|
إلاَّ أَنْ تُكَذِّبونِ د.أمل الكردفاني
|
إلاَّ أَنْ تُكَذِّبونِ د.أمل الكردفاني [email protected] براءة أمام الله :
الذين كانوا يدعون إلى الديمقراطية والحرية من قبل ، هانحن نراهم يلقون بأبنائهم إلى القصر حتى يضمنوا لهم مستقبلاً سياسياً ومالياً. والرجرجة والدهماء من الذين حملوا السلاح لا يرغبون – في حقيقة أنفسهم – في إسقاط النظام ، لأنهم يدركون حجمهم الحقيقي إذا انهار النظام . فلنتخيل أن نظام البشير قد سقط ، وتنادى الناس إلى صناديق الإقتراع ؛ ترى ما الذي يمكن أن يطرحه حاملوا السلاح للجماهير ؟ في الواقع لا شي. بقاء البشير هو ما يمنحهم الأمل في مفاوضات تمنحهم نتائجها بعض الرزق وقليل من عَرَضِ الحياة الدنيا من منصب وفيلا وراتب شهري بالملايين . إن هؤلاء قيمتهم في رفع السلاح فإن وضعوه اتضعوا معه وعادوا سيرتهم الأولى ، خواءً كخواء عصيِّ سحرة فرعون ذلك مثلهم ولهؤلاء مثّل السَّوْء. من هو ياسر عرمان الذي يحاول الظهور بمظهر البطل ؟ إنه ليس سوى مجرد قاتل بائس هارب من العدالة ، تدثر بالأحراش ، حيث مكانه الصحيح ، فإذا خرج منها أذلته جهالته. ومن هو أركو مناوي ؛ ذلك الذي أرسلوه إلى القصر فأصبح كلَّاً على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير و لا يقدر على شيء حتى لفظوه في الصحراء وهو زميم . ومن هو عبد العزيز الحلو ؟ لا أعرف -أساساً- عنه شيئاً. ومن هو مالك عقار ؟ هل هو بروفيسور أم من جهابذة السياسة ؟ إنه ليس أكثر من شخص يحتمي خلف سلاحه وقبيلته. إنهم أبناء اللحظة التاريخية المقلوبة.
1- الشعب الذي يتنادَوْنَه هو منهم براء :
يصيح ياسر عرمان : أدعوا جماهيري إلى الخروج إلى الشارع . أقول له : صبراً يا ياسر من هو شعبك هذا؟ بالله عليك؟ ... هل بلغت حداً من النرجسية التي أوهمتك أنك أصبحت بطلاً أو قائداً ، أنت لا شعب لك . إن هذاالشعب المسكين صامت ولكنه مع ذلك لديه القدرة على التقييم ، والذي نفسي بيده لو كان لك قيمة عند هذا الشعب لخرج بغير دعوة منك . كما خرج للمطرب المرحوم محمود عبد العزيز حين ألغيت حفلته. أنت الشخص الخطأ الذي زينه وجَمَّله أنه في الزمان الخطأ أيضاً ، حين غاب العلماء ، وهُجِّر الفقهاء وقُتل وعُذب الوطنيون الأصفياء، وجيء بالرجرجة والدهماء ، فتقلدوا نواصي الحكم ، فما زادوا البلاد إلى خبالاً وعقم.
من هو ذلك الشعب الذي يراهن عليه السيِّد الصادق المهدي ، دعني أسأل ؛ ما رأيك لو انتفض الشعب على هذا النظام فسقط ، هل تقبل أن يوضع ابنك النظامي في المعتقل أو يسجن أو يقتل ؟ هل سيبلغ بك إيمانك بالديمقراطية والحرية مبلغ الوقوف ضد ابنك لمصلحة الوطن. أم ستفاديه كما يفادي بنو إسرائيل أسراهم وقد نهاهم الله عن ذلك؟ فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون قولاً؟
أما مولانا الميرغني ؛ فليس لدي من شيءٍ كثيرٍ أقوله عنه ؟ فهو إن خرج السيد الصادق المهدي خرج وراءه ، وإن دخل دخل وراءه ، وإن أسلم إبنه للنظام أسلم ابنه معه، وأخشى إن دخل السيد الصادق المهدي إلى الحمام أن يدخل معه.
ومن هذا المدعو بالترابي والذي يدعو جماهيره للخروج: أي جماهير تتحدث عنها يا شيخ الماسونية الجليل، وهذا الشعب ما نقم على طاغوت البشير إلا أن أوكلك على أمر البلاد والعباد فكلت للبلاد والعباد ما لم يفعله فرعون ببني إسرائيل . بل وعمدت إلى تشويه الإسلام قاصداً متعمداً لشيء في نفسك . وأعدمت من أعدمت وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت في القصر من الآمنين. ءآلآن وقد عصيت قبل؟ أم تخادعون الناس وما تخدعون إلا أنفسكم وما تشعرون.
ولنأتي للشيوعيين وأشباههم ؛ وهؤلاء الحديث عنهم لا يطول ، فيكفي أنهم لا يزالون يجادلون عن أصنامهم القديمة ، اللات الماركسية والعزى اللينينية ، ومناة الماوية الثالثة الأخرى. والعالم من حولهم قد صبأ بآلهتهم ولم يبق لها إلا الذكرى ، أفلا تنفعهم الذكرى؟ أم هم عن الذكرى هم معرضون؟ أم أنهم لا يفقهون؟ أم لا يتذكرون تاريخهم حين بلغوها فما عمروها بأكثر مما عمروها. ولم نسمع لهم بعد ذلك ركزاً.
إن هذا البلد لن يتحمل مزيداً من المهرطقين ولا مزيداً من الإنتهازيين ، ولا مزيداً من المرتزقين ، هذا البلد يجب أن يبدأ المشوار الصحيح من الخطوة الصحيحة ، لا أن يعيد ذات المأساة ليكررها من جديد بل وهذه المرة ستكون أسوأ من ذي قبل.
دعوني أقول لكم تصوري لما سيحدث لو أن الجبهة الثورية دخلت القصر (وهذا مستبعد) . أول ما سيحدث هو عبارة عن عمليات إقصاء متبادل وربما يكون دموياً ، وسيتفاقم الصراع حول المناصب ، والمال ، وسنخوض من جديد في دائرة جهنمية جديدة بل أكثر كارثية من ذي قبل ، وهذا ما فعلوه وهم لم يبلغوها بعد ، فما بالكم إن بلغوها.
علينا كشعب أن نبحث عن الوطنيين الشرفاء –وهم كثر- وأن نحملهم على الأكتاف ، وأن نتقدمهم صفوف النضال ، وعلينا أن نعود إلى العلماء ، ليمنهجوا لنا الحركة ، متجردين من الحسد ومن الأحكام المسبقة ، ومن الرفض على أسس عرقية أو قبلية أو جهوية، لكي يستبين سبيل الشعب. إننا اليوم لسنا في موقف يسمح لنا بالفلسفة ، أو التفلسف، أو استخدام اللغة لإثبات الثقافة أو جذب الأضواء ، لأننا في مفترق طرق حقيقي ، إن هذا البلد إما أن يكون أو لا يكون ولم يعد هذا سؤالاً شكسبيرياً. أما أن نبدأ بأركو مناوي والصادق المهدي وياسر عرمان وغيرهم ، فهذا وربِّ الكعبة لهو البلاء العظيم ، وهاوية السقوط الأعظم ، في الليل الأصمِّ الأبكم.
إنني لا أخاطب هؤلاء ، لا أخاطب من يُصَدِّرُون أنفسهم – كذباً – كمعارضين ، فهؤلاء لا أقيم لهم وزناً ، إنما أخاطب الشباب المخلص والواعي ، طالباً منه أن يرفضهم أجمعين ، وأن ينطلق بنفسه في انتخاب البنية التحتية الثابتة القوية التي سينهض عليها الحراك السياسي والثقافي في هذه الدولة. فلم يعد هناك من وقت ، إن الشعوب تتقدم ، والعالم يتجاوزنا ، والحضارات تتقادم ، والعجلة تدور ، ونحن قد أُركسنا وأُبلسنا ما بين شخصيات المتاحف التاريخية الهزلية و الإنتهازية وبين مقالب النفايات المسلحة.
إن هذا الشباب السوداني فيه عقول نيِّرة وقلوب ظمئة للتحرر والإبداع ، وأرواح فتية قابلة للتجدد والإنطلاق ، فحرام أن تخضع إرادته للمزايدة من التوتاليتارية السياسية المتنطعة ، والتي تحاول أن تتحلق بصفوية مزيفة لتسلط عليها الأضواء. أما كفانا زيفاً ومزيفين ، أما كفانا أدعاءً ومدعين ، أما كفانا تنطعاً ومتنطعين ، أما كفانا نرجسية ونرجسيين ؟ .
هؤلاء الذين تحسبونهم منكم – والذي نفسي بيده – ماهم منكم ، أصدقتموني بجهالةٍ أم كذبتمونْ ، ولا هم على هذه الأرض بمشفقين .
إننا نسعى إلى دولة الحرية ، ودولة يرتفع فيها سقف الوعي ، لا إلى التجهيل الذي يمارسونه حتى جهلهم الله في أنفسهم ؛ حقاً ؛ يتخبطون كمن يتخبطه الشيطان من المس فصاروا كالأنعام أو أضل.
من أين أتى هؤلاء ؟
أتحسبونه قد سألها عن البشير ومجرميه فقط ، لا ، بل سألها وهو بها حـَــفِـيٌّ عليم. فاسألوها بدوركم لأنفسكم عمَّن حولكم فلعلكم إلى إجابتها تهتدون.
أيها الشباب السوداني ؛ ما أضاع هذا البلد إلا هؤلاء ، ووالذي نفسي بيده ما كان مافعلوه إبان تسلطهم في الحكم بأقل مما فعله البشير اليوم ؛ إسئلوا عن فسادهم ، وقتلهم ، واستبدادهم ، وعنصريتهم ، وإن كانوا يقولون بغير ذلك فإن التاريخ شهيدٌ بيني وبينهم ، لأخرجنَّ لهم ما كانوا يخفونه في أنفسهم وما كانوا يعلنون. والذين لم يصِلوا يوماً إلى الحكم من حملة السلاح اليوم ، فأقرأوا بياناتهم منذ عام 2003م وحينها سوف تعلمون عنهم ما لم تكونوا تعلمون. إن هؤلاء شوكة في حلق الدولة ، وفيروس يقتات على جسد الأمة أمنياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وعلمياً وهلُمَّ جرَّا . إلاَّ أن تكذبونِ وأنا لكم من الناصحين .
|
|
|
|
|
|