|
صحافة التمكين والهندي .. وسعاد حسني!!/شوقي إبراهيم عثمان
|
صحافة التمكين والهندي .. وسعاد حسني!!
الهندي زعلان!! زعلان زعلان جدا من صحافة الانترنيت خاصة (صعاليك أونلاين)، ويدعي إنه لا يقرأها، وأن أصحابها لا يجيدون لغة الضاد، ويدعي أنها لا تزعجه الخ كلها إدعاءات. بل يقرأها، سطر ونقطة (على طريقة السيد حسن نصر الله!). الهندي فعلا هندي!! وحاوي كمان!! يجيد التزمير للثعابين فيطربها وتخرج تتمايل بدلال برؤوسها من سلته فيمطره زبائنه بالنقود. على طريقة كابريهات شارع الهرم. صحيفته لا تتعدى كونها مزمار، وسلة وثعابين – هذه كلها عدته!!
تجد في سلته ثعابين محلية وأخرى إقليمية ودولية، ولسوء حظه يجيد فقط نوتة الألحان المحلية – السلم الخماسي. ورغم أنه يفضل الثعابين الإقليمية والدولية على المحلية، لكنه لا يملك من الألحان الجيدة على الوزن السباعي... فمثلا الموسيقار محمد عبد الوهاب لكي ينزل عليه الوحي الموسيقي يخطف رجله في عطلة صيفية في كل عام إلى مدينة سالزبورج النمساوية وهي على مرمى حجر أو فركة كعب من مدينتي... ميونيخ. فصيف سالزبورج مشهور بالأوبريتات والكونسيرتات العالمية، يحجون له موسيقيو العالم. ولا يتورع محمد عبد الوهاب الذكي أن يلطش بعض النوتات من"مصيفه" السنوي ليلعب بعقول المصريين، فالمنافسة ما بينه وبين بليغ حمدي والموجي ورياض السنباطي حامية. ولكن مع سوء حظ الهندي السوداني، إنه محلي ومغرق في المحلية لأنه لا يجيد سوى السلم الخماسي، لا يستطيع أن يقنع زبائنه الإقليميين والدوليين، لذا أخترع له عبارة "شهادتي لله" ..
وتذكرني عبارته "شهادتي لله" بعصام أحمد البشر، فهذا الأخير كلما رغب أن يغني أوبريت للجمهور السوداني المسكين حتى يبدأه بالنغمة "إن للحق لنوره!".. ولا يفوت ذكاء القارئ أن هذه المقدمات اللفظية تعطل النصف اليسار من المخ المسئول عن العقلنة، أي المنطق، والجدل والفكر، والنقد والحساب الرياضي باختصار reasoning، يقول "اللغويون العصبيون" لكي تقنع إنسانا، وتجره من "بوزه" مرغما للموافقة على قضيتك، عليك بإرسال إشارات ابتدائية لتعطيل مراكز النصف اليسار من المخ. بعدها يمكنك اللعب به وافتراسه. و"التعطيل" هنا ليس سوى أن يطمئن صاحب المخ في بداية سماعه لك!! إذن، شرطا، وشرطا يجب أن تكون الإشارات الابتدائية إيجابية.
اللغة العصبية لها مدارس في أمريكا، ويدفع فيها المبتدئون في السياسة والمحامون الخ مئات الآلاف من الدولارات لتعلمها، ولكن الذي لم افهمه مطلقا كيف كمال عبد اللطيف سوَّق لجمهور السودانيين المساكين المدعو "الدكتور إبراهيم الفقي" لترقية وتنمية الموارد البشرية!! (أجي يا كمال!!). إنها من المضحكات أن يخترع "كملي" ورقة يلعب بها على رئاسة الجمهورية قبل أن يقفز إلى الذهب الأصفر منافسا جهاز الاحتياطي الفيدرالي.
نضرب مثالا أمريكيا في اللغة العصبية، ولنفترض أنك سياسي أمريكي تقف أمام جمهورك سعيا لكي يعطوك أصواتهم في الاقتراع القادم. ستبدأ بجمل إيجابية positive predicatives متذمرا: الضرائب عالية جدا، الضرائب العالية افترست دخول الأفراد والشركات على السواء، الضرائب العالية عطلت النمو الاقتصادي والاستثمارات، الضرائب العالية رفعت من معدل البطالة الخ – وبفضل كل هذه العبارات الايجابية الابتدائية سيطمئن لك النصف اليسار من "أمخاخ" كل فرد من الجمهور، أي سيطمئن إلى "شخص السياسي" الذي هو أنت. وفي نهاية المحاضرة السياسية، ستضع لجمهورك العبارة التالية: أن "الخزانة الأمريكية فارغة" ولن نستطيع ملئها إلا برفع الضرائب! وسيقبل الجمهور منك ذلك لأنك سلبت عقله النقدي من البداية عصبيا neurologically.
فماذا يعني الهندي السوداني بـ "شهادتي لله"، سوى أن تصدق كل ترهاته؟ أو عصام أحمد البشير حين يقول لك في بداية معزوفته المملة "إن للحق لنورة!" سوى أن يخدرك لتقبل بعدها كل أكاذيبه على أنها حقائق؟ أي لكي تطمئن لشخصه إنه مع الحق؟ هذه العبارة قالها أحد السلف يرددها عصام أحمد البشير بغباء، ومقابيلها لو كان للحق نورة لما أختلف الناس، ولو كان الباطل بينا لما أختلف الناس، ولكن ضغث من هذا وضغث من هذا فيختلطان أي يختلط الحق مع الباطل، وهذا هو سبب إختلاف الماس وتقاتلهم!! كما قال الإمام أمري المؤمنين علي بن أبي طالب.
ملحوظة" عصبيا، نصف كرة المخ اليمين يتعلق بالخيال وسعته، والفنون، والشعر الخ بما أن الهندي شخص محلي، ولا يستطيع أن يكون سوى شخصا محليا، هذه النقطة تزعجه كثيرا، فمنافسه مثلا الصحفي فيصل محمد صالح أصبح شخصية دولية بنيله جائزة أمريكية، لأنه يلعب بورقة المعارضة ويتودد للمؤسسات الدولية. وما الفرق بينهما سوى أن الهندي طماع طمع الحاوي الذي يرغب في "ترقيص" أصلة. فالهندي يرغب في أن يمسك بـ "صفقة" من شجرة المؤتمر الوطني، وبصفقة من الشجر الدولي. الهندي صحفي سلطة، و "نطمئنه" هذه معروفة دوليا.
أما قوله أن مسؤولياته المهنية وواجباته الوطنية تجبره على أن يركز على مواقع جادة مثل رويترز، و(أ.أ.ش)، والفرنسية، البي. بي. سي. والجزيرة نيت الخ، فقول مردود. بل سطحي، بل ربما هو متواطئ إلى ما هو أبعد من مصلحته الشخصية. فهذه الوكالات لا تحمل أية صبغة مهنية "بشهادة" الشعب الأمريكي والكندي والأسترالي والشعوب الأوروبية، وهذه "الشهادة" ليست مضروبة مثل "شهادته" لله. فكل هذه الوكالات لا تعبر سوى عن مصالح ملاكها وتحالفاتهم المالية والسياسية على المستويين الإقليمي والدولي، مثلا: روبرت مردوخ. لذا أطلقت الشعوب الغربية على هذه الوكالات مجتمعة الـ media stream، وهو وصف لا يخلو من السخرية، وترجمته الحرفية "دفقة الإعلام الجاري الذي لا يفيد". أي حيوان له صوت مزعج يدور وتدور معه الأموال عبر الإعلان، ولكنه بدون أسنان لا يعض. أو نهر جاري، بينما ضفافه قاحلة لا يستطيع البشر ري جنبيه ويتضورون جوعا. ما البديل؟ منذ التسعينيات قفزت شعوب العالم الحرة إلى صحافة الانترنيت، وأكثرها رواجا صحافة البلوق blogs. وهربا من الإفلاس هرعت الصحف المطبوعة ال media stream أن تنافس أصحاب "الكي بورد". الآن كل الصحف والمجلات الأوروبية والأمريكية المطبوعة ترفع نفس صحيفتها أو مجلتها في الانترنيت مع بعض الاختلافات اليسيرة ما بين الاشتراك والمجانية، أي داوني بالتي كانت هي الداء.
الذي لم يقله الهندي عز الدين هو إنه كذاب أشر. كل أخبار صحيفته هي نقلا عن "وكالات" وهذه لفظة لا تعني شيء في عالم "الصحافة المهنية المحترفة". تعني أن تأخذ الخبر من وكالة رسمية مثل رويترز وتغير فيه بعض ألفاظه قبل أن تنشره. ولكن هذه ليست الطامة، الطامة أن صحيفة المجهر لصاحبها الهندي عز الدين تنشر في في الصفحة الدولية أخبار عن "المرصد السوري لحقوق الإنسان". ولا تغتر بكلمة "حقوق الإنسان"، فالمرصد السوري هو وكالة الأنباء المركزية للمعارضة السورية المدعومة من قطر وتركيا والدول الغربية، تم إنشاؤه منذ إشعالهم الحرب ضد سورية أي قبل ثلاثة سنوات، لكي يقول "الجميع" عن "المرصد السوري"، على طريقة ناقل الكفر ليس بكافر. المرصد السوري ماكينة للفبركة، وحين لم يسقط النظام السوري تحرجت الصحافة الغربية وأخذت تطعن في مصداقيته خوفا على مصداقيتها.
http://www.syriahr.com/
السؤال هنا لماذا تعتبر صحيفة المجهر من كل الصحف السودانية المطبوعة أكثرهم نقلا من المرصد السوري؟
الجواب واضح، هنالك سمسار أو وكيل محلي وظيفته تجنيد أصحاب الصحف ورؤساء التحرير في خدمة سيناريو تحطيم الدولة السورية، ومستعدون للدفع وشراء كل الصحف والإعلاميين.
قطعا الهندي عز الدين قبض أموالا مقابل "خدماته الصحفية" من "الوكيل السوداني الإقليمي" عبر ماسورة تمويل القطري والتركي. هذه لم يقل لنا بها احد، وليست نميمة أو بهتان وليس لدينا دليل سوى ما ينشره هو نفسه من أخبار عن سورية في صحيفته. ما يكتبه الهندي عن سورية يعتبر دليل مادي evidential proof. هل يعتقد الهندي عز الدين أن في رؤوسنا قنابير؟ أم يعتقد أننا "هنود" لا نجيد العربية – مع الاعتذار للشعب الهندي الذي أكن له كل احترام, أم يعتقد الساحر الهندي أننا غير ملمين بما يدور في المشرق العربي؟
يعتبر النزاع الشهير حول الأموال القذرة التي كان يوزعها الوكيل القطري في السودان تحت لافتة إعلامية وهمية (وكالة أنباء تركية) وانغماس خالد الأعيسر وبعض إعلامي التلفزيون القومي في هذه المأكلة هو واحدة من الإفادات التي تؤكد ظاهرة الهندي عز الدين، وغير الهندي عز الدين. والشيء بالشيء يذكر، إننا وإلى الآن ننتظر الهجاص خالد الأعيسر "الآفة البعثية الصدَّاميَّة" التي تسلقت سلم الإعلام بروافع مشبوهة، ديوث سعد البزاز وماسح جوخه، وننتظره وننتظره لكي "يمرمط" الصحفي الطاهر ساتي بجرجرته للقضاء وإلى المحاكم، ولكنه لم يفعل، بلع لسانه. خالد الأعيسر كان يكذب حين هدد وأزبد وأرعد. هوهوة ... ساي!! وصدق جرير: زعم "الأعيسر" أن سيقتل مربعا؛... أبشر بطول سلامة يا مربع
كتب (المفكر) الهندي طغرو الدين: [وهذا بالتأكيد ليس من قبيل الإدعاءات فأعمالي معروفة وموجودة، ليست أعمدة، ولا حوارات، وتحقيقات (تفوز بجوائز) بل (صحف) واحدة وثانية وثالثة ناجحة وحية وما زالت تنافس في (سوق الله أكبر) تصنع (صحفيين) وتقدم (كتابا) وتفتح (بيوتا) والحمد لله].
ليس صعبا في دولة التمكين ودولة الانحطاط على كافة المستويات أن يقفز شخص ما على صحيفة ويتحكرها، أو يمتلك صحيفة، شرطا أن يرسل الإشارات الصحيحة لأصحاب دولة التمكين. وبشيء من الشطارة التجارية تعوم هذه الصحيفة. فمثلا أن يملأ صحيفته بالقضايا ال########ة، مثلا: "سعاد حسني.. انتحرت ..أم قتلت؟" في صفحة كاملة، الآن بلغت هذه السلسلة الحلقة الخمسين، أو ذاك صاحب صحيفة أخرى ينشر لنا قصة رأفت الهجان. الشطارة التجارية ليست ميزة الهندي وحده، فمعظم السودانيين لديهم شطارة تجارية، مثلا سمية سيد أصبح لها صحيفة يوما ما، بينما لوبيات المؤتمر الوطني فاقوا شيوخ دول الخليج، وإلا قل لي بربك أين اختفى خط هيثرو؟ فالهندي أيضا عضو في المؤتمر الوطني. ودليلنا على أن ما أتى به الهندي عز الدين من صحيفة أولى وثانية وثالثة ليس بمعجزة، هو التالي، الناشر عادل الباز أثبت لنا عمليا أنه وزع صحيفته مجانا بكامل جلالها وبهائها. وحين سؤل كيف ولماذا، كشف سر مهني خطير، أن صحف الخرطوم لا تدر من بيع الصحيفة سوى 10% أو أقل بينما أكثر من 90% من دخل الصحيفة يأتي من الإعلانات.
إذن، لا تنخدع أيها القارئ الكريم أن المكتوب (المنشور) في صحيفة المجهر شيء غير اعتيادي بحيث يرفع من عضد الصحيفة لمزيد من التوزيع، أو يثبت عبقرية للهندي طغرو الدين رئيس مجلس الإدارة والتحرير، أو أنه أتى بشيء خارق للعادة كما يرغب أن يوهمنا. نقول له أنت لست مفكرا كما اعترفت أنت بنفسك، ونضيف إليها أنت ليس بمستوى صحفي، ولن تكون صحفيا محترفا، تاجر شاطر فقط. فالصحافة الحقيقية تجدها في لبنان وسورية، بينما مصر يعتبر مستوى الصحافة فيها ضعيفا لأنها موبوءة بالريال السعودي والقطري والكويتي وسابقا الليبي والعراقي الخ، قارن مستوى صحيفة الأخبار والديار أو أية صحيفة لبنانية أخرى بصحفنا السودانية، ينتابك الشعور أن كل الصحف السودانية باعت نفسها لدول الخليج (هذا بمعزل عن قضية التمكين). فهنالك أبدا صحفيون سودانيون يعملون كوكلاء وسماسرة للشيوخ وللأمراء الخليجيين المستعدين دائما للدفع. شراء ذمم الصحف العربية الفقيرة والصحفيين العرب الفقراء من قبل الخليج هي سياسة دولة وعمل استراتيجي وشغل مخابرات، وليس قضية فساد كلاسيكي.
وللتدليل أن صحفنا السودانية زبالة، تخيل نفسك معتكفا اعتكافا اختياريا لمدة شهر وأغلقنا عليك الباب بالمفتاح، وجلبنا لك يوميا عشرين صحيفة سودانية مختلفة تماما كـ "رئيس تحرير الصحف". وبعد انتهاء الشهر سنسألك عن قضية محلية أو إقليمية أو عالمية – ماذا فهمت من الصحف، ستكون النتيجة صفر. كأننا عذلناك في بلد الواق الواق. من هذا المثال تصل لحقيقتين: 1) صاحب الصحيفة لا يعنيه القارئ (لأنه في الأحسن الأحول يجلب له 10% من دخل الصحيفة)، 2) صاحب الصحيفة كل همه الإعلانات. غذنا ين عبقرية الناشر الهندي؟
مقياس النجاح لأية صحيفة هو كم يبلغ عدد توزيع النسخ. والاستثناء الوحيد هي صحيفة الانتباهة التي وصلت الذروة، ولم تكن لتصل - بعد معرفة السبب وكما قال الجنرال إبراهيم الرشيد - إلا لأن 70% من أعضاء حزب الحكومة المؤتمر الوطني أو المتعاطفين معه كانوا مع انفصال الجنوب!! ومعنى ذلك، هذه الصحيفة الانفصالية يقرأها جمهور انفصالي وكانت ذراعا للمؤتمر الوطني، قارئها هو جمهور الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني!! بينما قطعا يبغضها أي سوداني وطني حقيقي، لا يشتريها قط. إذن أين عبقرية الهندي؟
ولكن هنالك نفق آخر سري!! إضافة إلى الإعلانات التي تحقق 90% من دخل الصحيفة الكلي، أن تبيع الصحيفة نفسها مقابل خدمة صحفية. وكما هنالك حوار مدفوع الثمن، هو في الأصل إعلان محور في السياق المحلي كما كان يفعل عثمان ميرغني، وهنالك من يقبض بشكل مباشر.. ويعني أن تحضر ظرفا وتضع فيه مبلغا من المال، وتعطيه لرئيس التحرير أو مدير التحرير وهما على استعداد للتحرش لصالحك في أي موضوع، هذا ما يفعل الدكتور البيطري الذي يعمل في صحيفة الصحافة، لكن هذا النفق السري يسع أيضا الإقليم العربي وأزماته التي تتجدد ولا تنتهي، من أزمة الخليج وحروبه الثلاثة، وحتى سقوط ليبيا، واشتعال مصر وسورية., كلها تأتي في صالح أمثال الهندي عز الدين وصحيفته وبقية الصحف السودانية، إذ تدفع الدول الخليجية الإقليمية بسخاء مقابل أن تصبح بوقا لسياساتها الإقليمية في أزمة ما. إذن ليس فقط التمكين هو الذي يجعل من هذه الصحف "مصابة بالغباء" الإقليمي، بل لأن أصحاب الصحف ورؤساء التحرير قابلين للرشوة، وإلا انهارت صحفهم. إذن على المعارضة السودانية أن يكون لها القدرة على تمييز الصحف والصحفيين بشكل مفصل دون السقوط في الغفلة، أو كأن تطلى كل الصحف أو كل الصحفيين بطلاء واحد. مثلا يجب أن نفرق ما بين ما هو "تمكين" وما هو "رشوة إقليمية".
وعند هذه النقطة أحيِّ الكاتب الصحفي علاء الدين محمود في مقالته الأخيرة، والذي رفع سيفه عاليا على رقاب الخراف الصحفية الضالة والمشبوهة، وهو أسلوب صحيح، فتنظيف المجال الصحفي والإعلامي لا يتأتي إلا بالفضح المباشر وليس عبر لغة خشبية، أو الصمت المشبوه الذي يشي بصاحبه إنه يغزل لمصلحة آجلة. ونقول له كمل جميلك أنت ورفاقك الشرفاء، إذ لا يكفي النقد بالكلمات يجب الانتقال من اللفظ إلى الفعل، وفكرة عمل صحيفة شعبية لا يؤمن بها إلا من آمن أن كل الشرعية هي للشعب السوداني.أعملوا صحيفة عبر طرح أسهم للجمهور، وإذا لم تفعلوا ستمتلئ الساحة بأمثال الهندي عز الدين وأحمد البلال (المحترف كسمسار عقارات)، وحسين خوجلي وعثمان ميرغني، وأخيرا ظهر الصحفي القبيح إمام محمد إمام (صديق عثمان ميرغني!) كذراع للمتسعود مأمون حميدة. وما صحيفة "التغيير" إلا رغبة من صاحبها للحصول على بعض القوة لصالح إمبراطوريته الطبية واستثماراته الأخرى ولا يمانع ربطها بالسعودية.
ما الذي يجعل من حسين خوجلي حاضنة لعثمان ميرغني في قناته الفضائية؟ ما هو الفرق بينهما وما هو الشيء الذي يجمعهما؟ كلاهما يعشق جمع النقود، وكلاهما يضفي على نفسه غلالة إسلامية كاذبة، وكلاهما يؤمن بالعضلات المالية الخليجية ولا فرق بينهما. كلاهما يؤمن إنه هو الذي يخلق أو يصنع الصحفي، ولكن حسين خوجلي ذهب بها عريضة حين يظن أن الصحفي يجب أن يدفع له نقودا لا العكس. وليس عليه أن يدفع للصحفي راتبا لأن حسن خوجلي بزعمه يصنعه، أي لأنه أعطى الصحفي فرصة عمل في مؤسسته الصحفية. (لاحظ أن الهندي عز الدين يؤمن بنفس ما يؤمن به حسين خوجلي وعثمان شريف آسف عثمان ميرغني. كتب الهندي في الفقرة أعلاه أن صحيفته: تصنع "صحفيين" وتقدم "كتابا" وتفتح "بيوتا"). وتعليقا على أن الصحفي يجب أن يدفع لحسين خوجلي، نقول له: ولو يابوعلي.. الواشنطون بوست!!
والدليل أن هنالك ما بين حسين خوجلي وعثمان ميرغني هو الكثير المشترك، نقول أن حسين خوجلي يدرك تماما أن سمعة عثمان ميرغني وسط الصحفيين هي في الحضيض. ومع ذلك.. لم يهرب منه!!
أخيرا قد يسأل القارئ الكريم لماذا هذه القسوة على هذه الأسماء الصحفية؟
نقول أن الصحافة والإعلام المضلل المرتشي يخلق عالما وهميا افتراضيا كذوبا. وضرر الصحافة المرتشية الكذوبة أخطر مما يتصوره عقل القارئ حسن النية. لذا ليس صدفة أن تهتم الدول الغربية ودول الخليج بـ "الإعلاميين" الأغيار وممارسة التأثير عليهم عبر شتى الوسائل مثل التدريب والتأثير والتطبيع، والجوائز والتلميع، إلى حد الرشوة كما يفعل أهلنا في الخليج. بالنسبة لواشنطون ولندن يعتبر صحفيو العالم الثالث هم المستهدفين، بينما دول الخليج تستهدف صحفي الدول العربية الفقيرة. والدليل على ما نقول نأخذ مثالا الأستاذ فيصل محمد صالح الذي نال جائزة أمريكية، وتم تفسير اختيار شخصه للجائزة على أنه كافح أو جاهد لتبيين الحقائق في السودان". وأقول لكم بصدق، حين سمعت الخبر والسبب تملكني الضحك!! الأستاذ فيصل لم يستطع الترويج لكتاب أهديته له عام 2006م واسمه the Confessions of an Economical Hit Man, by John Perkins وهذا الكتاب المهم صدر عام 2004م ولم يترجم إلا في عام 2011م. طلبته عبر صفحة الأمازون بـ 25 دولارا فور صدوره. تحسرت!! وكنت أتخيله يقوم بالواجب والمطلوب. أن يفل هذا الكتاب عبر الصحف أو في محاضراته بطيبة برس الخ. ولكنني لاحظت الأستاذ فيصل يزور كثيرا ألمانيا وكندا وأمريكا والدوحة وفهمت لماذا صمت على الكتاب، بل دفنه وربما حرقه!! هذه المفارقة أحكيها ليس لأن لدي خصومة مع فيصل، أو ليس لأنني عدواني، بل إذا رغبنا في رفع شأن السودان وأن يصبح بلدنا قوة لا بد أن تقال الأشياء كما أفعل. واقع السودانيين الآن لا يسر، يفتش الواحد منهم بخفية على "خيط" يكفل له أو يعزز له رزقه ومعيشته، وما أن يجد الواحد منهم هذا الطرف من الخيط حتى "يلفه" بورق السلوفان، ويحرص عليه من عيون الآخرين حرص الشحيح، وقد ينحاز له من خلف ظهر الجميع على حساب القضايا الوطنية عبر الصمت والسكون والسرية الخ
وربما قال لي أحد قرائي الأفاضل أنني بمقالاتي هكذا يجزم لن يبقى لي من المعارف أو الأصحاب الخ، وربما يخاف مني الكثيرون. وهذا صحيح من قبل القارئ الكريم، ولكني لا أعبأ كثيرا، فاحترامي لنفسي يأتي قبل كل شيء ولا أربطه برضا الآخرين عني، من يحترمني بكلياتي هو صاحبي وإلا فلا.. الباب يفوت جمل كما قال الصادق المهدي لأعضاء حزبه. رغم أنني شخص لطيف، لكن فكريا شرس لا أحب الالتواء حتى على مستوى العلاقات الشخصية، وأبغض الكذب، والكذب عندي اشر من الخمر، والميسر، والزنا – إذا تحدثنا بلغة الكبائر، بينما هم تناسوا أن الكذب أكبر الكبائر، لأن الرسول صلى الله عليه وآله أجزم أن الكذاب لا إسلام ولا إيمان له!! أليس غريبا في العالم العربي والإسلامي يحصرون الكبائر الاجتماعية فقط في الخمر والميسر والزنا، بينما هم شعوبا وحكاما يكذبون ويكذبون ويكذبون؟
شوقي إبراهيم عثمان
.
|
|
|
|
|
|