|
أبو الجهالات العظمى الدكتور حيدر إبراهيم علي بقلم: محمد وقيع الله (3)
|
أبو الجهالات العظمى الدكتور حيدر إبراهيم علي بقلم: محمد وقيع الله (3)
ذكرنا أمس أن الدكتور العقلاني التنويري المهذب حيدر إبراهيم علي كان قد طالب بإدخالي مستشفى الأمراض العقلية. وقد قال في التوطئة لطلبه وفي تبريره:" طلب مني البعض الرد، ولكنني لم أفعل لأنني تيقنت أن وزارة الصحة لم تعد قادرة علي الوفاء بالتزاماتها تجاه مستشفي التيجاني الماحي، وبالتالي لا يكون الرجل المناسب في المكان المناسب. وقد أدي تقصير المصحات في دورها العلاجي، أن يتسرب كثير من الكتبة إلي الجلوس تحت أعمدة الصحف أو أن يقبعوا في زاويا وأركان المقالات. وتذكرت شخصا كان يتجول في منطقة المحطة الوسطي وكابريس حاملا لافتة مكتوب عليها: لكل سؤال جواب! ولكن أودع المصحة حتي توفي. فقد تحسرت عليه، إذ لم يحضر هذا الزمن الهابط. فقد كان من الممكن أن يكون له عمود، ويحصل علي لقب مفكر إسلامي". وفي الحقيقة فإن الدكتور حيدر قد استوحى قوله هذا من خلفية تفكيره الأصولي الشمولي التليد. فهو شخص شيوعي ستاليني عتيد. يؤمن بسياسة قمع الأفكار وتهميشها وتهشيمها. وينادي بإيداع أصحاب الأفكار التي تعارضه أو لا تعجبه مصحات العلاج النفسي. ولهذا الأسلوب في التفكير والتدبير تراث هائل ومرجعية زاخرة تجسدت في ممارسات الدول الشيوعية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي المنهار الذي كانوا يدعونه بالاتحاد السوفيتي العظيم! وقد طالع قراء الكتب في أواخر سبعينيات القرن الميلادي المنصرم كتاب عجيبا من تأليف فلاديمير بوكوفسكى بعنوان (في الإتحاد السوفيتي مرض عقلي جديد: المعارضة). حكى ذلك الكاتب بإسهاب عن دأب الحكومات السوفيتية على توجيه تهمة المرض العقلي إلى معارضيها الفكريين والسياسيين الخطرين. وإيداعهم المصحات النفسية بتلك التهمة. وإجبار الأطباء النفسيين من ثمَّ على كتابة التقارير المقززة في وصف تصرفات مزعومة تنسب زورا إلى هؤلاء المعارضين المتهمين بالمرض العقلي! وذلك حتى يتم إلغاء التأثير الإيجابي لأفكارهم على الخاصة والعامة. وحتى يتلقاها الناس على أنها أضغاث أوهام وأحلام. وحتى يتاح للسلطات الحاكمة وفقا لهذا التشخيص المكذوب أن تمارس أسلوب العلاج بالصدمات الكهربائية على أدمغة السجناء المعارضين المضطهدين فتفسدها وتحطمها! وقد لبث المعارض الروسي بوكوفسكى أكثر من عقد من السنين العجاف في معسكرات الاعتقال والمصحات النفسية السوفيتية لا لسبب إلا لأنه وجه نقدا فكريا عنيفا للنظرية الشيوعية وتطبيقاتها المتطرفة غير القانونية وغير الأخلاقية وغير الإنسانية. وأنذر بحدوث كارثة إيديولوجية وشيكة وانهيار تام للنظرية الماركسية والمذهب الشيوعي. وفي سنة 1963م اعتقل هذا المعارض الروسي بتهمة حيازة مادة فكرية معادية للنظرية الماركسية. وقد كانت هذه المادة عبارة عن كتاب (الطبقة الجديدة) من تأليف المفكر والمنظِّر الماركسي اليوغسلافي السابق ميلوفان دجيلاس. وهو الكتاب الذي استعرضنا نظريته قبل أشهر قلائل في الزميلة (الانتباهة). وأنذرنا أهل الإنقاذ المفسدين من انطباق مغباَّته عليهم. وقد عوقب بوكوفسكى بالسجن بسبب حيازته لهذا الكتاب مثلما عوقب مؤلفه بالسجن في يوغسلافيا السابقة. وبعد مفاوضات بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي انعقدت صفقة أفرجت بمقتضاها السلطات السوفيتية الغاشمة عن فلاديمير بوكوفسكى. بينما أفرجت السلطات التشيلية الغاشمة عن معتقل شيوعي لديها يدعى لويس كورفالان. وقبل إطلاق سراحه استطاع بوكوفسكى أن يهرِّب من معتقله مسودة كتابه الذي أشرنا إليه قبل قليل. وأرفق به رسالة وجهها إلى المنظمة العالمية للصحة النفسية طالبا منها أن تناقش في مؤتمر خاص مدى مهنية وقانونية هذه الممارسات السوفيتية باتهام معارضيها بالجنون. وهو ذات الاتهام الذي انحدر من العقل الباطن للشيوعي الشمولي حيدر إبراهيم علي ووجهه إلي! ومن شابه آباءه الإيديولوجيين الشيوعيين الطغاة الغاشمين فما ظلم! وقد انكبت الفيدرالية العالمية للصحة العقلية على درْس الشكوى التي أرسلها إليهم بوكوفسكى دراسة جادة وافية في مؤتمر خاص. وأصدر اتحاد المعالجين النفسيين العالميين رأيه قويا في الممارسات القمعية السوفيتية التي انتحلت رادء مهنة الطب النفسي وتبرأ منها واستنكرها. فاضطرت السلطات السوفيتية إلى الانسحاب من هذا الاتحاد المهني العالمي بعد أن هددت بالطرد منه. وفي تراجع له مغزاه أعادت السلطات السوفيتية فحص الوضع العقلي لبوكوفسكى وأعلنت أن عقله سليم أو أنه أصبح سليما بعد العلاج! وبالجملة فقد أشعل التطرف السوفيتي في إساءة استخدام علم الطب النفسي لأغراض سياسية غضبا عارما في الغرب وفي داخل المعسكر الشيوعي نفسه. ومهد لتبلور حركات المعارضة بشكل سافر في الاتحاد السوفيتي السابق. الأمر الذي مهد إلى خلخلته من الداخل وتقويضه في خاتمة المطاف. وقد أكثرنا من الحديث في قصة بوكوفسكى ومعاناته لأن ما حدث له هو بالضبط ما يريده لنا هذا الشيوعي الستاليني الإرهابي العريق حيدر إبراهيم علي. وقد أفصح عن مراده العدواني الإجرامي وهواه السادي في الفقرات السالفة من مقاله الأخير. فيا بئس مراده ويا تعس هواه! ويا بعداً ليوم يصل فيه حيدر وأمثاله من الشيوعيين الشموليين التصفويين إلى سدة السلطة في بلادنا ليحققوا مناهم في البطش بخصومهم والتنكيل بهم على هذا النحو الذريع.
|
|
|
|
|
|