دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ثم ماذا بعد؟ تداعيات ومآلات إنتفاضة سبتمبر المجيدة/أحمد عثمان عمر
|
ثم ماذا بعد؟ تداعيات ومآلات إنتفاضة سبتمبر المجيدة يتساءل الجميع الآن حول مآلات إنتفاضة سبتمبر المجيدة، وتأتي الإجابات مترددة حيناً ومتناقضة حيناً آخر، ويائسة من البعض ، ومليئة بالإدعاءات من آخرين، وكل متسائل يبحث عن يقين، وعن إجابة لسؤال صعب لا توجد له إجابة مباشرة، لأنه يدخل في صميم فلسفة الثورة ، ويتصل إتصالاً مباشراً بتقييم توازن القوى ، ورسم خارطة صحيحة لجذور الصراع السياسي الإجتماعية، وهي مهام تخلت عنها القوى السياسية المعارضة منذ زمن طويل مكتفية بالوصف العام لما يجري ، دون البحث عن أساسه الإجتماعي. وبرغم غياب المعلومة الدقيقة بسبب التواجد خارج البلاد، ورغم صعوبة قراءة الحدث في سياقه السياسي الإجتماعي، إلا أننا نجد أنه لا مناص من التصدي لمناقشة مآلات إنتفاضة سبتمبر ، عبر تحليل بعض السيناريوهات المحتملة. ومن الطبيعي أن نبدأ بسيناريوهات النظام الذي لم يمر عليه يوم قبلاً وهو في هذه الحالة من الضعف وعدم الثقة بالنفس، بالرغم من إدعاء القوة والتماسك وهيجان رأسه وتمسكه الظاهري بموقفه من زيادة أسعار المحروقات والإستمرار في وصفه للمحتجين بالخونة والمخربين. فالسيناريو الأول هو أن يستمر النظام في الحل الأمني وحده، مدفوعاً بحقيقة أنه لا يستطيع التراجع عن زيادة الأسعار لأنه من المستحيل أن ينفي نفسه ويحمل فاتورة فشله السياسي والإقتصادي للرأسمالية الطفيلية التي تمثل أساسه الإجتماعي أولاً، ولأنه كذلك لا يستطيع مخالفة أوامر صندوق النقد الدولي الذي يدير إقتصاده منذ أكثر من عقد وقوده لفشل مؤكد عبر روشتته القاتلة للشعوب. ولكن هذا السيناريو يعني في المقابل توسيع دائرة الغضب الشعبي ورفد الإحتجاجات بمعين لا ينضب سوف يقودها حتماً لهزيمة الحل الأمني عبر شد أطراف القوى الأمنية وإرهاقها مهما كان جبروتها وعنفها . فالمواطن الذي تطلب السلطة منه أن يعطيها لتعتاش على التطفل المباشر عليه في غياب عملية إنتاجية حقيقية يمكن التطفل عليها، ليس لديه مايعطيه، وبالتالي سوف لن يكون لديه ما يخسره سوى أغلاله مما سيدفعه بكل تأكيد للإنتفاض من أجل كسرها. والنظام رغم ما يبدو عليه من تبلد وانعدام حساسية، إلا أنه حساس جداً تجاه أمنه الشخصي وعلم تماماً أن الحل الأمني وحده، يعني سقوطه لا محالة. ولذلك إستمراره في هذا السيناريو إلى مالا نهاية وفقاً لتصريحات رموزه التي يهدف منها لإرسال رسالة كاذبة للمنتفضين بأنه قد دحرهم لمرة وإلى الأبد وإلى مناصريه بأنه باق إلى الأبد، أمر غير متوقع. فالراجح هو ان يحتفظ بهذا الخطاب وهذا التكتيك خلال فترة بحثه عن حلول ضمن سيناريو آخر، يخفف عنه الضغط ويضخ بعض الدم في شرايينه. لذلك بدأ فخامة رئيس الجمهورية بتفعيل سيناريو إحتياطي بالإيعاز إلى خاله وصهره بإبتداع معارضة جديدة تدعو إلى تغيير يستبقيه هو رئيساً مع حكومة إنتقالية غير إقصائية تعالج مشكلات البلاد في إطار من التراضي العام، وتستبعد المؤتمر الوطني الحاكم. هذه المعارضة المفتعلة التي هي حتماً إحدى نتائج إنتفاضة سبتمبر المجيدة التي جعلت خال الرئيس يوقع على بيان يدين فصل الجنوب الذي بشر به، سميت بالتحالف الإسلامي وجمعت القوى التكفيرية وبعض القوى الأخرى غير المؤثرة، لتحدث إختراقاً لحالة عدم اليقين التي يعيشها النظام، ولتحرك راكد المياه في إتجاه إيجاد حلول بديلة. ومن أهدافها سحب البساط من تحت أقدام الإصلاحيين بالمؤتمر الوطني ومجموعة سائحون معاً، والتلويح بأن بديلهم جميعاً جاهز لدعم البشير ومجموعته، مع فتح الطريق لتجسير الهوة مع قوى أخرى لا تمانع في الإلتحاق بالسلطة. هذا السيناريو يعيبه ضعف القوى القائمة عليه أولاً، وإصراره على بقاء البشير على سدة الحكم ثانياً، وغياب الحلول للمشكل الإقتصادي الذي أنتج الأزمة الراهنة ثالثاً، لذلك من الصعب أن يحدث إختراقاً لحالة الإنسداد السياسي الراهنة، خصوصاً وأن الولايات المتحدة الأمريكية كعامل خارجي مؤثر لا تدعم بقاء الرئيس وترغب في بقاء النظام مع بعض المعالجات الإصلاحية. ومن هنا تحديدا تأتي فاعلية التيار الإصلاحي بالمؤتمر الوطني وخوف الطغمة الحاكمة منه. فهي لا تخاف تأثيره على عضوية المؤتمر الوطني لأنه تيار غالب كما يقول د. غازي، لأنها تعودت أن تجمع عضويتها بالعصا متى ما أرادت وتفرقها ووتجاوزها كما تشاء، ولكنها تخاف تلاقي بعض أطروحات هذه المجموعة مع الموقف الأمريكي والأقليمي المؤيد لذهاب الرئيس واعادة هيكلة السلطة حتى يبقى النظام معدلاً. وتراهن على مخالفة بعض الأطروحات كالدعوة لمراجعة قرار زيادة الأسعار الذي لن ترضاه الولايات المتحدة الأمريكية ولا صندوقها الدولي، لإضعاف مركز المجموعة الإصلاحية ومنعها من لعب دور مركزي في المستقبل القريب. ولعل هذا هو الذي يبرر تردد الطغمة في طرد هذه المجموعة وتأجيل أمرها لفترة مابعد العيد التي تحاول السلطة إستخدامها لفرض مزيد من التهدئة واحتواء ليس التظاهرات فقط، بل القوى المتمردة داخل حزبها أيضاً، مع إيجاد آلية لتوظيف كل الأوراق التي بيدها أو التي تتوهم أنها بيدها معاً، حتى تتفادى الموت إختناقاً وعزلةً ومن ثم تكنسها حركة الجماهير. والواضح أن المجموعة الإصلاحية إذا أرادت أن تكون في قلب السيناريو الفاعل مستقبلاً، لن يكفيها التواري خلف مخالفة الإجراءات التنظيمية والدستورية لرفض زيادة الأسعار، بل عليها أن تجد صيغة ترفض بها الزيادة وتقبلها في نفس الوقت، حتى تصبح جزءاً من المشروع الأمريكي الإقليمي البديل. فهي بلا شك ولظروف وأسباب معقدة، لن تستطع إحداث إختراق والتحول لموقع المعارضة، ووعيها بذلك بالإضافة إلى إرتباطها العضوي بالنظام، هو الذي جعلها تصرح بأنها لا تلتقي مع المعارضة في عملها لإسقاط النظام لأنها تهدف إلى إصلاحه. ولا شك لدينا في أن الكثير من القوى السياسية بدأت في إعادة التموضع لإيجاد موقع لها في السيناريو الأمريكي الرامي لإحتواء آثار الإنتفاضة والمحافظة على النظام معدلاً لا إسقاطه. وهذا السيناريو لم يعد سراً ولا هو بالجديد، إذ أنه طرح على النظام منذ بداية فورة الربيع العربي وفي سبيل تفادي إنتقاله إلى السودان. ولكنه الآن أصبح أكثر راهنية ولم يعد بالإمكان تأجيله أكثر. ففي سياقه جاءت إدعاءات رئيس الجمهورية بعدم رغبته في الترشح لدورة رئاسية جديدة، وذلك لأن شرط هذا السيناريو الأساس هو ذهاب الرئيس واختفاؤه من المشهد السياسي، مع إعادة هيكلة المؤتمر الوطني واستبعاد بعض كادره بمستوى يسمح بإعادة توحيد الحركة الإسلامية، بشرط الإنفتاح على القوى السياسية الأخرى لتشكيل حكومة إنتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد في إطار تحول ديمقراطي مسيطر عليه، يجسر العلاقات مع دولة الجنوب الفتية وينهي الصراعات المسلحة، بإستدخال الحركات الدارفورية تحت مظلة إتفاق الدوحة ، والضغط على الحركة الشعبية قطاع الشمال للدخول في تسوية منفردة. عيب هذا السيناريو هو إهماله لقضايا الجماهير وحذفها من المعادلة السياسية بشكل كلي، وكذلك قصره معالجة الأزمة الإقتصادية ووضع الإنهيار الحالي في تبشيره بإلغاء الدين الخارجي أو تخفيضه، مع فك العزلة الإقتصادية. ولكنه لا يقدم حلولاً عاجلة لمشكلة زيادة أسعار المحروقات، ولا يدعم إعادة الدعم إليها – إن وجد. فهو في أقصى حالات كرمه واريحيته، قد يرضي بجدولة رفع الدعم أو في الحقيقة زيادة الأسعار بشكل تدريجي، يسمح لأي سلطة جديدة بتراجع محسوب ومقنن، تدعمه منح وهبات إقليمية، وإجراءات لازمة لتثبيت سعر الصرف. كذلك يواجه هذا السيناريو مشكلة جلب المؤتمر الشعبي إلى مواقع هذا السيناريو، واقناع الإمام الصادق للمشاركة بحصة محدودة في السلطة الإنتقالية، على أساس أن السيد الميرغني سوف يلتحق بالركب لا محالة خصوصاً وأنه شريك في حكومة المؤتمر الوطني الراهنة. السيناريوهات السابقة كلها من الممكن ألا تجد طريقها للتطبيق في حال حدوث إنقلاب عسكري. فالمناخ مهيأ لإنقلاب قصر من ناحية، ولإنقلاب مغامرين من ناحية ثانية، ولإنقلاب مدعوم ومدفوع الأجر إقليمياً ودولياً، أو نتاجاً لردة فعل جيش مهزوم ومغيب عن الفعل السياسي وغارق في الفساد. فالنظام في حال إستحكام أزمته وعدم وصوله لتسوية مع المتمردين بحزبه وآخرين من الطامحين لمشاركته سلطته مع بعض التعديلات، قد يقدم على تنفيذ إنقلاب قصر يقيض له فرصة الإحتفاظ بالسلطة مع تدوير الزوايا لخلق أمر واقع جديد يخلط الأوراق ويعيد رسم الخارطة السياسية بالبلاد. ومعضلة مثل هذا الإنقلاب هو صعوبة إحداث إختراق داخلياً، مصحوبة بصعوبة تسويقه إقليمياً ودولياً. والمجتمع الدولي أو إن شئنا الدقة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الإقليميين، يستطيعون تثبيت إنقلاب عسكري منسق معهم في حال توصلوا إلى أن ذهاب الرئيس وعصبته لا يمكن أن يتم إلا عبر هذه الوسيلة، وسوف نسمع خطاباً مرائياً حينها حول التعامل مع الأمر الواقع بشرط الإنتقال السريع للديمقراطية عبر خارطة طريق معلنة. والمغامرون وأبناء الجيش المهزوم والغارق في الفساد، لا شئ يمنعهم من القيام بإنقلاب حظوظه في البقاء والإستمرار ضئيلة هذا في حال نجاحه بالأساس. يلاحظ على كل السيناريوهات أعلاه أنها لا علاقة لها بدور الشعب وفعله وإرادته، حيث أنها ركزت على السلطة والقوى السياسية المنظمة، برغم أنها تعالج تداعيات إنتفاضة سبتمبر التي جعلت الشعب وقواه الحية المحرك الفعلي للأحداث وصاحب المبادرة السياسية. فقمع السلطة وعنفها جاء في إطار رد الفعل الهجومي لإبطال فعل المبادرة الشعبية الإحتجاجية. والبعض يظن – ومنهم فاعلين في النظام- أن عنف السلطة قد أخمد المظاهرات لمرة وإلى الأبد، ولكننا نؤكد أن هذه جولة ومعركة ستعقبها معارك نتيجتها حتماً هي إنتصار الشعب وسقوط النظام. وهذا الأمر لا علاقة له بالأماني أو التفاؤل غير المنطقي، ولكنه ينبني على معطيات واضحة نوجزها فيما يلي: 1. النظام بشكل عام في حالة دفاع وضعف كبير من حيث الموقف السياسي والإعلامي، ولم يتبق له شئ سوى إستخدام خط دفاعه الأخير وهو أجهزة أمنه ومليشياته الخاصة وجنجويده، وهذا يؤكد عزلته ودخوله حالة الرعب السابقة للتفسخ والإنهيار. فالقوة وحدها لا تستبقي نظاماً لأن السيف والكتاب نزلا معاً كما يقول ألتوسير. فبدون آيدلوجيا مبررة وخطاب سياسي مقبول نسبياً، لا بقاء للسلطة مهما كانت عنفها ومقدرتها على القمع. 2. النظام في حال إستمر بصيغته الحالية أو أجرى بعض عمليات التجميل، مصيره إلى زوال إذا استمر في جوهره سلطة للرأسمالية الطفيلية. لأنه في كل الأحوال لن يستطع تقديم التنازلات المطلوبة التي ترفع المعاناة عن كاهل الشعب في هذه الحالة، والصدام بينهما حتمي وعلى مستوى أوسع ونتيجته هي سقوط النظام وليس فناء الشعب ولا ثلثه كما طلب رأس النظام. 3. الجماهير أو على الأقل طليعتها، كسرت حاجز الخوف ونقلته إلى ملعب النظام ولن يستطيع النظام مهما فعل كسر إرادتها وإعادتها إلى بيت الطاعة بعد كل هذا العدد من الشهداء والثأرات التي خلفها في النفوس. من الممكن أن تتراجع لتلتقط أنفاسها وترتيب صفوفها، ولكن خروجها للشارع مرة أخرى وبقوة أكبر حتمي طالما أن أسباب خروجها مستمرة. 4. تمكنت الجماهير من إبتداع آليات تنظيمها وتجاوزت الحركة السياسية المعارضة التي يمكن أن تكون طرفاً في أياً من السيناريوهات السابقة، وهي قادرة في حال تطوير المؤسسات التنظيمية البسيطة غير المعقدة التي إجترحتها وتعميمها، على هزيمة النظام وإسقاطه بالضربة القاضية.وبالمناسبة تطوير هذه الآليات مع عودة الإحتجاجات وإستمرارها، سوف يجبر القوى المعارضة التي تغازل النظام عبر دعاوى التغيير السلس لتغيير موقفها واللحاق بركب الإنتفاضة واتخاذ موقف أكثر جدية من إسقاط النظام. 5. تمكنت الجماهير من توسيع دائرة فعلها الإحتجاجي من وسط البلاد للعاصمة والغرب والشرق وحتى الشمال، مما يعني أن حالة الإحتقان الثوري حالة عامة، وأن تراجعها اللحظي أمام العنف المفرط هو تراجع لإمتصاص هذا العنف وتقديره وتقييمه، وهذا أمر مفيد في حال عودتها للهجوم مجدداً. فطالما أن الأسباب التي دفعتها للخروج إلى الشارع قائمة، فعودتها إلى هذا الشارع لا شك فيها ، خصوصاً وأن الوضع مرشح للتفاقم. 6. النظام في حالة إنقسام حقيقي، وصراعات أجنحته وتياراته مبذولة على قارعة الطريق، وهي مرشحة لأن تتعمق أكثر. حتى محاولته البائسة لخلق معارضة على رأسها خال الرئيس قد ترتد عليه، لأن غول التنظيمات التكفيرية لا يستنكف إبتلاع القوى التي تربى في حجرها فهو ذئب حتى إن تربى في حجر شاة. وبالرغم من تأكيد الإصلاحيين ومجموعة سائحون أنهم ليسوا بصدد إسقاط النظام وأنهم مع إصلاحه، عودة الإحتجاجات أو عنف النظام في مواجهتهم قد يدفع بمواقفهم لمستوى أعلى يلغي فرضية الإصلاح المتوهمة. 7. ليس للمجتمع الدولي تأثير على حركة الجماهير بشكل مباشر، وهو لا يعترف بها أساساً إلا بعد فرض وجودها في الشارع، وهذا يحرمه من التأثير السلبي عليها ويفقد حلفاء المؤتمر الوطني القدرة على التأثير في الحدث السياسي، وهذه نقطة قوة لحركة الجماهير لا أحد يستطيع أن ينتزعها منها. وبالرغم من أن الشك لا يؤاتينا لحظة في حتمية إنتصار شعبنا على هذا النظام، إلا أن حركة الجماهير لتنتصر، لابد لها من أن تستصحب تجربة إنتفاضة سبتمبر وتستخلص منها العبر. وفي هذا السياق عليها أن تطور ما يلي: 1. تكريب منظماتها التي ابتدعتها وتعميمها على جميع مواقع تواجد الجماهير وعدم إنتظار الأحزاب والقوى المنظمة لتقود إنتفاضتها نيابةً عنها، وذلك بسبب ضعف هذه الأحزاب والقوى التاريخية المنظمة نتيجة لهجمة النظام عليها ولأسباب موضوعية وذاتية أخرى لا مجال لذكرها هنا. فالنظام يعرف كيف يكسر حلقة التنظيم داخل هذه الأحزاب والتنظيمات ، لأنه إعتاد على تكتيكاتها وطبيعة عملها التنظيمي، ولكنه سيفشل حتماً وإلى حين حتى يدرك طبيعة التنظيم العفوى لحركة الجماهير. سيحاول بالطبع إختراقها، ولكن ليس هذا مدعاة لتوقفها والإحجام عن تفعيلها. 2. عدم الدخول في جدل عقيم مع الأحزاب السياسية والمنظمات التقليدية الأخرى أو مطالبتها بما لا تستطيع تقديمه أو الخوض في عداء معها. على العكس المطلوب التنسيق معها وتشجيعها على الدفع بعضويتها ضمن مظلة الحراك الجماهيري العام الذي يساعدها في فك عزلتها وتخفيف الضغط الأمني عليها. والمطلوب بالطبع هو تفهم هذه الأحزاب والقوى لأهمية وجود نظام فاعل لقيادة العمل الإحتجاجي بعيداً عن سيطرتها مدعوماً منها ، تملكه خبرتها وتتجاوز به عقم أساليبها التي أصبحت مكشوفة للنظام. 3. التعبئة السياسية المستمرة وعدم إعتبار توقف المظاهرات الإحتجاجية هزيمة بل فهمه في سياق إمتصاص عنف النظام مع تأكيد وتكريس المنجزات التي صنعتها إنتفاضة سبتمبر والتي نوهنا لها في مقال سابق. والمهم تأكيد أن الصدام مع النظام وتحديه والعمل من أجل إسقاطه لا يتخذ شكلاً وحيداً يتمثل في المظاهرات والمسيرات الإحتجاجية، بل يأخذ أشكالاً لا حصر لها تقود في النهاية للعصيان المدني الذي يسقط النظام. والمطلوب هو أن تختار جماهير شعبنا وطلائعه الوسائل وأشكال النضال المناسبة للمحافظة على جذوة الإنتفاضة مشتعلة، وأن تجترح سبل الرفض والتحدي التي تساهم في التراكم العام المؤدي للهدف المنشود، دون يأس من تراجع لحظي لأسلوب معين بشكل طبيعي لابد منه لإمتصاص عنف النظام، ودون قصر لنضال الشعوب على شكل وحيد التجربة الإنسانية أثبتت أنه ليس الوحيد، وكتب ومراجع اللاعنف والتغيير السلمي مليئة بوسائل غيره، ومبذولة للقراءة على شبكة الإنترنت. 4. تنمية مشاعر الرفض و التحدي ومحاربة الخوف، دون الدخول في صدامات مجانية مع أجهزة أمن النظام ومليشياته تقود لخسائر لا داعي لها. وتطوير تكتيكات دفاعية ضد هذا العنف بالذات في إطار العمل الجماعي والمنظم لا المبادرات الفردية. وتنشيط الإتصال بالعالم والتنسيق بين قوى الإنتفاضة في الداخل والخارج للإستخدام الأمثل لثورة المعلومات والإتصال، وخلق رأي عام عالمي داعم للرفض والتحدي ولأشكال الإحتجاج السلمي ضد النظام. 5. الحفاظ على سلمية الحراك مهما كان عنف النظام ومهما بلغت التضحيات، وهي تضحيات مقدرة ولكنها لن تبلغ بأية حال ما بلغه شهداء شعبنا في دارفور. وذلك لأن التعامل برد الفعل المباشر وعسكرة الحراك، يعطي النظام أفضلية من حيث إستعداده للعمل العسكري، كما يعطيه المبرر إعلامياً لمزيد من القمع، وتجربة سوريا ماثلة للعيان. ولسنا في حاجة للتذكير بأن الحراك السلمي دائماً أقرب لإسقاط النظم الشمولية من العمل العسكري الذي تجيده، حيث أنه يدفع مزيداً من الجماهير للمشاركة فيه بعد كسر حاجز الخوف، في حين يقصي العمل المسلح غالبية الجماهير ويبقي فقط الطليعة الراغبة في ممارسة هذا العمل. 6. عدم إقصاء أي قوى أو أفراد يرغبون في المشاركة في إسقاط النظام ويؤمنون بضرورة التحول الديمقراطي من أي موقع أتوا ولأي جهة إنتموا، فالسودان القادم هو سودان لجميع إبنائه، وإسقاط هذا النظام المسخ يستلزم جهد الجميع. هذا بالطبع لا يمنع إتخاذ التدابير اللازمة المانعة من الإختراق وضرب الحراك، وعمل موازنة بين الإنفتاح وتأمين النشاط الإحتجاجي. يتضح مما هو مذكور أعلاه، أننا من بين كل السيناريوهات المحتملة، نرجح سيناريو إسقاط النظام ومن سيلتحق به ، عبر إنتفاضة شعبية لا محالة قادمة لأن نظام الرأسمالية الطفيلية ليس لديه المقدرة ولا الرغبة في معالجة الإنسداد السياسي ، ولا يمكنه حتى إن أراد منع الإنهيار الإقتصادي لأنه حدث بالفعل. كل ماهنالك أن المسألة مسألة وقت، سوف يحاول النظام خلاله عبر جميع السبل شراء عمر جديد وقد يشاركه البعض وهم الإستمرارية عبر واحد من السيناريوهات الأخرى، ولكنه إلى زوال نراه قريباً ويرونه بعيداً. فثقتنا في شعبنا العظيم لا تحدها حدود، ويقيننا بحتمية إنتصاره لا يهزه عنف سلطة ولا تآمر متقاعسين. هيا لنضالكم يرحمكم الله. المجد والخلود لشهداء إنتفاضة سبتمبر المجيدة والخزي والعار والهزيمة لجلاديهم خدم الرأسمالية الطفيلية 8. أحمد عثمان عمر 13/10/2013م
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ثم ماذا بعد؟ تداعيات ومآلات إنتفاضة سبتمبر المجيدة/أحمد عثمان عمر (Re: أحمد عثمان عمر)
|
Quote: -يتضح مما هو مذكور أعلاه، أننا من بين كل السيناريوهات المحتملة، نرجح سيناريو إسقاط النظام ومن سيلتحق به ، عبر إنتفاضة شعبية لا محالة قادمة لأن نظام الرأسمالية الطفيلية ليس لديه المقدرة ولا الرغبة في معالجة الإنسداد السياسي ، ولا يمكنه حتى إن أراد منع الإنهيار الإقتصادي لأنه حدث بالفعل. كل ماهنالك أن المسألة مسألة وقت، سوف يحاول النظام خلاله عبر جميع السبل شراء عمر جديد وقد يشاركه البعض وهم الإستمرارية عبر واحد من السيناريوهات الأخرى، ولكنه إلى زوال نراه قريباً ويرونه بعيداً. فثقتنا في شعبنا العظيم لا تحدها حدود، ويقيننا بحتمية إنتصاره لا يهزه عنف سلطة ولا تآمر متقاعسين.[/QUOTE
تقييم دقيق وعميق للراهن ، شكرا دكتور احمد عثمان ولنا عودة لتناول بعض نقاط المقال. يا بكري ارجو تعليق البوست فوق وليس على الجانب وذلك للاهمية .
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
| |