|
الأزمة أزمة فهم ديني وليست أزمة مساجد أو ( المكان الثالث)!!
|
((إن في الصلاة ((الذكية)) لعلاجاً للأمراض العصبية ، والعقلية ، المتفشية اليوم.. إن فيها الصحة الداخلية ، والصحة الخارجية .. للعلماء ، والفنانين ، والمثقفين ، والأذكياء ، نقول : صلوا !! فإنكم بالصلاة أولى !! صلوا !! فإنكم بالصلاة تحرزون الحياة الكاملة ، المتمثلة في حياة الفكر ، وحياة الشعور .. ذلك لأن بالصلاة تتم وحدة الجسد ، والعقل ، والقلب.. صلوا !! )) الاستاذ محمود محمد طه ان أزمة الانسان المعاصر بغض النظر عن معتقده، أو موقعه الجغرافي علي وجه هذه البسيطة، لهي أزمة بحث عن الحقيقة.. لذلك نرى ان البشرية في حالة ضجيج داخلي وحيرة عظيمتين، في سبيل البحث عن قيمة إنسانية تمكنه من التواؤم بين معتقده وما عليه واقعه المعاش.. وهكذا تنتشر الظواهر الباحثة عن منافذ لتلك القيم وتتعدد أشكالها، وهي ظواهر بالرغم من قصورها! الا انها تبعث علي التفاؤل وإمكانية التوحد حول مدنية إنسانية تقوم علي دعائم السلام المشترك، واحترام حق الأفراد في حرية المعتقد والحياة الحرة الكريمة، من هذا الباب فان دعوة بعض شباب المسلمين حول أنحاء العالم اليوم، بإقامة (المكان الثالث)، كمقترحٍ بديلٍ للمساجد، لهي دعوة ذكية لشباب مسلم حائر، يعبر عن البحث عن حلول من داخل الدين الاسلامي بدل هجره، وهذه في حد ذاتها محمدة عظيمة، لان هجر الدين الاسلامي وترك ميدانه خالياً لرجال الدين يشرعون للناس الدين بحسب فهمهم المتخلف والقاصر ليس هو الحل!! بل هو هروب يدل علي عجز عن المواجهة وضعف المعرفة بالدين.. كما ان هجر الدين نحو العلمانية، التي عجزت عن استيعاب طاقات واحتياجات إنسانية اليوم، بدليل استشراء العنف والأمراض والتشوهات النفسية والقلق والضائقة الاقتصادية المتفاقمة، ايضا ليس هو الحل الشامل!الجذري! انما الحل يكمن في التشخيص الصحيح للمرض حتي تتم معالجته بوسائل صحاح ، ولتحقيق ذلك يجدر بنا ان نتساءل هل دعوة هؤلاء الشباب الأذكياء الثائرين علي القديم، بإقامة صروح للعبادة والصلاة بدل المساجد بحجة انها أصبحت عنواناً للتطرف والإرهاب الديني، واعتراضهم علي الاسس التي بنيت عليها، وما تضمنته من احتفاظها بالقديم ومفاهيم تقليدية تعبر عن هوية منشئ تلك المساجد ، وأنها شيدت بنفس القدر الذي انعكست فيه حضارات او تقاليد، الذين بنوا وأسسوا لبناية المساجد ، وبالمستوى الذي لايتيح لهؤلاء الشباب ان يجدوا فيه ذواتهم ويعكس أفكارهم الصحيحة للإسلام! بأضافة أوضاع النساء في المساجد الغير مناسبة، وانهن مضروب بينهم وبين الرجال حجاب، وموقعهن من المساجد التأخير وعدم المساواة بينهن والرجال وووو هل هذا هوالتشخيص الصحيح لقصور ومعايب المسجد؟!!وهل العلل الحقيقية في المساجد ام في معمري المساجد ؟! وما العاصم ( للمكان الثالث) !! من ان يتحول الي مساجد اخرى فقط بمسمي آخر؟!! بالرغم من اتفاقنا التام حول شجب تلك الظواهر السلبية ، ورفضها، والسعي لإيجاد بدائل لها، إلا ان ما ذكر هو عرض لمرض اكبر، وهو في حقيقة الامر التحدي الذي يواجه المسلمين عموما والأذكياء منهم خاصة ! ألا وهو البحث عن الفهم الديني الصحيح للإسلام، والاعتراف بان للمسلمين أنفسهم مشكلة، وأن المسلمين ليسوا كما يعتقدون "انهم بخير وأمة محمد ما زالت بخير" بل لابد من الاعتراف بان المسلمين اليوم لا علاقة لهم بالإسلام وأنهم مفارقون لطريق محمد صلي الله عليه وسلم والذي قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).. لذلك تجدر الإشارة الي أهمية الثورة الثقافية والتي من خلالها تتوجه هذه الطاقات الشبابية لكي تثور لتعمير وإحياء المساجد بالدين الصحيح والصلاة الصحيحة، وبأن تعيد هيبة تلك المساجد كما كانت في السابق، دور عبادة خالصه لله يجد فيها المسلمون السلم والأمان مع أنفسهم ومع من حولهم، وان تكون بؤر صلاح وعلم ودين ، وليست منابر للتفرقة والتأطير للخلافات الدينية والتطرف والإرهاب ونشر الكراهية والعنصرية، وأبواق للسلطان والحكومات وسياساتها الفاسدة كما درج وبرع الأئمة ورجال الدين في ذلك على مدى العصور!! ويتأتى ذلك برفع مستوى الفهم الديني بأن بيوت الله ، هي قلوب العباد، قوله تعالى في الحديث القدسي: ((ما وسعني أرضي ولا سمائي وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن)).. وان جميع ارض الله لهي مساجد ان هي عمرت بالسلام وطيب الكلام ، وكف الاذى واحتمال الاذى وتوصيل الخير للناس وان يتعامل الناس بينهم كأنهم قائمون في المساجد وفي حالة حضرة صلاة بالمساجد ، وذلك بدءاً بان يتخيروا أئمتهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعون)، وان يعلم المسلمون ان صلاتهم لهي أعز وأكرم من ان تهدر وراء الأئمة المهووسين والمتطرفين والذين لا تنعكس عبادتهم كريم أخلاق وخير وبر بين الناس! اما معضلة ارتياد النساء للمساجد ومطالبتهن بحقهن المتساوي في امر دينهن ، وان يكن مقدمات في الصلوات ، ومحفوظ لهن حق كرامتهن داخل المساجد وخارجها ، لا يمكن ان يتم ذلك الا بفهم تطوير التشريع! والذي بدوره يعين علي فهم الاختلاط في الاسلام، وان المجتمع المنفصل رجاله عن نسائه ليس أصلاً في الاسلام!! والحجاب ليس أصلاً في الاسلام !! وأن الأصل هو المساواة بين الرجال والنساء، ووضع النساء في أصول القرآن وفروعه، والتفريق بين مستوى الدين والشريعة، والتوعية بالفهم الديني والدعوة له، كما جاء الفهم في الفكرة الجمهورية. وتجدر الإشارة الي انه توجد دور عبادات للديانات الأخرى المختلفة مختلطة ومصممة بالصورة التي تكفل للمصلين اداء شعائرهم الدينية بالتساوي بين الرجال والنساء، متشاطرين في ذلك المقاعد الأمامية والمهام الدينية، كما فيها فرص التوافق مابين جميع الأجيال بتلك البلدان، بما في ذلك الشباب المقيمين والمهاجرين والأجيال التي تعاقبت، لكن بالرغم من ذلك تشابهت تلك الكنائس والمعابد، بالمساجد في انها مباني افتقرت للروح، وحلت العادة محل الفكر في إقامة العبادات فيها مما نتج عنه مفارقة واضحة مابين العبادة والمعاملة، والقول والفعل! وظهر بينهم الفساد الأخلاقي ، ومفارقتهم لتعاليم أديانهم السمحة، والتي احتكروها وسموا أنفسهم برجال الدين، ونصبوا أنفسهم وسائط بين الخالق والعباد، ألفوا السائد والقديم وما وجدوا عليه آبائهم الأولين!! مما جعل هؤلاء الشباب أنفسهم ، يزهدون في دور العبادة تلك ، لانها لا تلبي حاجتهم ، واتجهوا للبحث عن الحقيقة ، عن أنفسهم ومعرفتها والعيش في سلام وتصالح معها بعيدا عنها.. ولذلك تعددت الظواهر مابين المعتدل والمتطرف وتفاقمت أزمة الاخلاق العالمية .. ولا يوجد مخرج من هذه المتاهة الا باعلاء قيمة الفكر الحر الذي ينجب الافراد الأحرار المسئولين ، وذلك عن طريق الفهم الديني الصحيح المصحوب بالتربية ذات المنهاج الذي يخاطب العقل ويحترم آدمية الانسان.. بثينة تِرْوِس
|
|
|
|
|
|