|
النهضة التركية من نجم الدين أربكان الي أردوقان (1
|
لقد شكل الفوز الباهر لحزب العدالة والتنمية برئاسة السيد رجب أردوقان في الانتخابات التي جرت بتاريخ 30/ مارس/2014م والتي أحرز بموجبها نسبة 46.6% جدلاً واسعاً على مستوى كافة الدوائر السياسية والاعلامية والاستراتيجية ودوائر الاستخبارات والعلاقات الدولية حيث قرأ البعض نتيجة الانتخابات في ظل الصراع الدائر بين كل من انقرة والرياض والقاهرة وقطر على قيادة العالم السني مما دفع بالإسلاميين الاتراك للتصويت لأردوغان, لأنهم يعتبرون أن تركيا في ظل أردوغان هي امتداداً لدولة الخلافة العثمانية التي كانت تتزعم العالم السني. كذلك وجد فوز حزب العدالة ارتياحاً وسط جماهير الربيع العربي وحركة الاخوان المسلمين وأنصارها خاصة بعد ظهور نتيجة الانتخابات حيث ظهر اردوقان وسط جماهيره المحتشدة وهو يلوح بكلتا يديه بشعار (رابعة) فالأستاذة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان، قالت في تغريدة لها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: (مبروك للجميع هذا الفوز حكومة ومعارضة، لقد وجه شعب تركيا العظيم بذلك أيضاً صفعة عثمانية بوجه شيوخ النفط المتآمرين، وركلة ببطن الإنقلابيين الفاشيين بمصر). فما ذكرته توكل كرمان يشير الي مخطط بعض شيوخ الخليج في تقديم البديل الوهابي الرجعي المرتبط بدوائر الاستخبارت الأمريكية والساعي لضرب الوحدة الإسلامي والذي يقوم بدور الشيطان الأخرس بصمته حيال قتل الآلاف من المسلمين في مصر كما يفعل حزب النور الوهابي وبصمت أقرانه على الوجود الأمريكي في الخليج وتواطؤ بعض شيوخ الخليخ مع العدو الصهيوني ضد حركتي المقاومة الإسلامية في فلسطين حماس والجهاد، وبدعمهم لتشديد الحصار على قطاع غزة ومحاولات كسر ظهر المقاومة. أما أردوقان فقد قال عن معرفته بشعبه: ( إنني أعرف الشعب التركي أكثر من أي سياسي آخر في البلد, منذ كنت أبيع البطيخ والسميط في شوارع المدينة, والتي مكنتني من أن أعيش هم الناس). لكنني أود أن أربط القارئ في هذه الحلقة الأولى بمجهودات رائد النهضة الإسلامية الحديثة في تركيا الذي تربي في مدرسته كلٌ من أردوقان وعبد الله غل، ذلكم العالم المجاهد المحتسب المرحوم المهندس نجم الدين أربكان. لم أنس ذلك اليوم في العام 1987 أو 1988م حيث ترجل مؤسس الحركة الإسلامية في تركيا المهندس نجم الدين أربكان من العربة المرسيدس ليدخل الي مقر مركز الجبهة الإسلامية بالخرطوم (2) ليلتقي بالشيخ الدكتور حسن التربي حيث يتطلع الزعيمان لقيادة العالم الإسلام قيادة تحرره من هيمنة وتبعية القوى الامبريالية بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وتوابعهما من الحكام العرب. أما اليوم الآخر الذي لا أنساه عندما نـُقلت من العاصمة اللبنانية بيروت في مايو2003م لأعمل مستشاراً إعلامياً بالسفارة السودانية بأنقرة العاصمة التركية.. كان ذلك بعد الفوز الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية عام 2002م وتحقيقه أغلبية برلمانية بلغت 363 مقعداً، مكنته من تشكيل الحكومة بمفرده. فقد شهدت تركيا منذ سقوط الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك في عام 1924م محاولات حثيثة من جانب السلطة الحاكمة لإبعاد الأتراك عن الإسلام وفصلهم عن جذورهم وهويتهم الإسلامية؛ بذريعة اللحاق بركب التقدم الأوربي!!. إن تقدم الحركة الإسلامية في تركيا لم يكن وليد انتخابات عام 2002م التي ظهر فيها السيد رجب طيب أردوقان وزميل كفاحة عبد الله غل للساحة السياسية بصورة قوية بل كان ذلك لمجهودات عظيمة بذلها أبو الإسلام السياسي كما يطلق عليه الذي ضحى بوقته وجهاده ومقاومته للمؤسسة العسكرية العلمانية المرتبطة بالماسونية ويهود الدونما الذين ينتمي إليهم كمال أتاتورك، إنه المهندس نجم الدين أربكان المولود فيand#1634;and#1641; أكتوبر، and#1633;and#1641;and#1634;and#1638; والمتوفي في and#1634;and#1639; فبراير، and#1634;and#1632;and#1633;and#1633;. كانت البداية الفعلية والظهور العلني لمسرح السياسة التركي عندما عاد أربكان إلى تركيا وعمِل أستاذًا بجامعة إسطنبول، كما كان عضوًا بارزًا في حزب العدالة برئاسة سليمان ديميريل، ولم يُخْفِ اربكان حينها ميوله الإسلامية مما أثار حوله جدلاً واسعًا من قبل العلمانيين الأتراك الذين بدءوا حينها حربًا إعلامية ضده، مما جعل ديميريل يرفض إدراج اسم أربكان على قوائم الحزب الانتخابية عام 1969م تأكيدًا على الطابع العلماني لحزب العدالة، بعدما شعر بتنامي قوة المجموعة ذات التوجه الإسلامي داخل حزبه. فكان هذا الموقف من سليمان ديميريل هو بداية التحول في حياة أربكان؛ حيث رشح نفسه كنائب مستقل عن مدينة قونية، التي كانت على امتداد تاريخ تركيا الإسلامي، معقلاً إسلاميًّا، وبالفعل استطاع أربكان تحقيق نصر كبير بفوزه بأغلبية أصوات أبناء المدينة. و بمجرد دخوله البرلمان استطاع لم شمل النواب الإسلاميين في البرلمان ليقوموا تحت زعامته في عام 1970م بإنشاء حزب جديد باسم "النظام الوطني" ليعبّر ولأول مرة منذ إسقاط الخلافة عن ارتباطه الصريح بالإسلام؛ حيث جاء صراحة في بيانه التأسيسي: "أما اليوم فإن أمتنا العظيمة التي هي امتداد لأولئك الفاتحين الذين قهروا الجيوش الصليبية قبل ألف سنة، والذين فتحوا إسطنبول قبل 500 سنة، أولئك الذين قرعوا أبواب فيينا قبل 400 سنة.. وخاضوا حرب الاستقلال قبل خمسين سنة.. هذه الأمة العريقة تحاول اليوم أن تنهض من كبوتها تجدد عهدها وقوتها مع حزبها الأصيل (النظام الوطني) الذي سيعيد لأمتنا مجدها التليد، الأمة التي تملك رصيدًا هائلاً من الأخلاق والفضائل يضاف إلى رصيدها التاريخي، وإلى رصيدها الذي يمثل الحاضر المتمثل في الشباب الواعي المؤمن بقضيته وقضية وطنه". يذكر هنا أن أربكان قد أسس حزب (النظام الوطني) بالتحالف مع التيار الإسلامي المنتمي للحركة النورسية التي تنتمي لأفكار المصلح التركي الكردي الأصل بديع الزمان سيد سعيد نورسي المولود في قرية نورس الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام (1294هـ – 1877م). هنا أريد من القارئ أن يستصحب هذه العلاقة التاريخية بين جماعة النورسي في عهد أربكان والتي تحولت الآن الي عداء وخصومة بين أردوقان ووريث الطريقة النورسية أو جماعة النور الأستاذ فتح الله كلان المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية والذي يعتقد أردوقان أنه وراء المؤامرات ضد حزب العدالة والتنمية ومحاولة دمغه بتهم الفساد. كان (حزب النظام الوطني) الذي أسسه أربكان هو أول تنظيم سياسي ذي هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924م. لكن المؤسسة العسكرية لم تصبر على هذا لتطور الخطير لصالح الإسلام السياسي الذي قام أتاتورك بحركته خصيصاً لاجهاضه والقضاء عليه لذلك سارعت المؤسسة العسكرية بانقلابها الثاني بعد أتاتورك في 12 مارس 1970م، وتم إغلاق حزب (النظام الوطني) بقرار من المحكمة الدستورية بتهمة دعايته للشريعة الإسلامية بما يخالف الدستور العلماني للدولة التركية!. قلنا أنه وتحت ضغط المؤسسة العسكرية العلمانية لم يصمد حزب (النظام الوطني) سوى تسعة أشهر حتى تم حله بقرار قضائي من المحكمة الدستورية بعد إنذار من قائد الجيش محسن باتور، فقام أربكان بدعم من التحالف ذاته بتأسيس حزب (السلامة الوطني) عام 1972م، وشارك في الانتخابات العامة واستطاع الفوز بخمسين مقعدا كانت كافية له ليشارك في مطلع عام 1974م في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ليرعى المبادئ العلمانية. بعد حل حزب (السلامة الوطني)، أسس أربكان في العام 1983م حزب (الرفاه)،الذي أفلح في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996 ليترأس أربكان حكومة ائتلافية مع حزب (الطريق القويم) برئاسة تانسو تشيللر. خلال أقل من عام قضاه رئيسا للحكومة التركية، بدأت ملامح البرنامج الإسلامي للمهندس أربكان واضحة من خلال انفتاحه على العالم الإسلامي، حتى بدا وكأنه يريد استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي، حيث قام بزيارة كلا من ليبيا وإيران، وأعلن عن تشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية: إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا. ولم يمهل أربكان الحكومة التركية طويلاً إذ ما لبث أن صوتت تركيا في الأمم المتحدة لأول مرة منذ إعلان الجمهورية لصالح الحق الفلسطيني في استرداد أرضه المغتصبة من قِبل الصهاينة، بل وزادت الحكومة بضغوط من جناح أربكان بالتصويت إلى جانب القرار الدولي الذي يعتبر الصهيونية حركة عنصرية، فضلاً عن اعتراف تركيا بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني. لكن المؤسسة العسكرية العلمانية كانت من ورائه بالمرصاد حيث تم في عام 1998م حظر حزب (الرفاه) ثم أحيل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن أربكان قام بتأسيس حزب جديد هو حزب (الفضيلة) برئاسة أحد معاونيه، لكن هذا الحزب تعرض للحظر أيضا في عام 2000م. ثم قررت المحكمة الدستورية التركية في يونيو 2001م حل حزب الفضيلة الإسلامي، والذي كان يعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد، حيث وجه له الادعاء التركي تهمة تهديد النظام العلماني في البلاد، وبأنه استمرار لحزب الرفاه الإسلامي. جاء حل حزب (الفضيلة) ليمثل بروز جيل جديد من الاصلاحيين بقيادة تلميذ أربكان الشاب رجب طيب أردوقان خريج المعاهد الدينية ورئيس بلدية اسطنبول سابقاً وزميله عبد الله غل. ( نواصل في الحقة القادمة إن مدَّ الله في الآجال).
|
|
|
|
|
|