|
الجنوبيين لا تقتلوا بعضكم ... بل أقتلوا الفقر الجهل والمرض/سليم عبد الرحمن دكين
|
الجنوبيين لا تقتلوا بعضكم ... بل أقتلوا الفقر الجهل والمرض
الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين لندن بريطانيا
الذى حدث يوم الاحد الخامس عشر من ديسمبر العام الجارى كان بمثابة صدمة كبيرة للعالم كله. خمسمائه قتيل فى اقل من ساعة عندما شاهد العالم باسره جثث الرجال والنساء والاطفال مترامية فوق الطرقات العامة والمبانى والازاقة. لن يخطر ببال العالم ان يشاهد مثل هذه المناظر فى دولة وليدة لن يتجاوز عمرها العامين. ما هذا أختلافات أيدولوجية ام عرقية؟ لايهم الان انما المهم هو ان الجنوبيين لن يتعلموا من دروس الماضى وتجاربه السابقة. هذا ما ذهبت اليه فى مقالى السابق عشية ولادة دولتهم الذى قلت فيه عندما قرر شعب الجنوب مصيره ومستقبله ومستقبل أجياله من خلال صناديق الاقتراع. حتما ان شعب الجنوب قد قال كلمته التى لا رجوع عنها ولا العدول عنها. لان وحدة السودان لم تعد ممكناً فى ظل حزب المؤتمر الحاكم نتيجة للحروب التى لا غنى له عنها. كان انفصال الجنوب حقاً شيئاً مؤلماً لان جنوب السودان جزءاً عزيزاً من الوطن الكبير ينشطر بعيداً عنه. فكان من الصعب فعل شى او منع حدوث ذلك الانفصال. لان شعب الجنوب قد قرر ذلك من خلال الاستفتاء التاريخى الذى لاسابقة له فى تاريخ كله.ولكن اهم ما فى ذلك كله هو قيام بناء دولة القانون التى تحترم حقوق أنسانها الاساسية وهذا يكون نابع من خلال أدراك لكل منهم لشئوؤن الاخر. بعدها سيتمكنوا من العمل معاً كشعب واحد متلاحم فى معالجة المشاكل التى تواجههم والمعضلات التى تؤرقهم بحيث ينعموا خيراً بمستقبل زاهر وامن لهم جميعاً. كما يجب ايضا التعلم من درس الماضى وتجاربه التى ربما تساعدهم فى بناء دولتهم والوليدة حيث ان ذلك سيساعد على توطيد دولة القانون الراسخة والقوية فانه من الافضل عدم جعل مذهب الحركة الشعبية مسار كل شى فى دولتهم. على ان لا يكون مذهب الحركة الشعبية ذريعة من اجل السيطرة وتهميش الاخرين وايضا كمدخل لتحقيق أجندة قد لا تكون فى مصلحة الدولة والشعب. فان بقاء دولة الجنوب الوليدة يتوقف على السياسيين الجنوبيين القياديين على راس الدولة على ان لا يعيشوا فى الماضى انما يتعلموا من دروسه.لان فرض أيدولوجية معينة ومحددة لربما يؤدى هو الاخر الى خلق صراع سياسى اجتماعى . بعد ذلك تولد القبلية والمحسوبية والفساد والافساد وغيرها من فتن جمة لايحمد عقبها فى المستقبل. لاينسوا الجنوبيين ايضا ان بناء الدولة من لاشى ليس أمراً سهلاً ولابسيطاً ايضا. انما يتتطلب تكاتف وتعاذر وتكافل وتضامن شديد حتى يقوى عودهم وعزيمتهم. وكما لاينسوا ايضا اى الجنوبيين ان دولتهم الجديدة متعددة الاعراق واللغات والثقافات والاديان والمعتقدات. فلذا يستوجب الاعتراف بها لان هذا التنوع سيساعد فى قوة وحدتهم بعيداً عن الهيمنة وسيطرة مجموعة على السلطة. فاذا تم ذلك سيكون أقصاء سياسى واجتماعى ربما توقع الحرب بينهم وتقضى على دولتهم الوليدة فى مهدها. لذلك سوف يكون من الصعب بناء دولة الجنوب الوليدة اذا حاولت مجموعة أستعمار المجموعات العرقية الاخرى كما فى دولة شمال السودان الحالية التى أنفصلوا عنها. كما ذكرت فى ذلك المقال تجارب عديدة كتجربة الهوتو والتوتسى فى دولة رواندا وايضا تجربة الصرب والكروات والبوسنيا وألبان كاسوفو فى يوغسلافيا. فلذا يجب التعلم من تجارب واخطاء الاخرين . لان للأخر حق الوجود وان للبسطاء حق الحياة والكرامة. فان الذى حدث فى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان يؤكد مما لاشك فيه ان الجنوبيين لايمكن ان يحكموا أنفسهم والدليل على ذلك الاقتتال الجارى الان فى كل مدن الجنوب. وهذا واحد من السناريوهات الثلاثة التى ذكرتها فى مقالى الذى نشر فى سودانيز ان لاين فى 17 11 201 تحت عنوان ستتمزق دولة الجنوب ولكن من الصعب ان تتمزق جبال النوبة. فكان المقال يتعلق بفك الارتباط بين دولة الجنوب والحركة الشعبية قطاع الشمال بشمال السودان و جبال النوبة تحديداً.ولكن الاكثر ألماً هو شعارات الحركة الشعبية لتحرير السودان التى أطلقتها خلال الايام الاولى من نضالها تحرير السودان وبناء السودان الجديد. فها هم غير قادرين على بناء دولتهم الصغيرة ناهيك عن السودان الكبير كانت شعارات جوفاء ومفرغة لا اساس لها ولا معنى لها ايضا. النوبة اول ضحايا هذه الشعارات التى ساقت النوبة الى اعماق الجحيم والهلاك الذى يريد ان يغبر بهم كل ذلك باسم تحرير السودان وبنائه.سحقت الحرب الانسان والحيوان والجماد فى جبال النوبة. كما سحقت السلام والامن والاستقرار والصحة والتعليم والتنمية. سحقت الحرب كل ما يخطر ببال الانسان ولاتزال تسحق ولا احد يدرى متى سيتم كبح جماح هذه الحرب المجنونة المدمرة التى فرضت ضد أرادة النوبة وجنوب كردفان بأسره. ولاتزال رقعة الحرب تتسع نتيجةً لتدخل الخارجى فى جبال النوبة من جهات لن تكن معروفة او مالوفة لدى النوبة ولا سيما أمراء الحرب الثلاثة عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ووليد حامد رموز معاناة النوبة الذين أباحوا دماء النوبة وأطفالهم وكما أستباحوا ايضا أعراض نساءهم وكما جردوا النوبة ايضا حقوقهم الاساسية كالحق فى الحياة والحرية والكرامة. لن يوجد اى مبرراً لبقاء الحرب واستمرارها للاكثر من عشرون عاماً تقتل وتدمرت وتحطمت كل ما فى طريقها بلا هوادة. المطلوب اليوم واكثر من اى وقت مضى توحيد الجهود والرؤى من منسوبى الحركة الشعبية من ابناء النوبة لكى يتثنى لهم وقف الحرب لأجل حماية أهليهم ومجتمع جبال النوبة جنوب كردفان بأسره.ان أمراء الحرب الثلاثة او بالاحرى رموز معاناة النوبة عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ووليد حامد غير مباليين بما يحدث للنوبة واطفالهم ونسائهم انما السلطة همهم الاكبر. لا يريدون اى أمراء الحرب الثلاثة العزوف عن جرائمهم ضد النوبة ودمار وخراب مجتمع النوبة بأسره. انها حالة تغريبية لشعب النوبة للانفراد به والرجوع به الى العصور الاولى بل الى عالم لايرقص النور فيه ولا الظلال. ان تمادى أمراء الحرب فى غيهم واجترارهم للاستسباق للمواقف ظناً منهم ستوصلهم الى مقاليد السلطة ما هى الا أدغاث احلام لا غير. ان استراتيجياتهم وتكتكاتهم هو ابقاء النوبة فى عمق الجهل والفقر و المرض والعوز والفاقة. أنظروا اليوم الى جبال النوبة لا تعليم ولا صحة للاطفال النوبة ثمة ضربة قاضية للنوبة. فها هو ياسر عرمان احد رموز معاناة النوبة يصرح فى احد كتاباته النظام الحاكم فى الخرطوم اضاع اموال طائلة فى التسليح والحرب فقط نسبة 2 فى المائة للصحة والتعليم. فهل سال ياسر عرمان نفسه ماذا قدم ياسر عرمان لأطفال النوبة من صحة وتعليم ولاشى على الاطلاق. ولكن بالاحرى اطفال الجعليين والشياقية والمساليت هم الذين تتوفر لهم الصحة والتعليم وكل وسائل الحياة فاما أطفال النوبة فلهم الفقر والجهل والمرض والعوز. امراء الحرب الثلاثة هم الذين اشعلوا الحرب الثانية فى يونيو عام 2011 رفعوا ابناء النوبة الحادبين على مصالح أهليهم أصواتهم عالية من خلال أفواهم او من خلال أقلامهم التى سطرت الحقائق والوقائع المذرية والماساى والدمار والخراب الذى حطم مجتمع النوبة كله.فلذا نريد ان يسال كل منا نفسه لماذا نحارب بالوكالة ؟ ماذا كسبنا من هذه الحرب لاشى الا الدمار والخراب. منسوبى الحركة الشعبية من ابناء النوية ليسوا قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال انما مجرد وقود للحرب رغم غاليبتهم المطلقة فى صفوف هذه الاجسام او الهياكل لقد وجدنا أنفسنا كالنوبة بلا شى عندما تم توقيع اتفاقية نفاشا لانريد ان تتكرر هذه التجربة البشعة والفظيعة مرة اخرى. ان الاوان لكسر جدار الصمت والخوف من أجل التخلص من شعارات تحرير السودان او بناء السودان الجديد هى تلك الشعارات التى قتلت النوبة وجوعت النوبة وشردت النوبة من ديارهم. لابد من التخلى عن عقلية الماضى. المطلوب منا جميعا رفع شعار وحدة جبال النوبة عالياً خفاقاً من خلال رؤية مشتركة. أخيراً اقول للاخوة الجنوبيين لا تقتلوا بعضكم بل أقتلوا الفقر الجهل والمرض.
|
|
|
|
|
|