|
)كلام عابر) يوم رحل شيخ العرب/عبدالله علقم
|
)كلام عابر) يوم رحل شيخ العرب كانت شمس يوم الثلاثاء الثالث من ديسمبر 2013م تتهيأ للغياب في مخبئها الأزلي عندما بدأت الحياة في العودة لطبيعتها في الطابق الخامس من مستشفى المانع للطواريء في مدينة الخبر وفي كل مبنى المستشفى ومواقف السيارات، وتوقف سيل الزوار الذي كان لا ينقطع، وربما تنفست الممرضات الفلبينيات الصعداء بعد أن خف عنهن ذلك الضغط المتواصل من أفواج الزوار الذين لا تهدأ نفوسهم إلا بدخول غرفة المريض والتطلع إليه للحظات، وهو في صراعه الصابر الصامت مع الداء والألم، قبل أن يغادروا المكان وفي قلوبهم حرقة.في تلك اللحظات من يوم الثلاثاء رحل المريض الذي اربك كل حسابات المستشفى. لم أسعد بمعرفته إلا في السنوات العشر الأخيرة، ولكني وجدت فيه نوعا من الرجال يقتحم القلب بلا استئذان ويبقي فيه إلى الأبد. عرفت فيه الإنسان السخي بالحق الضنين بالباطل، ركن المحتاج وسند الضعيف، ومنارة التائه والضهبان، زينة المجتمعات، فاكهة المجالس، حر الشتاء وبرد الصيف، ملتقى الأحباب، الكريم الجواد أشد ما يكون الكرم والجود، التقي الورع، ولا أزكيه علي الله. كان أبو إبراهيم لا يفوته أداء واجب قط.أذكر في هذا المقام، وقد جاء يوم شكره، أن جدول إجازته المزدحم لم يشغله عن مهاتفتي من السودان لدقائق طويلة معزيا في أخي الأكبر عندما علم بوفاته، مثلما لم يمنعه المرض من التحامل على نفسه والحضور لفندق النمران في مدينة الخبر في مثل هذه الأيام من السنة الماضية ليشهد الإحتفائية الباذخة التي أقامتها جمعية أبناء سلنارتي الخيرية وجمعية أصدقاء الكتاب السودانية ورابطة المرأة السودانية ترحيبا بمجموعتي القصصية "الطيور ترحل في الفجر"، ثم قام ليرتجل كلمة بإسم الرياضيين، الذين ألحوا عليه للتحدث نيابة عنهم وهو يصارع أنفاسه، مشيدا بالفعالية وبالقائمين عليها وبالكتاب.كان رئيسا لرابطة مشجعي المريخ في المنطقة الشرقية، المملكة العربية السعودية، ولكن جسور مودته كانت لا تستثني أحدا ويمدها بسخاء شديد في كل الإتجاهات ويخترق بها كل القلوب.كانت رئاسته لرابطة مشجعي المريخ إضافة وقيمة كبيرة للرابطة ولأعضائهاوإثراء للعمل العام في أنبل وأجمل صوره، وكان نموذجا رفيعا للإنسان السوداني في المهجر،مشرفا لوطنه. سجل طويل من الروعة والجمال لا يمكن أن تختزله هذه السطور. اصطفوا عصر اليوم التالي صفوفا طويلة في مسجد الإمام فيصل بن تركي في مدينة الدمام ملأت المسجد على سعته، مثلما ملأت ساحات المقبرة التي اختلط فيها التراب والناس والدموع. غلبت الدموع المشيعين ولم يتماسكوا أمام الاسرة الصابرة الراضية بقضاء الله وقدره والتي ابتلعت دموعها. كانت دموع أخينا الصحافي الرياضي يعقوب حاج آدم تعتصر القلب وتزيد المشيعين حزنا على ما هم فيه من حزن، رغم ما كان بينه وبين الراحل من مساجلات طويلة على الورق، فأخي يعقوب رغم قلمه الحاد الذي لا يبقي على أحد، يحمل في جوفه قلب طفل كثير البراءة. كان يوما خالصا للحزن.ودعنا الإنسان الجميل سليل الأكرمين شيخ العرب عمر حامد المجذوب. كان بسيطا جدا ومتواضعا حتى في موته، لا يريد أن يشغل إلا حيزا صغيرا من الفراغ ولا يريد أن يسبب إلا أقل عناء للآخرين. ودعناه الوداع الذي ما بعده وداع وتركناه مؤتنسا بربه الكريم في تلك الوحشة إن شاء الله. اللهم ارحم عبدك ابن عبدك وابن أمتك عمر حامد المجذوب واسبغ البركة على أهله وبنيه واجعل قبره روضة من رياض الجنة. اللهم إنه كان محبا لعبادك رؤوفا رحيما بهم،فأظله برحمتك يوم لا ظل إلا ظلك. تتوسد الباردة أخي شيخ العرب عمر حامد المجذوب. (عبدالله علقم) [email protected]
|
|
|
|
|
|