الوقود الحيوي – البديل الأمثل لسدود الصحراء (الشريك وكجبار)

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 04:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-21-2013, 10:49 PM

مقالات سودانيزاونلاين
<aمقالات سودانيزاونلاين
تاريخ التسجيل: 09-12-2013
مجموع المشاركات: 2052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الوقود الحيوي – البديل الأمثل لسدود الصحراء (الشريك وكجبار)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الوقود الحيوي – البديل الأمثل لسدود الصحراء (الشريك وكجبار)
    إعداد: الدكتور عباس خضر علي مصطفي
    و المهندس الزراعي ابراهيم الخليل ابراهيم هبود

    أولا نود أن نشكر كل من تواصل معنا عبر مواقع الشبكة العنكبوتية المختلفة أو البريد الإلكتروني. وسنضمن الردود علي تساؤلاتهم وانفعالاتهم وتوصياتهم ضمن هذا الجزء الثاني من مقالنا إن شاء الله.
    كذلك نود أن ننوه الي أن الجزء الأول من هذا المقال كان بعنوان (سدي الشريك وكجبار – البديل الأمثل) إلا أننا غيرنا العنوان في هذا المقال الثاني والأخير الي العنوان المبين أعلاه استجابة لإقتراح الأخ الغزالي حمد أحمد – أحد المتواصلين معنا بعد نشر المقال الأول - لأننا قد وجدنا أن اقتراحه صائب وليت هذا الديدن (الأخذ بالمقترحات الصائبة) يترسخ في أذهان ولاة الأمور ومتخذي القرارات.
    تطرق أحد المعلقين الي الأصل النوبي لبعض الأسماء ونود أن نوضح بأن الرباطاب يمثلون آخر المجموعات السودانية التي فقدت لسانها النوبي وهذا ما أشارت اليه الوثائق التي كانت بحوزة الملك أبوحجل وهي محفوظة بدار الوثائق السودانية المركزية. وهذه حقيقة تاريخية علمية لا مجال للمغالطة فيها أو المزايدة عليها. ونشير هنا الي إسمي عتمور وكجي (بالجيم المعطشة) وهما اسمان لقريتين بمحلية ابوحمد وجبال النوبة.
    الملك أبوحجل هو آخر ملوك الرباطاب وقد استشهد في معركة أبوحمد دفاعا عن السودان في وجه الغزو الأجنبي عندما كان ملوك السودان يتقدمون الرعية فداء للوطن. هذه حقيقة تاريخية أيضا والتاريخ هو البداية لاستشراف المستقبل ومن لا يفهم ويقدر ويستصحب التاريخ لن يستطيع أن يصنع مستقبلا.
    ذكرنا في المقال السابق كيف قادت عوامل السياسات المرتجلة غير المدروسة وارتفاع أسعار الوقود الي تدهور الزراعة وعزوف الناس عنها. كما أشرنا الي الدراسة التحذيرية الصادرة عن البنك الدولي والتي تتنبأ بالإنتكاسة التي ستتعرض لها الزراعة في دول افريقيا جنوب الصحراء في العام 2020 في حالة ارتفاع أسعار الوقود ما لم تتحوط بتخصيص 2% من أراضيها الصالحة للزراعة لإنتاج الوقود الحيوي. وكذلك ذكرنا بأن الوقود الحيوي هو أفضل مصدر للطاقة بدلا عن سدود الصحراء وآثارها المدمرة للبيئة ومحوها للموروثات والآثار التاريخية التي لا تقدر بثمن. أيضا كنا قد عقدنا مقارنة بين الذرة الحلوة وقصب السكر، وهنا نود أن نقارن بين الذرة الحلوة ومحصول آخر منتج للوقود الحيوي، ألا وهو الذرة الشامية الذي يعتبر المصدر الرئيسي للإيثانول بالولايات المتحدة الأمريكية:
    *استهلاك وحدة واحدة من الطاقة لإنتاج الإيثانول من الذرة الحلوة يعود بما يقارب خمسة الي سبعة وحدات من الطاقة في حين أن استهلاك وحدة واحدة من الطاقة لإنتاج الايثانول من الذرة الشامية يعود بأقل من وحدتين.
    *تخوف البعض من استخدام الذرة الحلوة لانتاج الإيثانول وأثره علي إنتاج الغذاء، وهذا تخوف مشروع ولكنه غير مبرر ، فقد أشرنا سابقا الي أن الايثانول يستخلص من الذرة الحلوة بعصر القصب بعد حصاد الحبوب في حين أنه يستخلص من الحبوب أو الثمرة في حالة الذرة الشامية والمحاصيل الأخري.
    *تتميز الذرة الحلوة بقصر فترة النمو والنضج بالمقارنة مع الذرة الشامية مما يتيح استغلال الأرض لمحاصيل أخري كالبنجر مثلا. وقد استنبط نوع من البنجر ليلائم المناطق الحارة ويمكن أن يدخل في دورة زراعية مع الذرة الحلوة، وقد أثبتت التجارب نجاح هذا النوع من البنجر بمشروع الأمن الغذائي في عطبرة وقد أعطي إنتاجية مماثلة لإنتاجية المناطق الباردة. ولكن هنا يطرح السؤال مرة أخري أيهما أجدي الحصول علي خمسة عشر برميل من الايثانول من فدان البنجر أم ما يتراوح مابين ستة الي عشرة أطنان من السكر؟.
    فاتنا أن نذكر بأن استعمال الإيثانول كوقود ليس ببدعة جديدة، إذ كان هو المصدر الرئيسي لتشغيل المحركات حتي ثلاثينيات القرن الماضي وحل محله النفط لسهولة الحصول عليه. والآن بدأت العودة للإيثانول بسبب التغير المناخي الذي بات يهدد كوكب الأرض. والإيثانول يمكن استعماله كوقود لماكينات رفع المياه والجرارات وحتي الطائرات.
    وعدنا في المقال السابق بأن نتطرق للأبحاث الزراعية والدور الذي يمكن أن تلعبه إذا وجدت الإهتمام والدعم في إنجاح مشروع الوقود الحيوي والثورة الخضراء. كل الدراسات تشير الي أنه إذا استمر الإنفاق علي الأبحاث الزراعية علي ماهو عليه الآن في أفريقيا (والسودان ليس اسثناء إذا لم يكن الأسوأ)، فإنها ستحتاج الي مائة عام حتي تلحق بمستوي الزراعة في الدول المتقدمة !ّ!. نعم عزيزنا القارئ، قرن كامل من الزمان. ولكن هل ستتوقف الدول المتقدمة عن النمو والتطور؟ وهل سيبقي هنالك بلد اسمه السودان مع كل هذه السلبية والتقاعس دون اتخاذ إجراءات مسئولة لوقف تأثيرات التغيرات المناخية والزحف الصحراوي ومحاربة الفقر؟. وهل هنالك من سبب للحروب وازهاق الأرواح غير التغيرات المناخية؟.
    ولكن ليس هنالك وقت لليأس. فبالأبحاث الزراعية الجادة والمدعومة من قبل الدولة، يمكن اختصار المائة عام الي عشرين بل الي ثمانية أعوام فقط، وهذا يتوقف علي قدر ما ينفق عليها. وهنالك شواهد علي أرض الواقع تثبت مثل هذه القفزات التي هي أقرب للخيال والتي يحدثها الإنفاق السخي علي الأبحاث الزراعية. صدر كتاب في العام 1965 اطلق عليه اسم (المجاعة 1975). عندما عايش المؤلفان مآسي المجاعات والموت في الهند أوصيا بعدم تقديم الدعم الغذائي للمتأثرين حتي لا يزيد عدد المواليد ومن ثم تتفاقم مشكلة عدم القدرة علي اطعامهم وتزيد حدة المأساة. بالأبحاث الزراعية استطاعت الهند أن توقف التدهور في أقل من خمس سنوات وفي العام 1974 أعلنت الهند الإكتفاء الذاتي من إنتاج الغذاء و أوقفت العون الغذائي من تلقاء نفسها . نعم حدث كل ذلك بسبب الإنفاق علي الأبحاث الزراعية وتوفر الإرادة السياسية .
    عن طريق تكثيف و تطوير الأبحاث الزراعية (إذا وجد التمويل اللازم) سيتمكن السودان من إدخال وتوطين أرقي أنواع العلوم التي توصل إليها العقل البشري مثل علم الوراثة والجينات والهندسة الوراثية وليس هنالك أي مؤامرات خارجية ( كما يدعي البعض) تحول دون الحصول علي هذه العلوم والتقنيات إلا إذا كانت داخلية بالإحجام عن التمويل والتشجيع اللازمين أو تشريد العلماء والباحثين.
    عندما تشعر مؤسسات التمويل الخارجي للبحوث بالجدية لدي مؤسساتنا البحثية فإنها لن تتواني في التعاون بالدعم المادي والتدريب. وحتي وقت قريب كانت مراكز البحوث السودانية تعج بالمشاريع البحثية الممولة والمدعومة من حكومات ومؤسسات أجنبية. بالتمويل الداخلي تستطيع البلاد أن تحدد أولويات البحث، إذ أن أغلب الدول المانحة لا تعاني من فقر أو جوع أو ضعف في الإنتاجية بل بالعكس تعاني من فائض في الإنتاجية.
    ذكرنا في المقال السابق أهمية إدخال الجامعات في مسألة توفير الطاقة من الوقود الحيوي ومحاربة الفقر ولكن كيف يتسني لها ذلك وهي تعاني من شح المال وضعف الإمكانيات؟ الجامعات تحتاج لمصادر دخل كافية حتي تتمكن من أداء أهم المهام المنوطة بها وهي التمدد وسط المزارعين والمجتمع بأكمله والعمل علي تحديد المشاكل والمساهمة بطريقة مباشرة في حلها . كما أن الجامعات تمثل مصدر قوة وصمام أمان لأي مجتمع إذ يصعب علي أي جهة خارجية أن تجد السند الأخلاقي لفرض حصار أوحظر علي أي دولة وإدخال الجامعات أوالمؤسسات التعليمية عموما ضمن هذا الحصار أو الحظر. ولكي تتمكن الجامعات من لعب هذا الدور لحماية المجتمع لابد من إيجاد مصادر دخل دائم لها مثل منحها أراض زراعية لإستثمارها وهذه ليست بدعة. كما أن العمل الجاد لتوفير الطاقة من الوقود الحيوي وتفجير ثورة خضراء وزرقاء يتطلب التعاون والتنسيق بين عدة تخصصات من زراعة وإقتصاد وهندسة وقانون والجامعة تمثل سقفا واحدا توجد تحته كل هذه التخصصات.
    كنموذج يمكن أن نهتدي بهدي البرازيل لإنتاج الإيثانول حيث تأكد بالتجربة جدوي المشروعات المتكاملة علي مساحة مئتي فدان لإنتاج الإيثانول وتوليد الكهرباء والإنتاج الحيواني والإستزراع السمكي وهنا أيضا تتفوق الذرة الحلوة علي قصب السكر. وهذه المجمعات المتكاملة أنتجت مايزيد عن حاجتها من الكهرباء وحلت البرازيل مشكلة الحصول علي المياه لتوليد الكهرباء من الإنتاج الفائض من مصانع الإيثانول.
    وهنا أيضا يفرض السؤال الأخلاقي نفسه مرة أخري، أيهما أولي الغذاء أم الطاقة ؟ وكما ذكرنا، فقد حلت الذرة الحلوة هذه المعضلة. ولكن يظل هذا السؤال مشروعا أيضا في حالة سحب المياه لتوليد الكهرباء؛ أيهما أولي توليد الكهرباء أم تركه للزراعة؟ الذرة الحلوة وما تخلفه من بقاس يمكن أن يحل هذه الأشكالية كما ذكرنا آنفا وقد فعلت البرازيل ذلك من قصب السكر. قدمت الحكومة البرازيلية سلفيات تسدد علي مدي عشرة أعوام للتجمعات الصغيرة والمتوسطة ومن إنتاج الكهرباء من البقاس فقط تمكنت هذه المجموعات من تسديد هذه السلفيات في ثلاثة أعوام !!
    ذكر أحد المعلقين علي المقال الأول بأن موضوع السدود موضوع حساس. ونقول نعم إنه موضوع حساس وغير حساس أيضا؛ هو حساس لأناس ذاقوا مرارات السدود وازدادوا فقرا وبؤسا من جرائها ويقول المثل الشعبي: ( الضايق لدغة الدبيب يخاف من جر الحبل) والمثل الآخر يقول:( الجمرة بتحرق الواطيها.):
    وغير حساس لأنه في عالم اليوم تقوم الجهات المشرفة علي التنمية باستصحاب المعنيين بها في جميع المراحل وكل مشاريع التنمية التي كتب لها النجاح اتبعت هذا الأسلوب. حدث هذا مؤخرا في إثيوبيا حيث قامت الدولة بإجراء مشورة وسط المواطنين وطرحت عليهم المشاريع المزمع قيامها وخيروا بين استزراع الغابات، شق قنوات الري، حديقة المنزل أم زراعة أصناف سريعة النضج فاختاروا حديقة المنزل وأصناف سريعة النضج. علي إثر ذلك قامت الدولة بتغيير خططها واليوم تشهد إثيوبيا ثورة خضراء تسير بخطي ثابتة. لايسع المجال لوصف حديقة المنزل لكن باختصار هي زراعة أكبر عدد من المحاصيل في الحيازات الصغيرة وهذا يشكل تنوع بيولوجي ومانع طبيعي لإنتشار الأمراض وتنمو النباتات بصورة تكافلية والقائمة تطول لو أردنا أن نورد كل ميزات هذا النوع من الزراعة.
    سأل أحد المداخلين، كيف وفرت الدول التي ذكرناها المياه اللازمة لإقامة المشاريع الزراعية العملاقة؟ ألا تتفق معنا بأنه لابد أولا من حصاد المياه؟ هل الذرة الحلوة لا تحتاج الي مياه؟ هنا بيت القصيد، حصاد المياه أو الثورة الزرقاء. كما أسلفنا سابقا فإن العالم الأمريكي نورمان فورلوق أب الثورة الخضراء هو أول من أطلق مصطلح الثورة الزرقاء. ويقصد بها الإستفادة من وهذه الثورة هدفها الحد من آثار الجفاف والتصحر وتذبذب الأمطار CROP FROM EVERY DROP كل قطرة مياه وقد نجحت بعض الدول في الحد من آثار هذه الظواهر بتوجيه الزراعة المروية الي مناطق الزراعة المطرية وبذا تكون قد
    حصدت كل الأمطار حين هطولها وحمت نفسها من الكوارث وقت شح الأمطار. إذن كيف نوجه الري الأرضي/الجوفي الي المناطق الزراعية المطرية؟ دعونا نأخذ الهند كمثال: تنتج الهند حوالي 200 مليون طن من الحبوب سنويا بصورة مستقرة. 60% من إنتاجها الزراعي يأتي من الآبار السطحية أي التي لايزيد عمقها عن 20 مترا. ويمكن أن تروي حوالي عشرة أفدنة وتكفي لإعاشة خمسة أسر علي الأقل. بالهند الآن قرابة ال 7 مليون بئر من هذا النوع وينتج الفدان الواحد ضعفي ما تنتجه الزراعة المروية بالقنوات. وحتي في تايلاند أدرك المزارعون ميزات هذا النوع من الآبار وفضلوها علي قنوات الري وأعطتهم فرصة لزيادة تنوع التركيبة المحصولية ومزيدا من المرونة والحرية . كما أن البنك الدولي قد وصف هذا النوع من الآبار بأنه من أفضل الوسائل لمحاربة الفقر ويعتبر مجديا في حالة الحيازات الصغيرة ويجد القبول لدي المزارعين وبسيط من الناحية التكنولوجية إذ يمكن حفر هذه الآبار باليد أو الآلات البسيطة. ويمثل موتور رفع المياه ثلثي التكلفة ويكون بقوة 5 – 10 حصان (ويمكن أن يستخدم الإيثانول كوقود للموتور) ويمكن استخدام الموتور كجرار يدوي لتوفير جهد المزارع.
    هل يمكن حصاد كل المياه التي تهبط علي السودان؟
    هل هنالك مياه جوفية قريبة من السطح في السودان؟
    هل تتوفر المياه الجوفية في أماكن الأمطار الغزيرة؟
    قبل الأجابة علي هذه الأسئلة نود أن نوضح بأن مانقوم به ليس بورقة علمية وإنما إنذار مبكر لتفادي الكوارث وتسليط الضوء علي مواطن قوة وأولويات السودان.
    نعود لنحاول الإجابة علي هذه الأسئلة . لم تخذلنا جامعة الخرطوم ، التي ظلت واقفة رغم الجفاف كشجرة سيال في صحاري شمال السودان لأنها لم تسرف في الحياة (كما وصف الراحل الأديب الطيب صالح جده) ، فقد صدرت دراسة من كلية الهندسة في العام 2012 (موجودة علي الشبكة العنكبوتية لمن يريد المزيد من الإطلاع) فحواها أن المياه الجوفية تغطي 50% من مساحة السودان. وما أوصت به هذه الدراسة يتطابق مع ما يجب أن تقوم به الدولة وشح الإمكانيات لن يكون عذرا مقبولا لأن هذه تأتي في صدر الأولويات، و الممولون وعلي رأسهم البنك الدولي لن يستطيعوا رفض تمويلها لأن من أهم بنود قائمة أهداف هذه الألفية محاربة الفقر وحصاد المياه أو الثورة الزرقاء في المناطق المطرية التي تتعرض لموجات الجفاف . وتحقيق هذه الأهداف هو هم كثير من المهتمين بمحاربة الجوع والفقر في هذه المناطق التي يوجد بها أفقر الفقراء.
    فعلي الدولة وبمساعدة الباحثين والبنك الدولي أوأي ممول تراه مناسبا تحديد أماكن المياه الجوفية القريبة من السطح والنسبة المتجددة والكمية التي يمكن أن تسحب منها دون التأثير علي الحوض الجوفي والبيئة. وبعد ذلك تقف الدولة بعيدا لتراقب فقط وتترك مايسمي بالتنمية من القاعدة الي القمة ليأخذ مجراه بمساعدة الجامعات الولائية وإشراك جميع المواطنين عمدهم وشيوخهم ونظارهم وقبائلهم في جميع مراحل التنمية من التخطيط الي التنفيذ وحتي توزيع طريقة سحب المياه ( وهذا ما أطلق عليه في آسيا روابط استعمالات المياه).واجب الدولة في هذه الحالات هومراقبة مستوي المياه في الحوض الجوفي وحماية الفقراء من تغول الأثرياء بحفر آبار جوفية الي أعماق قد تؤثر سلبا علي الحوض الجوفي.
    محاربة الفقر بهذه الطريقة أقل تكلفة من إنشاء المشاريع الكبيرة وشق قنوات الري كما ذكرنا قي تجربتي الهند وتايلاند.
    ماحدا بنا لذكر هذا الاسلوب من أساليب حصاد المياه هو مداخلة أحد الأخوة عن أهمية سدي الشريك وكجبار في عملية حصاد المياه. وكما أسلفنا سابقا، فإن ارتفاع درجة الحرارة حتي نصف درجة الغليان يؤدي لإهدار المياه لاحصادها. وبدل الصرف علي إنشاء سدود جديده، فالأولي أن نلتفت ونفكر في الطريقة المثلي لاستغلال المياه التي تم حصادها بتعلية خزان الروصيرص.
    وحتي هذه السدود وبالرغم من ما تخلفه من أضرار ودمار للمنطقة، تقابل بالغبن من أبناء الولايات الأخري. وهذا غبن غير مبرر لأن ما ينتج من كهرباء يحرم منه أبناء المنطقة أنفسهم . وما تعرضنا له قديما من جراء إنشاء السد العالي وإغراق حلفا الجميلة ما زال عالقا بالنفوس و كذلك ما حدث مؤخرا للأهل في المناصير، كل ذلك معلوم لجميع سكان هذا الكوكب.
    من هو المستفيد إذن من هذه السدود؟ ولماذا الإلحاح والإصرار علي قيامها رغم الضحايا الذين سقطوا قبل البدء بالعمل فيها؟ لاحظ بعض علماء السياسة، وتعلمون طبعا أن السياسة علم يدرس بالجامعات وهي فن وصناعة، لاحظوا تكدس النخب في المدن الأفريقية، والسودان ليس استثناء، حول السلطة الحاكمة وخضوع الحكومات لهذه النخب بالإيفاء باحتياجاتها وإعطائها الأولوية علي الريف. والمعلوم أن الناتج القومي يأتي جله من الريف. كما لاحظوا أيضا ارتباط هذه النخب بالخارج بعد الاستقلال أكثر من ارتباطها بالريف في أوطانها. ولسوء حظ السودان، بعض هذه النخب ليست مرتبطة بالخارج فحسب بل إن ولاءها للخارج أكثر من ولائها للسودان. وهذا لايحدث في أي دولة تسعي لحماية مصالحها. وانتشرت هذه الظاهرة في السودان انتشار السرطان في الجسم العليل لدرجة تصل لاستحالة استئصالها. ولكن كسر طوق تكدس النخب حول السلطة، وتنمية الريف وتقويته في وجه المركز، وانتشار مستودعات الايثانول في كل ولايات السودان تمثل جزءا من العلاج للخروج من هذه الظاهرة الأزمة. ونذكر لكم مثالا لمثل هذه التوجهات وسط النخب في المركز؛ الإنتفاضة الضارية التي تعرض لها بنك الثروة الحيوانية عندما بدأ يروج للإنتاج الحيواني وقام ببث دعاية إعلامية في التلفزيون، إ ذ قام بعرض قطيع من الماشية وبالقرب منه تقف عربة لاندكروزر جديده وتقول الدعاية (( هذه من تلك)). إثر ذلك انتفضت هذه النخب في الصحف وغيرها من الوسائط الإعلامية في وجه البنك متهمة إياه بالقيام بتشجيع الرعاة والمزارعين علي ترك الرعي والزراعة والخلود الي حياة الراحة والدعة في المدن والمراكز!!. لقد اضطر البنك الي سحب دعايته وابتلاعها وما علم هؤلاء أن من يملك اربعمائة من الماشية يمكنه أن يمتلك طائرة خاصة وليس مجرد عربة؛هذا ليس في أمريكا ولا أوروبا بل في أفريقيا في زيمبابوي. والآن هؤلاء الرعاة والمزارعون الذين استكثرنا عليهم امتلاك العربات يتكدسون كأحزمة فقر في بيوت الكرتون حول مدننا الفقيرة . وحتي مساهمتنا هذه لم تجد من ينشرها لنا بالداخل كأن الأمر لايعنيهم في شيئ.
    لذلك بدلا عن الإصرار علي النظر الي الريف من عل وإفقاره، لابد من الإلتفات اليه والإهتمام به والتوجه إليه لتفجير ثورة زرقاء وخضراء في وقت واحد هدفها محاربة الفقر والجوع وتأمين طاقة نظيفة ومتجددة. والأولويات واضحة من تجارب الأمم الأخري في طريقة حصاد المياه، فقط البداية الصحيحة باتباع الأسلوب العلمي وبتحديد أماكن الأمطار والمياه الجوفية القريبة من السطح لاستغلالها بطريقة الآبارالسطحية كما في الهند. كما ذكرنا آنفا استطاعت الهند بهذا النوع من الآبار السطحية والتكنولوجيا المبسطة أن تروي أكثر من ستين مليونا من الأفدنة مع العلم بأن المواطنين قاموا بحفر هذه الآبار بتكلفة لا تذكر. وتجنب المسؤلون تقديم الدعم المباشر لهم حتي لايسرفوا في سحب المياه أكثر مما هو مسموح به.
    عدم ذكرنا للطاقة الشمسية كبديل،باعتبارها إحدي مصادر الطاقة النظيفة المتجددة، لايقلل من أهميتها. إذ بتكلفة أي واحد من هذه السدود يمكن إنتاج نفس القدر من الطاقة مع اكتساب المعرفة، إذ تقوم مجموعة مرايا عاكسة كبيرة بتركيز حرارة الشمس لتسخين أبراج المياه وباقي عملية التوليد تتم مثل التوليد الحراري والنووي. وبعض الدول بدأت تنتج الطاقة الشمسية أثناء الليل بتسخين نترات الصوديوم الي ما فوق 800 درجة وتخزينها لتسخين المياه أثناء الليل وتوليد الكهرباء لكن الوقود الحيوي يتيح الفرصة للجميع للمساهمة في حل أزمة الطاقة بدون تكلفة تذكر بل وبتحقيق قدر كبير من الأرباح.
    في الختام نود أن نذكر بأننا نعتقد أن الوقود الحيوي يمثل أفضل طريقة لحل مشكلة الطاقة في السودان مقارنا بالمصادر الأخري المدمرة للبيئة مثل السدود الصحراوية والنفط. ومن بين مصادر الوقود الحيوي تعتبر الذرة الحلوة ثمرة في متناول اليد تنتج ثلاثة سلع ضرورية للمزارع هي السكر والعلف والطاقة. من أين يمكن الحصول علي بذور الذرة الحلوة؟ وحدة الموارد الوراثية بهيئة البحوث الزراعية تحتفظ بأكثر من 60 مدخلا من هذا النوع من الذرة جمعت من مناطق جغرافية مختلفة في السودان. ونلفت نظر الأخوة الباحثين في هذه الوحدة (الدكتور الطاهر ابراهيم وزملائه) الي أن منطقة مقرات وما حولها توجد بها أنواع من هذه الذرة الحلوة يستطيع المزارعون المحليون فرزها . كل المطلوب هو أن تتمكن الهيئة من إكثار النوعية التي تناسب السودان وتلبي حاجة الوقود الحيوي والغذاء في نفس الوقت. وعرف عن الإيثانول كبديل للغاز الطبيعي في الطبخ أنه أكثر أمانا ولايسبب أي حوادث حريق. وتكنولوجيا إنشاء مصانع الإيثانول غير معقدة كما ذكرنا آنفا ويمكن تصنيعها محليا أو استيرادها كما يمكن تصميم المصنع بطاقات مختلفة من جالون واحد الي ملايين الجالونات. وتكلفة المصنع هي دولار واحد/ جالون / عام واحد، أي تكلفة مصنع ينتج عشرة ألف جالون في العام هي عشرة ألف دولار وتكلفة مصنع ينتج مائة ألف جالون في العام هي مائة ألف دولار. وعلي الدولة أن تدعم إنتاج الإيثانول بواسطة القطاعات الصغيرة والمتوسطة وألا تعتمد علي الإستثمار الزراعي لأن الغرض الأسمي ليس إنتاج الوقود والحصول علي العملات الصعبة فقط وإنما محاربة الفقر وهذا لن يتحقق إذا أهملنا هذين القطاعين (قال الإمام علي كرم الله وجهه: ما دخل الفقر أرضا إلا وقال له الفقر خذني معك)
    وقد صمم (بوتاجاز) مخصص للعمل بالإيثانول. ولتحضير حاجة المزارع من السكر تعصر سيقان الذرة وتصفي وتسخن لمدة ساعتين ونصف ثم تبرد والعصير يسمي شراب الذرة الحلوة المركز ويمكن استعماله مباشرة بدل السكر وبالإمكان إقامة صناعات صغيرة بالحقل لهذا الغرض.
    أثناء إعدادنا لهذا المقال احتدم النقاش حول رفع الدعم عن المحروقات’ وفي رأينا هذه معالجة للأعراض دون التشخيص السليم ومعرفة مسببات هذه الأعراض. ونذكر الأخوة القراء بما أشرنا اليه في المقال السابق بأن السياسيين الذين تمتعوا ببعد النظر قد بدأوا التفكير في بدائل الطاقة العام 1973 علي عكس سياسيينا في ذلك الوقت. وبدل أن نورث خيبتهم وخيبتنا للأجيال القادمة علينا أن نعلن الحرب علي الفقر ونشجع صناعة الإيثانول. ومفاهيم وإشكالات المناخ والطاقة ومحاربة الفقر هي مسئولية جيل بأكمله. والحديث يطول هنا وقد نعود إليه إذا استشعرنا الجدية في النظر بعين التقدير لمقترحاتنا .
    والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
    المصادر:
    1-Gamal Abdo and Abdin Salih. Challenges facing ground water management in Sudan. http:garj.org/garipas
    2- Maarof I. Mohamed and Moataz Mohamed. Evaluation of newly developed sweet sorghum genotypes. American- Eurasian J. Agric. and Environ. Sci 6 (4): 434.
    3 – Ban Ki Moon. Climate culprit in Darfur. Washingtonpost.com
    4 – www.domestic.com. Clean cook ethanol stoves.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de