|
رسالة إلى الرئيس عباس
|
د. فايز أبو شمالة لا غضاضة بالرسالة التي وقعها عشرات المثقفين الفلسطينيين والعرب، لا غضاضة بالرسالة التي ترفض نهج المفاوضات الذي امتد عشرين عاماً، وتدعو إلى حوار وطني فلسطيني يناقش مستقبل القضية الفلسطينية، لا غضاضة بمضمون بالرسالة لو لم تكن موجهة إلى شخص الرئيس محمود عباس الذي يمارس التفاوض عن قناعة كاملة ورضاء تام! لقد أخطأ المثقفون الفلسطينيون والعرب حين طالبوا برسالتهم الرئيس محمود عباس تصويب أخطائه، والتراجع عن مسار المفاوضات! إذ كيف ينكص الرئيس محمود عباس عن مشواره السياسي الذي أفنى فيه عمره، وعبر من خلاله عن قناعته التامة بحق اليهود في الحياة، ومارس من خلاله مهمة الحفاظ على أمن الإسرائيليين، وعبر عن عدم جدوى الحديث عن حقه بالعودة إلى صفد، وأعلن على الملأ أن المقاومة الفلسطينية للاحتلال إرهاب، وأن أرض فلسطين هي الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، وما عدا ذلك فهو ملك خالص لليهود. إن الرئيس الذي رسخت لديه القناعة بما سبق ليس بحاجة إلى رسائل إرشاد أو تذكير أو إثارة انتباه، أو رسائل لوم وعتاب، أو حتى رسائل تهديد ووعيد، فمثل هذا الرئيس الذي اكتملت لديه القناعة، هو بحاجة إلى حراك جماهيري يصطدم بقناعاته، ويحطم ظنونه، مثل هذا الرئيس بحاجة إلى ثورة شعبية تعيد ترتيب البيت الفلسطيني بقوة الإرادة الشعبية، القادرة على ترتيب أولويات العمل من خلال المقاومة المسلحة للغاصبين. رغم صدق النوايا المثقفين فقد وقعوا في الخطأ حين طالبوا الرئيس عباس بإعادة تشكيل المرحلة السياسية، وأن يرسم هو لك طريق الغد، فمن الخطيئة أن ينتظر المثقفون والسياسيون أن يزوج لهم الرئيس بناتكم، وأن يصرف لكم مكافأة مالية لسهراتهم، وأن ينتظروا عودته من سفره كي يبسطوا بين يديه مطالبهم، ويشاركهم الإنفاق على تعليم أبنائهم، حكي يهتفوا له: بالروح والدم نفديك أنت يا هذا الرئيس، وليذهب الوطن إلى الجحيم. إن الشعب الذي يرتجف مثقفوه عن الصراخ بالحق وجه الرئيس لهو شعب ضعيف، وإن المجتمع الذي تعجز نخبه السياسية عن تحطيم الصنم المعبود للرئيس لهو مجتمع جاهلي، وسيظل هذا الشعب ذليلاً طالما استمر في الصمت والتصفيق لقيادة الفرد، واستمر بالغناء باسمه في المناسبات، والرقص طرياً على أخطائه في الأمسيات. إن مأساة الفلسطينيين بحاجة إلى ما هو أكثر من رسالة مثقفين إلى الرئيس، مأساة الفلسطينيين بحاجة إلى صرخات الغضب المدوية في مسامع الرئيس، ولو كانت رسائل المثقفين تجدي نفعاً لدى الحكام العرب، لما احتاج الشعب المصري إلى ثورة جماهيرية ضد نظام حسني مبارك، ولما اضطر الشعب الليبي لتقديم القرابين كي يجز عنق معمر القذافي الذي أبى أن يستمع إلا لأصداء صوته، وما يدور في خلده. تمنيت على المثقفين الفلسطينيين والعرب أن يوجهوا رسالة إلى الشعب الفلسطيني بمؤسساته وكوادره ومثقفيه ونخبه السياسية وتنظيماته؛ رسالة تدعو إلى لقاء جماهيري واسع في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي فلسطين المغتصبة وفي الشتات في الوقت ذاته، لقاء موسع يهدف إلى رسم معالم الطريق للمرحلة القادمة من حياة الشعب الفلسطيني.
|
|
|
|
|
|