بحري و ذكرياتها " قصة مدينتين" (2-2) زين العابدين صالح عبد الرحمن

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 08:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-10-2014, 02:25 AM

زين العابدين صالح عبد الرحمن
<aزين العابدين صالح عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 1033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بحري و ذكرياتها " قصة مدينتين" (2-2) زين العابدين صالح عبد الرحمن

    للذكري شجن، و كما تغني إبراهيم عوض، الذكري الجميلة لو تعرف معناها لا دنيا بزيلها و لا أخرة بتمحاها، و يقول عنها ود القرشي: الذكريات صادقة و نبيلة مهما تجافينا بنقول حليله، الذكريات في كل ليلة توحي للحبايب أشياء جميلة. و يقول أهل عم النفس إن الأشياء التي تختزن في الطفولة لا تزول من الذاكرة، و قد تمحو السنين أشياء بمرور الزمن و الأحداث و تداخل المناطق، و لكن ذكريات الطفولة تظل هي المتقدة في الذهن الإنساني، في المقال الأول حاولنا التعريف بحي الدناقلة شمال، و أشهر ساكنيه، و بالضرورة إن الذاكرة تخون صاحبها في نسيان البعض و هو نسيان لا يحمل إستخفافا بالبعض، أو عدم إهتمام و لكن ربما غفلة الكاتب، و ارجو المعذرة و الغفران من البعض، و هي سلسلة لا تنقطع حلقاتها، و أرجو الصفح عني لكل من عاتبني، و نذكر قول المتنبي " نبكي علي الدنيا و ما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا" و الشي الذي لا يلاحظه الكثير من الناس إن سكان بحري القدامة، إذا سألته من أين أنت؟ لا يقول أنا من الخرطوم بحري، فيقول أنا من بحري، لأنهم لا يعرفون منطقتهم بغيرها، فهي شخصية قائمة بذاتها، و هذا هو اعتزازهم بمنطقتهم.
    و العلاقة بين الدناقلة شمال و المزاد، و الأحياء الأخري، هناك العديد من الأسر التي انتقلت من حي الدناقلة إلي حي المزاد، وزاد الوصل بينهم، و جمعتهم مدرسة الشعبية بحري، في ذالك الوقت لم يكن في حي المزاد مدرسة، فارسلوا أبنائهم إلي مدرسة الشعبية التي هي ناصية شارع الماعونة مع شارع المدارس و تجاورها من الجنوب مدرسة ميسرة السراج، و أيضا أرسلت بعض الأسر في الدناقلة شمال أبنائها إلي مدرسة الشعبية بحري، و كذلك أسر من ديوم بحري، فهي الأحياء القريبة من بعضها البعض، و بالتالي تتداخل الأشياء، و قبل المدرسة الابتدائية " الروضة" كانت مدرسة ست ليلي، و يطلق عليها البعض مدرسة الأمريكان، و هي في الدناقلة جنوب علي ناصية ميدان الالوبة، و كانت قد ارسلتني جدتي للدراسة و الاستمرار فيها حتى أكمل المراحل التعليمية ، و كانت ترسل المدرسة بعد الابتدائي الطلبة إلي المدرسة الأم و التي تواجه مباشرة جامع بحري الكبير من الشمال، و لكن كما قلت تأثر و الدي بتيار الاتحادي و شعارات الرفاق في الدناقلة شمال انتزعني نتزاعا لكي أدخل مدرسة الدناقلة شمال، ثم مدرسة الدناقلة النموذجية، و سميت النموذجية، باعتبارها كانت منحة من اليونسكو و مبنية من الخشب، و كانت كإختبار لمدرسة تلاءم طقس السودان، ثم في السنة الثالثة تحولت إلي مدرسة الشعبية، و هناك أول مدرستين للمتوسطة في بحري الأميرية واحد في الدناقلة جنوب بالقرب من نادي التحرير يواجهها منزل نجم الدين أشهر سيرباك الفريق القومي و لاعب النيل المشهور في ذلك الوقت، و الأميرية 2 و هي في الدناقلة شمال و كانت لها داخلية المنزل الذي يقع بين بيت مصطفي عبد السيد و إبراهيم موسي.
    و للعلاقات المتداخلة بين الأحياء في بحري، كان البعض يرسل أبنائهم لخلوة الشيخ صالح في حي الخاتمية، و هي تقع علي شارع الصناعات بالقرب من نهاية الشارع لخط السكة حديد، في الجزء الذي يسمي كرش الفيل، و يقع جنوبها منزل محمد سلام من أوائل النقابيين السودانيين المنتمين للحزب الشيوعي، و في ذات الشارع بيت الفنان محمد ميرغني، و خلوة الفكي كانت تقبل الأطفال قبل دخول المدرسة بهدف تحفيظهم القرآن، و كان أجمل أيام الخلوة يوم الاربعاء يوم البليلة، و كان كل حوار عليه أن يأتي بحفنة عيش و عود حطب، و تجمع جميعها و توضع في قدر واحد و توزع علي الحضور، و يوم البليلة هو أقرب للعطلة و ليس فيه حفظ و تسميع.
    هناك كما ذكرت متشابهات في حي الدناقلة و المزاد، بص عمك نصر في الدناقلة، و بص عمك ميرغني في المزاد، بص عمك نصر بص فريد في نوعه خاصة بعد التاسعة صباحا، تكون هذه فردت النساء الكبار في السن الذاهبات لسوق بحري، فالبص يقف في كل ناصية لكي تخرج النساء، و إذا تأخرت إحداهما تنزل من البص اصغرهم سنا أو أنشطهم لكي تستعجلها، و هي تتأنا في مشيتها لتصدق قول الأعشي
    غراء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهوينا كما يمشي الوحي الوحل
    كأن مشيتها من بيت جارتها مر السحاب لا ريث و لا عجل
    تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زحل
    ليست كمن يكره الجيران طلعتها و لاتراها كسر الجار تختتل
    و عمك نصر لا يتحرك خطوة واحدة إذا لم يعرف سبب التأخير، و هو متأني أكثر منهم، يتمهل في كل شيء، و عند العودة، كأنها بنت " بشري الفاضل " التي طارت عصافيرها، و هذه الفردة ربما تستغرق أكثر من ساعة و نصف و يمشيها البص في الرحلة العادية ربع ساعة، و هؤلاء النسوة يرجعنا مع بعض في ذات البص و تسمي فردة الرجعة، و فيها يقمع النسوة البامية و يورقوا الخضرة و يقشروا البطاطس، و يحشوا البص، و تكون حلة الملاح جاهزة فقط توضع في النار، و لا يسمح لغريب غير معروف في الحي الركوب مع هؤلاء النسوة، و من الأشياء العجيب في ذلك الزمن يعرف الصبية و حتى الرجال بنسوانهم و أمهاتهم، و حتى عم نصر يفهم رطانة بعضهم خاصة الكنوز " الشلالية" غالبا ما يتحدث النساء اللغة الأيسر لهم، و خاصة عندما تأتي محطتهم يستخدمون اللغة السريعة التي تأتي علي لسانهم، و كان بص عمر نصر من المعالم الشهيرة في الدناقلة شمال، مثل دكان العم سعد قشرة، الذي كانت دائما أمامه جوالات من التبش، الذي يبيعه عم عبدالله مع صحانة من الشطة بالليمون و كان الأطفال يتحلقون حولها، و إذا طال طفل في الغياب تسرع أسرته لمكان عم عبد الله.
    في المزاد هناك بص العم ميرغني، الذي يتقدم خطوة و يرجع خطوتين، و عم ميرغني عنده عصايتين من الخشب واحدة أطول بقليل عن الثانية، الأولي للتعشيقة رقم واحد و ثلاثة، و الثانية لرقم أثنين و أربعة، و كلما عم ميرغني يعش يحدث الجربوكس صوتا مزعجا، مباشرة يقول عم ميرغني الظاهر محتاج لزيت، و طبعا من المزاد لسوق بحري لا أقل من ساعة عندما يزيد السرعة، و الواحد يكون ما طلع من البيت يسمع صوت البص يكورك لعم ميرغني أنه طالع خلاص و عم ميرغني ينتظره و لا اعتراض.
    و كما يحكي أهل المزاد عن أولاد موسي، و هم سبعة أخوة و لهم شقيقة واحدة، و أولاد بلة في الدناقلة شمال هم أحدي عشر أخ و شقيقة واحدة، رحم الله من رحل منهم و متع الله من بقي منهم بالصحة و العافية، و معروف في ليالي الصيف الجميلة في السودان ينام الناس خارج الغرف، و جاءهم حرامي، و دخل الغرفة جمع كل ما وجده في بقجة و خرج، و وجد العناقريب خالية من اصحابها وضرب الكوراك.
    و من طرائف بحري عمنا عثمان الحاج و هو سكرتير نادي التحريري البحراوي عشرات السنين، و إداري ناجح، و لكنه كان لا يلعب التحرير مبارة دون أن يذهب عثمان الحاج للفكي لكي يربط الكورة، و يقال مرة فكي من أبناء الفلاته، طلب من عثمان الحاج شراء قرد، ثم يضعه في طشت مليان ماء و بعد ذلك يذبحه، و بعد عثمان الحاج اشتري القرد، و لكن لم يجد من يذبح القرد، و أخيرا وجد أحد بناء الفلاته و وافق بعد ما أغراه عثمان الحاج أن يعطيه خمس جنيهات، و بعض ما وضع القرد في الماء و الرجل أمسك بالسكين كان القرد يراقبه، فالراجل خاف أرجع السكين لعثمان الحاج و قال ليه كيف أذبح لي زول ياخ، و المرحوم عمر علي عثمان رئيس نادي الصقر الأسود في المزاد لا يقل أيمانا بهذه المسائل من عثمان الحاج، هو مهوس بقضية ربط الكورة و تكتيفها عند الفكي، و عمر كان يجد مساندة دائما من بله " الطيب محمد إبراهيم" و عبد الرحمن الأمين، و في أحدي المرات و نحن لاعبين مع الحلفاية و بعد وضع التشكيلة التي سوف تبدأ المباراة يناديك عبد الرحمن الأمين و يقول ليك أدخل هنا و تجد عمر علي ماسك برطمانية في شيء اسود و يملأ المعلقة و تشرب دون أية نقاش أو مجادلة أو سوف تحرم من المبارة، و مرة شربناها و انهزمنا خمس.
    و أهل الدناقلة لا ينسون طعمية عم الشفيع، و هي من أشهي مآكولات ذلك الزمن، كان عم الشفيع يبدأ رميها من بعد صلاة المغرب، و تجد الصف طويل و عندما يؤذن الآذان لصلاة العشاء تكون قد انتهت، و لا يضاهي طعميته غير عم عبد الحليم و هو من سكان المزاد و لكن كشكه كان في نهاية شارع المعونة ، محل موقف الخرطوم للحافلات و شمال جامع بحري، بالقرب من طاحون مقار، و هي الطاحون الأولي في بحري و كان كل أهل بحري قدامة يطحنون في طاحونة مقار،
    من أجمل ليالي الدناقلة شمال في ذلك الجميل البهيج، الاحتفالات التي يقيمها الفلاته، الكيته، و موسيقي القرب، و طبعا لا يرقص الرجل و المرأة إلا إذا وضع العملة الفضية و النحاسية في جبهته ككرت مرور للرقص، و في هذا الانفعال مع الرقص تتساقط هذه العملة علي الأرض و عيب الواحد يلتقطها من لأرض و حسان الفلاته يراقبون الصبايا، و في هذه الحفلات تخرج الحسان من خدورهم و تتواصل لغة العيون، و كل شاب يردد في سره " إن العيون التي في طرفها حور قتلنا ثم لم يحن قتلان" و في ذلك اليوم مسموح للصبية دون البلوغ حضور الاحتفال حتى العاشرة مساء ثم يذهب كل إلي فراشه و مع خيوط الفجر الأولي نجري لكي نلتقط هذه العملات التي سقطت في الأرض.
    و مثل ما كان عم حمود الحلاق من ظرفاء جامعة الخرطوم، و هو كان من سكان المزاد يسكن في البيوت التي تفتح في إستاد التحرير، كان محلان للحلاقة مشهوران محل أبو الهول و محل علي مرحوم، و هؤلاء كانت تأتيهم النخبة و المثقفين في أحياء بحري، و كانت هناك تربيزة في قلب المحل توضع عليها صحف ذلك الزمان، إلي جانب المجلات اللبنانية الشبكة و الموعد، أما الصبية و فقراء القوم يذهبون للحلاقة بالقرب من الاندايا التي كانت في المكان الذي بني فيه مستشفي أحمد قاسم، و كانت هناك أشجار نيم و بعض البخ و هي أشجار ظليلة يجلس تحتها الباعة و الحلاقين، و النقلتية و غيرهم من اصحاب الاعمال اليدوية.
    كان سوق المزاد في السبعينات من القرن الماضي، مركز لتجمع أبناء الحي بعد صلاة المغرب و العشاء، و خاصة عندما يكون دوري الدرجة الأولي متواصل، هناك كانت النقاشات الحامية بين الهلالاب بقيادة أحمد عبد المجيد عليه رحمة الله و عبد الحميد شرفي، و المريخاب بقيادة عبد الرحمن الآمين و شقيقه عبد الشكور و السر ميرغني، و كانت قهوة عم علي و مطعم الفول لعم فضل, و أذكر مرة هم بعض الأخوة الذهاب لسينما الصافية الدور الثاني و و قبل الذهاب عرجوا لمطعم الفول، و وضع صلاح فضل الله كمية من الشطة في الفول لمختار دون أن يشعر و ألمته جدا، صر مختار المسألة لصلاح، و بعد فترة ذهبوا مرة ثانية لمحل الفول، و دون أن يشعر صلاح وضع مختار أمامه ملح انجليزي سريع المفعول، و بعد دقائق من العشاء استأذن صلاح أنه مشغول و ذاهب للبيت، و تعلق مختار في رقبته لكي يمنعه من الذهاب، فجأة صرخ صلاح و قال: و الله لو ما فكتني سوف أطرشق زي خرطوش الموية، و ذهب صلاح و قال مختار نذهب للسينما قال مختار الليلة صلاح حاجز الادبخانة 24 ساعة و بعد ما خرجوا من السينما وجدوا صلاح حاملا عكازه و عندما شاهد مختار بدأ يضحك و رمي العكاز و قال هذه لم يفعلها زول في بشر.
    كان أغلبية أهل الدناقلة من الطبقة الوسطي، و هي طبقة طموحة و تبحث عن الصعود إلي أعلي لذلك هاجر العديد من أبناء الدناقلة شمال إلي دول الخليج و خاصة الكويت و الآمارات و البعض للملكة العربية السعودية، و الأزمات الاقتصادية التي شهدها السودان في عهد نميري أدت إلي تراجع كبير في الطبقة الوسطي و تردي أحوالها، لذلك باع العديد من أهل الدناقلة بيوتهم و رحلوا إلي الحاج يوسف و البعض إلي الدروشاب و غيرها من الأحياء التي كانت ناشئة في السبعينات و الثمانينات، و كذلك الحال في المزاد، و ظهرت طبقة طفيلية جديدة في المجتمعات الحراوية بقيم جديدة و ثقافة جديدة و لكنها ثقافة و قيم تفرق لا تجمع، و بحري هي خليط من الناس القادمين من مناطق السودان المختلفة و لكنهم جميعا شكلوا نسيجا اجتماعيا واحدا، لا يعرفون العصبية و القبلية، و التناحر الديني، و التبصص، كل هذه الافعال التي لا تشبه مجتمعنا جاءت مع الإنقاذ، و نسال الله أن يعجل برحيلها.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de