|
تأمُلات الميرغني هارب وين؟! كمال الهدي
|
تأمُلات الميرغني هارب وين؟! كمال الهدي [email protected] · إن قُدر للاحتجاجات الحالية أن تنتج واحدة من ثورات السودانيين المشهودة يجب أن نتعلم من دروس الماضي، لا أن نستنسخ أخطاءنا بالصورة المخجلة التي تعودنا عليها. · فقد طالعنا اليوم خبراً يفيد بأن رئيس الحزب الاتحادي (الأصل) محمد عثمان الميرغني غادر البلاد برفقة أحد أنجاله. · حمل الخبر أكثر من سبب لسفر الميرغني المفاجئ. · أُشير إلى أنه سافر من أجل الاطمئنان على صحته وإجراء بعض الفحوصات. · وقيل أيضاً أنه غادر غاضباً من الحكومة. · وهذه الأخيرة لا نستطيع معها إلا أن نقول أن شر البلية ما يضحك. · فعلام الغضب وقد بصم الرجل وحزبه بالعشرة على الزيادات الأخيرة قبل إعلانها. · دعك من الزيادات الأخيرة، ولنسأل رئيس الحزب العريق الكبير الذي (تمرمط) في هذا الزمن الأغبر: ألم توافق على الدخول في شراكة مع حزب المؤتمر الوطني، فلماذا الهروب الآن ؟! · الشراكة لابد أن تكون في الحلو والمر. · وأنت بمثل هذا التصرف تصبح أكثر سوءاً من رجال المؤتمر الوطني أنفسهم. · نود أن نعلمك يا سليل الكبار بأن مثل هذه الألاعيب لن تنطلي على أحد. · ولن ينفعك الترويج لفكرة أنك وجهت وزراء حزبك بالاستقالة. · استقالة بعد كل الذي حدث لن تعني لنا شيئاً. · وسفرك لن ينفعك بشيء بعد أن شاركت بحزبك في الكثير من الجرائم وتضييق الخناق على هذا الشعب المسكين . · بعد أن قبضت ما قبضت كان الأجدر بك أن تبقى حيث أنت. · وأن تصر على موقفك المخذي الذي اتخذته منذ فترة ليست بالقصيرة. · فقد أصبحت وأعضاء المؤتمر الوطني وجهان لعملة واحدة. · وإن ظننت أنك ستلحق بركب الشرفاء والمناضلين بعد كل الذي تم تكون مخطئ جداً. · وإن كان هناك عزاء فهو بلا شك في بقية رجال الحزب الذين قبضوا على الجمر طوال العقدين الماضيين ولم يهنوا أو يضعفوا أمام المغريات. · أما أنت ومن يحومون حولك فقد رمى شعب السودان طوبتكم منذ فترة ليست بالقصيرة. · كل العشم أن تستمر الاحتجاجات وأن يبتعد الناس عن التخريب فهو في النهاية لن يصب في مصلحة الجوعى الذين أذاقتهم الحكومة الويل. · وأن يتعظ العاملون في القوات النظامية ويدركوا أنهم ليسوا أكثر من (خدام فكي) وأن المستفيدين حقيقة هم ثلة من اللصوص الذين أذلوا هذا الشعب وفتكوا به. · لا نريد إفراطاً في التفاؤل ولا تهويلاً لما يجري فذلك لن يجدي نفعاً، بل سيعكس صورة سالبة مفادها أن المعارضين يخدعون الناس ويكذبون عليهم حالهم في ذلك حال أهل الحكومة. · ما جرى لشعب السودان تأذى منه الكل وعلينا أن نتعامل معه بواقعية لنرفضه جميعاً دون أن يهول أحدنا للآخر شيئاً أو يكذب عليه في عكس حقيقة محددة. · فالأمور لم تعد في حاجة للتهويل. · وما جرى خلال السنوات الماضية أكثر من كاف لإحداث التغيير. · نتوقع من المحتجين الابتعاد بقدر المستطاع عن تخريب ممتلكات الآخرين لأن ذلك سيزيد من المعاناة بدلاً من أن يخففها. · بلدنا يعيش فوق فوهة بركان بعد أن ملأه اللصوص سلاحاً وبذروا فيه كل بذور الخلاف. · وعلى الحكومة أن تتعامل بشيء من الحكمة التي افتقدوها طوال السنوات الماضية. · فالعنف لن يولد إلا عنفاً والنتيجة ستكون دماراً كبيراً سنحتاج في بلد مثل السودان لعشرات السنوات لمعالجته. · صحيح أن التغيير يحتاج للتضحيات لكن العقلاء يسعون دائماً لتقليل هذه التضحيات لأقل قدر ممكن. · أما التنظير والتحريض في بلد تقوم فيه الاحتجاجات بلا سند حقيقي من ناحية الطرح البديل فمن شأنه أن يؤدي لفوضى لا تحمد عقباها. · نريد التغيير نعم.. · ونرغب في ذهاب هذه الحكومة اليوم قبل الغد.. · لكننا لا نريد لشبابنا أن يموتوا من أجل لا شيء. · والخوف كل الخوف من ساستنا الذين تعودوا أن يتكسبوا على حساب عرق ودماء أبناء هذا الوطن. · نريد احتجاجاً راقياً وضغطاً مستمراً على الحكومة حتى تذهب غير مأسوف عليها. · فالضغط المستمر سيكون له مفعول السحر. · أما التخريب والهيجان المؤقت هنا وهناك فهي أفعال يسهل امتصاصها. · لا أعتقد أن الثورة تفجرت بالصورة التي تنقلها بعض وسائل إعلامنا، فما يزال هناك عمل كبير ينتظر مواطن السودان المضطهد. · الأمر يحتاج لمزيد من الصبر والعزيمة. · أعلم أن بعض مدارس الإعلام تنتهج أسلوب تضخيم ما يتوافق معها وتقلل من شأن الطرف الآخر. · لكنني أرى أن السودانيين تحديداً وبعد أن شبعوا من طرح الأسئلة المثبطة من شاكلة " البديل حا يكون منو" لن يجدي معهم تهويل ما يجري. · وإن كنا نريد استمرار الاحتجاجات حتى تصل إلى غايتها فعلينا أن نعكس حقيقة ما يجري بدون تهويل. · هؤلاء القوم فعلوا بنا ما لم يفعله النجار بالخشب. · وقد حان وقت رحيلهم. · لكن هل من أمل في أن ننظم أنفسنا حتى لا نزيد آلامنا بدلاً من التغلب عليها؟! · أتمنى ذلك.
|
|
|
|
|
|