|
(إن زمان أنتم علماءه لأحرى أن يُخرا عليه ويُظرطا) عبد المنعم سليمان
|
(إن زمان أنتم علماءه لأحرى أن يُخرا عليه ويُظرطا)
عبد المنعم سليمان
[email protected]
تعود قصة المثل المعروف (الاستحوا ماتوا) إلى أن حريقا شب بـ (حمّام عام) وكان مستخدميه حينها مُنخرطين في حالة استحمام عارمة وهم حفاة عراة ، فهرول معظمهم إلى الشارع عراة طلباً للنجاة وهروباً من الموت ، لكن بعضهم شعر بالخجل من أن يفعل ذلك ، فكان مصيرهم الموت ، فأصبحوا مثلا يُضرب (الإستحوا ماتوا).
لاشك عندي أن المكاشفي طه الكباشي كان أحد الناجين من النار مظهرين كل عوراتهم بحسب المثل وسيرة الرجل الذي كنت أظنه إنتحر إنتصاراً لضميره كما يفعل جُل المجرمين في أراذل أعمارهم بفعل تأنيب الضمير ، أو على الأقل هاجر مجاوراً للبيت الحرام إبتغاء مغفرة من ربه ورضواناً ، لكن إنكشف لي أن الرجل لا يحمل بين جوانحة ضميراً ، فأنى له أن يشعر بذنب يجبره إلى الرحيل طلباً للمغفرة ، وقد فوجئ الجميع بظهوره قبل يومين في ندوة لمن يسمون أنفسهم بـ (علماء السودان).
وحتى لا أفقع مرارة القارئ سأورد خطفاً فقرات من حديثه في الندوة ، قال (قدمنا مقترحاً للحكومة بحظر ومنع الأحزاب العلمانية والسماح للقوي الإسلامية في التحرك) ! التحرك إلى أين يا مولانا ؟ ألم نصل بعد (25) عاماً من المسير إلى (سمرقند) يا أخا الإسلام ؟
وأضاف المكاشفي ثبت الله أوتاده ، ونفعنا بعلمه قائلاً (قدمنا مقترحاً للحكومة بتغيير شعار علم السودان من (صقر الجديان) إلى عبارة (الله أكبر). بارك الله فيك يا شيخ ، الآن حصحص الحق وانتصر المشروع الحضاري.
دعوني أشد على يد عالمنا الجهبذ ، وأثني إقتراحه ، فما أحوجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى لطباعة عبارة ( الله أكبر)على العلم ، خاصة وأنه بعد أكثر من عقدين من الحكم العضود لم يترك الحاكمين بأمر الله مظهر واحداً من مظاهر الإسلام في بلادنا إلاّ وأطاحوا به ، فربما تعيد طباعة (الله أكبر) على العلم للبلاد إحدى هوياته المتنوعة ، فمن يزور السودان ويرى ثراء وفساد حكامه ويقارنه بالفقر والبؤس والشقاء الظاهر على وجوه كل المواطنين دونما استثناء يظن أن هذه البلاد لم يدخلها نور الإسلام ولم تطأها أقدام عبد الله بن أبي السرح أبداً.
ثم هل يعقل (يا مولانا) أن يتفوق عليكم تلاميذ طالبان وأنتم من أعييتم الشيطان نفسه ، وكيف بعد كل هذه السنوات من قطع أوصال الشعب من خلاف ، وتجزئة الوطن للإختلاف ، وجزّ أعناق البشر وأوراق الشجر، كيف بعد كل هذا أن لا تكون لكم ماركة خاصة مسجلة باسمكم تميزكم عن بني البشر وتضعكم مع رصفائكم من جماعة طالبان؟
وأزيدكم من إقتراحي بيتاً حتى يكون هناك إتساق بين القول والفعل ، فأطلب منكم ألاّ تكتفوا بتغيير العلم بل أن تغيرو معه (نشيد العلم) ، وأن يوضع هذا الشرط في أجندة المفاوضات الحالية واللاحقة ، كما اقترح تماشياً مع هبّة العلماء أن يصبح نشيد العلم بعد تغييره : (أخي لقد جاوز العلمانيون الــمـدى / فحــــقَّ الجهـــاد وحق الفـِدا).
ولى طلب أخير أرجو أن تعملوا على تنفيذه بعد أن تفرغوا من مهمتكم المقدسة في تغيير شكل العلم ، وهو أن تغيروا شكل (الجنيه) أيضاً ، وذلك بتغيير صورة الحمامة التي عليه ووضع صورة البشير مكانها ، إعلاءً لقيمة الصدق ، خاصة وأن الجنيه أصبح كـ (عمر البشير) غير مبرئ للذمة .
وحتى لا أنسى ولا أبخس الرجل (المؤمن) حقه ، أشير إلى أن المكاشفي ختم حديثه بعبارة (إن نصر الله قريب) – انتهى حديث الرجل . وبدوري أطلب من القراء وعلى طريقة الكتابة (الفيسبوكية) أن يرسلوا هذه العبارة : (إن نصر الله قريب) لمائة سوداني لينالوا الأجر والثواب ، أو إذا أعجبت بحديث شيخنا المكاشفي لا تخرُج قبل ان تقول (سبحان الله) وأعمل (لايك).
هذا نظام يجلب تفكيكه المتعة والمؤانسة ( الله لا يحرمنا منكم يا شيخ) . خاصة وأن حديثك في هذا التوقيت يناسب تماماً المرحلة العبثية التي تعيشها بلادنا ، فمنذ مسرحية (الوثبة) الفكهة اتضح أن سياسة النظام قد تحولت من العبوس والتجهم في وجوه المواطنين إلى إدخال البهجة والسرور إلى نفوسهم ، إذ بدأ النظام يقدم البرامج والحلول لمشاكل البلاد في قالب كوميدي ضاحك ، وكأنه يريد في (وثبته) الماثلة ، أن (يفرفر) معه الآخرين ولو بالضحك .
ختاماً : أجد أن أنسب طريقة في الرد على البذاءات المتواصلة لما يسمى بهيئة علماء السودان أن تكون بنفس طريقتها ، وفي هذا يقول شاعر قديم عن تجمع لعلماء السلطان في زمن إنحطاط الدولة العباسية الذي يشابه زماننا هذا : (إن زمان أنتم علماءه لأحرى أن يُخرا عليه ويُضرطا).
|
|
|
|
|
|