|
بعد ثلاثة أعوام من الحرب والمعأناة....ماذا يريد شعب جبال النُّوبَة ؟ • بقلم : جاتّيقو أموجا دلمان
|
في الخامس من يونيو / حزيران 2011م أستُؤنفت الحرب في جبال النٌّوبة / جنوب كُردفان، نتيجة لإصرار نظام البشير تقويض أتفاقية السلام الشامل (CPA) بالقفز فوق الإستحقاق الدستوري ( ممارسة حق المشاورة الشعبية)،وأعلن البشير الحرب هذه المرة ليس ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان ( الشريك في التنفيذ الاتفاق) وحدها ،بل ضد شعب أقليم جبال النوبة / جنوب كردفان من خلال حملة مسعورة وعنصرية وممنهجة لإبادة أثنية النوية وبإشراف مباشر منه ودعم من الجماعات المتطرفة والإرهابية ودول الأسلام السياسي وعلي رأسها دولتي قطر وأيران. ويُعتبر أقليم جبال النوبة/ جنوب كردفان واحد من أكثر المناطق التي عانت من التهميش والقمع الأجتماعي في السودان جراء المظالم التاريخية والأنتهاكات الجسيمة التي إرتكبت في حق شعبه،منذ عهد مؤسسة الرق البغيضة مروراً بكل الأنظمة الأستعمارية و الحكومات المسمّي بـ( الوطنية)،الا أن القمع الأجتماعي المحمي بالسلاح تحول الي حملة ممنهجة للإبادة بوصول نظام المؤتمر الوطني إلي السلطة في الثلاثين يونيو/ حزيران 1989م. ومنذ أندلاع الحرب الحالية في يونيو/ حزيران 2011م سيطرت الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان علي أكثر من 70% من مساحة الأقليم،ويقطن هذه المساحة ما يفوق الـ(1.200,000) مليون ومائتي ألف نسمة، ويناضل شعب الأقليم في إطار مشروع السودان الجديد من إجل حقوق دستورية و سياسية و أقتصادية وثقافية منزعة من قبل حكومات المركز. كيف بدأت الحرب: بدأت الحرب في أقليم جِبال النوبة/ جنوب كردفان بأعلان الرئيس السوداني عمر البشير " المطلوب لدى المحكمةِ الجنائيةَ الدولية (لإرتكابه جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور) بمدينة المجلد في السادس وعشرون من أبريل / نيسان2011م، أثناء مخاطبته حملة مرشح حزبه لمنصب الوالي ، قال البشير موجها خطابه للقوات المسلحة ومليشيا الدفاع الشعبي" (نحن الولاية دي لوما فزنا فيها بصناديق الإقتراع حنفوز فيها بصناديق الذخيرة، ونطارد النوبة، جبل جبل، كركور كركور). وبتاريخ الثالث وعشرون من مايو / أيار 2011م أرسل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني وقتها الفريق عصمت عبد الرحمن ، خطاباً لرئيس هيئة أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان الفريق جيمس هوث، يطلب من الأخير سحب قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان العاملة ضمن القوات المشتركة/ المدمجة من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى جنوب خط 1/1/1956م، في موعد أقصاه الواحد وثلاثون من مايو / أيار2011م. وفي الخامس وعشرون من مايو / أيار 2011م أخطر قائد الفرقة الخامسة مشاه بولاية جنوب كردفان/ اللواء بشير مكى الباهى لجنة أمن الولاية رسمياً،بإن القوات المسلحة تنوي إعادة الإنتشار والتسليح في الولاية، وإنها ستشرع في نزع أسلحة الجيش الشعبي المتواجد شمال حدود 1/1/1956م، إعتباراً من الواحد من يونيو / حزيران2011م. هذا الأجراء المتعمد من قبل نظام البشير يخالف نصوص بروتوكول الترتيبات الأمنية (اتفاقية السلام الشامل2005م )، المتعلقة بإنشاء وفك إرتباط القوات المشتركة، والتي تسمح لقوات الحركة الشعبية ضمن القوات المشتركة بالتواجد داخل حدود 1/1/1956م ،حتى يناير 2012م. بالنظر إلى بروتوكول الترتيبات الأمنية ( وسائل تنفيذ وقف إطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية) نصت الاتفاقية علي الأتي: الملحق (1) الفقرة "7" تقول تنقسم فترة وقف إطلاق النار إلي أربع مراحل: 7-1-1 المرحلة الأولي: مدة مرحلة ما قبل الفترة الإنتقالية 6 أشهر (الموعد المحدد + 6 أشهر) تبدأ أنشطة وقف إطلاق النار (حسب القوائم المرفقة طيه) بما فيها إعادة نشر القوات المسلحة السودانية من الجنوب إلي الشمال والبدء بتسريح ونزع السلاح والدمج والمصالحة وإعادة نشر قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان من شرق السودان والتشكيل والإقامة المشتركة في موقع ومراكز التدريب وتدريب الوحدات المشتركة/المدمجة ومراقبة الأمم المتحدة. 7-1-2 المرحلة الثانية : النصف الأول من مدة الفترة الانتقالية 36 شهــراً ( الموعد المحدد + 6 أشهر (الموعد المحدد 42 شهراً) تغطي هذه المرحلة استكمال نشر الوحدات المشتركة/المدمجة وإعادة نشر قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان من شرق السودان إلي الجنوب وإعادة نشر قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان من جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق إلي الجنوب وإعادة نشر القوات المسلحة السودانية من الجنوب إلي الشمال، وتستمر أنشطة نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وتبدأ المفاوضات كذلك حول التقليص النسبي في هذه المرحلة. 7-1-3 المرحلة الثالثة : النصف الثاني من مدة الفترة الإنتقالية 36 شهراً (الموعد المحدد + 42 شهراً إلي الموعد المحدد + 78 شهراً) إستمرار عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج والتدريب وعملية المراقبة . تطوير خطط وطرق تحويل الوحدات المشتركة/ المدمجة إلي قوات موحدة. 7-1-4 المرحلة الرابعة : مدة ما بعد الفترة الإنتقالية 6 شهور (الموعد المحدد + 78 شهراً إلي الموعد المحدد + 84 شهراً) القيام بتشكيل القوات المسلحة القومية السودانية في حالة الإبقاء على الوحدة أو حل الوحدات المشتركة/ المدمجة في حالة الإنفصال ، وبالتالي فإن الـ 6 أشهر التي أشارت إليها الفقرة 7-1-4 أعلاه تبدأ من 10/7/2011م وتنتهي في 9/1/2012م،لذلك فأن محاولة القوات المسلحة تجريد منسوبي الجيش الشعبي في القوات المشتركة/ المدمجة من السلاح بتاريخ 5/6/2011م مخالفة لنصوص الاتفاقية،لذا فأن الجيش الشعبي لتحرير السودان (ش) منذ هذا التاريخ وحتي الان هو في حالة دفاع عن النفس والمواطنين العزل. وأشار تقرير أممي صادر عن" مشروع التقييم الأساسي للأمن البشري في السودان وجنوب السودان (HSBA) التابع لمشروع الأسلحة الصغيرة ومقره "جنيف" في مارس / اذار 2013م، الي أن( القوات المسلحة السودانية (SAF) حاولت نزع السلاح بالقوة من أفراد الجيش الشعبي التابعين للوحدات المشتركة / المدمجة (JIUs) في الخامس من يونيو / حزيران 2011م في منطقة أم دُورِين، وفي نفس اليوم هاجمت شرطة الإحتياطي المركزي (CRP) شبه العسكرية وقوات الدفاع الشعبي (PDF) عناصر للجيش الشعبي تابعين للوحدات المشتركة / المدمجة (JIUs) في تلُودي، وفي السادس من يونيو/ حزيران قصفت القوات المسلحة السودانية (SAF) منزل نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عبد العزيز ادم الحلو في كادٌوقلي،بينما شنّت الحكومة هجمات إنتقامية ضد القري والمدنيين في جنوب كُردفان، وهاجمت الحكومة قرية أبوهشيم في السادس من يونيو ،وتوسعت رقعة الهجمات الانتقامية يومي السابع والثامن من يونيو لتشمل أجزاء أخري من جبال النوبة،بما في ذلك الدلّنج وهيٌبان وبُرام وتّلودي وجلٌد). هذا التقرير الدولي المستقل يوضح بجلاء إدمان نظام المؤتمر الوطني في نقض العهود والمواثيق،ويضع المراقبين والمجتمع المحلي والأقليمي والدولي أمام الأسباب الحقيقية لإندلاع الحرب في جنوب كردفان. أتساع دائرة المعأناة: تذايدت عمليات القصف الجوي بشكل مكثف وعشوائي خلال الايام القليلة الماضية ،إذ تقوم طائرات النظام بطلعات جوية يومية علي كافة المدن والقري التي يقطنها المدنيين ويستخدم النظام بجانب القصف المدفعي الأرضي ،ثلاثة أنواع من الطائرات المقاتلة ( أنتنوف،السوخوي والميج) ضد الأهداف المدنية و أدت عمليات القصف الجوي الممنهجة منذ إندلاع الحرب في يونيو 2011م وحتي الأن الي مقتل وإصابة المئات من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال وتشريد أكثر من (70) الف مواطن يعشون كلاجئيين في دولة جنوب السودان ودول شرق أفريقيا،كما شملت عمليات القصف الجوي تدمير البنّي التحتية( المؤسسات و المنازل وطلمبات مياه الشرب والمرافق الطبية والمدارس والأسواق ودور العبادة)، هذا فضلا عن قتل المواشي وحرق المحاصيل الغذائية وغيرها من احتياجات الحياة الضرورية،ومع بداية فصل الخريف،فأن انماط القصف الجوي تركزت توقيتاتها وإنتشارها الجغرافي علي الإستهداف المتعمد لإعاقة ومنع المزارعين من العمل بالحقول، كل هذه الأنتهاكات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الأنسانية ظل يرتكبها نظام الخرطوم مع سبق الإصرار وبشكل ممنهج بغرض إبادة شعب جبال النوبة، دون أن يحرك المجتمع الأقليمي والدولي ساكن،وأنتقلت الأوضاع الأنسانية في جبال النوبة / جنوب كردفان من مرحلة المعأناة الي الكارثة الأنسانية . إذا ماذا يريد شعب جبال النوبة ؟ : علي ضوء ما يجري في أديس أبابا يري شعب جبال النوبة أن تفضّي المفاوضات الجارية تحت رعاية الالية الأفريقية رفيعة المستوي برئاسة ثامبو مبيكي الي الحل السياسي الشامل والجزري لقضايا السودان أو الأستمرار في الكفاح المسلح لحين إسقاط نظام المؤتمر الوطني وهيكلة الدولة السودانية علي أسس جديدة، وفقاً لما هو مطروح تتركز مطالب شعب الأقليم علي الأتي :- أولاً: الشأن الأنساني: 1- يطالب شعب الاقليم بإتفاق غير مشروط على فتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين فوراً . 2- يشّدد شعب الأقليم علي ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية عبر وكالات الأمم المتحدة الإنسانية المتخصصة، دون أي قيود أو شروط مسبقة. 3- يطالب شعب الأقليم بإنشاء آلية دولية و اقليمية لحماية المدنيين تعمل على إيقاف جميع أشكال الأعمال العدائية التي تهدد الحياة وسبل العيش وحركة المدنيين المحتاجين للغوث و تراقب إنسياب المساعدات الأنسانية. ثانياً: القضايا السياسية: 1- يري شعب الأقليم أن قيام المؤتمر القومي الدستوري تحت رعاية الألية رفيعة المستوي،و بمساعدة الهيئات الإقليمية والدولية ، وبمشاركة جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني السوداني، وبحضور ومشاركة مراقبين دوليين، سيسهم في إنهاء الأزمة السودانية. 2- يطالب شعب الاقليم بحل نهائي وعادل لقضايا المواطنة بلا تمييز - الحكم - الحدود - الارض - قسمة الموارد والثروة والمشاركة فى السلطة المركزية – اللغات – التنوع الثقافى والدينى – الهوية والقضايا التى ولدتها الحرب كظاهرة اللجوء والنزوح الداخلى ويؤكد الأقليم أن منحه حكم ذاتي موسع (نموذج كردستان العراق) مقبول في إطار السودان الموحد. 3- يري الأقليم أن تخصيص تعويضات فردية وجماعية لكل من تضرر بسبب الحرب أوتم الإعتداء على ممتلكاته حق مشروع لا يمكن التنازل عنه. 4- يطالب شعب الأقليم بتشكيل حكومة إنتقالية بمشاركة كافة اطراف العملية الدستورية، وتقوم ضمن مهامها الإنتقالية الأخرى بتنظيم وعقد المؤتمر القومي الدستورى. 5- يطالب شعب الاقليم بإنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في إنتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي إرتكبت بالاقليم في الحربين الأولي (1984-2002م) والثانية (2011م- حتي الان) ، وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية . ثالثا: الترتبيات الأمنية : 1- يطالب شعب الأقليم بالأسراع في إعادة هيكلة القوات المسلحة السودانية/ الشرطة ( التي تضم الان في صفوفها عدد هائل من المليشيات المأدلجة) . 2- يشدّد شعب الأقليم علي ضرورة بقاء الجيش الشعبي لتحرير السودان لحين ضمان تنفيذ كافة الأتفاقيات بما فيها مخرجات المؤتمر القومي الدستوري. 3- يري شعب الاقليم أنه ،وبعد التأكد من إكمال عملية التحول الديمقراطي السلس في السودان، أن يتم دمج الجيش الشعبي لتحرير السودان بعدده ورتبه في القوات المسلحة السودانية ،مع الإبقاء علي ثلاثة فرق عسكرية واحدة منهنّ مشتركة / مدمجة كقوات أقليمية ( نموذج جنوب السودان في الفترة الأنتقالية 2005-20011م) وذلك لحين إكتمال عملية بناء الثقة والمصالحات التي يسبقها إعتذار تاريخي وتقوية مؤسسات الأقليم وسلطاته. حاولنا من خلال هذا السرد المختصر تحديد مطالب شعب أقليم جبال النوبة / جنوب كردفان،طالما أن هنالك أصوات ظلت تطالبنا بإصرار ملح لمعرفة ما نريد ،ودائماً يأتي السؤال حتي من غير السودانيين" ماذا يريد شعب جبال النوبة؟ " مع علم السائل أن المشكلة لست في جبال النوبة إنما في الخرطوم،وأن (نوبنّة) القضية أمر مسئ للنوبة ومضر بوحدة السودان "الجغرافيا " وتماسكه الثقافي والأجتماعي، ورغم ذلك يأتي السؤال، وهو ذاته الذي ظل مطروحاً أمام الجنوبيين حتي إختاروا الإنفصال،ولكن الإمر مختلف بنسبة لشعب جبال النوبة،حيث أن الإرتباط والإرث التاريخي والحضارات القائمة شمالاً تمنع النوبة من التفكير في خيار الجنوبيين،بيد أن النوبة هم أقدم الشعوب وأن السودان ( بلاد السود) مسمي عليهم، لذلك لن يغادر النوبة الخرطوم ولا مروي ولا مدني ولا القضارف ولا شندي،واذا كان يوجد معتوه أو صاحب خمول عقلي لا يريد أن يكون النوبة بكل تاريخهم العريق جزءاً أصيلاً ومشاركاً في عملية إعادة هيكلة الدولة السودانية علي أسس جديدة، فهو أحق بالمغادرة وليس النوبة،والتاريخ القريب يوضح منْ وجد منْ ؟ راجع دخول العرب السودان ( كتاب التاريخ في المرحلة المتوسطة قبل كوزنته). لسنا كما تنعتنا أبواقك المسعورة المأجورة المدفوعة الثمن. لسنا بمدسوسين ...أو عملاء.. أو أُجراء.. أو طلاب جاه وثمن. نحن من هذا الوطن..من كل ذرة فيه..من كل نسمة فيه..من كل نبضة..فيه من الحزن. هواه يجرى في أنفاسنا كما تنساب مياه النيل في عروقنا منذ سالف الزمن . إن قرأت سيرة السودان يوماً ربما تعرفنا..وربما تدركنا.. وربما تقرر الرحيل إلينا. ودمتم !! • الناطق الرسمّي باسم أقليم جبال النوبة / جنوب كردفان
كاودا : 5/ يونيو 2014م
|
|
|
|
|
|