|
سد النهضة وخبايا موقف الخرطوم بقلم: الشيخ الحسين
|
سد النهضة وخبايا موقف الخرطوم بقلم: الشيخ الحسين
آثار تأييد الحكومة السودانية الكامل وغير المشروط لمشروع بناء ما سمى بسد النهضة الإثيوبي دهشة واستغراب بل واستهجان الكثير من الأوساط فى مصر، وذلك لتجاوز حكومة الخرطوم ثوابت العلاقات الإستراتيجية بين البلدين الشقيقين، ووافقت منفردة على كامل وجهة النظر الإثيوبية ضاربة عرض الحائط بوجهة النظر المصرية وآراء الخبراء الفنيين والاستراتيجيين. موقف الحكومة السودانية لم يأت عقب التطورات التى شهدتها مصر عقب ثورة 30 يونيو كما يظن البعض، وإنما كان موقف الخرطوم هو الموقف نفسه فى أيام حكم الإخوان المسلمين. الذين يعتبر تنظيمهم، هو التنظيم الأب للاسلامويين الذين يحكمون السودان. وفى حقيقة الأمر أن موقف الخرطوم المحير يحتاج ممن يريد فك طلاسمه التأمل فى الأزمة الداخلية التى يواجهها النظام الحاكم فى السودان، فظروف الحرب التى يقودها ضد قوات المعارضة السودانية وواقع ميدان هذه الحرب يجعل من العسير على الخرطوم أن ترفض لإثيوبيا طلبا. تتولى إثيوبيا إدارة المفاوضات بين حكومة السودان والمعارضة المسلحة التى تسمى الجبهة الثورية، وهى تحالف يضم قوات الحركة الشعبية لشمال السودان، وحركات دارفور المسلحة وبعض الناشطين، كما تتولى إثيوبيا المفاوضات بين السودان وحكومة جنوب السودان حول النزاع فى تبعية منطقة أبيى الغنية بالنفط لأى من البلدين. فضلا عن أن الحكومة الإثيوبية تمتلك ورقة استخدام دعم قوات المعارضة المسلحة التى يتواجد قسم منها بالقرب من المنطقة التى تنوى اثيوبيا بناء السد فيها. كانت المعارضة السودانية فى السابق تسيطر على كامل حدود السودان فى تلك المنطقة، عندما كانت إثيوبيا تتحالف معها، بل وكان للدعم الكبير الذى قدمته إثيوبيا فى منتصف تسعينيات القرن الماضى لقوات الحركة الشعبية بقيادة زعيمها الراحل الدكتور جون قرنق، كان لذلك الدعم الأثر الحاسم فى تغيير موازين الحرب ليس فى جنوب النيل الأزرق وحسب، بل وفى كامل جنوب السودان. فبعد أن تمكنت قوات الخرطوم حينها من شبه السيطرة على كامل أراضى جنوب السودان وأحال هزائم فاصلة متتالية بقوات قرنق فى بدايات تسعينات القرن الماضي، أدى الدعم الإثيوبى بفتح مخازن أديس أبابا المكتظة بالسلاح لقوات الجنوب، وتم نقل الذخائر والأسلحة الثقيلة والدبابات بطائرات النقل العملاقة لجنوب السودان عبر دولة حليفة وجارة للجنوب. كل ذلك الدعم أفضى إلى امتلاك قوات قرنق لزمام المبادرة فى ميادين المعارك حينها واستطاعت قواته استعادة الكثير من مناطق الجنوب من أيدى قوات الخرطوم، وسيطرت على مناطق لم تكن تسيطر عليها من قبل، ونتج عن كل ذلك الدعم الإثيوبى لقرنق مع غيره من العوامل، الى الواقع الميدانى الذى فرض قرنق به على الخرطوم فيما بعد توقيع اتفاقية نيفاشا بكينيا عام 2005، تلك الاتفاقية التى ترتب عليها انفصال جنوب السودان عن شماله وإنشاء دولة جنوب السودان المستقلة. رغم الظروف الانتقالية التى تعيشها مصر الآن بعد ثورتها، إلا أننى أرى أنه يجب أن تكون من أولويات الرئيس والحكومة المنتخبة القادمة، العمل من أجل إيجاد حل جذرى لقضايا الحرب والحكم فى السودان، فالوضع فى جنوب الوادى عمق مصر الاستراتيجي يتطلب من مصر تدخلا حصيفا ينهى الحرب الأهلية ويمهد السبيل لاستقرار السودان وانتخاب حكومة راشدة له، لأن تطور الأزمة السودانية وفق النسق الذى يجرى الآن ربما أدى لزوال الدولة السودانية وتكرار السيناريو الصومالى على حدود مصر الجنوبية. تواجه حكومة الاسلامويين فى الخرطوم أزمات اقتصادية خانقة كما تواجه فوق ذلك انقسامات داخلية تتفاقم يوما بعد يوم كانت آخر تجليات تلك الانقسامات والخلافات الداخلية إقالة نائب الرئيس السودانى على عثمان محمد طه ومساعد الرئيس نافع على نافع ومسئول ملف البترول والمال عوض الجاز محمد احمد وخرج قبلهم مغاضبا الدكتور غازى صلاح الدين ومعه مجموعة وكونوا حزبا جديدا وطال الانقسام حتى المؤسسات العسكرية والأمنية فيما عرف بالمحاولة الانقلابية التى اعتقلت فيها السلطات رئيس جهاز الخابرات السابق صلاح قوش وقائد قوات الدفاع الشعبى العميد محمد ابراهيم وغيرهم من منسوبى القوات المسلحة والأمن وأفرج عنهم فيما بعد. هذا بالإضافة للمفاصلة التى تمت قبل ذلك بأكثر من عقد من الزمان بين الرئيس عمر البشير وزعيم الإسلاميين فى السودان الدكتور حسن الترابى الذى تتأثر بأفكاره كبرى القوات المتمردة فى إقليم دارفور - حركة العدل والمساواة - بل وكان ينتمى جل قياداتها العليا لحزب الترابى قبل تكوينهم لحركتهم التى تقاتل الآن مع تنظيم المعارضة المسلحة المسمى بالجبهة الثورية السودانية ترى الأحزاب التى كانت تحكم السودان قبل انقلاب الاسلامويين بقيادة عمر البشير بان حل الأزمة السودانية يكمن فى مؤتمر دستورى جامع لأهل السودان والأحزاب التى كانت تحكم السودان قبل انقلاب البشير.
|
|
|
|
|
|