|
ثرثرة في قاعات القصر الجمهوري زين العابدين صالح عبد الرحمن
|
ثرثرة في قاعات القصر الجمهوري زين العابدين صالح عبد الرحمن يقول ابن خلدون ( إذا استحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد و حصول الترف و الدعة أقبلت الدولة علي الهرم) و الإنقاذ التي استشري فيها الفساد, و التسلط و القهر, و حياكة المؤامرات, قد شاخت و هرمت, و أسباب انهيارها قائمة, و كل الدلائل تؤكد عجزها في إزالة هذه الأسباب, و ما نريد أن نسلط عليه الضوء في هذه المساحة, المؤامرات التي تحاك في الغرف المغلقة في القصر, و هي تخرج علي شكل ثرثرة تشير لذلك, رغم إن القصر الجمهوري هو المكان الذي يدار منه دولاب الدولة, و هو أيضا المكان الذي تحاك فيه المؤامرات, و معروف إن الرفاق الشيوعيين عندما أرادوا إن يطيحوا بالرئيس السابق جعفر نميري, حاكوا مؤامرة انقلابهم عام 1971 من الحرس الجمهوري في القصر, و الذي كان قائده عثمان أبو شيبة, حتى أنهم اخفوا زعيمهم هناك في احدي غرف القصر الجمهوري. و عندما قرر العشرة العظام في الحركة الإسلامية الإطاحة بشيخهم و عراب النظام الدكتور الترابي, أيضا استخدموا القصر الجمهوري مكانا لحياكة مؤامرتهم و كتبوا فيه وثيقتهم, و ظل القصر الجمهوري يحتفظ بهذه الخاصية حتى الآن. تفيد المعلومات, إن غضب مجموعة القيادة في الإنقاذ علي الدكتور غازي صلاح الدين زعيم الكتلة الإصلاحية لم يكن و ليد مذكرته الإصلاحية, أنما منذ أن طرح نفسه مفكرا للنظام السياسي, و بدأ يقدم أطروحاته الفكرية في شكل كتابات علي صفحات الصحف, و أخذت تنعته الصحافة و وسائل الإعلام بالمفكر, و بدأت المنابر داخليا و خارجيا تتعامل مع الرجل بهذه الصفة, هذه الصفة قد خلقت حالة من عدم الرضي وسط زملائه في القصر, و كانت المؤامرة إبعاده من القصر الجمهوري, خوفا من إن يستطيع إن يستخدم القصر مكانا للإطاحة بقيادات النظام, لذلك عقدوا العزم لإبعاده من القصر الجمهوري, و جعله فقط في دائرة البرلمان, لكي يكون تحت سمع و بصر الدكتور أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان, و الذي عرف ولاءه القوي للذين يقبعون في القصر الجمهوري, و ينفذ أوامرهم دون نقاش, فهو رجل يحب أرضاء الزعماء و كسب ودهم بأية طريقة, و لا يهم ماذا يقول عليه الآخرون مادام هذا فيه رضي السلطان. بعد أحداث سبتمبر و كتب 31 مذكرتهم لتسليمها للرئيس, بدأت حياكة المؤامرة أن لا تصل هذه المذكرة للرئيس, أو أن تصل للرئيس بعد أن يكون ملأ القوم قلب الرئيس بكل ما هو يفسد النظر للمذكرة, و ثم بعد ذلك تم اجتماع مصغر في غرف القصر الجمهوري, ضم الرئيس و نائبيه و وزير شؤون القصر و زير الدولة الذي كان أكثر حماسا للاجتماع و مساعد الرئيس نافع دون حضور الغرباء من المؤلفة قلوبهم, اتخذ في ذلك الاجتماع قرار فصل الدكتور غازي و رزق و الدكتور عبد الله من الحزب, علي أن توكل المهمة للدكتور أحمد إبراهيم الطاهر صاحب الولاء, و من القصر الجمهوري صدر قرار تكوين لجنة المحاسبة و ليس من الهيئة القيادية للحزب, و عندما تم استدعاء الطاهر و بلغ بالقرار هلل الرجل و قال أنا لها أنا لها, الأمر الذي جعل أكوب الكركدي و العرديب تملأ المكاتب, لذلك عرف العاملون في القصر إن هناك مؤامرة في طريقها للخروج. بعد نهاية المسرحية الهزلية, و تم فصل قيادة الإصلاح من الحزب, كان الرضي في القصر الجمهوري من شخصيتين داخل القصر و هما اللتان كانتا وراء هذه المسرحية العبثية, النائب الأول لرئيس الجمهورية, و الذي كان يعتقد أن الدكتور غازي صلاح الدين قد خطف منه الأضواء, و غطي علي بروزه كرمز سياسي يعتبر نفسه مهندس إنقاذ ما بعد 1999, رغم أنه معروف وسط نخبة الحركة الإسلامية, إن السيد علي عثمان محمد طه متواضع فكريا و الرجل لا يملك مقومات الزعيم, أنما بروزه و تقدمه الصفوف فرضه الدكتور الترابي علي الحركة الإسلامية, و ليس بمجهود الرجل الذاتي, و ثبت ضعفه و تواضع مقدراته التفاوضية في اتفاقية السلام الشامل, و شعور الرجل بتواضع بضاعته الفكرية و مقدراته مقارنة بآخرين داخل الحركة, هي التي تجعل الرجل يميل لحياكة المؤامرات من الغرف المغلقة, و الرجل لا يستطيع المواجهة في إدارة معاركه. لذلك كان مصرا علي طرد الدكتور غازي من الحزب, الشخصية الثانية هي الدكتور أمين حسن عمر منظر السلطان, الذي درج علي التبرير و الاجتهاد لإيجاد المسوغات التي يحتاجها النظام, و الدكتور أمين الذي كون متطلبات ثقافته السياسية من قراءته السابقة في الفكر الماركسي, فشل في الحقل العملي للتطبيق, عندما تولي مسؤولية أجهزة الإعلام " الهيئة القومية للإذاعة و التلفزيون" و لم يستطيع أن يقدم خدمة إعلامية متطورة, و كل ما قدمه إبعاد العناصر الإعلامية المميزة, و تعين أهل الولاء في الوظائف القيادية, الأمر الذي جعل الإعلام متخلفا, و حتى التطور الطفيف الذي حدث, تم بعد ما غادر الدكتور أمين الهيئة. شعر كل من في القصر الجمهوري بالفرح الغامر الذي أصاب الدكتور أمين بفصل الدكتور غازي عن الحزب, و إن الرجل كان يعتقد أن الدكتور غازي صلاح الدين كان يمثل عائقا كبيرا لبروزه كمنظر للنظام, رغم إن الدكتور أمين استخدم كل علائقه في الإعلام و الشخصيات التي عينها في تلك الأجهزة لكي تكرر بروزه و تعليقه علي الأحداث كرجل مفكر للإنقاذ, و لكن كل سعيه و ما يقدم من اجتهاد كان يقارن ما عند الرجل بما يقدمه الدكتور غازي في وسط عضوية الحركة الإسلامية, لذلك كان من المجتهدين لفصل هذه المجموعة من الحزب. و من القضايا التي كانت مسار تعليقات في غرف القصر الجمهوري, عندما أوردت قناة الشروق تعليقا علي خطاب رئيس الجمهورية في دورة الافتتاح الثامنة, حيث كتب أحد محرري القناة, إن السيد رئيس الجمهورية قدم أطروحة فلسفية حول قضية الإصلاح, فعلق أحدهم و هو يهمس هل الرئيس أيضا سيصبح مفكر الإنقاذ الأول, أم الجماعة سوف يطيحوا بالرجل. قال أحد الانتهازيين المقربين للدكتور نافع علي نافع, أصبح الطريق خالي تماما لكي تصبح المنظر الوحيد للنظام, باعتبار أنت رجل تملك من الشجاعة و تعتبر الآن سيدا للمنابر, انتهره الدكتور نافع و قال للرجل ( أنت عاوز تفتني مع الجماعة ولا شنو, أنا رجل بقول كلام ساكت و جماعة عارفين أنا رجل ما عندي باع في عملية التنظير) و يظل السؤال هل يستطيع الدكتور أمين أن يجرؤ و يقدم نفسه منظرا أم أنه سوف يبتعد هو أيضا خوفا من الرجل الذي أدمن حياكة المؤامرات, غدا سوف نعرف و الله أعلم.
|
|
|
|
|
|