|
الصادق! خرب السودان !!! يوسف محمد
|
الصادق! خرب السودان !!! يوسف محمد بما أن الرئيس البشير قد أعاد النظر في تعريف "المشروع الحضاري" حسب ما اشار إليه الكاتب محمد لطيف ونقل عنه قوله: (المشروع الحضاري في الاصل مشروع ثقافي... لم نأت لنعلم الناس الصلاة و الصيام و دخول المساجد، و لم ندع بناء المدينة الفاضلة... فالمدينة المنورة حين يعيش فيها الرسول صلي الله عليه و سلم ، كان يعيش بجانبه فيها المنافقون و اليهود و الذين في قلوبهم مرض.... البعض أساء مفهوم المشروع الحضاري و البعض الآخر أساء تطبيقه... وزارة الثقافة عائدة بمهام كبيرة و استراتيجية ليالي الخرطوم الثقافية كانت و ستظل معلما بارزا... الثقافات السودانية و تنوعها هي سلاحنا لمحاربة القبلية و الجهوية و الاثنية ... عبر رعاية هذه الثقافات و حمايتها و تطويرها و العمل علي تلاقحها تراجع الاهتمام بالحياة الثقافية كارثي النتائج.... المرفوض هو التبرج و التفسخ و الابتذال و المظاهر الشاذة... و ليس المطلوب الحجر علي حركة الحياة الطبيعية... و لا مصادرة حق الناس في الحياة العادية.... الشعب السوداني بكل سحناته و اعراقه و ثقافاته و لهجاته، محب للغناء وللشعر و للتطريب ... متفاعل معه ، معبر عن هذا التفاعل ... و هذا حق مشروع و مكفول في حدود الالتزام الذي تحدده وترعاه الاعراف الاجتماعية.. لا القوانين السلطوي) .. إنتهى الإقتباس ... وعليه فيحق لنا الآن أن نمط أرجلنا، قبل أن يغير البشير رأيه كطبيعته وعادته، لنتحدث بكل حرية ودون تحفظ عن المصارعة كثقافة اصيلة تمارس في مناطق جبال النوبة المختلفة، وفي أماكن تجمعاتهم بالعاصمة القومية، لإعداد الشباب القويين والتي إنداحت لتصبح فخر القبيلة أو المجموعة. ويحكى أنه كان هناك مصارع ملقب بالنميري، وفي إحدى المناسبات والكرنفلات أخذ "السبار"، وهو المشجع الذي يعدد مناقب ومواصفات وقوة مصارعه، يصيح بأعلى صوته ممجداً ومزهواً بالنميري المصارع: "النميري! خرب الدولة"!!!، " النميري! خرب دولة"!!، فاعتقلته أجهزة الأمن لما في ذلك من رمزية سياسية بليغة بتعبير هذا المواطن البسيط. فإن كان النميري قد حاز على لقب "خراب الدولة"، فإن السيد الصادق المهدي بالمقارنة والمقاربة والتشبيه، وهو أقوى المصارعين على الساحة السودانية حالياً، يستحق أن يحمل على الأكتاف وينادى به في الساحات: "الصادق! خرب السودان" .. "الصادق! خرب السودان" .. فهو "خراب السودان" الأول عن جدارة وإستحقاق ودون منازع، وإليكم ملخص لبعض الأسباب التي تعضد ذلك: أولاً: إن أول منصب تقلده السيد الصادق المهدي بعد تخرجه هو رئيس وزراء بعد أن أخليت له دائرة الجبلين الإنتخابية وعزل رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب وجلس مكانه دون أدنى سابق خبرة، وراح يعمل لتكريس رئاسة الحزب وقيادة شئون الأنصار في قبضته دون مراعاة فصل العمل السياسي عن شئون الإنصار الدينية/ الطائفية، ودون إعتبار لأي مؤسسية حزبية أو تراتبية حتى مع عمه الإمام الهادي، بل وأهمل المهام المناطة به لرعاية الدولة وتثبيت أركانها على أسس الديمقراطية والعدالة لكل مكونات شعوبه. ثانياً: لم يقدم السيد الصادق المهدي اي خدمات تنموية أو تطور لمناطق نفوذ حزب الأمة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق وابقاهم في جهلهم دون تعليم حتى يستمروا في غيهم وغيبوبتهم لخدمة دوائر المهدي العديدة ويستغلهم بالسخرة في مشروعاته الزراعية. حتى أبسط الخدمات وهي توفير المياه التي يعتمد عليها أتباعه في تلك المناطق لرعي ماشيتهم ودوابهم التي هي اساس حياتهم ومعاشهم وهو ما قاد إلى الحروب الطاحنة بينهم ولا تزال تنذر بحرب ضروس الآن بين السودان والجنوب السودان بمنطقة ابياي. وفي منطقة جبال النوبة أبقى على قوانين ضرائب الدقنية سيئة الصيت وسياسة السخرة التي فرضت منذ عهد الإستعمار وظلت تطبق حتى بعد الإستقلال بفترة طويلة ولم يعمل أو يسعى حتى على إزالتها رغم ما تحتويه من إستغلال وإذلال وإحتقار لأهل المنطقة. ثالثاً، نشير ونذكر بالنقاط التالية وهي معروفة لدي الجميع: - الصادق المهدي وأد الديمقراطية في حزبه ثم كرس جهده لنقل ذلك إلى الأحزاب والتنظيمات السياسية الوليدة بتفتيتها حتى لا تقوم لها قائمة ... فبدلاً من مساعدتها أو منحها الفرصة لتنمو وتطور الديمقراطية بداخلها عمل على عزلها وقتل قادتها (وليم دينج رئيس حزب سانو)، أو إغتيال شخصياتهم، وإستقطابهم وضمهم إلى حزبه (إتحاد عام جبال النوبة، سوني، جبهة الشرق، الحزب القومي السوداني) أو طردهم من البرلمان وحرمانهم من العمل السياسي (الحزب الشيوعي). - الصادق هو من أسس ورعي أول مليشيات بالسودان الشمالي تحت ما يسمى بقوات المراحيل ومولها وسلحها ومن ثم سلمها للمؤتمر الوطني لتقنينها وشرعنتها في مليشيات الدفاع الشعبي وحرس الحدود، وتفريعاتها من الجنجويد والقوات الخاصة والمرتزقة وبقايا فلول القاعددة والتكفيريين، ...إلخ. - الصادق المهدي أول من إستعان بالأجنبي لخلق ما يسمي بالحزام العربي، بدعوى نشر الدعوة الإسلامية واللغة العربية في السودان، لاسيما أماكن التماس بين الشمال والجنوب وفي الجنوب نفسه، وكانت هذه بذرة الفتنة في دارفور بين ما يسمى الزرقة والعرب. - الصادق أول من تعاون مع الخارج وشارك بل قاد المحاولة الإنقلابية الفاشلة المعروفة والمشهورة بغزوة المرتزقة في يوليو 1976م، بأموال ودعم ليبيين. - بعد قيادته للجبهة الوطنية وبعد فشل محاولة غزو الخرطوم ارتمى الصادق فى احضان مايو بالمصالحة الوطنية، و انفرد بتوقيع اتفاق مع النميري في بورتسودان بعيداً عن المعارضة. - وعد السيد الصادق بإزالة قوانين سبتمبر سيئة الصيت لتعزيز الوحدة الوطنية، ولم يفعل بل إئتلف مع الجبهة الإسلامية بقيادة الترابي وأبقي عليها واستمرارها. - أبان حكم الصادق اضاع فرصة اتفاق السلام الموقع بين الميرغني وقرنق بمماطلته وعجزه عن حسم الأمر، فبدلاً ان ينحاز الى معسكر السلام اختار الوقوف مع المتطرفين ضد رغبات اهل السلام والسواد الاعظم من ابناء الشعب السوداني. - كما قام بتسليم الحكم لنظام البشير رغم علمه بمخطط الانقلابيين وربما ساعة الصفر، ولكنه لم يفعل شيئاً، لا قبل ولا بعد الإنقلاب على حكومته وعلى الديمقراطية. - بعد خروج المعارضة وإشتداد نشاطها خرج إليهم الصادق في عملية مبهمة إن لم تكن مفبركة سماها "تهتدون"، وسرعان ما شرع في عرقلة وفرملة نشاطات المعارضة بدعاوى الهيكلة وما أدراك ما الهيكلة، وما بين غمضة عين وإنتباهتها تفاجأ الناس بعودته وإرتمائه في أحضان المؤتمر الوطني في إتفاقيتي جيبوتي أو نداء الوطن عام 1999م، التي وصفها بأنه ذهب ليصطاد أرنباً فأصطاد فيلاً، ولم يصدقه أحد، كيف لا وقد إستلم المليارات ووظف إبنيه، وإتفاق التراضي الوطني عام 2008م في أمدرمان وبالتالي أفشل عمل المعارضة عن جدارة. - عادت المعارضة إلى الداخل وإلتأم شملهم مرة أخرى مع السيد الصادق تحت مسمى الوفاق الوطني وإتفقوا على العمل سوياً لتغيير نظام الانقاذ بكل السبل الممكنة، وبدأوا العمل الفعلي، العلنى والسرى، ليتفاجأ الجميع باجتماع السيد الصادق مع رئيس المؤتمر الوطني عمر البشير. - لم يكتفي السيد الصادق بذلك بل باشر في إصدار مبادرات الواحدة تلو الأخرى: نداء الوطن، إتفاق التراضي الوطني، إتفاق القاهرة، الفجر الصادق، تذكرة التحرير، النظام الجديد، السودان العريض، ..........، وتحويره رغبة الجماهير من "الشعب يريد إسقاط النظام" إلى "الشعب يريد نظام جديد" – وقبل تتحقق واحدة من المبادرات أو تصل إلى نتيجة يقفز إلى أخرى جديدة. - نأتي إلى موقفه من الإنتفاضة المجيدة التي قامت بصورة عفوية من قبل شباب متقد ومهموم بهموم أهله الذي ضاقت بهم سبل العيش وضنك الحياة من جراء الإجراءات والقرارات المالية الأخيرة بزيادة أسعار المحروقات، فبدلاً من الوقوف معهم وقيادة ترتيب وتنظيم هذه التظاهرات وقف موقف أقل ما يوصف انه مخزي ومتخاذل وتركهم بل هيأهم لنظام البشير ليحصدهم بأسلحته على يدي مليشياته وزبانيته من المرتزقة والأرزقية، ولا زال يتحجج بعدم وجود البديل، وخوفه أن تنزلق البلاد في موجة من العنف .... وكل ذلك وهم من بنات خياله. - وفوق ذلك كله فالسيد الصادق المهدي يؤجج العنصرية في السودان بمواقفه السالبة عن أهل الغرب والهامش عموماً ومن الحركة الشعبية والجبهة الثورية وتخويفه الخيالي والغير مبرر بتطرف الجبهة ونواياها العنصرية ضد الإسلام وضد العرب والمسلمين وإيحاءاته بأنهم يتعاونون مع الدول الأجنبية .... ناسياً أنه من أسس الإستعانة بالأجنبي.
ونخلص بالتالي، وبلا إفتراء أو تجني، إلى أن السيد الصادق المهدي هو مخرب السودان الأكبر والمتسبب الأول في مشاكله الأساسية والسياسية بمواقفه البهلوانية والضبابية وقراراته المترددة وأفعاله المتناقضة والمتأرجحة، وإجتهاده وإصراره على تشويه الغير لإظهار نفسه المصلح والمفكر والمعالج الأوحد وصاحب الحلول الناجعة لمشاكل السودان دون أي نتيجة، فلا هو يعمل بجد وإخلاص لتغيير الوضع بالسودان إلى الأفضل ولا هو يترك غيره يعمل. والله المستعان!!!
يوسف محمد – 16/11/2013م
|
|
|
|
|
|