|
الإصلاحيون» الخير ونقيضه ../مصطفى أبو العزائم
|
____________________________________________________ نقلا عن أخر لحظة ( بعد ومسافة بقلم مصطفي ابو العزائم ): 27/10/2013م *************************************** «الإصلاحيون» الخير ونقيضه .. الأحد, 27 أكتوبر 2013 09:38 أعمدة الكتاب - بعد ومسافة - مصطفى أبو العزائم إرسال إلى صديق طباعة PDF
العقلية السياسية السودانية التقليدية، خلافيّة ومعقدة، ويعتبر الانشقاق عن الأصل دائماً هو الحل السهل لدى المختلفين مع قياداتهم، وكذلك الحال في المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم في بلادنا، لأن هناك عدداً ممن يحسبون قياديين فيه لا زالوا يحملون العقلية التقليدية «الخلافية» التي تلجأ لأقرب وأسهل الحلول، أي إعلان الانفصال والانشقاق وتكوين كيان جديد.
مذكرة إصلاحيي الوطني التي حملت توقيعات واحدٍ وثلاثين عضواً في الحزب، من بينهم سبعة نواب برلمانيين، حملت من العبارات ما يفيد بتطرف الموقّعين عليها، وأنهم «كل الخير» وغيرهم «كل الشر»، وهي مذكرة تشبه المعارضة العقائدية الحادة، لا تشبه أعضاء في حزب يأملون في إصلاحه، إذ حملت كلمات ذات دلالات معينة ونقيضها في تصوير الإصلاحيين وغيرهم ممن يقودون الحزب الآن، العبارات ذات الدلالة كانت مقابلة ما بين الأضداد مثل «الإصلاح والفساد»، و «الحرية والاستبداد» و «الحق والباطل» وغيرها.
لم يغب عن أذهان كثير من المراقبين أن المؤتمر الوطني هو «حزب المذكرات»، بدءاً من «مذكرة الألف آخ»، مروراً بمذكرة «السائحون»، إنتهاءاً بمذكرة «الواحد وثلاثين أخ». لكن تظل مذكرة العشرة هي أقوى المذكرات أثراً وأعلاها شأناً، لأنها حسمت أمر القيادة في الدولة والحزب، ولم يعد بعدها الشيخ الدكتور حسن الترابي صاحب سطوة وقرار ينفذ فوق الجميع، وتتوارى أمامه كل القرارات الرسمية.
قطعاً لن يكون الدكتور غازي صلاح الدين ولا الدكتور فضل الله أحمد عبد الله ولا الأستاذ حسن رزق ولا أي ممن أخذته معهم مركب الإصلاح، لن يكونوا أعلى كعباً أو كسباً من الشيخ الدكتور حسن الترابي، الذي تدين له الحركة الإسلامية والإنقاذ ـ من بعد الله ـ بالفضل في تأسيسها وتطوير مفاهيمها وأفكارها وأساليبها ووسائلها في العمل السياسي، ومع ذلك عندما واجه المؤتمر الوطني، وهو واجهة سياسية لنظام الحكم تعتبر الحركة الاسلامية أقوى مكوناته، نقول إنه عندما واجه المؤتمر الوطني قضية المؤسسية، وجعل ما للدولة لرئيس الدولة وما للحزب لرئيسه، لم يكن أمامه خيار سوى الإنحياز للدولة ـ كدولة ـ والتضحية بالشيخ الأب المؤسس، لأن المشروع الذي قامت من أجله الدولة في السودان بعد الإنقاذ، أصبح في مهب الريح، في أعين حداته ورعاته من الجيل الذي تلا جيل الشيخ الترابي.
خرج الشيخ حسن الترابي، وأسس حزباً افتقر إلى الجماهيرية التي يتمتع بها حزب المؤتمر الوطني، رغم ركائزه القوية.. وبالأمس أعلن «الإصلاحيون» خروجهم وتأسيسهم لحزب جديد، لا نرى في الأفق ما يجعله حزباً جماهيرياً كاسحاً ، لأن حداته ورعاته كانوا جزءاً من منظومة «فاسدة» كما يزعمون ظلت تحكم قرابة ربع قرن من الزمان، لم يكلّف أيٌ من الإصلاحيين نفسه بأن يقول «بغم» في وجه التسلط والقهر والاستبداد والفساد ـ أو كما قالوا في مذكرتهم ،التي لم تكن إلا تعبيراً عن حنق وغيظ وغبن شديد، إذ يقول بعض الإصلاحيين إنه «مستهدف» منذ وقت بعيد، وهو استهداف لا أساس له من المنطق.
لجأ الإصلاحيون إلى الخطة «ب»، لأن الخطة «أ» في عالم السياسة تعني استخدام الحوار والنقاش للوصول إلى الهدف، وإلا فإن الضرورة تقتضي وتحتّم استخدام الخطة «ب» وهي اللجوء إلى أسلوب تفكيك وضعضعة النظام.. بالخروج عنه واللجوء إلى خصومه مع حمل كل الملفات السرية إلى هناك.
|
|
|
|
|
|