|
المناورات السعودية رسالة بدون عنوان زين العابدين صالح عبد الرحمن
|
أنهت المملكة العربية السعودية مناوراتها التي تسمي " سيف عبد الله " و يقال هي أكبر مناورات تجريها المملكة العربية السعودية في تاريخها، و في نشرة أصدرتها القوات المسلحة السعودية توضح فيها الهدف من المناورات قالت ( إن قواتهم قوات سلم و سلام، كما هي سياسة المملكة أن لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة من الدول، و لن تسمح كذلك لكائن من كان التدخل في شؤونها الداخلية) و تضيف في النشرة قائلة ( إن القوات المسلحة السعودية كأية قوات مسلحة في العالم،تقوم باستمرار علي عمليات التعلم و التدريب بأنواعه المختلفة، و إجراء التمارين بالزخيرة الحية، و كيفية التعامل مع أجهزة متقدمة من الناحية التقنية لتحقيق المرونة و خفة الحركة و الحشد النيراني) و في ذات الموضوع قال اللواء الركن حاشم الخمعلي ( إن تدريب " سيف عبد الله" تهدف إلي رفع الجاهزية القتالية و تبادل الخبرات و إكتساب المهارات الميدانية من خلال الدقة في التخطيط، و الاحترافية في التنفيذ، و القدرة علي القيادة، و السيطرة علي القطاعات المختلفة في مسرح عمليات موحد، و الوقوف علي مستوي القوات و مدي كفاءة و إحترافية الجنود) و جرت المناورات في ثلاثة مناطق في السعودية، المنطقة الجنوبية، و المنطقة الشرقية، و المنطقة الشمالية، و يقول بعض المحللين الإستراتيجيين، إن المناطق تعتبر ثلاثة رسائل مهمة، تعتقد السعودية أنها مناطق يأتي منها التحدي الأمني، حيث الرسالة الأولي في الجنوب، حيث تواجد الحوثيين اليمنيين، و الذين تقدم لهم إيران دعما ماديا و لوجستيا و سياسيا، المنطقة الشمالية و هي المتاخمة للعراق، و يمكن تسلل عناصر منها، و إضافة للخوف من عراق متحالف مع إيران، في ظل حكم نور المالكي، و الذي إتهم السعودية بأنها وراء زعزعت الأمن في العراق، لدعمها بعض الحركة الإسلامية المسلحة، و المنطقة الشرقية و هي المنطقة الغنية بالنفط ذات الأغلبية الشيعية. قالت إذاعة " منتو كارلو" الفرنسية تعليقا علي المناورات السعودية ( إن الانطباع الذي تركته المناورات السعودية العسكرية التي أطلق عليها أسم يحمل أكثر رسالة و هو " سيف عبد الله" هذا الانطباع يوحي، إن المساعي التي تبذلها أطراف دولية و خليجية، مثل سلطنة عمان، لخفض التوتر بين الرياض و طهران، و فتح قنوات الحوار و ربما زيارات متبادلة لا تزال مجرد مساعي غير مثمرة، أو أنها علي الارجح في بداياتها الصعبة، أم عن تخوف استباقي غير مقنع بإن إيران لا تنوي إمتلاك السلاح النووي، و ذلك هو مربط الفرس في المناورات العسكرية السعودية) فإذاعة " منتو كارلو" تؤكد إن المناورات رسالة موجهة إلي إيران، باعتبار أن الثلاث مناطق التي شملتها المناورات، توجد أصابع إيران فيها واضحة. و هناك أيضا من ربط المناورات بصراع السعودية في المنطقة مع إيران، يقول سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج و سياسة الطاقة، في معهد واشنطن يقول ( إن الرياض أرادت من المناورات العسكرية، التذكير بأنها ما تزال قلقة بشكل عميق، من مسارات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، و خاصة من توسيع النفوذ الإيراني) و يقول هندرسون ( الملاحظ في المناورات إن السعودية قد عرضت صاروخين صينيين من طراز " دي أف 3" المعروف عسكريا ب " سي أس أس 2" و يمكن تحميلهما رؤوس نووية، و هاذان الصاروخان يمكن بهما ضرب العمق الإيراني) و قد ربط عدد من المحللين الإستراتيجيين العسكريين بين الصاروخين، و حضور قائد الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف، بأن باكستان يمكن أن تجهز الصاروخين برؤوس نووية، وفقا للتحالف الذي بدأ يتطور بين الرياض و إسلام أباد. و هذا يرجعنا إلي تقرير كانت قد كتبته جريدة " نيويورك تايمز " الأمريكية عقب الاتفاق النووي الإيراني مع دول 5"+1 " بعنوان " الحظة الشيعية المستقبلية" جاء فيه ( باتت السعودية في منطقة الخطر الحقيقي، هي أمام أختبار مرهق و انتحاري، مع التخلي الأمريكي عنها مقابل تطبيق العلاقات مع طهران، و إن إيران تقترب من الزعامة بهدوء كبير، و لا تري أية مواجهة، و إذا تخلت واشنطن عن الرياض لن تصمد إلا أشهر قليلة، قبل أن تدخل في احتراب داخلي) و تحاول الجريدة أن تقول إن الداخل السعودي مضطرب، و غير موحد، و أية هزة من الخارج سوف تفرط العقد، و لكن هناك من ينقلنا إلي محطة أخري هو دينس روس المستشار في معهد واشنطن، و كان دبلوماسيا في وزارة الخارجية الأمريكية، عمل في منطقة الشرق الأوسط يقول ( تري إيران إن ما يجري في سوريا، و شيك بتغيير ميزان القوي في المنطقة، و يري السعوديون و غيرهم سوريا من ذات الزاوية، و لكنهم أيضا، لا يرون أي تردد من جانب الروس و الإيرانيين، في استخدام القوة الخشنة، للتأثير علي ذلك التوازن، و مع ذلك نجدهم يتساءلون بشأن الولايات المتحدة، فهل بإمكانها تغيير تصور أصدقائها في المنطقة؟ و هل بإمكانها تغيير تصور الروس و الإيرانيين أيضا؟) و الساحة السورية أصبحت الآن، ساحة للصراع السعودي الإيراني، و يعتقد المحللون الإيرانيون، إن السعودية ليس في مصلحتها إنهاء الصراع في سوريا، من خلال الحوار السلمي و التوافق الوطني، أو غيره، يبقي علي نظام بشار الأسد، و هي تريد أن تظل الساحة السورية مشتعلة، حتى تنقل السعودية صراعها السياسي، إن كان في المنطقة، أو داخل السعودية نفسها، إلي ساحة خارجية بعيدا عن الساحة السعودية. و حول الصراع السعودي الإيراني تلقيت رسالة طويلة في بريدي الالكتروني، و تحمل الرسالة تحليلا للصراع السعودي الإيراني، و أيضا تحمل معلومات كثيرة، سوف أذكر منها أربع قضايا، لها إرتباط بموضوع المناورات كرسالة، و تريد أن تبعثها السعودية في المنطقة، يقول صاحب الرسالة في الموضوعات الاربعة:- أولا – إن يكون للشيعة منبرا دائما داخل الحرم، إذا لم يكن الحرم نفسه تحت سيطرتهم، و هي عقيدة شيعية لا يمكن التنازل عنها، و بعد النجاح الثورة في إيران عام 1979، حاولت إيران أن تحدث إختراقا من خلال منابر في الحج، و لكنها فشلت، بسبب إن المجتمع السني لم يكن مهيئا لقبول مثل هذا التوجه الجديد،رغم إن الحج هو تجمع للمسلمين لتدارس شؤونهم في كل المنطقة الإسلامية، و مناصرة بعضهم البعض، و لكن العقليات التقليدية حصرت الحج فقط في العبادات و الشعيرة، و أبعدت المهمة الأساسية خوفا علي نظم الحكم القائمة دون أعمدة شعبية، و لكن سيظل الصراع مستعرا، دون أية تنازل في الوصول لتغيير مسار المنهج قائم. ثانيا – إن أغلبية مصادر الطاقة في الشرق الأوسط، تتواجد في مناطق الشيعة، في إيران و العراق و في المملكة العربية السعودية، و حتى الدول التي لها مصادر للطاقة مثل دولة الأمارات العربية المتحدة و الكويت، توجد فيها مجموعات شيعية كبيرة، و إذا استطاع الشيعة في المنطقة السيطرة علي مصادر الطاقة سوف يغيرون كل المعادلة السياسية في المنطقة، و هو صراع تعرف القيادة السعودية أبعاده، لذلك تحاول أن ترسل رسالة، أن لديها القوة لحماية نفسها و نظام الحكم فيها، رغم إن الإستراتيجية الإيرانية، لا تقوم علي حرب مباشرة مع المملكة، و لكن تحاول أن تفكك أعمدة البناء الداخلي للمملكة، و أن تحاصر المملكة من خلال السعوديين أنفسهم، و هي الوسيلة التي تؤرق مضاجع القيادة السعودية، و ليس الشعب السعودي، و خاصة هناك تململ كبير في المجتمع السعودي، لم يظهر للسطح و لكنه يمكن أن ينفجر في أية وقت. ثالثا – إن الإستراتيجية السعودية الأمنية، لحماية الداخل السعودي، قائم عل تصدير المشاكل للخارج، و تعتبر هروب من مواجهة التحديات الخارجية، حيث تعتبر الساحة السورية، هي واحدة من الساحة التي أختارتها السعودية لكي تنقل التحديات الداخلية للخارج، و هناك الساحة اللبنانية، و أيضا الساحة البحرينية، و الساحة اليمنية، و هذا يؤكد إن القيادة السعودية مدركة لإبعاد التحديات الداخلية، خاصة إذا نفضت الولايات المتحدة يدها عن حماية النظام، و مساعدته من خلال مده بالمعلومات الاستخبارتية. رابعا – عقب الثورة الإيرانية فشلت النخبة الحاكمة الإيرانية، في إحداث أية إختراقات في جبهة المذهب السني، خاصة إن رجال الدين السعوديين استطاعوا أن يخلقوا حالة نفسية، في أهل السنة ضد الشيعة، و تحركات النخبة الإيرانية، في المنطقة و الحذر منها و لكن ثورات الربيع العربي استطاعت أن تخلخل الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة في المنطقة، و أخذت عملية قبول الحوار بين المذاهب تغيير من المواقف المتزمتة، و لكن المملكة من خلال سياستها الجديدة، و التي نجحت فيها،هي إقناع الجيش المصري أن ينغلب علي الشرعية التي يمثلها الأخوان، في إعتقاد إن إقالة حكم الأخوان يبعد عنها شبح الثورة، و لكن هذه السياسة قد أحدثت شرخا كبيرا في أهل السنة، سوف يظهر في المستقبل، الأمر الذي يجعل هناك أكثر من خطاب لأهل السنة، و هناك خطاب واحد لأهل الشيعة، هذا الشرخ سوف يصب في مصلحة إيران، و مصر التي تحاول السعودية الاعتماد عليها في أمن الخليج سوف ترجح مصلحتها، و بالتالي سوف يقبلون ما هو في مصلحة مصر، هذا ما أشارت إليه الرسالة. هذا ينقلنا لمقال كتبته هدي رزق، في صحيفة "الأخبار"ا للبنانية بعنوان " السعودية و تركيا صراع يظلل المنطقة" تقول فيه ( إن مصر اليوم بحاجة إلي مشروع سياسي اقتصادي، و وفاق وطني، و تعاون مع دول إقليمية و دولية، مصلحتها لا تكمن في وقوفها في محاور ستثبت فشلها، و لا سيما أن السعودية لا تستطيع في ظل التركيبة الهرمية لقيادتها، و نظرتهم الذاتية للتطورات الموضوعية في الشرق الأوسط إفادة مصر، يكفي أن تساعدها في المدي المنظور، و لكن دون رهانات علي وقوف مصر في وجه متغيرات مهمة، تطرح تبديل وجه المنطقة) و الكاتبة رزق تراهن إن مصر سوف تذهب مع ما يحقق مصالحها في المستقبل، و إستدلت علي ذلك في مقالها لتقلبات العلاقة السعودية المصرية تاريخيا وفقا لمصالح كل دولة. ليس ما ذكره كاتب الرسالة هي حقائق، أنما هي افترضات، وفقا للمعلومات التي يمتلكها، كما هي لست فقط العوامل المؤثرة في الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، و هناك أحداث عالمية لها انعكاسات علي المنطقة و طبيعة التحالفات فيها، و هي بالفعل قد تغيرت بعد ثورات الربيع العربي، بعد التغيير الذي حدث في عدد من نظم الحكم، ثم عدم حوجة الولايات المتحدة في المستقبل القريب علي الاعتماد علي الطاقة الحفورية في الشرق الأوسط، و اعتقاد الإدارة الأمريكية إن منطقة جنوب و شرق أسيا بالإضافة إلي المحيط الباسفيكي هي المنطقة الإستراتيجية الأولي للولايات المتحدة، هذا الفراغ الذي سوف تخلفه أمريكا لابد أن يملأ من دول المنطقة، أو من دول من خارج المنطقة، و هي تؤثر بالضرورة في مجريات صراع المنطقة، و يعتمد علي دينميكية الدول، و قدرتها علي بناء تحالفات تساعدها للوصول إلي أهدافها، و سيظل الصراع في المنطقة قائما وفقا للمصالح، و نردد ماقله تشرشل ليس هناك عداوات دائما و لا صدقات دائمة و لكن هناك مصالح دائمة. و نسال الله لطف بالعباد.
|
|
|
|
|
|