|
ثوابت ومتغيرات/أمانة شعب /العوض المسلمي
|
أمانة شعب العوض المسلمي
يقال أن سوداني جاء في نقطة تفتيش للشرطة، ولمّا سُئل عن جواز سفرِه. كانت هذه إجابته : "نحن أهل الطيِّب الذي أبى أ، يبيع النعجة"..! لقد وردت هذه الفكاهة في احتفاءٍ واضح، عقب ذلك الفيديو الذي انتشر مؤخراً على الميديا. حيث عُرضتْ فيه حكاية راعي غنم سوداني؛ في إحدى فيافي الدولة الجارة الشقيقة، المملكة العربية السعودية، وقد رفض الراعي السوداني، مساومات شباب سعوديين في أن يبيعهم نعجة من بهائم تخص كفيله يرعي بها .
للأسف، برغم أن الأمانة خُلُقٌ أصيل في الشعب السوداني، إلاّ أن الاحتفاء المُبالَغ فيه! جعل الأمر يبدو كانّما انعدمتْ الأمانة بين الناس، وأن المروءة قد وُئدَتْ. شواهد كثيرة، تدعم مثل هذا الشعور، ليس أقلها ما يدور من احتفاءٍ بوقْفة تاريخية للزعيم الأزهري، رحمه الله، وقد انشهر عنه كتابته لوصلِ أمانة، ضماناً لمبلغ استدانه من تاجر، هو واحد من أصدقائه في عضوية حزبه. كذلك، كان أغلب أعضاء حكومة الفريق الراحل ابراهيم عبود، له الرحمة، إن لم يكونوا كلهم، قد انتقلوا للرفيق الأعلي من بيوت إيجار؛ لم يشيِّدوا حتى مجرد بيوتهم الخاصّة. ولعل الراحل، الفريق مهدي حامد عضو المجلس وحاكم الولاية الشمالية، يقف خير شاهدٍ على أمانة العظام فينا قديما.
كل بيت سوداني أيّا كانت حالته المادية، يكرس ويربي أبنائه على الأمانة والشهامة والمرؤة والكرم. لكن ما نشهده هذه الأيام، من تولية الأمور العامة لغير أهلها، واندلاق فتاوى العلماء لمصلحة السلطان. فضلاً عن التعيين في الوظائف العامة بناءً علي الولاء، مع عزل الأكفاء، هو بالأساس، عملٌ دخيل، وعبثٌ بمقادير المواطنين، بل لعله من علامات الساعة! وقد أخبر نبيّنا المعصوم، صلّى الله عليه وسلم، أنّ ضياع الامانة بين الناس، من علامات الساعة.
إن حكاية الراعي السوداني الأمين، لفتة إنسانية تجيئنا في زمانها، وليتنا نستفيد منها؛ وختاما أزجي تحية خاصة لذلك الراعي الأمين، والذي أيقظ القلوب وأعاد الثقة للنفوس، وذكـَّر الناس بأنهم أصحاب كل مكرمة ، ويا أسفي ووا ذلي إذا ما لم أكُن من ناس ديل، كان وا أسفاي وا مأساتي وا ذُلِّي.
|
|
|
|
|
|