|
يا هذا "الاغا" والصبي عمر
|
• منذ ان تقاسمت السماوات الفضائية الاعلام الرصين انفتحت شاشات "لفذلكة الحديث" ولنافخات الشفاة وأنصاف المتعلمين ولم تجد بعض شعوب العالم حظا يذكر في واجهتها.. فكان ملعبهم غرف الاعداد وقياس الجودة لحراسة ادبيات المهنة ولعبة الحظ ببرنامج "الحلم" بقناة الـ MBC حينما ترمي سهامها لمحظوظ في اي من بقاع الكرة الارضية لا احد يمكن ان يوقف تدحرجها ولو كان بغير مواصفات الاستهداف او رغبة مقدم البرامج واهوائه. • "عمر" الصبي ذو الستة عشر ربيعا باحدى مدن اواسط السودان حلمه ان يعرج بابيه وامه لحج مبارك وزيارة قبر المصطفى عليه افضل الصلوات والسلام وشراء مزرعة للطير والبقر والبشر ولكل فسيلة يغرسها في باطن الارض لتدر لاسرته اموالا ليكمل واخوته تعليمهم وكمال عافيتهم. • احلام "عمر" ككل احلام بني البشر قد يسوقها رنين هاتف مقدم برنامج الحلم الذي يتابعه جمهور عريض ولكن هذا "الاغا" رغم تجربته الطويلة في ميدان الاعلام إلا أنه فقد بوصلة قياس ابجديات فوارق الشعوب وثقافاتهم وقيمهم ولهجاتهم وملبسهم فاجرى اتصالا مستفزا نقله اليوتيوب ووجد استهجانا متدفقا لنقل خبر فوز "عمر" بالجائزة عند الواحدة صباحا والناس نيام لايمانهم القاطع بـ "وجعلنا الليل لباسا والنهار معاشا" وأبى إلا ان يستهزئ بوالد الصبي الذي قد يكون طاعنا في السن او لسانه موغلا في مواعين الشعوب المثقلة باقدم الثقافات الانسانية ولهجاتها المحلية. • "هذا الاغا" حينما لعب الحظ لعمر خاطبهم من فضائه هو لانه يريد ان يرقصهم فرحا بدراهم قد يمنعهم حياؤهم الفطري من ان يتراقصوا فرحا بها.. ألا يعلم هذا "الاغا" ان حشمتهم ومكوناتهم الشخصية قد تحد من التهليل لهذه "القروش" والاتيان بمفردات للتعبير بهسيترية تناسبه ولنفخ كير جائزته التي هي ليست من جيب سترته الحريرية ولكن من خزانة الـ MBC التي نحترم خيارات جذب متابعيها ومشاهديها. • بعنجهية مزق هذا "الاغا" ورقة عليها هاتف عمر ورماها ارضا في وجوه متابعين ببقاع الارض فسقط فيما يشبه قصم الظهر.. لانه فشل في انتزاع كيل المدح والتطبيل.. سقط لانه يريد ان يملأ افتراضاته ومعتقداته حينما استنكر على والد صبي الرد على هاتف ابنه المحظوظ. • ألا تعلم يا هذا "الاغا" ان آباء السودان "ستر وغطاء على ابنائهم" وحريمهم وجيرانهم.. وهواتف انصاف الليل للفزعة والنفرة ولمساندة الجار وانقاذ المريض ولدفن الموتى ولصد كلاب الليل وليس لتلقي اتصالات تدفق اموال او شيء من الخطرفات والسجالات الماسخة.. ألا تعلم ان هناك اسرارا تنام في امان الله بغرفة واحدة او تعريشة بقايا سيقان النخيل وليس قصورا واجنحة لكل صبي وصبية.. • من قال لك يا هذا "الاغا" ان حقوق الملكية تسمح لمثل هذه برامج الدخول لديار الاخرين في اي وقت يشاءون وكيفما يرغبون فان امتلكت الفضاءات فهي غير مالكة لاسوار ديار الناس وحجراتهم ولمفاتيح تحريك مشاعرهم كيفما شاءت.. هل تعتقد ان مجرد رنين هاتف "الحلم" يعني ان يقدم المحظوظ فاصلا من هز الوسط وضرب الطبل وموشحا بفصاحة لسان يدفق سيل الفرح ليتقافز "الاغا" الذي يتقازم امام مشاهدين من كل الملات والاعراق والثقافات ولا يجيد فن تعامل نبيل يحفظ كرامة المحظوظ ان كان متلعثما او متفرجنا او أعجميا.
عواطف عبداللطيف اعلامية مقيمة بقطر [email protected]
همسة : يا هذا الاغا عذرا تنحا .. نعم .. لتتلقى درسا في فنون التعامل مع الاخر .
|
|
|
|
|
|