|
السودان وخيارالمستقبل/ماهر هارون
|
السودان وخيارالمستقبل
مضى من إستقلال السودان أكثر من خمسة عقود و نيف و السودان أصغر حجما و أقل عددا و أكثر أعداءا و فوق كل هذا و ذاك مازال السودان يعانى من الأتى:
* غياب الإجماع السياسي فى كيفية حكم السودان.
* ضلوع وتدخل الجيش المتكررفى الممارسة السياسية والإطاحة بالأنظمة الديمقراطية بدلا من حمايتها.
* الفشل فى تحقيق الوحدة الوطنية و المحافظة على وحدة البلاد.
* غياب العدالة و سيادة تنفيذ حكم القانون.
* تفشى الفساد و ثقافة الفساد.
منذ الإستقلال مر على السودان الحكومات التاليه:
* حكومة السيد عبدالله خليل و التابع لحزب الأمة من عام 1956 و حتى 1958 * حكومة الإنقلاب العسكرى بقيادة الفريق إبراهيم عبود من العام 1958 و حتى 1964
* حكومة ثورة الشعب فى اكتوبر من 1964 و حتى 1969 .
* حكومة الإنقلاب العسكرى بقيادة المشير جعفر نميرى من العام 1969 و حتى 1985
* حكومة ثورة الشعب الثانية من 1985 و حتى 1989 .
* حكومة الإنقلاب العسكرى بقيادة المشير عمر البشير من العام 1989 حتى الآن
يتضح لنا من السرد التاريخى أعلاه بأن الجيش حكم و مازال يحكم السودان 47 عاما اي 81% من عمر السودان السياسى . هذا ظاهرة غير طبيعية و يحتاج منا الدراسة قبل البدأ مرة أخرى تكرارتلك الحلقة المفرغة بإنقلاب عسكرى أو ثورة شعب . المواطن السودانى يتوقع من ولاة الأمر تنمية البلد والتنمية فى محصلتها النهائية للمواطن البسيط يعنى توفير سبل العيش الكريم و البئية الصالحة للعيش بأمن و سلام و عدل و حرية و مستقبل واعد. وأذكر فى هذا المقام ما قاله أحد الفلاسفة "بأن الذين لا يتعلمون من أخطاء الماضى فمحكوم عليهم بتكراره" .
أول درس يجب أن نعيه جميعا من السرد أعلاه هو كيفية إبعاد الجيش من العمل السياسى و منعه من الإطاحة بإلأنظمة السياسية مهما كانت المبررات. الجيش يجب أن يلعب دور الحارس للأنظمة الد يمقراطية والدستور و هذا إطافة الي دورها الطبيعي فى المحافظة على أمن و إستقلالية البلاد - وفى حالة تجاوز الجيش لحدود مسئولياته و خرقه لواجباته الدستورية وألإنقلاب على الأنظمة الشرعية يجب أن تكون هنالك آليات رادعة لإفشال الشرعية والإستمرارية بواسطة الشعب و المجتمع المدنى والدولى و المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الأفريقية ..الخ.
والدرس الثانى هو العمل جميعا لتحقيق الوحدة الوطنية و البدء بالإتفاق على دستوريرضى الجميع مهما قل شأنهم و نسبهم و مالهم و نفرهم و دينهم ولونهم وعرقهم وجنسهم . دستور ينشد الحرية و المساواة و العدالة بدون تمييز.
والدرس الثالث هو بناء دولة على أساس فصل السلطات التنفيذية و القضائية والتشريعة وعلى أن تكون السلطة السياسية قائمه على التداول والعدالة و الحرية و سيادة القانون و الرقابة و المحاسبة .
والدرس الرابع هو بناء نظام خدمة مدنية ثابت لا يتغير- إلا حسب ما ينص عليه الدستور- وينشد الكفاءة والفعالية و تقليل حجم الدوائر الحكومية حتى لاتكون الحكومة مستنقع للبطالة . والدرس الخامس هو أن تكون " حق المواطنة " هو الذى يحدد الحقوق و الواجبات للمواطن السودانى.
و الدرس السادس يجب علينا كمجتمع الخروج خارج نطاق أنفسنا و المجتمع للنظر و الدراسة إلى حقيقة تقاليدنا و عاداتنا وصلاحية البيئة و الثقافة التى نعييشها و أطفالنا و أثرة فى خلق إنسان الغد السودانى . و الدرس السابع هو الإتفاق على ثقافة المعارضة السياسية الإيجابية بدلا من ثقافة علي وعلى أعدائى .
والدرس الثامن هو تكوين لجنة قومية لدراسة الماضى بطرق علمية و بواسطة مختصصين سياسيين و مهنين و حكماء لمعرفة أسباب الإخفاقات المتكررة و تحديد كل التجاوزات السياسية و الإقتصادية و المالية و الثقافية الخ... - ووضع الأنظمة الواقية للمستقبل - ليس بغرض التشفى والإنتقام ولكن لمعرفة الدوافع و إستقاء العبر و المواعظ و لتربية الأجيال القادمة على ضوءه . واذكر فى هذا المقام تجربة جنوب أفريقيا و التى إشترطت الأعتراف و التأسف . وهذا تطبيق فعلى لثقافة العفو عند المقدرة. أنا لا أشك إطلاقا فى حسنة نية من حكموا السودان . لكن السؤال المهم هو- هل حسنة النية لوحدها تكفى لادارة حكم بلد أم يتحمل كل من إختار العمل العام مسئولية افعاله و العاقل من أتبع نظام حكم مجرب و مدروس يستند على الإجماع الوطنى و يقف على أرضية العدل و الحرية و المساواة و سيادة حكم القانون بدلا من العمل من خلال طائفة من المحبين و المريدين. و هنا أذكر مغذى ماجاء فى مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه " إن عثرت بغلة فى العراق فأنا مسئول عنها" .
لماذا يجب أن نتمسك بالخيار الديمقراطى للسودان :
* حسب التجارب السابقة للأنظمة العسكرية والحزب الواحد فإن العبرة بالنهايات و ما توؤل إليه الأحوال الإقتصادية و المعيشية الخ..و تحول الحكم الي سلطة بوليسية بتمركز السلطات التنفيذيه والتشريعة والقضائية فى قمة الهرم السياسى .
* التمركز التدريجى للسلطات التنقيذية و التشريعية و القضائية فى قمة الهرم السياسى هيأت البيئه الخصبة للفساد بواسطة الإنتهازيين والذين يستغلون النقص فى المعرفة والإدراك وضيق الوقت لدى المسؤولين وغياب الرقابة و المحاسبة و سيادة القانون و التسيب للهيمنة على النظام السياسي و الإقتصادى و المالى والإجتماعى الخ....
* الكل يعمل فى خدمة الوطن الواحد والكل يخضع لدستورواحد وسلطة القانون تسرى على الجميع من قمة الهرم السياسي لأبسط مواطن. وهذا تطبيقا فعليا لمقولة الرسول – ص- " كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته ".
* الإختلاف فى الأجناس و الأعراق و الأديان تجد إنسجامها فى النظام الديمقراطى والذى بدوره يعزز من القيم الإنسانية و يحفز الى الإبداع و التطور. * سيادة القانون والعدالة و الحرية يتم تحقيقه بفصل حقيقى للسلطات التنفيذية و التشريعة و القضائية .
* إحتكار السلطة فى شخص أو حزب واحد يمكن تجنبه بتطبيق آلية تداول السلطة السياسية حسب نصوص الدستور وبدون تقصير أو إجتهادات.
* الفساد يمكن محاربتة والتقليل من مضاره على الإقتصاد و المجتمع بتنفيذ آلية المحاسبة و الرقابة والذى يعتبر إحدى مقومات لنظام الديمقراطى .
* الجيش يدرب على حماية الدستور وإستمرارية الخيار الديمقراطى إضافة الي واجبها الطبيعى فى حماية أمن الوطن و إستقلاله.
* طرح خيارالمشاركة السياسية للجميع و التنوع الثقافى و الدينى لدر خطر النزاعات الإنفصالية و تمشيا مع حديث الرسول – ص- قال كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته .
* الخيار الديمقراطى سوف يقلل من الأخطار الحادقة نتيجة للمواقف والتصرفات السياسية السابقة داخل و خارج السودان و التى خلقت عداوات تنمى بالخطر على تماسك السودان السودان بلد ينعم أهله بقيم و خصال فريدة و ارضه ينعم بثروات كثيره والمستقبل واعد بالطاقات البشرية (حواء والده) إن تم تحسين النية ورفع مصلحة الوطن فوق الكل والإلتزام بخيار النظام الديمراطى و العمل جميعا من الآن لتهيأة البيئه للمستقبل الواعد و الإستفادة من المعرفة البشرية المتراكمة عبر الأجيال فى إدارة كل اوجه التنمية و الحياه و إلا فإن السماء لا تمطر ذهبا لا فضه.
و أخيرا أود أن أشارك القاري الكريم ماكتبه الأديب و المفكر العربى جبران خليل جبران: " و يل لإمة تكثر فيها المذاهب و الطوائف و تخلو من الدين ،ويل لإمة تلبس مما لا تنسج و تأكل مما لا تزرع و تشرب مما لا تعصر ، ويل لأمة تحسب المستبد بطلا و ترى الفاتح المذل رحيما . ويل لإمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت بجنازة و لا تفخر إلا بالخراب و لا تثور إلا و عنقها بين السيف و النطع ، ويل لأمة سائسها ثعلب و فيلسوفها مشعوذ و فنها فن الترقيع و التقليد ، ويل لأمة تستقبل حكامها بالتطبيل و تودعه بالصفير لتستقبل آخر بالتطبيل و التزمير، و يل لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين و رجالها الأشداء لا يزالون فى أقمطة السرير ، ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء و كل جزء يحسب فيها أمة" .
أرجو ا أن يكون هذا العمل مفيدا و أن يجد من القارئ الكريم النظرة الإيجابية للمشاركة – بالقدر المستطاع - فى محنة الوطن الذى يسير نحو مستقبل غيرواضح المعالم، والله ولى التوفيق.
ماهر هارون – محاسب قانونى – ديسمبر 2013
|
|
|
|
|
|