|
البشير..إذا لم تستح فاصنع ما شئت../ حسن الطيب
|
الإعلان عن الزيادات التي فرضتها الحكومة على أسعار المحروقات يوم 23 سبتمبر/أيلول الماضي، أدت الي تظاهرات في معظم أنحاء البلاد وتحولت الي تخريب وقتل وجراح راح ضحيته آلاف من أبناء هذا البلد المأزوم. والسبب إنعدام وجود (حكومة) تحت قياده قوية وواعية بحاجات شعبها، مستشعرة آلامه ومعاناته وتستحي من فعل القبائح ومدركه لما توارثه الناس وتداولوه فيما بينهم( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) لأنه واعني الحياء خلق يبعث على ترك القبائح ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق وهو مما ميز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات لكي لا ينساق وراء دواعي الشهوة ونوازع الهوى التي تدعوه إلى الوقوع فيما يُسْتَقْبَح فإن البهائم هي التي تهجم على ما تشتهي دون حياء أو روِيَّة. وهذا ماهو حادث في سودان القائل الجلوس في كرسي الحكم عبادة لله تعالى، وغاب عنه بأن الحكم عدل وليس عبادة وما قام به وزمرته من تاجيج الصراعات والحروبات والتمرد في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وتعميق الشقاق بين الأحزاب التقليدية التي لم تستطع الاجتماع على كلمة واحدة أو برنامج سياسي يسهل عليها مواجهته، بل حاول بالترهيب والترغيب من استمالة بعضها وتهدئة بعضها الآخر، مستندا على قوات شرطة الاحتياطى المركزى والدفاع الشعبي اللتان لا ولاء لهم لغير النظام لما يغدقه عليهم من اموال، ولولا ذلك لم استمرت ثورة الإنقاذ» كل هذه السنوات. فالنظام بات كابوسا يجثم على صدر السودان وشعبها ويحاول جاهدا تمزيق نسيج هذه الأمة ولأن الله يمهل ولايهمل سينقلبون على بعضهم، وينفجرون من داخلهم ودليلي«تيار الإصلاح» الذي رفض عشرات من قيادات الحزب وكوادره محاسبتهم بسبب رفعهم مذكرة إلى الرئيس عمر البشير تدعو إلى وقف قمع الاحتجاجات الرافضة لزيادة أسعار المحروقات وتحقيق مصالحة وطنية في البلاد. فالمتحدث باسم «الإصلاحيين» في الحزب الحاكم النائب فضل الله أحمد عبد الله قال إنهم رفضوا المحاسبة ورفعوا مذكرة في هذا الشأن، موضحاً أنهم لا يعترفون بلجنة المحاسبة ويرفضون أعضاءها باعتبارهم جزءاً من الأزمة، واعتبر عبدالله قرار محاسبتهم خطوة انتقائية هدفها تصفية حسابات سياسية داخل الحزب الحاكم، متهماً أحمد إبراهيم الطاهر بأنه جيّر البرلمان لصالح الحزب الحاكم والجهاز التنفيذي، لافتاً إلى أن من يستحقون المحاسبة هم المسؤولون عن انفصال جنوب السودان والفساد والتردي الاقتصادي، لا من سعوا إلى تقديم النصح والمطالبة بإصلاحات في البلاد. ورفض عبد الله اتهام «الإصلاحيين» بتجاوز مؤسسات الحزب ووصف هذه المؤسسات بأنها معطوبة و« ديكورية » غير فاعلة، مشيراً إلى أنهم رفعوا مذكرتهم إلى البشير باعتباره يملك شرعية، مؤكداً أنهم مستعدون لأسوأ الاحتمالات ولا يبالون بأي قرار يصدر في حقهم، وتعهد بأنهم لن يتوقفوا عن العمل من أجل الإصلاح، لأن أوضاع البلاد لا تحتمل موقفاً سلبياً، مشيراً إلى أن من رفعوا مذكرة للإصلاح في الحزب قبل نحو 14 عاماً لم يحاسبوا بل صعدوا إلى مواقع مهمة في السلطة. واخيراً، التظاهرات السلمية، مهما اتسع نطاقها وكبر حجمها، لن ترغم النظام على الرحيل أو على الأقل الرضوخ لمطالبها ، إلا إذا كان الثمن باهظاً من الدم والخراب لأن الأزمة المنفجرة اليوم ليست نتاج أوضاع اقتصادية بل هي سياسية في الأساس.
|
|
|
|
|
|