|
سوركتى) يمـوت ليلة (الملتقى) بقلم أحمــد دهب
|
(ســـــوركتى) يمــوت ليـــلة (الملتقــى) بقلـــم أحمــد دهب لم يكن الاستاذ هاشم سوركتى يدرك ان رحلته مع الزمن ستعلن عن نهايتها في تلك الامسية الجميلة من يوم الخميس الماضي .. حيث كان هو من ضمن أعضاء الملتقى السودانيالاجتماعي بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية و الذين تقاطروا اسراباً صوب إحدى القاعات الانيقة القابعة في اطراف المدينة بغية الاحتفال بمناسبة الذكرى (49 لثورة أكتوبر المجيدة) !! في تلك الامسية التي عزفت نجومها على اوتار الشدو الرقيق هطلت أعداد كبيرة من الاسر السودانية من اعضاء هذا الملتقى الى رحاب تلك القاعة القابعة في ركن من الاركان القصيه لعروس البحر الاحمر و قد طفحت و جوه الصغار و الكبار معاً بباقات من الفرح ذلك لان المقصد من هذا التدفق المستمر لهؤلاء البشر نحو هذا المكان القصي هو الاحتفاء بهذه المناسبة السعيدة لاسيما و ان (الملتقى) ورغم المسافات الطويلة درج على مشاركة الشعب السوداني في افراحه و اتراحه إيماناً من اعضاءه البررة ان الوطن دومـاً يرقد في حدقات العيون !! وإن (القبلات) على و جنتيه هي نوع من انواع الوفاء لارض ارضعتهم من اثدائها و اغدقت عليهم الكثير من الود و التحنان !!
كان الحفل في امسية الخميس الماضي يرتدي حلة زاهية .. و كانت زهرات الملتقى اليانعات تمنح الاجواء بهجة و سرور و يحلقن في المكان مثل العصافير الملونة الجميلة و الحرائر في أثوابهن الجميلة بدن مثل الطيور التي مافتأت ترحل من غصن الى غصن و الرجال بجلبابهم الناصعة وعمامتهم التي استقرت فوق الروؤس يجبون المكان في جزل شديد ليروا عن الاصالة و المروءة لشعب جبل على النبل و الكرم و كان من بينهم البروفسير مرغنى محمد عبدالعزيز رئيس الجمعية يزرع المكان جيئة و ذهابأ فينثر على الوجوه ابتسامته المضيئة ليعبر عن الفرح الذي سكن في القلوب بهذه المناسبة الخالدة
الحفل كما هي العادة في مثل هذه الحالات بدأ بتلاوة من الذكر الحكيم و تلاها السلام الجمهوري حيث قذف الجميع أجسادهم من مقاعداها تقديراً و عرفاناً لهذه الموسيقى التي تحمل في ثنيايا هاعنوان الوطن و شعاره المجيد و القى رئيس الملتقى كلمة الهبت المشاعر و لامست حنايا القلوب .. و جاء دور زهرات الملتقى فصعدن الى المسرح فنثرنرحيق الحب للوطن الجميل من خلال انشودة رائعة تروي عن تلك البطولات التي لامست تاريخ بلادنا عبر الحقب و اطل الشاعر الرقيق بشرى الفاضل و القى قصيدة عصماء صفق لها الجميع
كان الوقت قد دنا من الساعة الواحدة و النصف صباحاً لليوم التالي و أعلن الفجر عن قدوم يوم جديد فقفز على المسرح مجموعة من المطربين يتقدمهم المطرب المعروف في مدينة جدة حسن خليفة ابن شقيق الفنان الراحل سيد خليفة فكان عطاءهم ثراً فريداً .. لاسيما و قد حلقوا بالحاضرين الى دنياوات محفوفة بعطر الصندل و الياسمين من خلال ادائهم الجماعي لانشودة (وردي) الرائعة (يقظة شعب) فامتلئت الدموع في المأقي و كادت القلوب من فرط فرحتها ان تقتلع من أماكنها و فاح اريج الوطن من حقوله المخضرة و سهوله المترامية و جباله الشاهقة .. و وديانه الممتدة و غاباته الكثيفة و نخيله الباسقات و شعبه الابي ينشر في المكان عطراً ذكياً
في تلك اللحظات المشحونة بالشجن الرقيق و في تلك الساعات التي حفلت بكل شيء جميل كان الراحل (سوركتى) يزرف الدموع مدراراً عله تذكر تلك الايام الخالدة من عمر الوطن او لعله كان يطوف بمخيلته في عوالم بعيدة فجاشت في اعماقه ذكرى تلك الايام التى شهدتها ثورة أكتوبر الظافرة بحلاوتها و شهدائها و بالامواج البشرية التي غمرت شوارع العاصمة المثلثة تهتف بحياة الوطن حتى تهاوت قلاع(نوفمبر) البغضاء من عليائه و عاد للوطن شموخه و عزته
(سوركتى) لم يلبث قليلا حتى أصابه نوع من (الوهن) و ارتعش جسده النحيل مما دعى الحاضرين الى حمله لاحـدى الغرف الموجودة في داخل القاعة بغية إسعافه من قبل الاطباء الذين كانوا حضورأ في الملتقى مثل الدكتور صلاح التجاني .. و الدكتور مرغني عبد العزيز .. و لم تفلح المحاولات .. و نقلوه الى احد المستشفيات و هناك بعد ساعات قليلة توقفت نبضات القلب الرهيف و فاضت روحه الطاهرة الى باريها في يوم الجمعة الماضي بعد حياة حافلة بكل معاني الايثار و الاقدام و التفاني و حب الوطن و ابناء الوطن تغمده الله بواسع رحمته ج 0501594307
|
|
|
|
|
|