|
ماذا يجري في هذه البلاد ؟ /بارود صندل رجب
|
من يطالع الصحف السيارة هذه الأيام يكاد يجزم بأن ما يجري في هذه البلاد خارج سياق المعقول، ومع ذلك تمضي الأمور بطريقة عادية. حكومتنا الجاثية علي صدورنا منذ ريع قرن لا تري فيما يحيط بالبلاد من مخاطر ما يدعوها إلي إعلان الاستنفار وشد الأحزمة وأن الأمة في خطر! الأزمة الاقتصادية الخانقة أدت إلي تدهور العملة المحلية. ومعلوم ما يترتب علي هذا الانخفاض من ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية، يقعد أصحاب الدخول العادية عن مواجهة متطلبات الحياة العادية. انهيار منظومة الأمن في كثير من مناطق السودان واقع معاش، والأمثلة كثيرة. وإلي جنوب دارفور يصرح بان العناصر "المتفلتة" هي التي تسبب الاختلالات الامنية في ولايته وهلمجرا ..... أما قضايا الفساد، والتي كشفتها الصحافة بعد تحررها من القيود، فحدث ولا حرج.... وكيل وزارة العدل يستولي علي أراضي قيمتها ثلاثين مليار جنيه ( وحتي لحظة كتابة هذا المقال لاذت الوزارة بالصمت المريب!!). وثائق تكشف عن تجاوزات بمناقصات برج الصافات بالخرطوم. ستون مليار جنيه خسارة الاوقاف بالخرطوم جراء نزاعات بين مستثمرين. المراجع العام يطالب ايلا ووزراءه بأعادة حوافز أخذوها بلا سند. مخالفات خطيرة في عطاءات الضمان الاجتماعي...... والعنف الطلابي في جامعة الخرطوم، وفي غيرها من الجامعات، منبعه الطلاب المنتمون للحزب الحاكم، مما يهدد استقرار هذه الجامعات ..... وأخبار الاعتقالات السياسية والتعذيب تملأ سماء الانترنت. اكتشاف جثة طالب جامعي داخل حمام معسكر نظاميين، وأن هذا الطالب كان قد اختفي في ظروف غامضة حتى عثر عليه ميتا داخل دورة مياه! جهاز الأمن يعذب الطالب عثمان حامد شريف، ويلقي به علي قارعة الطريق بمدينة الفاشر، مغمي عليه. وكان قد اعتقل مع ثلاثة آخرين ولا يعرف مصيرهم حتى الآن!! وهنالك معتقلون آخرون لدى الجهاز لم يطلق سراحهم رغم قرار الرئيس. من هؤلاء تاج الدين عرجة الذي اعتقل منذ أكثر من شهرين! ما هذا الذي يجري؟ أليس من المسئولية أن توضح الجهة الامنية كيف توفي الطالب الجامعي في أحد معسكراتها؟ وما هي الإجراءات التي اتخذت في هذه الحادثة؟ لماذا لم يوضح جهاز الأمن الوطني ملابسات اعتقال الطلاب الأربعة في الفاشر، وهل هذا الخبر صحيح من أساسه أم مجرد تلفيق؟ هذا الجهاز لديه من الآليات والإمكانيات المالية والفنية للتحقق من أي حدث في أي مكان في السودان، فلماذا يعجز عن اصدار بيان شاف عن المعتقلين الذين لم يطلق سراحهم بعد !! عتاب رقيق نوجهه لدعاة الحوار مع النظام: أين هم من هذه القضايا التي تهدد سلامة الحوار، ومصداقية الحكومة. أجهزة الدولة وقفت عاجزة تماما عن محاصرة الفساد وقضاياه، التي تتناولها أجهزة الإعلام . كما عجزت هذه الأجهزة عن ايقاف ممارسات منسوبيها من التضييق علي المعارضين، بل الاعتداء عليهم ضربا بالسيخ والملتوف كما يحصل في الجامعات! هل هذه الأجهزة تعمل بعيداً عن القيادة السياسية للحزب الحاكم ؟ ام أنها أدوار يتم توزيعها بعناية بين هذه الأجهزة والسياسيين! إلا تدل هذه الممارسات علي عدم جدية النظام في الحوار وانه يسعي فقط لكسب الوقت !! هل يعلم السياسيون المحاورون للنظام أن هنالك معتقلين سياسيين مازالوا قيد الحبس والاعتقال التحفظي؟ هل يعلم السياسيون المحاورون للنظام أن الأجهزة الأمنية تعتقل الممارسين للعمل السياسي السلمي وتقدمهم للمحاكمات الجنائية مثال ذلك أنصار حزب البعث العربي الاشتراكي!! وخبر آخر مزلزل: مواطنون يحفرون بيوت النمل بحثاً عن الذرة . فقد أكد مدير قسم درء الكوارث بالهلال الأحمر السوداني بمحلية شعيرية بشرق دارفور إبراهيم يحي أن المواطنين بمنطقة "شعيرية" يعانون من فجوة غذائية حادة جعلتهم يلجأون إلي بيوت النمل يحفرونها أملا في العثور علي حبات الذرة بداخلها! هذا الخبر وحتى لحظة كتابة هذا المقال لم نسمع من أجهزة الدولة الولائية أو الاتحادية أي نفي له!! وبما أن مصدر الخبر جهة رسمية لا مصلحة لها في أختلاقه فأن صحة الخبر راجحة . ولكن الأ خطر منه أننا لم نسمع عن تحرك أجهزة الدولة أيا كانت للتصدي لكارثة المجاعة الوشيكة! أين الجهات الرسمية في المنطقة حتى استفحلت المشكلة وماذا أعدت لتجاوز الأزمة؟ يحدث هذا متزامنا مع الوقت الذي تتحدث فيه الأجهزة الحكومية في الخرطوم عن الاختلاسات بالمليارات وعن التحلل بعشرات المليارات وبيان من وزارة العدل أمام البرلمان يشير إلي أرقام فلكية من المال المسترد من السارقين والناهبين بالتحلل وغيره. وبالمقابل تقرع وزارة الصحة الاتحادية جرس الانذار محزرة بان الوضع الصحي في خطر ويجب الاسراع في أنقاذ هذا القطاع الحيوي وعلي الحكومة ان تفي بالتزاماتها تجاه هذا القطاع. وهو واقع ينسحب علي كل القطاعات الحيوية : (التعليم والصحة والمياه والكهرباء وهلمجرا). فهل نحن علي أعتاب انهيار دولة السودان لتصبح أثراً بعد عين! ألأ تدرك الحكومة دقة الموقف وسوء الحال! لماذا أبطأ الحوار الوصفة السحرية للخروج من هذه المآزق! أحسب ان الحكومة قد فقدت القدرة علي لملمة أطرافها للقيام بواجباتها تجاه البلاد والعباد في حدها الأدني. لا نريد ان نكون متشائمين ولكننا لا نريد في ذات الوقت الجري والهرولة نحو السراب , نريد أفعالا تمشي بين الناس ولا نريد اوهاماً وأحلام زلوط . الأمة في خطر ماحق والبلاد علي شفا جرف هار فهل تنادينا الي انقاذها؟؟ بارود صندل رجب المحامي
|
|
|
|
|
|