لم يَدُر بخلد أي مفاوضٍ من مفاوضي اتفاقية نيفاشا ناهيك عن السيد/ اس كي نفسه أن يتناهى إلى مسامعه خبرٌ مفاده خروج شرق السودان منتفضًا في أواخر يناير 2005م ضد الحكومة مطالبًا بحقوق أساسية (basic needs) ملغيّة أتت عليها مكائد الحكومات الأنا بإطلاق رتعًا من منسأة الفقر والإهمال الممنهج وخلطهما بالعوذ والسل والتمباك والعسل ولمـّا يجف بعد حبر التوقيع على اتفاقية الانقسام المكناة بالسلام الشامل اعتباطًا بين الشمال والجنوب. الاتفاقية التي لم يبق من رسم دارسها غير إسفين إسراج السيد/ اس كي على صهوة مهندس للسلام في عشية وضحاها بحسب رغائب الأمريكان و(مغارزهم). فقد ظل في بياته الشتوي يترصّدها منذ إقلاع وفد الحكومة الأول- يونيو 1992 بقيادة السيد/ محمد الأمين خليفة ليُستبدل بالسيد/ علي الحاج - فبراير 1993- الذي تم استبداله كشأن أي إطار تالف في رحلة مهمة ما بين الكرفاب والسجانة - الخرطوم ليخلفه السيد/ اس كي بنفسه ثم يتناوبه وفد السيد/ أحمد إبراهيم الطاهر - مايو 1993- فيعقبه السيد/ محمد الأمين خليفة ليأتي السيد/ اس كي عليهم جميعًا أخيرًا بليلٍ ليحصد بريق ضوئها منفردًا.
تحرك وفد البجا في مسيرة سلمية إلى رئاسة حكومة الإقليم في بورتسودان وبعد أن قدّموا ورقة مطالبهم العادلة وهمّوا بالرجوع إلى دورهم - إن كانت لهم دور- ، ارتأت جهة شريرة ما أن لا يتم طي الحدث البجاوي دون مجزرةٍ معتبرة ٍعلى طريقة (shoot to kill) وللأمانة، لم يتدخل الجيش في تلك المعركة بشهادة الضحايا أنفسهم وإنما انغمس حاكم ولاية البحر الأحمر حاتم الوسيلة في هذه العملية المشابهة لعملية (إيلات) بأن أُقيم جسرٌ جوي بين الخرطوم وبورتسودان يموله أسطول باسم شركة سارية يحمل أرتال المرتزقة جوًا من الخرطوم وإلى بورتسودان ليُردُوا في الحال نيف وعشرين نفسًا زكيةً غيلةً غير أنصاف الأموات والجرحى ، وعندما طالب الوطنيون والوطنيات بكشف الجناة ومحاكمتهم، قفزت الحكومة إلى بند تفاوضي ركين كعادتها الراسخة في التجاوز عن إحقاق العدالة والتركيز على الكيفية التي يتم بها تعويض الضحايا! هو نفس أسلوب الذبح الذي يتم تجاوزه بفِرية التعويضات فور كل مذبحة سودانية كاعتراف صريح بالمصدر الذي أتت منه أوامر القتل! ظل الحدث ذكرى سنوية باقية ولم تُشر أصابع الاتهام إلى السيد/ اس كي إلا لِمامًا، بين أن أسلوب الذبح بالطلقات المميت في الرأس والصدر حصرًا هو أسلوبه المميز ومصلحة (كل الصيد في جوف الفراء) هي محصلة استراتيجيته الركينة.
على طريقة الحُـواة الذين يستخرجون من قلنسواتهم الطويلة السوداء أرانب بيضاء من غير سوء، أدخل السيد/ اس كي يده اليمنى ناحية إبطه الأيسر فأخرج ثلاث تمرات وهمية. وإذا استحضرنا الذاكرة قليلاً لأدركنا بأن النخيل هو إله في المثيولوجيا السودانية التالدة، وقد لعب سابقًا دورًا معتبرًا في اقتصاد الإقليم الشمالي ، علاوة على فضل التبرك به في العديد من المناسبات السودانية عامةً لأيقنّا أنْ كيف تحوّلت تلك التميرات الوهمية مثارًا لثورة عارمة تجتاح السيد/ اس كي في قيلولته الإجرامية لدرجة أن فعّل من داخل البرلمان (غير السوداني) فيها تعليماته السابقة بـ (shoot to kill) لكل من يتم أسره من جنود ما أسماهم بالعدو إبان معركة هجليج الكردفانية في 2012 لحيازتهم تمرات معدودات. الأدهى أن احتسب مكرور الذكر مجرد توافر معيّة التمر مع الأسرى عملاً إراهابيًا تهريبيًا تخريبيًا يمد العدو بأغلى ما يقدسه الإنسان السوداني (إله عجوة) يستحق مغترفها عقوبة رميه بالرصاص (قانونًا) دون محاكمة . فانظر كيف ينسج السيد / اس كي قانونًا يذبّح به السودانيين وأبناءهم متى ما توهّم؟
فقط من موقع الرئيس غير المرئي (the invisible) تولى السيد/ اس كي غير آبه بعلاقات الجوار الاستراتيجية السودانية مع جيرانه فخربها أشد مما خُــرّبت سوبا. استهلها مع جمهورية تشاد في 1989 بدفع إدريس دبي خلفًا للرئيس حسين حبري ثم متأخرًا انقلب على إدريس دبي الحاكم بجبهة ثورية موازية للإطاحة به وصلت إلى تخوم أنجمينا التشادية. أعقبها بالوقوف الأعرج مع العراق في اجتياحه للكويت في حربهما بالوكالة - آب 1990 - وأمّن على أن الكويت هي المحافظة التاسعة عشرة للعراق وصوّب نحوها رحال طيران سودانير بدلاً من مضمار الخرطوم - الكويت أصبحت الخرطوم - الكاظمة فحصد تدميرًا شاملاً للعلاقات ليس مع دولة الكويت المُجتاحة فحسب بل مع كل دول الخليج العربي مع السودان. يعضد جرائمه تلك بإيواء جيش الرب اليوغندي بقيادة جوزف كوني وقد وفر لزعيمها ملاذًا آمنًا بحماية جهاز الأمن داخل الخرطوم، كما حشر أنفه التخريبية في جبهة الأروما الأثيوبية ضد حكومتها والجبهة الشعبية لتحرير أريتريا ضد حكومتها وتوجها بقطع علاقتين مزدوجتين لجارتين كبيرتين أثيوبيا ومصر بضربة واحدة لازبة بمحاولته اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك على التراب الأثيوبي في اجتماع القمة الأفريقية لدرجة أصابته جراء (كُبّتِه) تلك الصرعة التي كان يتمناها لأستاذه، فهرب على إثرها متدثرًا إلى ملاذ قصي في الشمالية يُحاكي (بطن أمك) هناك أصابته سكتة سقط جراءها أرضًا وتم نقله سراعًا إلى مستشفى ساهرون في العاصمة. (دارفور الحقيقة الغائبة!!..). تحشّر السيد/ اس كي في الصومال يؤلب معارضتها الإسلامية على دولة أصلاً بلا حكومة زهاء الثلاثة عقود، وفي جبهة خارجية أخرى يأمر عامله السيد/ بكري حسن صالح بتسليم أربعة من الإسلاميين الليبين إلى القذافي فذبحهم عام 1994 ليخرج على القذافي في لعبة مضادة أقوى من مسرح العبث ويأمر الأمن السوداني باحتلال مدينة الكفرة الليبية ليمد منها معارضي القذافي بالعتاد والخطط والسلاح فيسقط نظام القذافي مذبوحًا وعلى مؤخرته عصا لتُدشّن احتفالية ذات صيت بحضور قائد الثوار/ عبد الجليل في قاعة الصداقة - الخرطوم (شاهد كيف أقعى تحت رجليه خادمه المجرم حاكم دارفور - سابقًا- الملقب بالطيب سيخة في ذلك الحفل المعد عرفانًا لجهود السيد/ اس كي في تحرير ليبيا! ) جعل السيد/ اس كي من شرق السودان معبرَا ترانسيت لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى حماس في فلسطين فتم إزهاق أكثر من مئين نفس زكية سودانية بسلاح الطيران الإسرائيلي غير مشروع القرن المتمثل في الاتجار بالبشر على طول ساحل البحر الأحمر الغربي مدشنًا بذلك على لسان وزير دفاعه عصر حماية الأجواء السودانية بنظرية (الدفاع بالنظر). لم يترك السيد/ اس كي للسودان آصرة جوار وإلا أصابها في مقتل ليتربع على أشلائها وأشلاء عامة السودانيين كالرخم.
لربما قد تكون قد ساورت السيد/ اس كي في لحظة عنفوان شبابه فكرة أن يبني إمبراطوريته الإسلامية السودانية الخالصة على شاكلة قطاع غزة كدأب الكثيرين من قادة الجماعات المسمى إسلامية التي انتهت بهم أحلامهم الظ########ة إما بإنشاء إمارات إسلامية تصورية أو دويلات متآكلة تسوّرها مزارع مترامية من الجماجم البشرية وشواهد القبور كما هو الحال في أفغانستان- طالبان و الصومال الذي تحوّل إلى أطلال يعزف فيها طائر البوم مزامير الموات. بيد أن الأمر في نصفه غير الذاتي حيال السيد/ اس كي قد أوقعه في فخ استغلال الأمريكان له رغم صدحه وزمرته المستمر بـأن (أمريكا لك تسلحنا). تصيّر جنديًا مخلصًا لهم يبعث بخادمه بوسم القبيلة السيد/ صلاح قوش راجع قوله: (علي عثمان بحبك يا دينق ويود التقرب أكثر من سلفاكير) حاملاً ملفات الجماعات الإسلامية إلى السي آي ايه من لدن أسامة بن لادن وحتى الشيخ الصومالي المخلّق في السودان والتبرع بالقضاء التام على جماعة الزرقاوي في العراق وكل ذلك من أجل أن ينتزع صكًا شفهيًا ########ًا بإرجاء إصدار قائمة مجرمي الحرب أو أن يتم زحزحة اسمه من صدر القائمة المطلوبة إلى ما دونها ولو بدرجة واحدة حتى يتسنى له التقاط أنفاسه. تعاوره باستدامة فكرة أن يقفز على صهوة حصان نيفاشا كمهندس زائف للسلام ليحصل على بطاقة ما تؤهله الخروج من قائمة مونديال مجرمي الحرب بأقل الخسائر. لم يتبق للسيد/ اس كي غير أمل واحد في مُقل حياته من جملة سهام كنانته التي عجمها حتى تهرّست ولم يجد فيها غير سهمٍ واحدٍ هو محو المجازر السابقة بمزيدٍ من المجازر البشرية المتوالية لعلّ الله يُحدِث بعد كل مجزرةٍ فرجًا أو أن تهرم ذاكرة السودانيين الجمعية مطلقًا حتى نطفهم التي لم تخلـّق بعد ويطلبوا من مقامه السامي أن يتقبّل منهم هذا التواب الرحيم! ليس عفوهم لكل مجازره فحسب بل أن يشكروه على أن قبل على مضض طلبهم ليظل حاكمًا ورائيًا رغم جلافتهم.
هل فعلاً أوقف السيد/ اس كي دفق ثورة سبتمبر 2013م بتصويبه الرصاص الكاتم المميت على أدمغة الثوار وقلوبهم حصريًا ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة