوجود.. وأن الواسطة البشرية هي الفاعل الثاني، وليست الفاعل الأصلي للسلوك الاجتماعي.. هذه الفكرة أساسية في تاريخ الفكر الإسلامي.. هذه الفكرة تعني أنه كل ما نفعله، فأن الله هو الذي يفعله من خلالنا.. من خلال تجربتنا، ومن خلال واسطتنا كبشر"!! هنا أصبح أكثر تحديداً لما يريد.. السلوك البشري عنده هو من الله، هو فعل الله، والواسطة البشرية هي الفاعل الثاني، وليست الفاعل الأصلي للسلوك الاجتماعي.. و "كل ما نفعله، فأن الله هو الذي يفعله من خلال تجربتنا".. فسلوك البشر، هو فعل الله ـ الفاعل الحقيقي.. وهو وحي، ولا يختلف عن الوحي الذي يكون للرسل.. ولذلك كل ما يفعله البشر، وكل سلوك يسلكونه، هو دين موحى به من الله، بنفس القدر الذي به الدين الذي يأتي عن طريق الوحي للرسل، هو من الله "فعالمنا المتغير هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله"!! وعلى هذا، ليس عند د. النعيم شيء في حياة البشر، ليس بدين.. كل شيء في الحياة هو دين موحى به من الله، بنفس القدر الذي به دين الرسل موحى به من الله!! وفي توضيح أكثر يقول د. النعيم: "الإسلام يعني التسليم للإرادة الإلهية.. وهذا هو مفهوم التسليم، أن لا تحاول أن تعترض أو تعارض أي شيء، من منطلق اعتقادك أنك تعرف ما يريده الله!! وهذا ينسحب على عبادتنا الروحية، مذهبنا الديني، وعلائقنا الاجتماعية!! وبالتالي تحقيق التفاعل المستمر بين تسليمنا لله، وتعاملنا مع الناس الآخرين!! وعلى هذا، تفاعلنا في محيطنا، وسلوكنا الاجتماعي، يجب أن يكون تعبيراً عن تسليمنا للإرادة الإلهية!! يمكنك أن تقول: تعبيراً عن العلاقة الرأسية مع الله، بصورة من الصور، كما قد تعلم"!!.. فطالما أن كل ما يحدث في جميع الأحوال، ولجميع البشر هو إرادة الله، وهي منه تعالى، فليس من حق أحد أن يعترض على شيء، أو على آخر، من منطلق أنه يعرف إرادة الله، لأن كل ما يحدث هو إرادة الله ووحيه، فيجب عدم الاعتراض.. فالإسلام أو التسليم كما يقول د. النعيم هو "أن لا تحاول أن تعترض أو تعارض أي شيء، من منطلق أنك تعرف إرادة الله"!!.. من المؤكد أننا لا نعرف إرادة الله قبل أن تحدث.. ولكن نعرف مرضاته تعالى، لأنها أتتنا عن طريق الوحي للرسل.. والأمر الطبيعي، والبديهي، أن نعمل وفق ما نعلم عن الله.. هذه النقطة هامة جداً في فضح دجل د. النعيم، وهي: نحن لا نعرف إرادة الله قبل أن تحدث، ولا نستطيع، ولكننا من المؤكد نعرف مرضاته كما وردت لنا على لسان رسله.. نعرف أنه نهانا عن القتل وعن الكذب، وعن الزنا ...إلخ.. وأمرنا بالصدق، وصلة الرحم، وكل مكارم الأخلاق.. وهذا ما ينبغي أن نعمل به، وهذا هو الإسلام ـ إسلام الرضا.. وعلى هذا أيضاً نحكم على دين الآخرين، وسلوكهم.. فنحن نعلم ما يريده الله ويرضاه، من خلال ما أوحى به لرسله.. وبالطبع هذا ما يستبعده د. النعيم تماماً، ليبني في غيابه على الوحي بمعنى الحقيقة، فيقرر أنه علينا ألا نعترض على أي شيء بالنسبة لدين الآخرين، ومعتقداتهم، وحتى سلوكهم، وهذا عنده هو "أن لا تحاول أن تعترض أو تعارض أي شيء".. ألا نحاول، مجرد محاولة الاعتراض.. فقط تسلم للواقع مهما كان، ولا تحاول تغييره!! هذا تعريف د. النعيم للإسلام!! وهو من يزعم أنه لا يوجد تعريف للإسلام!! أقوال د. النعيم هذه ينبني عليها أن الإنسان مسير بصورةٍ مطلقة، فجميع حياته هي فعل الله، وبوحي منه تعالى، فحسب عبارته "فأن الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها ونمارسها".. يجب أن لا تضللنا كلمة "في الحقيقة"، ف د. النعيم هنا، ليس عنده شيء في الشريعة، فهو كما يقول في مواصلة النص: "وعليه عالمنا المتغير هذا هو من الله، وبنفس القدر الذي به الوحي من الله"!!.. علينا ان نتذكر هذا، لنرى كيف أنه يناقضه.. ومما ينبني عليه موقفه هذا، إلغاء دور العقل!! إذا لا توجد اختلافات بين الأشياء، يحتاج العقل أن يميز بينها، ولا توجد للإنسان إرادة، ولا خطاب بالتكليف. أما د. النعيم نفسه، فيبني على أقواله هذه، أخطر ضلالاته أو (هرطقاته)، كما يسميها هو، وأهمها: 1. التغييب التام للدين الموحى به من الله لرسله، وما يقوم عليه من تكاليف، وذلك بمساواته بين صورتي الوحي، وتوحيده للإرادة والرضا، وأوضح تعبير له في ذلك قوله: " وهذا هو السبب الذي أقول به أن الوحي يجب فهمه باستمرار من المنظور التاريخي، عبر الزمن، وليس كشيء (مجرد) خارج حياتنا.. إن الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها، ونمارسها".. لاحظ "يجب فهمه".. ولاحظ عبارة "وليس كشيء (مجرد) خارج حياتنا".. خارج حياتنا هذه تشير إلى الوحي كما هو في الكتب السماوية، وتوجيهات الرسل، مثل القرآن والأحاديث النبوية.. هذا الخارج يجب أن نستبعده ونأخذ بالوحي المحايث لحياتنا وجزء لا يتجزأ منها.. في البداية قال أن الصورتين من الوحي متساويتين.. ولكنه هنا أبعد وحي الخارج، الوحي للرسل ـ وهو ما اصطلحنا على تسميته وحي ـ وأبقى على وحي الحياة ـ وحي الداخل.. وبالطبع مقصود الحياة في أي صورة من صورها، التي يمارسها بها البشر "الحياة كما نعرفها ونمارسها".. هذه وحدها الدين الموحى به من الله، بصورةٍ دائمة.. كيف نفهمها!؟ الإجابة "أن الوحي يجب فهمه باستمرار من (المنظور التاريخي)".. والمنظور التاريخي هو ما يحدث في الحياة، دون أي موجهات مسبقة.. كل ما يحدث هو المنظور التاريخي.. وقد رأينا انه يقول في موضوع المثلية: "النقطة التي أود أن أعلق عليها هي المنظور التاريخي الذي أؤمن به. فالآن الحديث عن حقوق المثليين والمثليات يبدو أمراً مؤسسا جداً ومقبولا جداً، ولكن هذا الأمر ظهر مؤخراً جداً، جداً، في هذا البلد، في هذه الثقافة. كما تعلمون، إذا رجعتم عشرين سنة في الماضي، سوف لن تجدوا نفس القدر من التسامح والتفهم لحقوق المثليين وحقوق المثليات، على النحو الذي تجدونه اليوم. وهنا أيضا تأتي عملية التطور والتفاعل، وهو تطور وتفاعل نحتاج أن ننظر إليه من منظور تاريخي" ح2 نص(13). 2. وفقاً لهذا الوحي المزعوم، وتفسيره على ضوء (المنظور التاريخي) يبني د. النعيم تقريره بأنه لا يوجد طريق واحد لفهم الإسلام، ومعيشته وتطبيقه، وإنما طرق لا حصر لها.. فهو يقول: "ولدى التحليل النهائي، فإن الرسالة التي ترسلها ميلودي، بفعالية شديدة، عبر أحاديث شخوصها، هي أن هنالك طرق لا حصر لها لفهم وتطبيق الإسلام" فكل صور انحرافات شخصيات ميلودي المنحلة، في كتابها، هي إسلام!! فلا وجود لشيء محدد اسمه الإسلام.. أما عند الأستاذ محمود، فالطريق إلى الله واحد فقط، ولا بديل له!! وهو (طريق محمد) صلى الله عليه وسلم.. وهذا هو جوهر دعوة الأستاذ محمود.. وهو يقول بوضوح لم تعد الطرق الطرق، ولا الملل الملل، إلا طريق محمد.. وطريق محمد يقوم على العمل وعلى التخلق بأخلاق القرآن.. ود. النعيم يدعو صراحةً إلى عدم الرجوع إلى المرجعية الدينية، حتى بالنسبة للمحرمات.. والأستاذ محمود يُبشر بوضوح أن دعوة الإسلام، التي تقوم على (طريق محمد)، هي مستقبل البشرية القريب، وبها سينتصر الإسلام على جميع الأديان ـ بما فيها دين العلمانية بالطبع ـ ويصبح ولأول مرة في التاريخ، ليس في الأرض إلا مسلم.. وهذه هي رسالة الإسلام الأساسية ـ الرسالة الأحمدية ـ فالإسلام للإنسانية جمعاء، وهو موعود أن تعتنقه الإنسانية جمعاء، آمن من آمن وكفر من كفر. 3. وفق المفهوم أعلاه، ليس في الإسلام أي موجهات أو ضوابط أخلاقية.. وهذه أخطر نتائج د. النعيم، فهو يقرر بصورة مبدئية وحاسمة: أي انحراف سلوكي، هو إسلام، موحى به من الله.. يجب هنا، ملاحظة أنه يستبعد التوجيهات السلوكية، الواردة في الوحي للرسل.. وهذه نقطة سنوضحها اكثر. 4. طالما أن كل ما يحدث في حياة الناس هو فعل الله، وبوحي منه تعالى، فمن الطبيعي أن يزعم د. النعيم، أن الدولة المدنية هي من الله، وبوحي منه، فهي اسلامية وهذا ما ورد في قوله: "جدليتي تحديداً هي أنه ليس هنالك شيء غير إسلامي، فيما يتعلق بالدولة المدنية، كإطار ضروري لمفاوضة الدور، الطبيعي والشرعي، للإسلام في الحياة العامة".. فالدولة المدنية عنده دولة اسلامية، وليس فيها شيء غير اسلامي.. وعنده، اساساً لا توجد دولة دينية، مهما تسمت بالدين.. فالدولة التي تسمت بالدين هي مدنية.. لا وجود عنده، لغير الدولة المدنية، والدولة المدنية عنده، ليس فيها شيء غير اسلامي.. وحسب هذا المنطق، كل الدول بالضرورة مدنية، وبما أنه ليس هنالك شيء غير اسلامي في الدولة المدنية، فبالضرورة، لا يمكن أن يكون هنالك شيء غير اسلامي في أي دولة، مهما تسمت لأنها لا يمكن أن تكون إلا دولة مدنية.. إذن أين المشكلة؟؟ المشكلة في تناقضات د. النعيم!! فهو رغم كل قوله هذا، يجعل الدولة الوحيدة الغير اسلامية هي الدولة التي تنتسب للدين حتى ولو كانت دولة الرسول نفسه!! فهو يقول :"دولة المدينة هي دولة سياسية، وليست دينية" فالدولة الوحيدة عنده، التي ليست اسلامية، هي الدولة الاسلامية!! وعنده كل أفعال البشر، هي فعل الله في الحقيقة، وبوحي منه، وبهذا المعنى هي دينية.. المجال الوحيد، الذي لا ينطبق عليه هذا المبدأ الأساسي، هو عمل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن يقتدي به في إقامة الدولة الاسلامية أو من يبشر بها.. ورغم حديثه، الذي نقلناه، عن الوحي العام، هو يقول: "فكل ما يدخل في فهم البشر وتجربتهم ليس منزلاً من الله"!! 5. مفهومه هذا عن الوحي، هو يبني عليه زعمه الباطل أن الإسلام لم يعمل على تغيير الثقافات التي يجدها، وإنما هو عمل على التواؤم معها، فهو قد قال "واهتداء بالنموذج التأسيسى لرسالة النبى محمد فى غرب الجزيرة العربية فى مطلع القرن السابع، يسعى المسلمون دائما للتكيف مع الظروف الاجتماعية والثقافية التى يجدونها سائدة فى المجتمعات التى يقدمون إليها، دون ان يفرضوا آراءهم الدينية أو السياسية وأساليب حياتهم على المجتمعات إلا فى أدنى مستوى .. وبالتالى فان صفة مسلم أو إسلامى قد تطورت دائما فى الزمن".. ح 2 نص (34).. وبالطبع هذا محض كذب وافتراء مكشوف لا يجوز على أحد. د. النعيم لا يؤمن بهذا الذي يقوله عن وحدة الوحي وعموميته.. وعمله الفعلي كله، عكس قوله هذا!! فإذا كان كل شيء هو فعل الله، وهو وحي، وينبغي ألا نعترض على شيء، من عقائد الآخرين وسلوكهم، كما يزعم، لماذا هو يعترض على الإسلام، وعلى الفكرة الجمهورية، وفي جميع الأساسيات!؟ فإذا كان "كل ما تفعله، يفعله الله من خلالنا"!! فلماذا كل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، لا ينطبق عليه هذا!؟ ولماذا الفكرة الجمهورية بدائية، ومتخلفة، وتحتاج إلى تعديل وتبديل!؟ الموضوع كله مجرد حيلة، بدائية وساذجة، لنقض الإسلام والأديان السماوية، خدمة للمانحين ـ الغرب.. وسنرى بعد قليل أن د. النعيم نفسه، يقول بعكس قضاياه الأساسية التي ذكرناه.. فبدل الفاعلية المطلقة لله، هو يجرد الله تعالى من الفاعلية، ويجعلها للواسطة البشرية!! وبدل التسيير المطلق الذي رأيناه يقول به، هو يقول بالتخيير، في تناقض حاد، يدل على خلل أساسي في الفكر، وفي القيم. حجة د. النعيم التي أوردناها في هذا المشهد، هي نفس الحجة القديمة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".. ويقابلها عند د. النعيم (الثقافة والمنظور التاريخي).. أما ما يقابل قوله تعالى، عن هرطقات الماضيين، والذي قال فيه "والله أمرنا بها"، فهو نفس قول د. النعيم، عن الوحي العام مثل: "كل ما تفعله، يفعله الله من خلالنا"!! مع التغييب التام للوحي الملائكي للبشر عبر الرسل. المشهد الثاني: الله والواسطة البشرية: سنرى تناقض د. النعيم الحاد، حتى في قضايا الوجود.. بل أهم قضايا الوجود الأساسية!! وأهم من ذلك، وأخطر، أنه يتحدث بعفوية وجرأة، دون أدنى شعور بخطورة ما يتحدث فيه.. لقد رأينا في الجزء السابق كيف أنه يساوي بين الوحي العام، والوحي للرسل، دون أي تمييز بين الإرادة والرضا، وما يترتب على هذا.. فقد قرر أن "الوحي في الحقيقة محايث لحياتنا، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها، ونمارسها، وعليه عالمنا المتغير هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله".. "الفاعل المطلق في الوجود.. وأن الواسطة البشرية هي الفاعل الثاني".. "كل ما نفعله الله هو الذي يفعله".. والآن نأتي للوجه الآخر، الوجه المناقض تماماً لما أوردناه عنه!! يقول د. النعيم: "بصورة أساسية أود أن أختم بما يلي: أن واسطتنا البشرية، ومسؤليتنا كبشر، هي الفاعل الوحيد والحاسم"!! هنالك "الله هو الفاعل الوحيد".. وهنا "واسطتنا البشرية، ومسؤليتنا كبشر، هي الفاعل الوحيد والحاسم"!! هناك الإنسان مسير، بصورة مطلقة "الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة".. و "الواسطة البشرية ليست الفاعل الأصلي للسلوك الاجتماعي".. و "وكل ما نفعله فأن الله هو الذي يفعله من خلالنا".. وهنا الإنسان مخير، بصورة مطلقة، فهو "الفاعل الوحيد والحاسم".. بل د. النعيم يقول بصورة محددة أن البشر مخيرون "البشر مخيرون.. البشر هم من يختار.. ولذلك أقول أن الدين هو ما يقرره الفرد لنفسه"!! في الحالتين الغرض واحد، هو نقض الدين.. في الحالة الأولى عن طريق تقرير أن الله هو الفاعل الوحيد والمطلق، وأنه حتى أفعالنا، وسلوكنا الاجتماعي، هو الذي يفعله.. فكل شيء في حياتنا هو وحي.. وعلى ذلك كل عقيدة، وكل سلوك هو موحى به من الله، ولذلك هو صحيح.. لا فرق في ذلك بين عقيدة، وعقيدة، ولا سلوك وسلوك!! وهنا الإنسان هو الفاعل الوحيد، وهو مخير، ولذلك "الدين هو ما يقرره الفرد لنفسه".. في الأول، أبعدت إرادة الإنسان تماماً، ومعها أبعد التكليف، والدين بمعناه المفهوم ـ دين الرسل.. وهنا أبعد الله تماماً، وأبعدت الحقيقة، وأصبحت مسألة الدين، مسألة فردية، يقرر فيها الفرد البشري وحده.. وهذا ما يشير إليه قول د. النعيم: "ولذلك أنا أقول أن الدين هو ما يقرره الفرد لنفسه.. وما ذلك إلا لأن البشر هم من يختار، ويحدد معنى الدين، وتوجيهات الدين بخصوص أي موضوع هام معين"!! هل اختيار البشر هذا، محاط به من قبل الإرادة الإلهية، أم لا!؟ هناك نعم بصورةٍ حاسمة!! وهنا لا بصورةٍ حاسمة!! ما الذي حدث للإرادة الإلهية في دور الثاني!؟ أين ذهبت، وما هو السر في اختفائها!؟ وماذا عن الوحي، الذي كان كل شيء في الوجود!؟ هنا نكرر مقولة د. النعيم الجامعة، وهي: "كمسلم، فأنا دائما أطلق التقرير (الهرطقي) أن الدين علماني، وهذا القول ربما يبدو متناقضاً، في العبارة. ولكن واقع الأمر هو، أنه ليس لنا من سبيل لأن نعتنق الدين، أو نعقله، ونتأثر به، أو نؤثر فيه، إلا عبر الواسطة البشرية. فواسطتنا، كبشر، هي العامل الحاسم في تحديد، وتعريف، ديننا. وبهذا المعنى فإن الدين علماني.. الدين من صنع البشر.. وموقفي هنا، هو أن أؤكد علمانية الدين، هذه، التي أتحدث عنها، حيث يمكن، من هذا المنطق، إخضاع الدين للسياسة، أي جعله عنصراً، وذخراً، سياسياً.. وهذا المفهوم ينطبق، بنفس المستوى، على الثقافة".. فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كلاهما من صنع البشر، وأن كلاهما يمكن إعادة صنعهما، من قبل البشر" ح 2 نص رقم(5).. هناك كل شيء في الوجود، وفي حياة البشر، هو من صنع الله.. وهنا، حتى الدين نفسه من صنع البشر!! لماذا؟ السبب "الواسطة البشرية"!! ونفس الواسطة البشرية، كانت مذكورة في الصورة الأولى، وكان دورها (ثاني)، والإرادة الإلهية مهيمنة عليها!! فالسبب الحقيقي أن د. النعيم يريد هذا!! فكما ذكرنا ونكرر، د. النعيم فقط يقرر كسلطة!! المهم في المشهد الثاني، أبعد الدين بصورةٍ نهائية، على اعتبار أنه صناعة بشرية، وعلماني.. وعلماني تعني ضمن ما تعني، أنه مجرد شيء عقلي، ويتعلق فقط بالدنيا.. وفي النص، وكد د. النعيم المعنى الذي يريده، بصورةٍ لا يمكن معها تحريفه.. فالدين صناعة بشرية وعلماني، بنفس القدر الذي به الثقافة علمانية ومن صنع البشر.. ولمزيد من التوكيد جاء قوله عن الدين والثقافة: "كلاهما يمكن إعادة صنعهما من قبل البشر"!! وعملياً د. النعيم أعاد صناعة الإسلام كدين.. فإسلامه يمكن ان يسمى إسلام د. النعيم الذاتي.. وهو شخصياً يسميه كذلك!! الوحي في المشهد الثاني: رأينا في المشهد الأول، الوحي يقوم عليه كل شيء، " أياً كان العالم الآن، فهو خلق الله، وبالتالي هو جزء لا يتجزأ من الوحي. لهذا: الوحي ليس فقط في الكتب السماوية، الوحي في حياتنا".. أما في المشهد الثاني، فالدين نفسه صناعة بشرية وعلماني.. أما الوحي، فلنبدأ بالهرطقات الأقل تطرفاً.. يقول د. النعيم: " الإسلام أنزل للناس (هدى للناس)، إذن لا يوجد نص ديني موحى من الله، بصورة صرفة.. النص لا يوجد في فراغ.. هنالك دائماً عملية تصفية بين المقدس وغير المقدس" ح2 نص رقم (39).. ثم مرحلة ثانية يقول: " ليس هناك نص مقدس، نحن نتكلم عن القدسية، وعن القرآن منزل، ولكن عندما يدخل القرآن العقل والتجربة البشرية ما عاد نص مقدس" ح2 نص رقم (41).. ويقول: "سوف أواصل لأحاول إعطاءكم فكرة عما يعنيه القرآن بالنسبة لي، وأوضح وجهة نظري التي أقول بها أن القرآن ليس مصدراً للتشريع، ولا للشريعة..".."إن الفكرة التي تقول أن القرآن هو المصدر المباشر أو الأساسي للتشريع، إنما هي فكرة مضللة وغامضة، وتسبب إشكالية حقيقية".. "الشريعة ليست منزلة من الله.. لقد كانت عملاً بشرياً، وستظل دائماً كذلك!! علينا في الواقع أن لا ننكر هذه الحقيقة، نظراً لأن الإنكار لا يجدي، بل يناقض الحقائق الثابتة في تاريخ الإسلام".. (المسلمون يتجهون إلى الاعتقاد بأن أحكام الشريعة منزلة من الله كقانون، وأنها معرفة ومحددة، وتحوي مفاهيم محددة، وبالتالي ينبغي تطبيقها بوصفها حكم الله. وما أراه أنا: أن هذا الاعتقاد هو مصدر المشاكل، والنفاق، والمعايير المزدوجة التي نعيشها اليوم.. أعني نعيشها نحن، المسلمين، ولستم أنتم جميعكم الحضور هنا).. راجع أقوال د. النعيم في هذا الصدد، وهي كثيرة.. ولكن النص الجامع هو قوله: "فكل ما يدخل في فهم البشر وتجربتهم ليس منزلاً من الله".. وهذا ينفي الوحي الإلهي بصورةٍ نهائية، تشمل الماضي والحاضر والمستقبل.. فلا مجال للوحي، إلا من خلال العقول، ومن أجل التجربة البشرية. ماذا عن الله نفسه!؟ يقول د. النعيم: "أنا لا أفكر في سبب إيماني بالله. هذا الموضوع لا يهمني إطلاقا. بل أنا لا أفكر فيه حتى. ولا أهتم أن أوضح أسبابا لذلك. أنا لا أحتاجه، لأدافع عنه أمام أي شخص، وبالمناسبة هذا هو السبب الذي قادني إلى قناعتي السياسية بوجوب تطبيق الدولة العلمانية" ويقول: "لأكون واضحا، أنا لا أهتم كثيرا بأن أقنع الناس الذين لا يؤمنون بالله، بأن الله موجود.. هذا ليس واجبي. بالنسبة لي شخصيا، هذا الأمر ليس من أولوياتي. أنا لا أهتم إن أصبح كل العالم مسلمين، أو ظلوا مسيحيين. بالنسبة لي هذا الموضوع غير مهم" خلاصة تصور د. النعيم لله، وعقيدته فيه، تجيء من قوله: "ولكن الأمر فيما يخصني هو أن هذا هو موقفي! وهذه بالطبع هي عقيدتي في كيفية حدوث الأشياء في الكون. فأنا لا أعتقد أن الله يفعل الأشياء في هذا الكون بطريقة متجاوزة للوجود المادي أو خارقة للطبيعة. إن الله يفعل في الوجود عبر الواسطة البشرية.. فالبشر هم الذي يتصرفون ويتخذون المواقف.. إننا نحن البشر من نفعل أو نفشل في الفعل.." ح2 نص رقم (5).. فالله عنده لا "يفعل الأشياء في هذا الكون بطريقة متجاوزة للوجود المادي أو خارقة للطبيعة"!!..هل يمكن أن يكون هذاعقل!؟ كيف يكون إلهاً، وتسيطر عليه القوانين التي صنعها!؟ إلهك هذا، أقل من البشر!! فالبشر يستطيعون عن طريق العلم، وعن طريق الدين، تجاوز قوانين الطبيعة.. واضح أن ثقافة د. النعيم العلمية، توقفت عند القرن التاسع عشر، وربما قبله.. هل يعلم د. النعيم أن قوانين الطبيعة هذه، في وقت من الأوقات لم تكن موجودة أساساً!؟ وأن الحتمية السببية، تجاوزها العلم، منذ زمن.. قوانين الطبيعة لم تعد تعتبر بالضرورة تؤدي إلى النتائج المنتظرة منها.. أصبح علمياً، يقال عن السببية أنها: احتمال احصائي!! أكثر من ذلك، هل يعلم د. النعيم، أنه علمياً، لم يعد هنالك قوانين طبيعة بالمعنى الذي يتحدث عنه!؟ يا دكتور القانون أي قانون علمي، أصبح يعتبر فرضية تمَّ إثباتها، وهي قابلة للتغيير في أي وقت.. أصبح من مسلمات العلم، أن العلم لم يقل الكلمة النهائية في أي شيء، ولن يأتي أي وقت يقول فيه هذه الكلمة النهائية!! أما المادية بالذات، فقد تجاوزها العلم بصورةٍ قاطعة.. ليست هنالك مادة، إلا في أوهام الحواس والعقول.. هذا ثبت منذ نسبية اينشتاين، ووكدته نظرية الانفجار العظيم (BIG BANG) بصورةٍ قاطعة.. وقوانين الطبيعة جميعها، بدأت بعد الانفجار.. هل تعلم أنه قبل حوالي 13,7 بليون سنة ـ عمر الكون ـ كان هنالك يوم لا أمس له!؟ وأنه في هذا التاريخ، حسب العلماء، ولد كوننا هذا.. ماذا يقول العلم عن "المفردة"!؟ المفردة هي الأصل الذي نشأ عنه الكون، بعد الانفجار العظيم.. وهي نقطة لا متناهية في الصغر، منها نشأ كل كوننا.. في هذه المفردة، كان حجم الكون يساوي صفر!! وهو لا يخضع لأي قانون من قوانين الطبيعة التي عرفت فيما بعد، بما فيها الثوابت.. فمثلاً، كانت حرارة الكون تتجاوز ثابت بلانك.. ومع بداية تمدد الكون، كانت سرعة تمدده تتجاوز سرعة الضوء بمليار مرة.. وسرعة الضوء تعتبر من الثوابت ولا يمكن علمياً تجاوزها!! أنك خارج التاريخ يا دكتور!! فالماديون والملاحدة اعادوا النظر في مواقفهم، بسبب تطور العلم المادي نفسه!! نشرت مجلة تايم الأمريكية عام 2004م عن أكبر ملحد عرفه القرن العشرين، وهو السير أنتوني فلو الذي انتقل من الإلحاد إلى الإيمان، بسبب العلم في ثوبه الجديد.. فقالت المجلة في تقريرها: "على رأس الاكتشافات المبهرة في العصر الحديث يأتي اكتشاف أن هنالك إلهاَ"!!. وقد تراجع العلم تراجعاً كبيراً، عن حديثه عن "الصدفة" وأصبحت نظرية "التصميم الذكي" من أهم النظريات العلمية.. وهي نظرية فيها عودة كبيرة جداً إلى الدين.. أن أسسك التي ترفض بها الدين، تجاوزها العصر تماماً، ومن منطلقات علمية.. فليست الفكرة الجمهورية "بدائية ومتخلفة"، كما تزعم، وإنما تفكيرك أنت هو البدائي والمتخلف.. فكل تطورات المعرفة في العصر، وفي مختلف المجالات تؤكد الفكرة، وتؤكد دقتها، وبعد نظرها، بصورةٍ مدهشة للمتابع، يظهر بصورة جلية، أن قول الأستاذ محمود في حديثه عن (غربة الجمهوريين) قد بدأ يتحقق بصورةٍ واسعة وجلية، ذلك القول الذي جاء فيه " الي الجمهوريين!! أنتم الغرباء اليوم ..أنتم غرباء الحق .. ولكن غربتكم لن تطول.. فاستمتعوا بها، من قبل أن تنظروا فلا تجدوا في الأرض الا داعياً بدعوتكم.. استمتعوا بها، فانه في وقت الغربة القرب من الله سريع ..استمتعوا بها، فالتصقوا بالله، واجعلوه أنيسها واجعلوه عوضا عن كل فائت .." هذا، مع ملاحظة، "داعياً بدعوتكم"، في هذه المرحلة، تعني يدعو بمعارفها، وقيمها، في مجال صاحب الدعوة، وليس بمعنى يدعو بالفكرة بصورةٍ مباشرة.. فأصحاب العلم، والاقتصاد، والسياسة، والأخلاق، جميعهم، أصبحوا يدعون بمفاهيم الفكرة، وقيمها، في مجالاتهم، إما كمعرفة، وإما كحاجة وتطلع، يقتضيه، بل ويفرضه الواقع الحضاري، وأي دعوة، لا تنطلق من الواقع الحضاري ـ طاقاته ومؤهلاته ـ دعوة لا قيمة لها، ولا تستحق أن ينظر فيها مجرد النظر. لا بد أن د. النعيم قد سمع بقول الله تعالى: " قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ".. فالله تعالى هنا فعل الأشياء "بطريقة متجاوزة للوجود المادي، وخارقة للطبيعة".. فالنار حسب الوجود المادي، والطبيعة التي يعرفها عنها البشر، تحرق!! ولكن بأمر الله تعالى، تحولت طبيعتها إلى ما هو عكسها، فبدل الإحراق، صارت برداً وسلاماً!!. قوانين الطبيعة ترجع إلى قانون واحد، مهيمن عليها جميعاً هو (القانون الطبيعي) وهو الإرادة الإلهية، وهذا ما حاولت أنت أن تتنكر له، في أحد ردودك، وتجعله قاصراً على المسيحية فقط، وهو قطعاً ليس كذلك، كما أنك قطعاً تعلم صحة الأمر، لأنه موجود في كتاب "الرسالة الثانية".. أن عقيدتك في الله، شديدة الفساد، وإلى فسادها ترجع كل مفارقاتك الخطيرة جداً، وذلك لأن فسادها خطير جداً، ويصادم البداهة، خلي عنك الدين.. فمن بدائه الأمور، ألا يخضع الإله لخلقه.. وهذا ما أنت تعلمه، وذكرته في المشهد الأول، ولكنك ذكرته لتبني عليه نتائج خاطئة، وشريرة.. وأنت هنا تناقضه، أيضاً لتصل إلى نتائج خاطئة وشريرة.. أن قولك الذي جاء فيه: "بصورةٍ أساسية أود أن أختم بما يلي: أن واسطتنا البشرية، ومسؤليتنا كبشر، هي الفاعل الوحيد والحاسم".. قول شديد البطلان، ليس فقط من وجهة نظر الدين، ولكن بحكم الواقع، ومن وجهة نظر البداهة العقلية. عند د. النعيم الله نفسه يتغير، عندما يدخل عقل وتجربة البشر!! اسمعه يقول: "ليس هناك من سبيل لفهم ومعرفة الله إلا من خلال الواسطة البشرية. ولكن الله لا يبقى هو الله عندما يدخل في عقل وتجربة البشر، وهو أيضاً لا يكون ذا صلة بنا إلا إذا دخل في فهمنا وتجربتنا البشرية. وهذا ما أقصده أنا عندما أتحدث عن (المفارقة أو العبارة الموهمة للتناقض ـ paradox)!!.. وهكذا، الناس يبحثون عن اليقين في العصمة الإلهية، والثابت الوجودي الواحد، ولكن الطريق الوحيد الذي يمكننا عبره تحقيق ذلك، هو عبر لا عصمة البشر وقصورهم، وعليه، اعتقد أن ذلك هو بصورة كبيرة ما كان لوك يتحدث عنه عندما تحدث عن القديم في الحادث.. وأياً كان الحادث في أي نقطة من التاريخ الإسلامي، فأن الأمر كان دائماً صراع بين مثال العصمة، وواقع اللا عصمة والقصور".. عبارة "ولكن الله لا يبقى هو الله عندما يدخل في عقل وتجربة البشر" تعني أن الله نفسه يتغير عندما يدخل عقل وتجربة البشر، فلا "يبقى هو الله"!! هذا ما تفيده العبارة، ويفيده استشهاده بعبارة لوك، التي يعتبرها في معنى قوله، والعبارة هي "القديم في الحادث"!! وبالطبع حسب التوحيد، من المستحيل أن يكون "القديم في الحادث".. حتى من المستحيل أن يدرك الحادث القديم، لأن القديم مطلق والحادث محدود!! ولكن علينا أن نتذكر أن الله عند د. النعيم محدود!! فهو لا يعمل بصورة تخالف قوانين الطبيعة والمادة!! ويؤكد قول د. النعيم أيضاً قوله: "فأن الأمر كان دائماً صراعاً بين مثال العصمة، وواقع اللا عصمة".. وكما هو وارد في النص، العصمة المقصود بها "العصمة الإلهية".. وهي عند د. النعيم "مثال" وليست واقعاً، بدليل أنه وصفها مقابل "واقع اللا عصمة والقصور".. وجعل د. النعيم العلاقة بين العصمة ـ الله ـ واللا عصمة ـ البشر ـ علاقة صراع!! فعنده "أن الأمر كان دائماً صراعاً" ـ أنظر النص ـ وحسب التوحيد، هذا باطل فاضح، لا يجوز على طفل.. فالله تعالى لا يكون في صراع مع البشر، أو أي من خلقه، وذلك لأنهم جميعاً تجسيد لإرادته، وليسوا أغياراً.. يجب ملاحظة أن د. النعيم في النص، يتحدث عن الله نفسه، وليس عن فهم البشر لله، فعبارته "ولكن الله لا يبقى هو الله" فكما كان الدين عنده، صناعة بشرية، يصبح الله بالضرورة صناعة بشرية، ويمكن إعادة صناعته ضمن إعادة صناعة الدين!! وموقف د. النعيم من الله، لم يقف عند هذا الحد.. بل ذهب أبعد من ذلك.. فهو ينكر أشياء، وردت في القرآن، بصورةٍ يعرفها كل مسلم.. ينكر نص الآية، وهي موجودة في القرآن، ويقول أنها لم ترد في القرآن!! مثلاً يقول د. النعيم: "القرآن دائماً يخاطب الفرد المسلم والجماعة المسلمة، ولا يخاطب مؤسسة أو هيئة يمكن وصفها بأنها الدولة، ولا يستقيم من الناحية المنطقية أن يخاطب القرآن غير الانسان المكلف شرعاً" الاسلام وعلمانية الدولة ص 419.. أولاً القرآن فعلاً، يخاطب غير الإنسان المكلف شرعاً، ونار إبراهيم مثال لذلك، والأمثلة في القرآن عديدة.. وهذا أمر لا يمكن أن يغيب في الأوضاع الطبيعية عن أي مسلم.. وهو يتعلق بخبر، أما صادق أو كاذب.. وكذبه واضح جداً.. وعبارة "الإنسان المكلف شرعاً" من نص د. النعيم، عبارة وضعت للجدل فقط.. فكل طرح د. النعيم يقوم على أساس أنه لا يوجد تكليف شرعي من الله.. فالقرآن صناعة بشرية، والشريعة بشرية.. ويجب ألا نرجع إلى المرجعية الدينية... إلى آخر هرطقاته. د. النعيم في معاداته للإسلام، يذهب إلى أن الخطأ في الإسلام، وليس في المسلمين.. فهو يقول: "هنالك جدل واسع بين المسلمين الذين أصروا ويصرون، في الماضي والحاضر على أن فشل المسلمين في المعيشة وفق المثل العليا للإسلام، لا يجب أن يتخذ ببساطة مؤشراً إلى أن المشكلة في الإسلام نفسه.. ومن جانبي لا أقبل هذا الدفع".. ويقول في نصٍ آخر: "لقد أصابني الارتباك والتشويش نتيجة إدراكي المتزايد أن المشكلة تكمن في الإسلام نفسه، وليس في قانونه، المتمثل في الشريعة".. ح2 نص(3) فعنده الفشل في الإسلام نفسه!!.. ومن نماذج ما ينكره د. النعيم لما هو وارد في القرآن، قوله مثلاً: "بالمناسبة مفهوم جريمة الحد نفسه، مفهوم صاغه وابتدعه الفقهاء.. وليس هنالك أي ذكر لهذا المفهوم في القرآن" وقوله عن الناسخ والمنسوخ الذي يجيء فيه: "إن النسخ الذي حدث كان خياراً إتخذه الفقهاء الشرعيون والقضاة.. لا يوجد نص في القرآن يقرر النسخ".. وقوله عن المواريث: "أي رأي في الميراث فيما يسمى بالشريعة الإسلامية، هو رأي بني آدم!! رأي بشر!! في فهمو لي نصوص موجودة.. أي نصوص تُحكم، أو لا تُحكم، تُستبعد أو لا تُستبعد، تُقيد أو تُوسع، كل هذه المسائل صدرت عن اجتهاد بشري.. مافي شريعة إسلامية منزّلة فيما يتعلق بالميراث، متفق عليها، صادرة من مصادر إسلامية، وليس أي مصادر أخرى.. قايمة على ممارسة، قايمة على الأعراف المحلية.. قايمة على كدا".. فحتى لو كان القرآن صناعة بشرية، كما يزعم، لا مجال لإنكار ما أنكره د. النعيم، من آيات وردت فيه!! هل يمكن أن يكون الإنسان الذي يكذب بهذه الصورة المكشوفة، أنساناً طبيعياً!؟ عداوة د. النعيم للإسلام، تذهب حتى أبعد من هذا.. فهو يزعم أنه أساساً، لا يوجد شيء متماسك اسمه الإسلام.. ويتحدى من يستطيع أن يعرف الإسلام، فيقول: "أصر وأؤكد أنه لا أحد _مسلم أو غير مسلم_ يمكنه أن يعرّف بصورة محددة، وشاملة، الإسلام".. ويقول: "بعبارة أخرى كل من يحاول تقديم (فرضية التوافق) إنما هو يدّعي أنه يعْرف، بصورة محددة وشاملة، ماهية الاسلام"!! ح 2 نص رقم(2).. ولكنك أنت نفسك عرفت الإسلام وقلت: "الإسلام هو التسليم للإرادة الإلهية".. وكنت تفيد أن هذا تعريف محدد وشامل!! وبسبب عداوة د. النعيم الشديدة، للإسلام، يقرر: " في الحقيقة ما في فهم ديني موضوعي، كل فهم ديني فردي.. ما في رأي ديني موضوعي.. أي رأي ديني ذاتي" ح1 نص رقم(1).. د. النعيم يدعو بوضوح إلى ترك المرجعية الدينية، والمنطق الديني، والأخذ بما يسميه (المنطق المدني).. حتى بالنسبة للحلال والحرام هو يقول: "فيما يخص هذا الموضوع، وهذا هو الموقف الذي أتبناه وأقدمه في هذا الكتاب، وهو أني أريد أن أقول إن أي سياسة عامة أو تشريع عام لا يمكن تبنيه بالرجوع إلى المرجعية الدينية. ومعنى ذلك أنك إذا أردت أن تمنع العلاقات الجنسية المثلية، بين الأفراد من الجنس الواحد، لا يمكنك أن تفعل ذلك بسبب أنها حرام، وتقول للناس لا يمكنكم أن تفعلوا ذلك لأنها خطيئة من وجهة نظر الدين" ح2 نص(31).. لاحظ "لا يمكن تبنيه بالرجوع للمرجعية الدينية".. "لا يمكن أن تفعل ذلك بسبب أنها حرام" لماذا؟ هو دائماً كما ذكرنا، لا يورد أي تسبيب لتقريراته الخطيرة.. ويقول: "نقطتي هي أن أي مسألة تتعلق بسياسة الدولة، سواء كانت تشريعا أو سياسة، يجب أن تتم عبر المنطق المدني، وليس من أي منظور ديني أو مرجعية دينية. مثلا، موضوع الحدود، وأنا أعارض أيضا فرض الحدود من قبل الدولة، فسواء كان الموضوع يتعلق بالحدود أو العلاقات الجنسية، أو أي موضوع آخر، يجب علينا أن نناقش الموضوع ونضع أسباب تكون قابلة للنقاش أو القبول دون أي مرجعية للدين أو العقيدة الدينية" ح2 نص(32).. ما هو هذا المنطق المدني، الذي علينا أن نترك له الدين، والتفكير الديني!؟ لا يوجد أي شيء اسمه المنطق المدني.. هو اختراع (نعيمي).. وحتى د. النعيم نفسه لا يقيم عليه، فهو يقول: "في ختام هذا القسم، أحب أن أعترف بأن مفهوم المنطق المدني عندي لا يزال مؤقتاً وفي طور النمو، واعتبر أنها علامة صحة أن لا أكون محصوراً في نظرة معينة. أو مفصلة لهذا المفهوم".. ح2 نص(33).. كما سبق أن ذكرنا، لا يوجد أي شيء أساسي يقرره د. النعيم إلا ويناقضه، بصورةٍ حادة.. نضيف هنا إلى ما سبق أن ذكرنا، موضوع (الإجماع).. فهو يقرر بصورةٍ مبدئية، أن البشر بحكم طبيعتهم، لا يمكن أن يتفقوا.. والمسلمين بالذات سيظل الخلاف بينهم، إلى يوم القيامة!! هو يقول: (الصراع الإنساني والاختلاف هي الصفة اللازمة للطبيعة البشرية، وستبقى كذلك حتى يوم القيامة).. (الاختلاف هو سنة الله سبحانه وتعالى في البشر، ولن ينتهي بحكم نصوص كثيرة في القرآن).. ح1 نص (73).. ويقول: (المسلمون كانوا دائماً على اختلاف وسيظلون دائماً على اختلاف) ح1 نص(74).. وفي تناقض حاد مع هذا يقول: "الإجماع هو أساس قبول القرآن والسنة".. " فإن القداسة التي يضفيها البعض على الكثير من الآراء المتعلقة بأحكام الشريعة قد أصبحت كذلك بحكم ما لاقته معظم هذه الآراء من إجماع من قبل المسلمين" ح1 نص(74).. ويقول: "الشرعية الثقافية خطوة أولى لتحقيق عالمية أصيلة، عبر إجماع حول تلك المفاهيم".. ويقول: "ليس هنالك ما يمنع أو يبطل تكوين إجماع جديد" الحديث عن الإجماع، يقودنا إلى الحديث عن الذاتية والنسبوية عند د. النعيم.. فد. النعيم يرفض وجود المجتمع، ووجود الإسلام، ووجود الإنسان، وكل ما يعتبره معنى (مجرد).. فعنده لا يوجد إسلام عام، وإنما هو الإسلام الفردي ـ الذاتي والنسبوي ـ فهو يقول مثلاً عن إسلامه: "عندما أقول ديني، وهو الإسلام، فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة، أو الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين، وإنما أتحدث عن الإسلام الشخصي. ذلك أنه بالنسبة لي الدين يجب أن يكون ذاتيا. لا يمكن له أبدا أن يكون غير ذاتي. لا يمكن للدين أبدا أن يكون غير التجربة الفردية والشخصية للإنسان" ح2 نص(9).. فالدين عنده لا يمكن أن يكون إلا ذاتياً!! لا يوجد دين عام.. وعنده كل الناس نسبويون، يقول د. النعيم: "أحب أن أعلن أن موقفي في ذلك هو أننا كلنا نسبويون.. ليس هناك أناس عالميون (كوكبيون)".. ح2 نص(11).. وبالطبع طالما أن الدين عنده ذاتي ونسبوي، فالأخلاق كذلك.. فكل إنسان يختار الأخلاق التي يراها، دون فرض أي أخلاق من الخارج.. فهو كما رأينا ضد (الخارج).. وهو يقول عن النسبوية الأخلاقية التي ينادي بها: " وباختصار فإن النسبوية الأخلاقية تعني أن (الأحكام تنبني على التجربة، والتجربة يفسرها كل شخص حسب تربيته أو تربيتها الثقافية" ح2 نص(12).. ومع ذلك هو يفضل الأخلاق الأمريكية، ويدعو لها.. كما يدعو لحقوق الإنسان بمفهومها الغربي، وبذلك يتناقض مع كل أقواله عن الذاتية والنسبوية. مع كل ما تقدم، اعتقد أنه لا داعي، لأن يحدثنا د. النعيم، عن رفع القداسة فهو قد قام بذلك عملياً.. ولكنه مع ذلك يحدثنا عن إتجاهاته لرفع القداسة عن كل شيء مقدس!! فهو يقول مثلاً: "أنا بسبيل رفع القداسة عن أي فكر أو عمل بشري..".. لا أدري ما مشكلة د. النعيم مع الفهم والفكر البشري، والتجربة البشرية.. فهو يعتبرهما مدنسان، ويدنسان كل ما يدخلهما. المشهد الثالث: في جميع الحالات، د. النعيم يعمل على نقض الدين بصورةٍ عامة، والإسلام بصورةٍ خاصة، والفكرة الجمهورية بصورةٍ أخص.. هذا هو الثابت في جميع نشاطه: في محاضراته في عمله الرسمي، كأستاذ جامعي.. وفي محاضراته العامة حول العالم.. وفي كتاباته.. وفي جميع هذا النشاط، السمة العامة لما يقول ويكتب، هي أنه يقرر قضاياه تقريراً، ولا يحاول إيجاد أسباب منطقية لتقريراته.. وفي الحالات النادرة التي يذكر فيها أسباباً لقراراته الخطيرة، تكون الأسباب نفسها، مجرد تقرير هي الأخرى، فمثلاً: هو يقرر أن العدل والمساواة ونصرة المستضعفين أمور مستحيلة، لماذا؟ لأن الطبيعة البشرية ترفضها.. لماذا وما هو الدليل؟ لأنني أنا "عبدالله أحمد النعيم" أقول ذلك!! ويقرر أن ما يدخل العقل البشري أو التجربة البشرية، لا يكون منزلاً من الله.. لماذا؟ لا تسبيب.. الدين علماني وصناعة بشرية!! لا تسبيب.. لا توجد دولة دينية، ولا يمكن أن توجد، والموضوع كله خطأ في المفهوم!! ما هو الخطأ في مفهوم الدولة الدينية؟ إجابته: لأن الدولة لا تستطيع أن تنوي وتؤدي الطقوس الدينية!! هل هذا مفهوم الدولة الدينية، عند من يتحدثون عنها!؟ هو لا يرد ويصر على تكرار مقولته.. قيل له في عبارة (دولة دينية)، كلمة دينية ليست صفة، وإنما هي نسب، يعني: دولة منسوبة للدين.. لا يهتم لمغالطته المنطقية هذه، ويواصل في قوله!!. وكل هذا ينطبق على موقفه من الأستاذ محمود، والفكرة الجمهورية.. هو يناقض جميع أساسيات الفكرة الجمهورية، ويبني على تقريرات من عنده، هي عكس ما تقول به الفكرة!! هو يزعم أن الفكرة الجمهورية، لا تدعو لدولة إسلامية، أو حتى لمجرد دولة، فعنده شريعة الإسلام، سواء في الأصول أو الفروع، لا يمكن أن تقنن.. ويزعم من عنده، ومخالفاً للواقع، أن الأستاذ محمود يقول أن الشريعة الإسلامية من صنع الفقهاء، وليست وحياً ...إلخ.. ومهما صححت له، وأوردت له الأقوال الصحيحة، من مصادرها، هذا لا يغير من مواقفه شيئاً!! حيلته الأساسية في نقض الفكرة الجمهورية تقوم على الخبث الشديد، بدل المواجهة الواضحة.. فهو يزعم أنه تلميذ للأستاذ محمود في كل أقواله!! فيقول مثلاً: "أنا تلميذ للأستاذ محمود محمد طه في جميع أحوالي، وفي كل ما أدعو إليه في أمور الحياة العامة".. وعملياً هو معروف في كل الأماكن التي له بها نشاط، بأنه تلميذ للأستاذ محمود.. ويكاد يكون كل الذين يستمعون له، أو يقرأون له، يعتبرونه يعبر عن أفكار أستاذه، وهذا ينطبق بصورةٍ خاصة، على المناطق التي يمارس فيها نشاطه، وليس لأهلها معرفة بالأستاذ محمود ودعوته، ومعظمهم لم يسمعها إلا منه.. وحتى في السودان نفسه، وحتى الجمهوريون أنفسهم، لم تتكشف لهم حقيقة موقفه، إلا بعد عام 2008م.. وظهر لنا، أنه لم يكتف بتشويه الفكرة فقط، بنشر أفكاراً مناقضة لجميع أساسياتها، وإنما هو ينقضها نقضاً مباشراً. على كلٍ، كل نقض للدين هو نقض للفكرة الجمهورية بالذات.. فهي المستهدف الأساسي. لقد سبق أن أوردنا له، في المشهد الأول قوله عن دعوة الأستاذ محمود: " النقطة التي أود أن أؤكدها هنا، هي أن النموذج الذي قدمه الأستاذ محمود كان بدائيا ومتخلفا، بالنسبة لي".. ما هو الدليل على أنها متخلفة وبدائية!؟ هو فقط يقرر كالعادة، ولا يورد أي دليل، ولا حتى يبين من أي الوجوه هي متخلفة وبدائية.. بالطبع الزعم بأنها أعظم من الشعب السوداني، ليس دليل على بدائيتها، وإنما هو فقط بإيراده يريد أن يسيء للشعب السوداني، كالعادة أيضاً، ويشير ضمناً، أن الدعوة المتقدمة، لا تأتي من شعب متخلف. وبالطبع عندما يزعم إنسان أنه يتتلمذ على دعوة، ويصف هذه الدعوة بأنها متخلفة وبدائية، النتيجة المنطقية، أنه هو مثل الدعوة التي ينتمي لها، متخلف وبدائي!! ولكن د. النعيم مطمئن تماماً، أن من يعمل لمصلحتهم، لا يفهمون الأمور بهذه الصورة.. فهم من حدد له هذا الدور: أن ينقض الفكرة الجمهورية، من داخلها، وباسم الإنتماء لها.. فد. النعيم لا بد أن ينقض الفكرة، وفي نفس الوقت لا بد أن يظهر بأنه تلميذ للأستاذ محمود.. فهذه هي طبيعة الدور الذي حدده له من يوظفونه.. فهو لا يستطيع أن ينقض الفكرة من الخارج، كمعارض لها.. وفي نقضه الفكرة لا يستطيع إلا أن يزعم أنه تلميذ للأستاذ محمود.. فالدور محدد جداً: أحد أبناء المسلمين يقوم بنقض الإسلام من داخله، وينقض الفكرة الجمهورية من داخلها.. ودور من يقومون في توظيفه في هذا العمل هو: توفير المال والتسهيلات المطلوبة، وتلميعه والدعاية له، كمفكر إسلامي كبير!! فأمريكا كما تصنع كل شيء، هي أيضاً تصنع المفكرين، وتصنع لهم أفكارهم، وهذا أمرٌ ظل يجري منذ ايام الحرب الباردة، وإلى اليوم.. راجع كتاب "فرانسيس ستونور سونديرز: من الذي دفع الثمن؟ : وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والحرب الباردة الثقافية : الوثائق السرية" ترجمة أسامة أسبر.. نشر (دار الطليعة الجديدة). كما أن د. النعيم يكذب الكذب الفاضح، الذي رأينا صوراً منه، فيزعم مثلاً، أن القرآن لا يتضمن أي نص عن مفهوم الحدود، ولا نص عن الناسخ والمنسوخ، ولا المواريث، كذلك يفعل مع الأستاذ محمود ودعوته، ويزعم مثلاً: "أخيرا، يجب أن أقرر إنه بالرغم من أن منهج طه به قصور، إلا أنني أعتقد أنه يمكن على الأقل أن يكون مفيدا كإطار أولي لحوار داخلي، يمكن أن يستمر لإيجاد مناهج إصلاح إسلامي أخرى تتمّم ، أو تحل محل ، منهج طه!!".. إن ما يتمم الفكرة، إذا فرضنا جدلاً أنها ناقصة، لا بد أن يكون من جنسها ـ دين.. ودعوة د. النعيم كلها نقض للدين، وعمل لصرف الناس عنه.. وكذلك الحال بالنسبة لبديل الفكرة، فهو أيضاً يجب أن يكون من الدين، وإلا فلا معنى للقول بأنه بديل للفكرة، وهي فكرة دينية.. د. النعيم، عملياً لم يناقش أحداً، لتعديل الفكرة أو إيجاد البديل لها ولا ما يقدمه هو بديل الفكرة.. هو في الواقع لا يقدم أي شيء.. لا يوجد عنده أي ثبات في المحتوى ولا في المنهج.. هو فقط موظف لنقض الفكرة، لا لتعديلها، ولا لإيجاد البديل لها، بل النقض وفقط النقض!! ولا شيء خلاف ذلك.. ومن يقول أنه يؤيد د. النعيم في العلمانية، قوله هذا لا يعني شيئاً أكثر، ولا أقل، من القول بأنه يؤيده في نقض الإسلام، والفكرة الجمهورية.. فد. النعيم ليس صاحب رؤية علمانية معينة.. فهو مثلاً عندما تحدث عن البراغماتية، أو عن التفكيك، هو يتحدث عنهما فقط، كوسائل لتحقيق غرضه، في نقض الدين.. فهو ليست له أي فكرة محددة، خارج ما ذكرناه.. هو ليس مفكراً، بأي صورة من الصور.. هو موظف فقط!! وله دور معين لا يتعداه!! هو يزعم أنه يدعو للمنطق المدني، كبديل للمنطق الديني.. وهذه مجرد كلمات ليست لها أي دلالة.. وبعد هدم كل أساسيات الدين، ومقومات الأخلاق، جاء ليقول أن: " مفهوم المنطق المدني عنده لا يزال مؤقتاً وفي طور النمو"!!.. لا يمكن أن يكون هنالك فكر عند إنسان مستهتر إلى هذا الحد!!.. هكذا!! منهج الأستاذ محمود القاصر، والبدائي المتخلف، بديله (المنطق المدني) الغير موجود!! نقدنا لد. النعيم، ليس نقداً للعلمانية، ولا للمفكرين العلمانيين، فد. النعيم كما ذكرنا ليس مفكراً، لا علمانياً ولا غير علماني.. كما يوجد عدد كبير، من المفكرين العلمانيين الجادين الأحرار، الذين مهما اختلفت معهم، لا تملك إلا أن تحترمهم، حتى لو كانوا ضد الدين.. وذلك لأنهم طلاب حق، وصادقين في مواقفهم الفكرية.. ولأن العدد ضخم جداً، فأنني اكتفي بذكر نموذجين، ممن أطلعت على أعمالهم، وهما نعوم تشومسكي وإريك فروم.. فكلا المفكرين، يمكن أن تطلع على أي كتاب صدر عن أحدهما، وأنت تطمئن أنك ستجد دراسة عميقة وجادة وصادقة، لا تملك إلا أن تحترمها، ولو اختلفت معها.. وعلى الرغم من أن إريك فروم علماني، إلا أنه يقول بضرورة الدين، فهو يقول: "أنني أعرف الدين بأنه أي مذهب للفكر والعمل تشترك فيه جماعة ما، ويعطي الفرد، إطاراً للتوجيه، وموضعاً للعبادة".. ثم يقول: "لا توجد بكل تأكيد حضارة في الماضي، ويبدو أنه لا يمكن أن توجد حضارةٌ في المستقبل، دون أن يكون لها دين بهذا المعنى الواسع الذي يذهب إليه تعريفنا. ومهما يكن من أمر، فلسنا بحاجة للوقوف عند هذه العبارة الوصفية وحدها. ذلك أن دراسة الإنسان تسمح لنا بإدراك أن الحاجة إلى مذهب مشترك للتوجيه وإلى موضوع العبادة. هذه الحاجة تضرب بجذورها عميقاً في أحوال الوجود الإنساني".. ويقول أيضاً: "وما قلته عن نزعة الإنسان المثالية يصدق أيضاً على حاجته الدينية. فلا وجود لإنسان بغير حاجة دينية، حاجة إلى أن يكون له إطار للتوجيه وموضوع للعبادة، بيد أن هذا القول لا يخبرنا بشيء عن سياق خاص، تتجلى فيه هذه الحاجة الدينية، فقد يعبد الإنسان الحيوانات أو الأشجار أو الأصنام من الذهب والحجارة، أو إلهاً غير منظور، أو إنساناً مقدساً، أو زعماء شياطين، وربما عبد أسلافه، أو أمته، أو طبقته أو حزبه، أو المال أو النجاح، وقد يؤدي به دينه إلى تطوير روح الدمار أو الحب، إلى التسلط، أو الإخاء، أو ربما ضاعف من قوة عقله، أو أصابها بالشلل وقد يدرك أن مذهبه مذهب ديني، يختلف عن المذاهب الدنيوية، أو قد يظن أنه لا يملك ديناً، وأن تكريس نفسه لأهداف دنيوية مزعومة كالقوة أو المال أو النجاح، ليس شيئاً سوى اهتمامه بالعملي والنافع، والمسألة ليست (ديناً أو لا دين) بل (أي نوع من الدين)، هل هو من النوع الذي يساعد على تطور الإنسان، وعلى الكشف عن قواه الإنسانية الخاصة به كإنسان، أم هو من النوع الذي يصيب القوة بالشلل".. وحتى فوكياما، المتعصب للحضارة الغربية، يقول في نقدها: "ومن ثم فإن تجاربنا في القرن العشرين، قد أثارت مشكلة ضخمة حول دعوى التقدم على أساس من العلم والتكنلوجيا. ذلك أن قدرة التكنلوجيا على الإرتقاء بالحياة البشرية تتوقف بشكل حاسم على حدوث تقدم موازٍ في أخلاق البشر. إذ أنه بدون هذا التقدم الثاني يمكن القول بأن قوة التكنلوجيا ستستخدم بكل بساطة لتحقيق أهداف شريرة، وستتدهور أحوال الإنسانية عما كانت عليه من قبل". وقد وصلت الجرأة والوقاحة، بد. النعيم أن يصف الأستاذ محمود بالكذب والعبث، والتضليل، بصورةٍ مباشرة، لا لأي شيء إلا لأن الأستاذ محمود يدعو لدولة إسلامية!! هو يكذب على الأستاذ محمود كذباً مفضوحاً، كما ذكرنا مثل قوله: "فكرته، أو نظريته، كانت مؤسسة على القول بأن الشريعة هي فهم بشري للإسلام، وبوصفها فهم بشري للإسلام يجب أن تتطور مع تطور المجتمعات".. وبالطبع هذه هي دعوة د. النعيم، التي هي عكس دعوة الأستاذ محمود.. ومهما أوردت لد. النعيم، ما يبين باطل قوله، فأن هذا لا يغير شيئاً، وهو يصر على قوله مهما كان باطله.. فهو منذ البداية يعلم أنه باطل. لكل ذلك قلت، وأكرر: من يؤيد النعيم، لا يمكن أن يكون تأييده هذا من منطلق فكر.. لأن الفكر أساساً غائب في أقوال د. النعيم.. ومن المستحيل أن يكون من منطلق دين، لأن كل عمله هو نقض للدين.. ولا يمكن أن يكون، من أجل شخص د. النعيم ـ طائفية ـ مع أنه شكلاً يعتبر طائفية ـ لأن د. النعيم ليس زعيماً دينياً، ولا زعيماً سياسياً أو اجتماعياً، يمكن أن تنشأ من حوله طائفة.. فمن يؤيد د. النعيم، يؤيده قطعاً، لاعتبارات خارج هذه الاعتبارات المذكورة!! من الأسباب التي سيقت في رفض حزب الأستاذة أسماء محمود، الاختلاف في العقيدة، وهو أمر ليست له أي علاقة بالأحزاب والديمقراطية.. وقد كتب (الأخوان الجمهوريون) منذ زمن طويل، كتاباً، يبينون فيه فساد عقيدة زعيم الأخوان المسلمين، وبعض زعماء الأحزاب السياسية القائمة الآن.. وكانت كتابة فكرية دينية.. وأنا هنا لا أريد أن أذكر عقائد الأحزاب المصدق لها، لأن المبدأ نفسه خطأ، ومفارقة جوهرية للديمقراطية، وتجاوز خطير للحريات الأساسية، وهو أمر ليس يغيب على نظام الأنقاذ. ما أريد أن أقوله هنا، هو أن كتب الأستاذ محمود ممنوعة في السودان، دون غيره من بلدان العالم.. ولكن كتب د. النعيم مسموح بها.. وفي جميع المعارض هي متوفرة!! وفي معرض (الكتاب السوداني المصري) الأخير في شهر مايو 2014م، عُرض كتاب د. النعيم (الإسلام وعلمانية الدولة) وفي التعريف بالكتاب قيل: "دراسة تؤكد إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية في المجتمعات العلمانية"!! أنظر إلى مدى هذا التضليل!! هذا مع أن د. النعيم، في نفس الكتاب يقول أن الخلل في الإسلام نفسه!! في شهر مايو الماضي قال أحدهم لد. النعيم: "الله يكفيك شر الحساد"!! جرت العبارة في اتصال تلفوني، في منزل عزاء، لم يكن صاحب العبارة هو المخاطب بالاتصال، وإنما طلب من جانبه، أن يتحدث مع د. النعيم، ليقول عبارته.. ولقد مضى وقت طويل، كانت أقوال د. النعيم فيه مطروحة، ولم يدخل هذا الشخص في الحوار قط!! والعبارة تفيد أن د. النعيم، عند هذا الشخص، في نعمة يحسد عليها!! فالحسد بالطبع لا يكون إلا على النعمة.. لقد بينا بالأقوال المستفيضة، وعبر الزمن الطويل، أن وضع د. النعيم كارثة حقيقية، هي أسوأ كارثة.. ولقد سبق لي أن قلت، أن شخصاً ممتحن في صحته، بأن يكون مصاباً بسرطان في آخر أطواره، ودينه سليم، امتحانه دون امتحان د. النعيم بكثير جداً.. فلا توجد مصيبة على الإطلاق، أكبر من مصيبة الشخص في دينه.. ولا توجد مصيبة في الدين أكبر من مصيبة د. النعيم.. ولكن صاحب العبارة له رأي مناقض لقولي هذا!! هو يرى أن د. النعيم في نعمة يحسد عليها!! وهذا يعني ضمن ما يعني، أنه لا يحسد د. النعيم على النعمة التي هو فيها، وإنما يقبطه أي يتمنى أن ينال مثلها!! من المؤكد أن الميزان الذي أقيس به أنا الأمور، وميزان هذا الشخص مختلفان تماماً.. هما مختلفان إلى حد التناقض.. فما أراه أنا نهاية النغمة، يراه هو نعمة يحسد عليها صاحبها.. وبالطبع أنا أوضحت موقفي، وهو لم يفعل.. ولا زالت الفرصة أمامه ليفعل.. هل هو يرى كل مفارقات د. النعيم لأسس الدين، وقيم الأخلاق نعمة!؟ أم هو يرى أن ما أوردناه عنه، ليس مفارقة!؟ أم يرى أنه مفارقة، ولكن ما يناله مقابلها من دنيا، هو النعيم!؟ لا اعتقد أن هنالك احتمال، خلاف هذه الاحتمالات.. بالنسبة لي هذا الشخص، الآن، بقولته المذكورة، وضع نفسه من حيث الدين، مع د. النعيم، بتأييده وتشجيعه.. وعند البشر هو وضعه في ميزان القيم: قيم الفكر، وقيم الخلق. مع كل المفارقات في ميدان قيم الدين، والفكر، هذا الشخص صاحب مشكلة حقيقية، في الحس الإنساني.. هو دون شفقة، يشجع د. النعيم على أن يلقى الله، على ما هو عليه.. فد. النعيم، كبشر ليس في حساباته!! ليس أمام د. النعيم لينجو من عاقبة ما هو فيه من هلكة، سوى أن يتوب إلى ربه!! هذا هو السبيل الوحيد.. ومن يضلل د. النعيم، من المؤكد أنه لا يرجو له سوى الشر، ومثل هذا الإنسان، يمكن أن يكون من القاسية قلوبهم.. وهؤلاء هم أسوأ البشر، وقد توعدهم الله بالويل.. لا يؤيد د. النعيم إلا هالك، إلا من تتداركه رحمة ربه، فيرجع إليه تائباً، نادماً. بالنسبة لد. النعيم ليس لي هم سوى أن يتوب، قبل أن يلقى ربه.. أن يتوب الآن، فلا أحد يعرف متى يدركه الموت.. وهذا ما قلته كثيراً، وقبل وقت طويل.. فإذا كان هذا هو الحسد، عند صاحب العبارة.. فأعوذ بالله من عدم حسد صاحب العبارة.. وعباراتي هذه لا أقولها فقط عن نفسي، وإنما عن كل من وفقهم الله، فساهموا في بيان مفارقات د. النعيم وأنا لم أذكر صاحب العبارة، ولكنني أطلب منه، أن يكون صادقاً في عبارته ـ لا أن يرد على كل مفارقات د. النعيم ـ وإنما يبين للقرآء كيف يمكن أن تكون عبارات د. النعيم التالية من النعمة التي يحسد عليها: 1/ قول د. النعيم أن الدين صناعة بشرية علماني، وقوله: "فكل ما يدخل في فهم البشر وتجربتهم ليس منزلاً من الله" 2/ وقوله: "بالمناسبة مفهوم جريمة الحد نفسه، مفهوم صاغه وابتدعه الفقهاء.. وليس هنالك أي ذكر لهذا المفهوم في القرآن" 3/ وقوله عن الأستاذ محمود أنه عندما يدعو إلى الدولة الإسلامية، فهو يكذب ويعبث ... إلخ وقوله: " النقطة التي أود أن أؤكدها هنا، هي أن النموذج الذي قدمه الأستاذ محمود كان بدائيا ومتخلفا، بالنسبة لي".. وفي نفس المحادثة التي وردت فيها عبارة صاحب العبارة، طلب د. النعيم من أحد الأخوان، أن يبلغ الأخوان الجمهوريين أنه يطلب منهم العفو!! ونفس الطلب قاله لي د. النعيم، قبل عقد ونصف من الزمان أو يزيد!! ووقتها لم نكن قد اكتشفنا مفارقاته.. ولم يبين د. النعيم لي، ولا للأخ الأخير ما الذي أذنبه في حق الأخوان، ويريدهم أن يعفوا له عنه.. فإذا كان يقصد مفارقاته، التي نحن بصددها ـ وهذا هو الأرجح.. فهي ليست في حق الأخوان وحدهم، وعفوهم فيها لا يفيده شيئاً.. وهم لا يستطيعوا أن يعفوا عن حق غيرهم!! لقد طلبت من جانبي مراراً من الأخوان، أن يتوجهوا معه ليرجع إلى ربه، وقلت أن هذا هو سبيله الوحيد، الذي لا سبيل غيره.. والآن أكرر قولي هذا. الجرم كبير جداً، وفظيع.. هو في حق الله تعالى، وجميع رسله، بما فيهم سيد المرسلين، وفي حق جميع الأولياء والصالحين.. وفي حق الأستاذ محمود، وجميع الجمهوريين والجمهوريات، وعامة المسلمين.. وإذا لم يستشعر د. النعيم عظم جرمه، لن يرجع إلى الله، ويتوب عن ذنبه.. وللتوبة شروطها، وهو يعرفها: الإقلاع الفوري، والندم على ما فات، ونية عدم الرجعة إليه.. وكما يقول المعصوم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له.. والتائب من الذنب وهو مصر عليه كالمستهزئ بربه". والآن د. النعيم يمارس نفس عمله المفارق للدين.. فالأمر بيده هو وحده، في المكان الأول.. أنا لا يفوتني، أنه قد تكون هنالك صعوبة حقيقية، في أن ينفض يده عن الأمر كله، فمعلوم أن الرأسمالية، ووسائلها، لا يسمحان لمن يتورط معهم في الخروج.. فقواعد اللعبة عندهم، هي نفس قواعد اللعبة عند المافيا.. ولكن إذا كان الثمن، هو أن يُقتَل، فهو خير له مليون مرة من أن يستمر، في معاداة ربه!! فالموت لا بد أنه كائن في حينه، لكل إنسان، هذا أمر محسوم.. وعلى ذلك، يصبح الخيار، أما أن يلقى الله بما يغضبه، أو يلقى الله، وهو تائب إليه، لعله يقبله بواسع رحمته.. ولا يوجد أي خير آخر.. وينبغي ألا يخدع نفسه أكثر مما خدعها، بزعمه بأنه لا يوجد حساب ـ فالحساب من صنع البشر كما يزعم ـ فهو يعرف كذب زعمه هذا.. وعلى كلٍ الحساب الآن جاري!! أختم بأن أقول لصاحب الحسد: الحساد عانوا كثيراً، في أن يحولوا بينك، ومن هم على شاكلتك، وبين الوقوع في فتنة د. النعيم المهلكة، عظيمة الهلاك، وكانوا واضحين كل الوضوح.. ولم تكن أقوالهم سراً، وإنما في منابر عامة.. ولكن لا عصمة إلا لمن عصمة الله!! " وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً". نحن الآن على أبواب شهر رمضان، وهو شهر رحمة وغفران، فنرجوا أن يوفقنا الله، على صيامه وعلى قيامه.. وقبل ذلك، وفوق ذلك، نرجوا الله أن يوفقنا إلى مراجعة مواقفنا، مراجعةً دقيقة ومخلصة، وأن يوفقنا إلى اكتشاف أخطائنا وذنوبنا، وإلى الرجوع إليه بالتوبة النصوحة، التي نبدأ بها عهداً جديداً، في كمال العمل على الرضا به تعالى رباً، وأن يعيننا تعالى على العمل في إحسان أدب العبودية.. وأن نعمل بإخلاص، وجد، على التصافي وسلامة الصدور، وعلى الصدق والإخلاص، وعدم المجاملة في الحق.. فأنه نعم المولى ونعم النصير. حفظ الله الجميع خالد الحاج عبدالمحمود رفاعة 28-6-2014 يتبع ملحق بالحلقة الرابعة لأقوال د. عبد الله النعيم
|
|
|
|
|
|