|
مفسدون في الأرض وفي الجو لماذا لا تلغى سودانير إذن؟! محمد وقيع الله (3 من3)
|
أعلن السيد عبد الله مسار رئيس لجنة النقل بالبرلمان الاتحادي أن شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) أمست تملك عشر طائرات فقط. ثم كشف النقاب عن أوضاع هذا العدد الهزيل من الطائرات فقال: إن من بينها ثلاث طائرات هوالك لايرجى منها خير. وست طائرات يحتجن إلى الصيانة والإصلاح (الآن)! وقال إن طائرة واحدة فقط من طائرات الشركة بقيت تحلق بكفاءة لا بأس بها في الأجواء. وإن كان لا تؤمن عليها الأعاصير والأنواء. وبالتالي اتضح أن شركة سودانير تقوم بأكملها على طائرة واحدة فقط لا غير. وأن هذه الطائرة الوحيدة يشكل لإدارتها مجلس إدارة من أعضاء كثيرين. يتقاضى كل واحد منهم عشرات آلاف الجنيهات كما ينالون امتيازات السفر المجانية لهم ولأسرهم على متن هذه الطائرة اليتيمة. وأن هذه الطائرة الوحيدة يعين لأجل إدارتها والإشراف على حركتها مدير له نواب لهم نواب، ومساعدون لهم مساعدون، ومستشارون لهم مستشارون، وسكرتيرات لهن سكرتيرات، وينهل كل واحد منهم ومنهن من إيرادات هذه الطائرة اليتيمة ويسافرون ويسافرن على متنها مجانا. ويعين لأجل خدمة هذه الطائرة المدللة رتل جرار من العمال والفنيين والمهندسين والموظفين. وكم نتمنى أن يدلنا أحد المطلعين العارفين على عدد منسوبي سوادنير الذين تنحصر مهامهم في خدمة هذه الطائرة المحظوظة. وبعد إدلاء السيد مسار بهذه المعلومات العامة عن سودانير لم يكن عجيبا أن يذكر أن مديونيتها قد بلغت (362) مليون جنيها سودانيا. وأن يستطرد فيقول إن مبلغ (47) مليون جنيه من مديونية سودانير عبارة عن دين بالعملة الصعبة. وإن بقية المبلغ هو ديون لمؤسسات سودانية وأفراد. وقد جاءت العبارات المسارية التي تحدثت عن مسارات الديون حمالة أوجه ولم تفدنا بمعنى قاطع. ولكنا رجحنا أن يكون مسار الديون على سودانير لا لها. فمثل سودانير من يستدين ولا يدين! ومن العجيب طبعا - وإن كان لا عجيب في أمر سودانير - أن تستدين بعض الأموال من الأفراد. مثلما يستدين التاجر من تاجر معه في السوق. أو يستدين الجار من جار له في الحي، أو يستدين الموظف من زميل له في العمل. أو يستدين صديق من صديق. أو أخ من أخيه! ثم قال النائب المحترم إن صيانة طائرات سودانير الستة المتعطلة تكلف (10,7) مليون دولارا. وهذه المعلومة التي فجعتنا قبل أن تفجع مدير بنك السودان كان من المفروض أن نسمعها من فِي المدير العام لشركة سودانير. أو من فِي رئيس مجلس إدارتها. فهذا واجبها قبل أن يكون واجب نائب البرلمان. ولكنهما خشيا الصدع به لم يقويا عليه وبقيا رهن التستر على الحال. وبالطبع فلا يرجى لمن يتستر على سوء الحال حسن مآل! وبعد أن أدلى السيد مسار بهذه المعلومات (التنويرية) عاد وانثنى وأفسد كل ما (نوَّر) به عندما قال إن له موعدا مضروبا مع إدارة سودانير ليستمع منها إلى (تنوير)! فأي تنوير يبتغيه منهم أكثر من تنويره إيانا بهذه الحقائق الدامغات. إن محكمة القائد التركي نفسها، وهي هيئة قضائية ناجزة كانت تنظر في أمر طوارئ مصيري، لم تنتظر طويلا حتى تسمع منه التفصيلات الوافية عن الأسباب الاثني عشر التي أدت إلى هزيمته في المعركة. وذلك بعد أن ذكر السبب الأول منها وهو نفاذ ذخيرته! فقد نفذت ذخائر سودانير جميعا ولم تبق لها سوى طلقة واحدة تبعثها في الأجواء. وكعادة المسؤولين الإنقاذيين في التلاعب اللفظي السمج الذي يسمرئونه ويستهويهم، والذي انقضى أجله أو سينقضي عن قريب، فقد اختط السيد مسار مسارا خاطئا حرَف إليه حديثه في عرضحال سودانير وكشفه عندما أخذ يتحدث عن خطة خيالية لإنقاذ سودانير. فقال إن الاجتماع (لم يذكر مع من اجتمع!) تطرق إلى مشاكل سودانير، ومن بينها القانون الذي ينظم العلاقة بين سودانير والطيران المدني، وكيفية معالجة مديونيات سودانير، موضحا أن الإدارة الحالية ليست معنية بقضية خط هيثرو. وهكذا فضل مسار أن يتخذ مسار التعلَّات الباهتة، واتباع الاجراءات البيروقراطية الواهية، وأساليب اللت والعجن المتكرر عن القانون الذي ينظم علاقة سودانير بهيئة الطيران المدني، وينظم علاقة هيئة الطيران المدني بسودانير، وينظم علاقاتهما معا. ويناقش أفضل الطرق للبحث عن طريق لمعالجة ديون سودانير، وليس إيقاف استدانتها من جهات أخرى على حساب الدولة، ومحاسبة من تسببوا فيها؟! ولم يضبط النائب البرلماني لغته جيدا فأدلى بكلام فضفاض من كلام السياسيين الفضفاضين الذي يحتمل شتى المعاني. وذلك عندما قال إن الإدارة الحالية لسودانير ليست معنية بقضية خط هيثرو! ومما يمكن أن يستنتج من مسار هذه العبارة أن الإدارة الحالية لشركة سودانير ليست مسؤولة عن جريمة بيع خط هيثرو. وهذا المعنى ربما كان صحيحا لو أن الإدارة الحالية اسودانير ليس فيها شخص أو أشخاص من أشخاص الإدارة القديمة التي تورطت في تلك المهلكة. ونحن لا ندري في الحقيقة أسماء من كانوا ومن بقوا من أفراد الإدارتين الطارفة والتليدة من سدنة الشركة وخونتها. والمعنى الآخر الذي يمكن أن يسير إليه كلام مسار هو أن الإدارة الحالية لسودانير لا يهمها في شئ هذا الجرم الذي ارتكب ببيع خط هيثرو. وهو معنى بالغ الفحش إذ كيف لا تهتم إدارة سودانير بهذا الشأن وهي الجهة المتأثرة به قبل أي جهة أخرى في القطر. وإذا لم يكن بيع خط هيثرو مما إدارة سودانير فأي أمر آخر من أمور الدنيا يهمها؟! وأي جهة يمكن أن يهمها جرم بيع الخط غير إدارة سودانير في المبدأ والختام؟! اللهم إنا سئمنا الحديث عن المسؤولين السُّودان أولي العناد. اللهم إنا نجأر إليك بالشكوى من جور العباد. بعد أن خلت البلاد إلا من حماة الفساد!
|
|
|
|
|
|