دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مادونا بين الفن والدين محمد وقيع الله
|
مادونا بين الفن والدين محمد وقيع الله
مما هو مقرر أن الفنانين هم من أشد الناس إحساسا بالحياة ومن أكثرهم قلقا مما يجري فيها. وأنهم من أشد الخلق تعلقا بالعوالم الخفية التي يناجونها بالمعازف والألحان. ولذا يصهرون أرواحهم من أجل لقياها والامتزاج بها. غير أنهم كلما أجهدوا أنفسهم في اللحاق بها استعصت عليهم مليا. وقد يعوضون فشلهم في الوصول إلى العوالم العُلى المبتغاة باحتساء الخمور والتهام المخدرات والتهتك في الملذات. وربما فتكوا بأنفسهم فبخعوها في هذا السبيل وهو سبيل الشيطان. ولسبب من هذا ربط الفقهاء والعامة ربطا وثيقا بين هذه الطائفة من الناس وبين صفتي التحلل والفساد. والمغنية الأمريكية الذائعة الصيت مادونا ليست بدعا في هذا المجلَى والمجال. فقد شغلت بعواطفها المحرقة قلوب عشاق غنائها من الأمريكيين وغيرهم ولذعتها بمثل الجمر. وربما كانت أكثر من فتن الأمريكيين بعد الممثلة الراحلة مارلين مونرو. وليس أدل على تعلق قلوب القوم بها من أنها أمست المغنية الأكثر بيعا لسجلات الأغاني في التاريخ وذلك حسب احصاءات موسوعة جينيس للأرقام القياسية. إذ باعت ما يزيد عن ثلاثمائة مليون اسطوانة من اسطوانات المكاء والتصدية. وبسبب من هذه الشعبية الجارفة اعتبرتها مجلة (تايم) واحدة من أقوى خمس وعشرين شخصية عالمية في القرن العشرين! وقدرت مجلة (فوربس) ثروتها بنحو مليار دولار. ولست من متتبعي أخبار هذه المغنية إلا عرضا مما يسمعه المرء من دون أن يتقصده أو يتطلبه. وقد كان مما شغلت به مادونا الناس التفاتها نحو الدين إزراءً به حينا وتمجيدا له حينا آخر. وأذكر أن أحد الأمريكيين المسلمين طلب مني ذات يوم أن أقرأ له مكتوبا بخط يشبه الخط العربي وطأت عليه مادونا بقدميها وهي تغني. وقد خشي الأخ الكريم أن تكون المغنية الفاسقة قد وطأت صحيفة قرآن أو حديث أو فقه. ولما دققت النظر في المخطوط تيقنت أنه ليس بذي خط عربي فاطمأن من الأخ البال وكان ذا بِلبال. وقد نشأت مادونا على ملة الكاثوليك غير أنها تحولت عنها بعد أن ماتت أمها من سرطان الثدي وهي في نحو الثلاثين من العمر. وقد هزتها الفاجعة هزا شديدا ومالت بها نحو التمرد الوجودي والتحول عن الكاثوليكية. وفي وقت لاحق أساءت إلى الأمة الكاثوليكية بمقاطع غنائية قدمتها في إعلان لها لصالح شركة (بيبسي كولا). وقد تضمنت المقاطع حرقا للصليب وحلما لها بممارسة الجنس مع قسيس روماني! وتمرد مادونا على الدين وثورتها عليه بسبب موت أمها وهي صغيرة خطب قريب مما عاناه المفكر السوداني الخاتم عدلان. فقد ذكر أن الذي مال به نحو الإلحاد هو موت أمه وهو في نحو الثامنة من العمر. فظن أن هذا أمر غير عادل وقال إنه لو كان ثمة إله للكون لما أمر بهذا ولا سمح بحدوثه! ولكن مما ظهر من حديث مادونا لمجلة (فانيتي فير) أنها كانت أكثر جدية من الأستاذ الخاتم عدلان، لأنها لم تلجأ إلى الحل السهل الذي لجأ إليه. وطفقت تبحث عن سلوى في روحانية الدين وجعلت من همها أن تدرس مختلف الأديان لتنظر بأي دين تدين. فدرست الديانة البوذية ومارست رياضة اليوغا الروحية. وفي سنة 1997م اعتنقت الجانب الصوفي في الديانة الإسرائيلية أو ما يعرف بالقابالا. وقالت يومها إنها قد عثرت على إيمان ديني فلسفي عميق يوفق بين منازع الروح وحقائق العلم. ومكافأة لها على انتحالها مبادئ التصوف اليهودي انهالت عليها شهادات التقدير والتفوق من مؤسسات الفن والتمثيل التي أكثرها في عهدة بني إسرائيل! وفيما يبدو أنه استكشاف جديد منها لآفاق الدين ارتبطت عاطفيا بشاب مسلم راقص من أصل جزائري. وقد وصفته بأنه مواظب على أداء الصلوات الخمس وأنه لا يعاقر الخمر ولا يدخن السجائر. واجتناب بنت الحان وعدم اقتراف الدخان من قبل شاب في الريعان يعد من أعلى إمارات الإيمان والإحسان والولاية المطلقة لدى الأمريكان! وقد أذاعت مادونا ما أثار ضجة عظمى في الأيام الماضية عندما تحدثت عن تدارسها مع فتاها آيات القرآن. وكشفت عن سر إنشائها مدارس لتعليم الفتاة المسلمة في عدة أوطان. وكما هي عادة النقاد والمعلقين الفنيين في مدِّ الأمور إلى أطرافها القصوى فقد أخذوا يتساءلون باستعجاب: متى يا ترى سنرى مادونا وهي ترتدي الحجاب الإسلامي؟! وقد قالوا ذلك على سبيل التشنيع والتقريع. وإلا فلماذا لم يتعجبوا ولم يعترضوا على اعتناق هذه المغنية لعدة أديان قبل الإسلام. وهذا كله ربما جاز إن صح أن نية مادونا منعقدة فعلا على اعتناق الإسلام. والذي نرجو إن اعتنقته أن تعتنقه على نحو جاد وليس على طريقة مايكل جاكسون! وحينها ستجد فيه الحل الوافى للمعضل الفلسفي والمأزق الروحي الذي أرقها واستبد بها زمنا مديدا. وهو الإشكال الذي عبرت عنه عندما قالت لصحيفة (صن): إنني لم أعثر على أجوبة كثيرة عما يختلج بلبي من أسئلة حرَّى رغم إبحاري بعيدا في عوالم ما وراء الطبيعة. وإنني بقيت عاجزة عن ربط نقاط الفكر الكبرى ببعضها بعضا وعن العثور على المنهج السليم الراشد للحياة الإنسانية الفاضلة. ولا شك أنها إن درست القرآن الكريم بحق وصدق وحذق فسترى فيه كما رأى قبلها مالكولم إكس القاعدة الاجتماعية المثلى للحياة. وستقرأ من آي الذكر المبين قول الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.آل عمران 19. وستقرأ من آي الذكر الحكيم قول الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.آل عمران 64.
|
|
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|