مهمة السيد (أحمد البدوي) .. و مَحَليِّاتُ المتعة العميقة !/محمد رفعت الدومي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 09:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-13-2014, 12:34 PM

محمد رفعت الدومي
<aمحمد رفعت الدومي
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 112

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مهمة السيد (أحمد البدوي) .. و مَحَليِّاتُ المتعة العميقة !/محمد رفعت الدومي


    " سلمني الخفين ، وقال : احفظهما لي ، وبحق بتاح ، لقد انسل بالليل إلي الشمال ، ما معني ذهابه إلي الشمال من أجل اليوبيل ؟ "

    هذه رسالة بعث بها أحد عمال المقابر الفرعونية في " الأقصر " إلي أمه ، يشكو لها فيها من سخافة حارس المقبرة ، كان ذلك الحارس قد استودعه حذائه وسافر إلي الدلتا ، شمال مصر ، لحضور مهرجان " تجديد شباب الفرعون رمسيس الثاني"!

    هناك بالتأكيد لذهاب الحارس معني ، هو فقط يعرف ، عندما انسل بالليل إلي الشمال ، ما كان يدور وراء كواليس عقله ، لكن العامل الرقيق ، كان ينظر إلي ذهابه من زاويته الخاصة ، و يفكر فيه علي ضوء اهتماماته هو الشخصية ..

    و إن تهافت الجنوبيين المعاصرين علي الذهاب الموسميِّ إلي يوبيلات الدلتا الصوفية ، تكريماً لذكري ميلاد السيد " أحمد البدوي " ، مرتين في العام أحياناً ، و ميلاد السيد " إبراهيم الدسوقي " ، و أساليبهم في الحديث بعد العودة من هناك عن ألوان الطعام ، و ألوان البهجة ، و الأهم ، ألوان نساء الدلتا و جمالهن الأخاذ - بالنسبة إلي نساء الجنوب طبعاً - ، وعطورهنَّ الجارحة ، وسهولتهنَّ ، وهي لا تعني بالضرورة انحلالهنَّ بقدر ما تعني ثقافتهنَّ المنفتحة علي تبادل أطراف الحديث مع الغرباء ببساطة ، كل هذا يدفعني إلي الظنِّ المستدير بأن البواعث وراء الكواليس واحدة !

    و للسيد " أحمد البدوي " ، بشكل خاص ، حضور فادح في ذاكرة كل أهل الجنوب ، و كل أهل " الدومة " بشكل أكثر عمقاً ، ربما ، أو بالتأكيد الزائد عن الحد ، سبب هذا الحضور يعود بالأساس لشقيقين من أهل " الدومة " ، و من " محاسيبه " في الوقت نفسه ، هما الأخوان " أحمد و محمد أبو شومان " ، و لتلك " الحضرة الشومانية " التي كانا يقيمانها في مناسبات " الدومة " البسيطة ، كختان الأطفال ، أو العثور علي شئ ضائع ، و لمجرد الوفاء بالنذر أحياناً ، وتقرباً إلي الله في أغلب الأحيان ..

    و حتي كتابة هذا الكلام ، لا يزال الريش يتطاير من جيوب الذاكرة الكلية للـ " الدومة " ، فينساب في سطحها شلالٌ من العصافير لا يصدأ ، ولا يواجه إلغائه ، تكريماً لذكري هذين المرحومين ..

    كتبت عنهما من قبل ، و ربما ، لإفلاس العقل ، أو لضمور الرغبة في الكتابة ، سأستعير أصابعي القديمة ، و أكرر :

    يدق الأخوان " أحمد و محمد أبو شومان " طبلتيهما علي نحو مذعور ، لكنه حميم ، قبل سلة من الأمتار من ساحة البيت الذي استدعاهما صاحبه لإقامة الحضرة ، وهذا وحده ، في قرية من قري ثمانينيات القرن الماضي لا تعرف إلا الخواء الروحيِّ ، كان حدثاً يستحق أن تستقبل النساء وفادتهما بالزغاريد العصبية ، و تستخف بعضَ الصغار نارُ المرح الداخلي فينزعون ثيابهم ، و يصير الصخبُ ممتلئاً حتي كأنه الهدوء ، يندمج مع الهمس و الأسرار الخفية و أصداء البيوت و حفيف الأشجار في الحقول و نقيق الضفادع و خفقات أجنحة الفراشات الساهرة في ليل " الدومة " و انتفاضات البهائم في الحظائر تنفض الغبار و الحشرات عن جلودها ، فيشتعل الليل مثل فضيحة ، أتذكر كل هذا فينتابني الاحساس بالخجل ، و أتسائل : كيف من أجل طقس بسيط كهذا الطقس ، مجرد رجلين يدقان طبلتين ، كانت " الدومة " تقيم الدنيا و لا تقعدها ؟ ..

    يدق الأخوان لدقيقتين طبلتيهما و قلبي ، واقفين في صدر المكان و قلبي ، ثم تهبط حدة الإيقاع تدريجياً حتي يتفتت تدريجياً إلي شكوك خافتة ، تتابع خفوتها ، ثم ، فجأة ، تتلاشي ، لتتماسك من جديد عقب انتهاء طقوس العشاء ، و تنتظم حلقات الذكر ، انتظاماً ركيكاً في البداية ، لا يلبث أن يحتشد ، و تتحول الأجساد إلي جُمَل ٍ روحية ، و يحدث دائماً ، عندما يتأكد العم " محمد أبو شومان " من إمساكه التام بأزمة الرجال المترنحين علي الحافة الغامضة ، و في لحظة معايرة بعناية خاصة ، أن يبدأ في ترديد العديد من الحكايات الأسطورية عن السيد " أحمد البدوي " الذي .. ( أبو بطن واسعة ) ، و الذي شرب ماء البحر برشفة واحدة ليعيد طفلاً غريقاً إلي أمه ، و الذي .. كان المريدون يلتقطون بيض " طيور الفردوس " من صومعته ، و هنا ، لكي لا أشارك في تزييف التاريخ ، يجب أن أؤكد أن العم " محمد " لم يقل لنا و للتاريخ ، هل كان ذلك البيض نيئاً أم مسلوقاً أم مشوياً في نار جهنم ، أو لم أفهم علي أية حال ، و لكن ذكري مشابهة ، " و هزي إليك بجذع النخلة " ، تدفعني إلي الاعتقاد بأنه كان نيئاً ، ليدرك الذين يفضلونه مسلوقاً أو مشوياً قيمة العمل ! ..

    و تعبر الأساطير تباعاً من نفس ٍ إلي نفس ، خلال الفجوات الذهنية ، و تحت درع ثقيل من الاعوجاج الفكري ، دون عائق ، بل والإيمان الطليق في صحتها ، أو هكذا يظن الحمقي ، هم أكثر خبثاً بالتأكيد الزائد عن الحد ، و هم لا يصدقون إلا ما يرون و يلمسون ، لقد اتخذوا من التعايش السلميِّ مع كل المعتقدات درعاً يحرسون به بقاءهم ، و هذا يقودني إلي حكاية طريفة ، ورائجة ، للعم " محمد أبو شومان " ، تعكس المشهد كاملاً ، وتشوهه تماماً كمشهد مرتجل ..

    كان العم " محمد " ذات ليلةٍ شديدة العصافير مستغرقاً في حالته تماماً ، و كان يردد ، بنغم سكَّري :

    - ساكن " طنطا " ، وفـ " مكة " صلاااااتو !

    و حدث أن اقتحمت حالته ، فجأة ، زوجته ، الخالة " صِدِّيقة " ، مذعورة ، و ألقت عليه نبأ شجار عائليٍّ كان لا يزال نشطاً حول بيوتهم ، و أضافت بلهجة تنم عن رعب حقيقي ، أن العم " حلاتو " كان في زيارة لأصهاره في " الدومة " ، و تدخَّل كطرفٍ أصيل في المعركة ، ضدهم ، عندئذ ، تحلل تعبير الرضا علي وجهه إلي غضب عارم ، و يبدو أنه لم يتمكن من الانسحاب من حالته في الوقت المناسب ، و ربما كان الغيظ ، و ربما كان الذعر من تهور العمِّ " حلاتو " الشهير ، هو ما جعله يصعد بالإيقاع إلي ذروة العنف ، واستأنف الإنشاد بشكل مروع ، وهو يتساءل ، بنغم عدائي :

    - و ايش دخَّلو فيها حلااااااتو ؟!

    تعليق حقيقيٌّ ، بشكل متعصب علي أفكارنا السابقة عن الزنادقة ، وخبث الزنادقة حيال الحياة ..

    و أنا لست هنا لأحمي روح المرحومين " محمد و أحمد أبو شومان " ، فقد كبر ذاك الطفل الذي كانوا يتوقعون منه الطاعة ، بل الصمت ، و هو هنا ليحطم عن عمد ، و ليرسم بالكتابة الوجه الآخر للسيد " أحمد البدوي " من منظور تاريخي لا من منظور تاريخ الأدب الشعبي في مصر ، و هذا لا يمنع أن للشقيقين " أبو شومان " لديَّ أثراً يستحق التقدير ..

    " البساط أحمدي " ، هذا التعبير الشعبي الدارج هو مفتاح باب شخصية " أحمد البدوي " ، و لتنمية هذا التعبير تحديداً جاء الرجل إلي مصر في توقيت معتني به تماماً ..

    هو ، " أحمد بن علي بن يحيى " ، ولد بمدينة " فاس " المغربية عام " 596 "هـ ، و توفي بمدينة " طنطا " المصرية عام " 675 " هـ ، و هو ثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى ( المتصوفين ) ، و راية طريقته حمراء ، لُقب بـ " البدوي " لأنه كان كعادة البدو يستر وجهه باللثام ، لُقِّب أيضاً ، للسبب نفسه ، بـ " شيخ العرب " ، كما لقب بـ " السطوحي " لأنه كان يعيش علي سطح دار الشيخ " ركن الدين " بمدينة " طندتا " ، و هي " طنطا " الحالية ، و عاصر من الحكام بـ" مصر " ، " الملك الكامل " ، و " الملك العادل " ، و " الملك الصالح أيوب " و ابنه " توران شاه " ، و " شجر الدر " ، و " المعز أيبك " و ابنه " المنصور " ، و " السلطان ق(.........) " ، و " الظاهر بيبرس " ، و هذا معروف !

    ما ليس معروفاً هو لماذا أتي إلي مصر في ذلك التوقيت المعتني به تماماً ، و لماذا بعد موت " صلاح الدين الأيوبي " مباشرة ؟

    لقد جاء الرجل ليحطم عن عمد ، و لقد كان ضالعاً في خطة شيعية متعددة الأبعاد لاستعادة " مصر " إلي النطاق الشيعيِّ الذي أخرجها منه " صلاح الدين " بانتصاره علي الدولة الفاطمية ، و لقد صُمِّمت هذه الخطة في " العراق " ..

    من الثابت أنه حدث فى سنة "634 هـ " أن سافر " البدوى" بصحبة أخيه الأكبر " حسن " إلى " العراق " ، و كانت في ذلك الوقت المركز الأكثر نشاطاً بين مراكز التصوف الشيعى الذى وُلِدَ في " العراق " علي يد " معروف الكرخي " مولي " على بن موسى الرضى " الذى كان أكبر شحصية شيعية فى عهد الخليفة " المأمون " ، و " الكرخى " كان نصرانياً ثم أسلم ، و لعل أصداء الرهبنة في تكوينه كمسيحي هي التي حرَّضت عقله علي النزوع إلي التصوف , ثم انتقل التصوف إلي " المغرب " فاتخذ أبعاداً أخري ، و استرده إلي " العراق " بحلته الجديدة وطور قواعده السيد " أحمد الرفاعى " ، و من هناك ، انتقل إلي " مصر " بواسطة " أبو الفتح الواسطى " ، و من بعده السيد " أحمد البدوى " و" ابراهيم الدسوقى " ، و هذا حفيد " أبو الفتح الواسطى " و " أبو الحسن الشاذلى " , و كل هؤلاء كان يعمل سراً لإسقاط الخلافة العباسية عن طريق استقطاب العامة إلي دين جديد ، جديد بكل معني الكلمة ، دين المتعة المجانية !

    و هناك ، في " العراق " ، تم إعداد " البدوي " للقيام بمهمته الإلهية هذه علي يد " ابن عرب " ، أكثر الحافظين لتعاليم " أحمد الرفاعي " في عصره !

    و هناك أيضاً ، زار السيد " أحمد البدوي " قبر " الحلاج " ، و " الحلاج " حقيقيٌّ و أحد الذين حلقوا في المطلق بأجنحة صحيحة و بلغوا الأعتاب ، تماماً ، كـ " محيي الدين بن عربي " ، و هو مغربيٌّ آخر كان معاصراً للسيد " البدوي " ، و هذين لا يتضمنهما حديثي عن " البدوي " ، فإن فارقاً رحباً بين شخص يتكلم عن المطلق من داخل مذهب ، و بين من بلغ المطلق بمذهبه الخاص !

    و الحانقون علي الشيعة يضغطون بقوة علي الجذور المسيحية لـ " معروف الكرخي " ، و من جانبي ، أقول :

    بتحديق النظر في التشيع كمذهب ندرك علي الفور أنه كان الجرح التاريخي الذي تناسل في دمه اليهود المتحولون إلي الإسلام في كل زمان و مكان ، فرائد هذا المذهب هو " عبد الله بن سبأ " ، يهودي أسلم ، أو لعله ادعي الإسلام ، وصاحب فكرة إنشاء " الأزهر " لتدريس المذهب الشيعيِّ يهودي آخر أسلم أو ادعي الإسلام ، و هو " يعقوب بن كلِّس " ، و مؤسس فرقة " الشيعة الإسماعيلية " هو " ميمون بن قداح الديصانى " ، يهودي ثالث ، كما أكد " السيوطي " ، كان له الأثر الجلل في عرقلة مسيرة الإسلام ربما إلي الأبد ، فمن رحم هذه الفرقة ، فرقة " الشيعة الإسماعيلية " ، ولدت ، بالتفاعل ، عدة مجتمعات بعضها انكمش و ذاب في طيات الزمن ، و بعضها ما زال حياً ، كلها تنظر إلي الإسلام في أضواء خاصة بها ، مثل ، " القرامطة " الذين سرقوا " الحجر الأسود " و نقلوه إلي " البحرين " ، و " الحشاشين " في جبل " لبنان " ، رواد الاغتيالات السياسية في العالم ، و " اخوان الصفا " وهؤلاء إلي الماسونية أقرب ، و " الدروز " في " لبنان " و " سوريا " و " اسرائيل " ، و " البهائيين " ، و " الأغاخانية " ، و " القاديانيين " ، و " النصيريين " و إلي هؤلاء ينتسب " بشار الأسد " ، و " العبيديين " ، و هم " الفاطميون " ، و إلي هؤلاء ينتسب السيد " أحمد البدوي " ، و هنا ، يتضح أنه لا وجود لشئ اسمه الماضي ، و أن الزمن وحدة واحدة حبلي بالماضي و الحاضر و المستقبل أيضاً ..

    أياً كان الأمر ، أستأنف :

    بعناية تستحق التقدير ، اختار العلويون الشيعة السيد " البدوي " لهذه المهمة عقب إعدام رجلهم في " مصر " الفقيه الشاعر " أبي عمارة اليمنى " و أتباعه عام " 569 هـ " بعد اكتشاف مؤامرتهم ضد " صلاح الدين الأيوبى " ، و بعد موت داعيتهم " أبو الفتح الواسطى" قبل ذلك بعقود ، و كان " عز الدين الصياد " أحد أهم تلاميذ السيد " أحمد الرفاعى " ، قد سبق " البدوي " إلي مصر بعام واحد لاختيار المكان الذى سيبدأ " البدوى " منه نشر دعوته ، و أشهد أنه أحسن الاختيار ، و لهذا السبب اتجه البدوى من " مكة " الى " طنطا " مباشرة ، و قد سبقت مجئ " البدوي " حملة إعلامية منقطعة النظير لتضخيم " كراماته " ، ترهلت هذه الحملة من المبالغة إلي الإحالة الصريحة دون خجل ، فقد ادَّعي بعض المروجون للرجل أن من بين " كراماته " أنه يحيي الموتي !

    برغم كل ذلك ، منيت الخطة في النهاية بالفشل ، و لعل الشيعة قد استشعروا نذر فشلها ، لذلك ، بدأوا في اختبار خطط نائمة و أقل حرصاً لإسقاط الدولة ، مثلما فعل " ابن العلقمي " ، وزير الخليفة العباسي ، إذ راسل " المغول " سراً و تآمر معهم علي الخلافة ، وهذه رواية تاريخية لا تقبل الجدل ولا القسمة علي اثنين ..

    نعم ، لقد فشل السيد " أحمد البدوي " في أن يستعيد دولة الفاطميين ، لصلابة عضلات الدولة المملوكية ، خاصة في عهد " الظاهر بيبرس " ، و هو العهد الموازي لأوج شهرة " البدوي " و جسامة أعداد الملتفين حوله ، لكنه ، نجح ، بالتأكيد الزائد عن الحد ، في أن يصنع ديناً موازياً للإسلام ، أصبح هذا الدين ، حتي في زمن " البدوي " ديناً داخل الدين وخارج سيطرة نواهيه تماماً ، كما أصبح هذا الدين ، و حتي يومنا هذا ، وهذا هو المهم ، هو الدين الشعبي في " مصر " ، لمرونته ، يتزاحم حوله العامة و المنحطون فكرياً و المدفوعون بالأطماع و الباحثون عن ألوان المتعة ، ليصبحوا دولة داخل الدولة ، لكن ، و هذا موطن الأسف ، داخل سيطرة الحكام في كل زمان ، بل أداة سهلة التوجيه من أدواتهم التي يدخرونها لوقت الحاجة..

    لتعرف كيف حدث هذا ، لابد أن تعرف أولا أن ( مليونين ) من أصحاب الحد الأدني من المصريين و غيرهم يزورون ضريح " البدوي " في الأسبوع الواحد ، و لابد أن تعرف أيضاً ، أن " الطريقة الأحمدية " بعد موت " أحمد البدوي " تمددت في عدة طرق ، مثل ، " الشناوية الأحمدية " ، " المرازقة " ، " الشعيبية " ، " الزاهدية " ، " الجوهرية " ، " الفرغلية " ، " الإمبابية " ، " البيومية " ، " السطوحية " ، " الحمودية " ، " التسقيانية " ، " الكناسية " ، " المنايفة " ، " الجعفرية الأحمدية المحمدية " ، " الجريرية " ، و لكل طريقة من هذه الطرق " شيخ طريقة " يبايعه علي الولاء المطلق آلاف ينتشرون في كل شبر من أرض " مصر " ، لذلك ، لم يكن علي السلطة ، لتضمن ولاء كل هؤلاء ، سوي استمالة شيخهم فقط ، و هذا سهل كالماء ، فهؤلاء مشهورون باستعدادهم المطلق للتضحية حتي بأعراضهم مقابل دعوة علي وجبة من الفتة و اللحم السمين ..

    و هؤلاء ، عائق جلل في طريق أي تغيير يحدث في " مصر " ، و أشد فداحة من المجالس المحلية ، و بكثير ، بل إن كثيرين من " العمد " و " مشايخ " القري من بين محاسيبهم ، لذلك ، يجب علي أول حاكم منتخب بعد الثورة القادمة ، لا محالة قادمة ، أن يكون قراره الأول هو حل هذه الطرق و تجريم المنخرطين فيها من قريب أو بعيد ، و إلا ، فاحتمال الثورة المضادة سيظل نشيطاً علي الدوام ، لتتأكد من هذا ، اقرأ سيرة من شئت من مشايخ الطرق الصوفية ، في أي عصر شئت ، سوف تكتشف منذ السطور الأولي أن هؤلاء كانوا و ما زالوا و سوف يكونون ، طفيليات تنمو بصوت مسموع حول شرج كل صاحب سلطة ، أو ، يكفيك ، مؤقتاً ، أن تحدق النظر في مشاهير هؤلاء أين يقفون الآن ، و في خندق من كانوا يقفون أيام " يناير " ، و قبلها ، و علي مر السنين !..

    ربما ، لهذا السبب وحده ، استراح كل الحكام ، و لا أستثني أحداً ، في كل العصور ، إلي وجود هذه الميليشيات الروحية علي هامش البلاط ، و أدركوا مدي قوة الدولة العميقة لهؤلاء الطفيليات الضارة ، كما أدركوا ، كذلك ، أنهم يستطيعون متي شاءوا إحداث خسائر فادحة لمن يحاول الوقوف بينهم و بين ألوان المتعة المجانية المتعارف عليها ، تماماً ، كما حدث في عام " 721 هـ " في عهد " الناصر محمد بن قلاوون " !

    ذلك السلطان المسكين ، استهان بقوة هؤلاء الفاحشة ، و أراد تعطيل الاحتفال بمولد " البدوي " دون أن يدور بباله أن الرد سيكون بتلك البشاعة ، بل بذلك التهديد الصريح لدولته من جذورها ، لقد دبر أحد المتصوفة ، و هو " عبد الغفار بن نوح " - كأن اسم " عبد الغفار " في مصر قديم إلي هذا الحد - ، و هو تلميذ " أبي العباس الملثم " مريد " البدوي " و رفيقه ، دبر ، احراق جميع الكنائس في أنحاء " مصر " بطريقة واحدة و توقيت واحد ، إذ أحرقت كلها في وقت صلاة الجمعة ، و من جراء ذلك ، كادت تشتعل في البلاد فتنة طائفية عارمة !

    المدهش ، أن عدد الكنائس التي احترقت في ذلك الوقت كان " 60 " كنيسة ، نفس عدد الكنائس التي قيل أنها احترقت يوم مجزرة " رابعة العدوية " بالضبط ، " 60 " كنيسة ، و هذا يدفعني إلي الظن في أن هؤلاء المتصوفة يقفون وراء هذه الجريمة الأخيرة أيضاً لا الإخوان ، فهذا أسلوبهم القديم ، و تطابق العدد قرينة تستحق الاعتبار ..

    و لهذا السبب الأخير أيضاً ، عملت كل الأنظمة علي تضخيم قيمة هؤلاء الأكياس البشرية المملوءة بروث البهائم و التودد إليهم ، و تشجيع نسج الأساطير حول " كرامات " أهل المدد ، و تكريس جهود الدولة لحراسة كرنفالات الجنس الجماعي التي تقام حول الأضرحة المسكونة بالأوهام ..

    كيف كانت السلطة تشجع الخرافة ؟ ، إليك هذه القصة ..

    ذات يوم من أيام العام " 1735 م " انتشرت في " مصر " من أقصاها إلي أقصاها شائعة بأن يوم البعث سيكون يوم الجمعة الموافق لـ " 26 " من شهر ذي الحجة ، و راح الناس يودع بعضهم بعضاً الوداع الأخير ، و يهيمون علي وجوههم في الحقول و الطرقات ، و انقضي ذلك اليوم و لم تقم الساعة و الناس مازالوا أحياء يرزقون ، هنا ، تدخلت السلطة بشائعة أخري ، و هي أن السيد " أحمد البدوي " و السيد " ابراهيم الدسوقي " و " الإمام الشافعي " تشفعوا للناس عند الله أن يؤجل لهم قيام القيامة ، فقبل شفاعتهم ، و لعل الشائعة الأخيرة هي ذريعة إطلاق الشائعة الأولي لا العكس !

    لكن ، لماذا احتشد الناس للالتفاف حول دين هؤلاء ؟ ، هذا سؤال غير متطلب أبداً ..

    لقد كان السيد " البدوي " ، و دعاة الشيعة عامة ، أكثر واقعية من غيرهم ، إذ أدركوا أن أيسر الممرات لاستقطاب الناس إلي دعوتهم هو إضفاء ظل من المتعة علي الدين ، أو لأكون أكثر دقة ، إضفاء ظل من الدين علي المتعة الصريحة بشتي بصورها ، الطعام و الجنس خاصة ، لذلك ، كانوا يغضون البصر عن كثير من التجاوزات التي تتنافي مع تعاليم الدين الإسلامي ، هذا جعل " الجبرتي " يقول عن فقراء " الطريقة الأحمدية " :

    - " إن بعض زوار المولد كان هدفهم الفسوق " !

    و قال " المقريزي " في إطار حديث له عن هؤلاء :

    - " إنهم لا ينسبون إلى علم و لا ديانة و إلى الله المشتكى " !

    بل بلغ الأمر بفقراء " الطريقة الأحمدية " أن استباحوا لأنفسهم نهب المحال , و سرقة الناس , و أكل أموالهم بالباطل فى موسم مولد " البدوي " ، وبرروا هذا بأن " الغربية " بلاد " البدوى " و هم من فقرائه , فكل ما يأخذونه حلال لهم !

    كما انتشر تعاطى " الحشيش " بينهم حتى أصبح عرفاً دارجاً في حلقاتهم ، و حتي أصبح يسمي بـ " حشيشة الفقراء " ، بل إن هناك طريقة صوفية تتخذ من تعاطي " الحشيش " محوراً لها تسمي بـ " الأنفاس المحمدية " ، و مقرها في " القليوبية " ، يمارس أتباعها ، ككل المتصوفين ، الزنا الجماعي , و دعواهم أن كل رجال و نساء الطريقة إخوة يحل لهم الاختلاط و النوم في فراش واحد ، و أعترف بأني ، ذات يوم ، فكرت في الانخراط في هذه الطريقة و أخذ العهد من شيخها ، و هذه حقيقة ، و أقسم بأبي علي هذا !

    و أخوض في " البدوي " قليلاً ..

    لم يكن " البدوي " صاحب رأي و لا صاحب حجة ، لذلك ، ادعي " الجذب " كوسيلة يدخرها للفرار من مناظرة قد تحدث ، و لذلك ، لم يترك لمريديه تراثاً ، إلا بعض الوصايا لتلميذه " عبد العال " ، و قراءة سريعة لهذه الوصايا تكفي للحكم علي أمية الرجل ، مثل :

    - يا " عبد العال " ، إياك و حب الدنيا فإنما يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل !

    - يا " عبد العال " أشفق على اليتيم و اكس العريان و اطعم الجيعان و أكرم الغريب و الضيفان !

    يا سلام ع الحكم ، و كما ترون ، كلمات عادية لا تستحق أن تنسب حتي إلي " نجَّار بلدي " !

    و روى " الحافظ السخاوى " فى كتابه " الضوء اللامع ، أن " ابن حيان " زار " البدوى " مع الأمير " ناصر الدين بن جنكلى " يوم الجمعة , و كان الناس يأتونه أفواجا فمنهم من يقول : يا سيدى خاطرك مع بقرى , و منهم من يقول : زرعى , إلى أن حان وقت صلاة الجمعة , فنزلنا معه إلى الجامع بـ " طنطا " , و جلسنا فى انتظار الصلاة , فلما فرغ الخطيب من خطبة الجمعة , و ضع " أحمد " رأسه فى طوقه بعدما قام قائماً و كشف عن عورته بحضرة الناس و بال على ثيابه و على حصير المسجد , و استمر و رأسه فى طوق ثيابه , و هو جالس حتى انقضت الصلاة و لم يصل " !

    كل هذا ، و العم " محمد أبو شومان " كان يقول لنا أن المريدين كانوا يلتقطون بيض طيور الفردوس من صومعته ، عم " محمد " ، ارقد في سلام ، عليك السلام ..


    محمد رفعت الدومي























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de