|
ديمقراطية العسكر وعمائم الأزهر بقلم عمر حيمري
|
ديمقراطية العسكر وعمائم الأزهر بقلم عمر حيمري
[ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مومن والله بما تعملون بصير] ( سورة التغابن آية 64 ) . العباد خلق الله ، من عدم أوجدهم ، ليعبدوه ويؤمنون به ، فمن كفر منهم أو آمن ، فبقضائه و قدره ، وبما أتاه الله من فضله من أدوات للمعرفة ، كالعقل والسمع والبصر والفؤاد ... لقوله تعالى [ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ] ( سورة النحل آية 78 ) . إن هذه الآليات المعرفية حجة على العبد وعليها تترتب المسؤولية وتتوقف نتائج التكليف ويتحقق كسب الفعل اختيارا لا جبرا وبها يعرف الله ويميز بين الكفر والإيمان ويدرك الحق من البطل والعدل من الظلم ... وعلى قدر أعمال العباد وإخلاصهم النية في الحق وطاعتهم وانقيادهم لله أو عصيانهم وكفرهم وطغيانهم وجحودهم له ، ينالون جزاءهم ، وانطلاقا من هذا الفهم وبناء على هذا التصور ، يكون كل مسلم مؤمنا بالفعل ، منافقا بالقوة ، ويكون كل ملحد أو كافر أو مشرك أو فاسق مؤمنا بالقوة ، منافقا بالفعل .
إن الإيمان درجات أعلاها اليقين بالله والإحسان ، الذي هو كل عمل نبيل خير أقرته شريعة الأخلاق القرآنية والسنة النبوية ، يراد به وجه الله وابتغاء مرضاته ، وكذلك الكفر والشرك والفسوق ، درجات أعلاها الإلحاد والنفاق أو دركات أسفلها الإلحاد والنفاق وهو أكبر ضررا وأخطر على الأمة الإسلامية ، لأنه الطابور الخامس ، الذي يعتمده العدو في كل زمان ومكان لهدم الإسلام وهزيمة المسلمين ، لبراعته في الكذب والمكر والخداع وقلب الحقائق وتضليل الخلق ... وهذا بشهادة القرآن الكريم في أكثر من آية عالجت النفاق والمنافقين ، أذكر منها : قوله تعالى [ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ] ( سورة النساء آية 142) وقوله [ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ] ( سورة التوبة آية 67 ) وقوله ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمومنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المسدون ولكن لا يشعرون ] ( سورة البقرة آية 8-9-10-11-12) . كما أن السنة الشريفة تصدت هي الأخرى لظاهرة مرض النفاق وحاربتها وفضحتها في أكثر من مناسبة . يقول صلى الله عليه وسلم [ آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ] ( رواه البخاري ومسلم ) و روي الحديث عن عبد الله بن عمر بصيغة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ] ( رواه البخاري ومسلم ) . إن النفاق مرتبط بالسريرة ، أي بكنه الإنسان وحقيقته وجوهره ، الشيء الذي جعله صعب الإدراك ، وقد نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى هذه الصعوبة خصوصا عندما يتمرس المنافقون على النفاق ويبرعوا فيه فقال : [ وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ] ( سورة التوبة آية 101 ) ولكن الله سبحانه وتعالى سيكشفه ويظهره يوم القيامة لقوله سبحانه وتعالى : [ إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ] ( سورة طارق آية 8-9-10 ) .
إن الإنسان ، إذن كغيره من الموجودات ظاهر وباطن وظاهره ليس هو محط نظر الله سبحانه وتعالى ، وإنما سريرته وعمله هي محط نظر الله [ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ] ( التوبة آية 105 ) ولقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة أنه قال : [ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] وفي رواية أخرى [ إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] ( رواه مسلم ) . وأن هذه الأعمال ستعرض لا محالة على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله وعلى المؤمنين لقوله تعالى [ يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ] ( الحاقة آية 18 ) وستعرض نتائجها الخيرة أو الشريرة على الخلق مهما سترتها وأخفتها الصدور مصداقا لقوله تعالى [ أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير ] ( العاديات آية 9-10-11 ) وقوله [ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون وستردون إلى علم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون ] ( سورة التوبة آية 105 )
إن الإسلام عقيدة وشريعة يقرر أن صلاح الظاهر من صلاح السريرة أو الباطن ، وفساد السريرة معناه فساد كل أعمال الإنسان من أقوال وأفعال وتحولها إلى نفاق ورياء ومكر وخداع وكذب ، ثم إلى تكالب على السلطة والشهرة وحب الظهور والعجب بالذات واحتقار الآخر ومعاداة الله سبحانه وتعالى ونكران رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم والطعن فيها وكراهية العلماء الدعاة المشهورين بالتقوى والصلاح والدفاع عن الحق وفي مقابل هذا ، التعصب للشيطان ولهوى النفس وقوى الظلم والغدر والطغيان والاستبداد ...
إن باطن الإنسان ، والذي ما هو في تقديري ، إلا الإيمان أو الكفر ، ككائنات حية موطنها ومحلها الفؤاد ، تتأثر سلبا وإيجابا بالأفعال الخيرة أو الشريرة ، التي يقدم عليها الإنسان ( الأخلاق بنوعيها : السيئة أو الخيرة ) وهي التي تحدد ماهيته وجوهره ، وليس مظاهره الخادعة وظاهره الذي قد يخفي كثيرا من أسراره ويتعالى عن الحقيقة . وهذا ما حاول كانط أن يتوصل إلى معرفته في نظريته المعرفية ، إذ رأى أن كل الأشياء والموجودات لها ظاهر (الفينومين أي ما يبدو للعيان ) وباطن ( النومين أو الشيء في ذاته أي جوهر الشيء وحقيقته وماهيته ) وأننا لا نعرف عن هذه الأشياء والموجودات إلا ما يظهر لعقولنا ظهورا حسيا في الزمان والمكان ويدخل في مجال القوالب والتصورات العقلية المحضة والخالصة كالعلة والسببية ... أي أننا لا نعرف إلا الظاهر ، أما الباطن فمستحيل معرفته ، لأننا لا نملك أدوات معرفته ، إلا أن كانط يستثني عدم إمكانية معرفة باطن الإنسان أو جوهره وحقيقته ، الذي قد يكون هو النفس أو الضمير ، أو ما يسميه كانط بالواجب من أجل الواجب ، ويقصد به الواجب الأخلاقي المطلق ، أو الحرية كشرط لوجود الأخلاق ، وإن كانت الحرية بدورها تساهم في خلق وإيجاد الأخلاق ، بل هي سبب وجودها باعتبارها العلة الأولى ( تبادل التأثير والتأثر بين الأخلاق والحرية ). إذن فهذا الباطن الإنساني ، يمكن معرفته عن طريق الأخلاق ، لأنه محل الأخلاق الحميدة الطيبة أو الرذائل والموبقات والآثام على اختلافها وما هو في تصوري (أي باطن الإنسان ) إلا الإيمان أو الكفر وهما كائنات حية كما سبق أن ذكرت ، محلهما القلب أو الفؤاد ، يوجدان في صراع دائم من أجل البقاء ، لأن الفؤاد لا يتسع إلا لأحدهما ، فعندما يتغلب الإيمان بفعل الخير ، والابتعاد عن الشر، يتمكن من القلب ويتربع على عرشه ، فيظهر العمل الصالح والإحسان إلى الخلق والخوف من الله والتقوى... فإذا تغلب الكفر بفعل الشر وكثرة الآثام والفساد والموبقات والتمرد على الله وشرعه ... تحول القلب إلى مجرد مضغة سوداء يتربع عليها الران ، فيظهر الفسق والشرك والإلحاد والنفاق ... وصدق الله العظيم إذ قال : [ كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ] ( سورة المطففين آية 14 ) والحديث النبوي الشريف يؤكد هذا الطرح . فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ] . والقلب هو بمثابة مرآة تعكس ما بها ، وتكشف عن سرها ، لأصحاب الفراسة من المؤمنين في الدنيا قبل الآخرة . فعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : ( ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه )....
إن السوداوية ، التي تهيمن على أفئدة المنافقين ومن يمدونهم بالغي من علمانيين وملحدين وحداثيين لبراليين ، تجعل السريرة والباطن يتناقض مع القول والفعل وهذا ما صدمنا به ثلة من منافقي الأزهر كنا نعدهم من الأخيار ،حتى فضحتهم أقولهم وتصريحاتهم وفيديوهات سجلت لهم ، تثبت مواقفهم المؤيدة لزعيم الانقلابيين عبد الفتاح السيسي وتصدر له الفتاوى التي تحث الجيش وتشجعه على قتل مواطنيه بشهادة ضابط قناص بوزارة الداخلية المصرية ، أكد أن المفتي علي جمعة جنرال الأزهر، كما وصفه متهكما يوسف القرضاوي ، زارهم في المعسكر وأفتى لهم بوجوب قتل الإخوان المسلمين ،لأنهم خوارج مرتدون ، وأن قتلهم أفضل وأولى من قتل اليهود . يقول الضابط : وبناء على هذه الفتوى قتلت 80 شخصا من الإخوان . إن كلا من علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وسالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف السابق والداعية عمرو خالد وأحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الذي أفتى بمصادرة أموال الإخوان المسلمين وأشياعهم ما يكفل بإصلاح المتلفات التي أتلفوها على حسب ما أورده موقع أخبار مصر وخفافيش آخرون بدون شك لا أعلمهم ولم تنشر أسماؤهم ، حثوا الجنود ، والشرطة ، وبلطجية ، وجيش الانقلاب العسكري على قتل الإخوان بغض النظر عن عقيدتهم باعتبارهم خوارج عارضوا الانقلاب ، وبهذا العمل يكونون قد نفذوا أوامر الله وليس القائد السيسي بل الإنسان رخيصي ، على حد تعبير علمانيي الأزهر الدجالين الأفاكين ، وهم الذين لم يجرؤوا على الإفتاء بالجهاد لتحرير القدس ، الشيء الذي شجع السفاح السيسي على إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين وأطلق إنذارا مدته ثمان وأربعين ساعة لجماعات من خيرة الأمة الإسلامية ، اتهمهم بالخروج عن الشرعية وبالإرهاب إرضاء للصهيونية والصليبية العالمية ، وهو الذي خرج عن الرئيس وخان الوطن ، ولم يلتزم بالقسم بالله في احترام القانون والدستور وطالب الشعب بالخروج يوم عيده الأسبوعي ( الجمعة ) ليفوض له قتل المعتصمين الأبرياء ، وجرفهم بالجارفات دون أي اعتبار لكرامة الأحياء ، ولا لحرمة الأموات ...مبررا فعله المشين القذر هذا ، بحجج ملفقة ، باطلة وكاذبة كحجج مستلهمه الأكبر ومثاله الأعظم فرعون مصر الطاغية الجبار ، الذي قتل الغلمان واستحي النساء بنية إبادة بني إسرائيل . إذ جاء على لسانه ، في كتاب الله : [ فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين أمنوا معه واستحيوا نساهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال ] ( سورة غافر آية 25) وفي نفس الوقت اتهم نبي الله موسى عليه السلام بالكفر والكذب والفساد والخروج عن الدين المألوف الذي يؤلهه ... والسيسي يعيد نفس السيناريو الفرعوني ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، أو أن السيسي سليل فرعون مصر ... والعرق دساس كما يقولون ، وهذا دأب ونهج كل الفراعنة والديكتاتورين في كل زمان ومكان ، فهم يرمون معارضيهم بكل نقيصة يستشعرونها في ذواتهم ويسقطون جرائمهم وفسادهم على خصومهم بقصد تشويههم والتغطية على ما يمارسونه من ظلم واستبداد ضد شعوبهم وأمتهم ، وقد سجل لنا القرآن الكريم نموذجا من الطغاة ، ليس للاعتبار فقط ، وإنما لمحاربة ومقاتلة هذا النوع من المتسلطين والطغاة الظالمين المستبدين الذين يستخفون قومهم ويجعلون من أنفسهم آلهة تعبد من دون الله بقوة الحديد والنار. إذ جاء في قوله سبحانه وتعالى : [ يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ] ( سورة القصص آية 38-39 )[ وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ] ( غافر آية 26) . لقد وجد الطغاة في كل زمان من يقف إلى جانبهم ويؤيدهم ، فهذا الملأ من قوم فرعون المتملقين ، هواة السلطة وعبيد المال والجاه ، المعادون لكل ما هو حق وعدل ، المؤيدون لكل ما هو ظلم وباطل ، من أجل مصالحهم طبعا ،لا حبا في السلطان . ولا غرابة فهذا الصنف من البشر موجود في كل زمان ومكان ، وما أشبه عصر فرعون بعصر السيسي وعمائم القتل الموالين للعسكر ، بملإ فرعون وحاشيته الذين أفتوه وحرضوه على قتل أتباع موسى، لأنهم خرجوا على فرعون ورفضوا عبادته ، فسبحان الله المطلع على الغيب ، الذي سجل لنا هذه الظاهرة ، ظاهرة نصيحة وإفتاء الملأ بقتل أصحاب موسى ، ومثلها نصيحة شيوخ العسكر للسيسي فرعون القرن العشرين وقاتل شعبه . في قوله سبحانه وتعالى : [ وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ] ( سورة الأعراف آية 127 ) .
إن السيسي تنكرا للديمقراطية ، التي أوصلت الإخوان وعلى رأسهم مرسي ، إلى سدة الحكم ، مفضلا العنف الذي راح ضحيته أزيد من 400 قتيل و5000 جريح و10000 معتقل في معتصم رابعة وحدها، وبالنسبة للميادين الأخرى فقد تجاوز عدد القتلى 3000 قتيلا . أما بالنسبة لحصيلة 50 يوما من حكم الانقلابيين وعلى رأسهم العسكر والشرطة الطاغية، فقد كانت 6000 قتيل مصري وجرح 20000 وسجن 10000 مواطن ، لم يضبط منهم واحد بيده أو حوزته قطعة واحدة من السلاح ولو بيضاء . هذا الرقم من القتلى والمصابين والسجناء في أيام معدودات والذي هو في تصاعد مستمر ، لم تحققه إسرائيل منذ سنة 1948 إلى اليوم . فبأي شريعة وبأي عقل وبأي دستور أو قانون يستباح دم وكرامة المصري بحجة المعارضة للسيسي العسكري وانقلابه . كل هذا تم بمباركة شيوخ الأزهر واستغلال فتواهم ، التي أباحت قتل المتظاهرين السلميين ،- ( بطريقة تتبرأ منها الكلاب والذئاب الضارية ) -، الذين رفضوا الانقلاب العسكري وثورة 30 يونيو، وأزاحت الرئيس مرسي الذي لم يجد من يعينه على الحملة المسعورة ولا المخطط الخطير الذي كان يستهدف الإطاحة به بعد عام واحد فقط ، بتدبير من رجال مبارك وفلوله وبتعاون مع النصارى والإعلام الذي كان وما زال يسبح بحمد مبارك على الرغم من علمه بفساد النظام البائد .فماذا كان سيحدث لو أن مرسي الرئيس المنتخب الشرعي طبق فتوى الجنرال المعمم على من خرجوا عليه ؟ ولكن لنظافته وورعه وتقواه وخوفه من ربه ، سمح لمعارضيه خلال السنة كلها ، بالتظاهر رغم استفزازاتهم له والمس بشخصه والتعريض به ، ولم يسجن أحدا ، ولم يصادر صحيفة ،أو رأيا . يقول القرضاوي : ( إن مرسي أتاح لشعبه الحرية ، وترك الحرية للجميع ،وأتاح للمصريين الحرية المطلقة ، وخرجوا ضده ولم يفعل بهم مثل ما فعل الفريق السيسي وزير الدفاع قائد الانقلاب الذي يقمع الحريات وكمم الأفواه )( نقلا عن مفكرة الإسلام ) .
إن الانقلاب على صناديق الانتخابات ، أسقط أكذوبة الديمقراطية التي يتبجح بها الغرب وكل الشعارات الليبرالية والعلمانية وحقوق الإنسان ... وتبين للخاص والعام ، أنها مجرد شعارات وكلام أعد للاستهلاك والتشويش وهذا ما أكدته من قبل انتخابات 1991 بالجزائر ، التي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا ساحقا نسبته 80%. إن التغيير في التركيبة السياسية الاجتماعية بفضل الوعي الثقافي والديني والسياسي لدى المجتمع ، أوصل الإسلاميين إلى الحكم وأحدث خوفا وهلعا لدى العلمانيين والليبراليين والمدعين للديمقراطية فاستعدوا واستدعوا الجيش للتدخل لإلغاء الانتخابات التشريعية وتدشين حرب العشرية السوداء في الجزائر والصراع بين النظام العسكري والشعب . فكان ذلك في تصوري بداية حراك الربيع العربي وتاريخه الفعلي ولولى أن حاصرته القوى العلمانية الخاسرة آن ذاك ، لكان للإسلام السياسي دور آخر في نظام الحكم والتشريع ولسقطت العديد من الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية في وقت مبكر ، ولما تأخر تاريخ الثورات الربيع العربي إلى أواخر 2010 وأوائل 2011 بعد محرقة بوعزيز . كما أن انتخابات فلسطين وفوز حركة حماس في مطلع 2006 وما تلاها من انقسام فلسطيني وظهور سلطتين سياسيتين إحداهما في الضفة والأخرى في القطاع ومواقف الغزاوين الشجاعة والبطولية في وجه آلة الحرب الصهيونية المدمرة وتحدي حصارهم المميت ، جعل الغرب يساند الانقلابات على الديمقراطية وعدم مهاجمة أصحابها الطغاة أو استنكار مواقفهم الإجرامية إلى درجة أنه لم يستطع حتى تسمية ما وقع في مصر مثلا انقلابا . يقول الصحفي البريطاني روبرت فيسك : ( إنه لأول مرة في التاريخ لا يدعى الانقلاب انقلابا ) ( نقلا عن الطيب مصطفى صحيفة الانتباه) . كما أسقط الغرب وشيعته من العلمانيين والليبراليين في عالم التنكر إلى لمبادئ الديمقراطية وأخلاقياتها وكشف مواقفهم المعادية للإسلام والمسلمين . ولقد شخص هذه الرؤية المعادية لٌلإسلام ولمرجعياته وأتباعه ، الكاتب الفاضل محمد الشركي في مقال له تحت عنوان : " سقوط أقنعة الذين يناصبون العداء للإسلام في عالم اليوم " نشره ب ( موقع بوابة وجدة بتاريخ 4\9\2013 جاء فيه : ( إن انقلاب مصر على شرعية حزب العدالة والحرية ذي المرجعية الإسلامية يعتبر بداية تاريخية جديدة تتسم بالعداء الصريح للإسلام من طرف عدة جهات ... من الخارج الأنظمة الغربية الصليبية عقيدة والليبرالية أو العلمانية ممارسة ، ثانيا الكيان الصهيوني ، ثالثا الكيانات الشيوعية . أما أعداء الداخل فهم الأنظمة العربية الخاضعة للغرب والأحزاب العربية الليبرالية والعلمانية وثالثا الجماعات المحسوبة على الإسلام بعقائد شاذة أو منحرفة ( حزب النور السلفي المصري نموذجا )...( بتصرف ) إن الغرب يهون عليه أن يضحى بالديمقراطية وصناديق الاقتراع وحقوق الإنسان والحرية في التعبير والفعل عندما يتعلق الأمر بفوز الإسلاميين ووصولهم إلى الحكم ومراكز صنع القرار ، وهذا الرأي يؤيده الدكتور مصطفى بنحمزة إذ يقول في تعقيب له على محاضرة لمصطفى المرابط : ( إن الذين كانوا يؤمنون بالديمقراطية والحداثة هم الآن من ضاقت بهم السبل وانقلبوا على الديمقراطية وهو تفكك جلي لهذا المفهوم واختفائه إجرائيا خصوصا أن الجهة المقابلة التي دخلت هذا المعترك محسوبة على تيار آخر ورغم ذلك فرضتها آليات الديمقراطية وفي مقدمتها الانتخابات ، وهو حدث عظيم يجب أن ينتبه إليه الجميع . ) ( هبة بريس 12\9\2013 ) وبدوره استنكر حبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني موقف من يعتبرون أنفسهم حداثيين ويتماهون مع الانقلاب الذي قاده وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ومذكرا في نفس الوقت بأن للحداثة أربعة أركان ، وركنها السياسي هو الانتخابات متسائلا هل هناك ديمقراطية مع العسكر ؟ ( نقلا عن محمد بلقاسم 27\8\2013 موقع هسبريس) .
عندما يتعلق الأمر بمشروع الحكم الإسلامي وتطبيق شرع الله ، تتضافر جهود الأنظمة الاستبدادية المدعومة بالغرب وعمائم السوء والفتن والقتل والفساد ، الذين باعوا آخرتهم بفتات موائد الانقلابيين والمستبدين ، مقابل تبرير القتل وتزكية الظلم ، فهذا خطيب الحرم المكي وإمامه ، وجنرال العسكر مفتي الجمهورية المصرية سابقا والمبيح للتجارة في الخمر والخنزير والتعامل بالربا في النقود الورقية ، وشيخ لبعر حاليا حاشا الأزهر ، وسالم عبد الجليل جندي العسكر المطيع ، الذي وصف المعتصمين والمتظاهرين السلميين بالبغاة، مع العلم أن الباغي هو ذو الشوكة والمنعة والسلاح ، الذي به تتم مقاومة السلطان وتخويف الناس وتقطع السبل عنهم وسرقتهم ، والإمام علي رضي الله عنه لم يعتبر ابن ملجم باغيا بل مجرما عاديا ، لأن خروجه لم يكن مغالبة . ومعتصمو رابعة ، كما يعلم سالم عبد الجليل ، قبل غيره عزل إلا من صدور اخترقها رصاص الغدر والمؤامرة ، ولو كان معهم سلاح ، لدافعوا به عن أنفسهم وأعراضهم ، ولما جرفوا أحياء وأمواتا بلا تكفين ولا مراسم للدفن والصلاة . لأن الدفاع عن النفس غريزة فطرية في الإنسان ولأنه مبرر دينيا وقانونيا وأخلاقيا . وآخرون كنائب رئيس الدعوة السلفية ، ومظهر شاهين خطيب مسجد عمر ، هاوي المناصب الوظيفية العليا .... هم أيضا برروا قتل وحرق وسجن الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال بحجة الإرهاب والخروج عن الشرعية وأي شرعية للانقلاب العسكري ؟ وشاركوا الشرطة والجيش تفتيش وفحص المعتصمين والتحقق من هويتهم قبل السماح والإذن لهم بالانصراف ، كل هذا بهدف التخلص من التيار الإسلامي والمشروع الإخواني بصفة نهائية .
إن العمائم المزيفة ، علماء العسكر والموالون للانقلاب الكاتمين للحق الساكتين عن الباطل ، من أجل دنيا يصيبونها أو رضا سلطان جبار يفوزون به ، هم أول من ينالهم العذاب والعقاب في الآخرة ، حسب الداعية وجدي غنيم . ولقد صدق مارتن لوتر حين قال : ( إن أسوء مكان في جهنم محجوز لهؤلاء الذين يمسكون العصا من الوسط في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة ) .
يقول الله عز وجل : [ ما كان الله ليذر المومنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ] ( سورة آل عمران آية 179 ) ومعركة مرسي والانقلابيين فعلا قد كشفت عمائم السوء وعلماء لبعر والدعاة والأحزاب الداعية إلى تطبيق الشريعة كذبا ، كحزب النور ، بل الظلمة والظلام ، المنافقون المندسون تحت غطاء الإسلام والإعلاميون والمنتسبون للفن بل العفن ، المأجورون الفاسدون المفسدون ، الساعون إلى السلطة على أشلاء ودماء الشهداء ، ومن ورائهم كل النجوم الكاذبة ، التي طمسها نور الحق وأعمى بصرها وبصيرتها ... ففتحوا المجال لأمثال الصحفي حمدي رزق ، الذي كتب في مقال له بتاريخ 12\9\2013 " لن نتسول توقيعات للسيسي .. رئيسا " " إنا عرضنا الأمانة ، الوطن أمانة ، وحملها السيسي إنه كان قائدا جسورا " ( المصدر مفكرة الإسلام ) معرضا وعابثا بآية من الذكر الحكيم ليخضعها لما يوافق هواه وشره الباطني :[ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ](سورةالأحزابآية72) كما ميزت معركة مرسي مع الانقلابيين ، العلماء الربانيين الرافضين للانقلاب كالعلامة القرضاوي والمفكر الإسلامي محمد أعمارة والمهدي والريان ... الذين صدقوا الله في سرهم وجهرهم ولم يخونوا الله والرسول ولا الأمانة ، وقالوا للعسكر الظالم يا ظالم اتق الله ولم يخافوا إلا الله.
إن منطق التناقض ، يسمح لي باستخدام مصطلح علمانيو الأزهر وسلفية العلمانيين وهؤلاء شيوخ لبعر ، حاشى جامعة الأزهر ، نخاف من تلوناتهم الدينية وفتاواهم التي تعطي الشرعية لقتل المسلمين بحجة الخروج عن حكم العسكر وتدخل العباد والبلاد في صراع وفتن كقطع الليل المظلم، يضيع معها التمييز بين الحق و الباطن ولا يسلم أحد من شرها . وما أضن فتوى أحمد محمود كريمة الشيعي العقيدة المندس بالأزهر، المؤمن بخرافة اتفاق أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وتآمرهما على اغتصاب الخلافة من علي رضي الله عنه ، التي تخرج الإخوان من الملة وتحكم عليهم بالردة وتدخلهم ضمن المحاربين لله ورسوله ، وتبطل صيامهم وهي تهم جميعها بلا سند . إلا أنها ، ستزيد من توالد وتكاثر الفرق والجماعات ، التي يكفر بعضها البعض ، وهذا معناه إذكاء نار الإرهاب والقتل والثأر... وإن لنا في العراق لعبرة ، إذ ما زالت الدماء بها أنهارا تسيل، وأهلها كالصراصير يقتلون ويفجرون ، بسبب فتوى جواز الاستعانة بالكافر الصادرة عن مؤتمر مكة سنة 1990 نزولا عند رغبة أمراء البترول.
إن الاتهامات الكاذبة الملفقة للإخوان المسلمين ، بأنها جماعة إرهابية تهوى القتل وتمتهن العنف ، بشهادة شيوخ الزور الأزهريين ، والأعداء المتآمرين من علمانيين ولبراليين وحداثيين ، وحلفائهم من أمراء البترول الذي هو سبب ويلاتنا ومعاناتنا وتكالب الغرب علينا ، وأبواقهم من الإعلاميين ... عجلت السيسي السفاح وحثته على قتل المتظاهرين بالرصاص ودهسهم تحت عجلات سيارات الأمن ومدرعات الجيش ، ويحه ، لا معذرة له عند الله .
لقد أكد العلماء المسلمون ، الذين نثق فيهم وفي علمهم ونظن أنهم لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ، المنتمون للمجلس التنسيقي الإسلامي العالمي ، الذي انعقد مؤخرا بإسطنبول و شاركت فيه 16 رابطة وتجمعا إسلاميا هي : ( الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين – رابطة علماء المسلمين - رابطة علماء الشريعة في الخليج – المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة – واتحاد علماء إفريقيا – ورابطة الأوربيين المسلمين – والمجلس الإسلامي الأعلى للدعوة بأندونسيا – والاتحاد العالمي للدعوة ومجلس شورى العلماء بمصر – ورابطة علماء أهل السنة – والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح – وهيئة علماء اليمن – ورابطة علماء الشام – ورابطة الشريعة لعلماء ودعاة السودان وهيئة علماء السودان - ورابطة الدعاة بالكويت ) ( بتصرف من مقال " موقف العلماء المسلمين من الانقلاب على الشرعية في مصر نشره بموقع المسلم بتاريخ 14\7\2013 محمد لا في " ) . كل هؤلاء أكدوا أن الخروج على رئيس شرعي منتخب مخالف للدين الإسلامي وإجماع الأمة ، وأنه انقلاب على الحكم الإسلامي وعلى الديمقراطية وخيارات الشعب المصر ، قام به أعداء الإسلام ، بتعاون مع رافضي المشروع الإسلامي المتبني لحكم الله وتطبيق شريعته ، مع مرتزقة من أصحاب المصالح الدنيوية وأصحاب العمائم الأفاكون الكذابون ، وفلول نظام مبارك والمتربصين من النصارى .
إن الخوض في الأموال والدماء والأعراض ، بغير حق ، محرم في كل الشرائع السماوية . وعلى العقلاء من المصريين ومسلمي العالم أن ينتبهوا إلى ما تريده وتسعى إليه ، الجهات الصهيونية والصليبية وعملائهم من العلمانيين واللبراليين ، دعاة التغريب ، من فشل للتجربة المصرية الرائدة .
كل أملي أن يفيق أهل عمائم السوء ويرجعوا عن فتاويهم ويتوبوا إلى ربهم ، علهم يفوتون على الأعداء فرصة المزيد من القتل وسفك الدماء ، وليذكروا قول الله سبحانه وتعالى : [ ومن يقتل مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ] ( سورة النساء آية 93 ) .
اللهم إني أبرأ إليك من شهادة زور عمائم السوء وفتاواهم الضالة المضلة ولا أصدقهم وأشكوهم إليك ، فأنت القادر عليهم وحدك .
بقلم عمر حيمري
ديمقراطية العسكر وعمائم الأزهر بقلم عمر حيمري
[ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مومن والله بما تعملون بصير] ( سورة التغابن آية 64 ) . العباد خلق الله ، من عدم أوجدهم ، ليعبدوه ويؤمنون به ، فمن كفر منهم أو آمن ، فبقضائه و قدره ، وبما أتاه الله من فضله من أدوات للمعرفة ، كالعقل والسمع والبصر والفؤاد ... لقوله تعالى [ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ] ( سورة النحل آية 78 ) . إن هذه الآليات المعرفية حجة على العبد وعليها تترتب المسؤولية وتتوقف نتائج التكليف ويتحقق كسب الفعل اختيارا لا جبرا وبها يعرف الله ويميز بين الكفر والإيمان ويدرك الحق من البطل والعدل من الظلم ... وعلى قدر أعمال العباد وإخلاصهم النية في الحق وطاعتهم وانقيادهم لله أو عصيانهم وكفرهم وطغيانهم وجحودهم له ، ينالون جزاءهم ، وانطلاقا من هذا الفهم وبناء على هذا التصور ، يكون كل مسلم مؤمنا بالفعل ، منافقا بالقوة ، ويكون كل ملحد أو كافر أو مشرك أو فاسق مؤمنا بالقوة ، منافقا بالفعل .
إن الإيمان درجات أعلاها اليقين بالله والإحسان ، الذي هو كل عمل نبيل خير أقرته شريعة الأخلاق القرآنية والسنة النبوية ، يراد به وجه الله وابتغاء مرضاته ، وكذلك الكفر والشرك والفسوق ، درجات أعلاها الإلحاد والنفاق أو دركات أسفلها الإلحاد والنفاق وهو أكبر ضررا وأخطر على الأمة الإسلامية ، لأنه الطابور الخامس ، الذي يعتمده العدو في كل زمان ومكان لهدم الإسلام وهزيمة المسلمين ، لبراعته في الكذب والمكر والخداع وقلب الحقائق وتضليل الخلق ... وهذا بشهادة القرآن الكريم في أكثر من آية عالجت النفاق والمنافقين ، أذكر منها : قوله تعالى [ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ] ( سورة النساء آية 142) وقوله [ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ] ( سورة التوبة آية 67 ) وقوله ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمومنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المسدون ولكن لا يشعرون ] ( سورة البقرة آية 8-9-10-11-12) . كما أن السنة الشريفة تصدت هي الأخرى لظاهرة مرض النفاق وحاربتها وفضحتها في أكثر من مناسبة . يقول صلى الله عليه وسلم [ آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ] ( رواه البخاري ومسلم ) و روي الحديث عن عبد الله بن عمر بصيغة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ] ( رواه البخاري ومسلم ) . إن النفاق مرتبط بالسريرة ، أي بكنه الإنسان وحقيقته وجوهره ، الشيء الذي جعله صعب الإدراك ، وقد نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى هذه الصعوبة خصوصا عندما يتمرس المنافقون على النفاق ويبرعوا فيه فقال : [ وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ] ( سورة التوبة آية 101 ) ولكن الله سبحانه وتعالى سيكشفه ويظهره يوم القيامة لقوله سبحانه وتعالى : [ إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ] ( سورة طارق آية 8-9-10 ) .
إن الإنسان ، إذن كغيره من الموجودات ظاهر وباطن وظاهره ليس هو محط نظر الله سبحانه وتعالى ، وإنما سريرته وعمله هي محط نظر الله [ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ] ( التوبة آية 105 ) ولقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة أنه قال : [ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] وفي رواية أخرى [ إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] ( رواه مسلم ) . وأن هذه الأعمال ستعرض لا محالة على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله وعلى المؤمنين لقوله تعالى [ يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ] ( الحاقة آية 18 ) وستعرض نتائجها الخيرة أو الشريرة على الخلق مهما سترتها وأخفتها الصدور مصداقا لقوله تعالى [ أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير ] ( العاديات آية 9-10-11 ) وقوله [ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون وستردون إلى علم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون ] ( سورة التوبة آية 105 )
إن الإسلام عقيدة وشريعة يقرر أن صلاح الظاهر من صلاح السريرة أو الباطن ، وفساد السريرة معناه فساد كل أعمال الإنسان من أقوال وأفعال وتحولها إلى نفاق ورياء ومكر وخداع وكذب ، ثم إلى تكالب على السلطة والشهرة وحب الظهور والعجب بالذات واحتقار الآخر ومعاداة الله سبحانه وتعالى ونكران رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم والطعن فيها وكراهية العلماء الدعاة المشهورين بالتقوى والصلاح والدفاع عن الحق وفي مقابل هذا ، التعصب للشيطان ولهوى النفس وقوى الظلم والغدر والطغيان والاستبداد ...
إن باطن الإنسان ، والذي ما هو في تقديري ، إلا الإيمان أو الكفر ، ككائنات حية موطنها ومحلها الفؤاد ، تتأثر سلبا وإيجابا بالأفعال الخيرة أو الشريرة ، التي يقدم عليها الإنسان ( الأخلاق بنوعيها : السيئة أو الخيرة ) وهي التي تحدد ماهيته وجوهره ، وليس مظاهره الخادعة وظاهره الذي قد يخفي كثيرا من أسراره ويتعالى عن الحقيقة . وهذا ما حاول كانط أن يتوصل إلى معرفته في نظريته المعرفية ، إذ رأى أن كل الأشياء والموجودات لها ظاهر (الفينومين أي ما يبدو للعيان ) وباطن ( النومين أو الشيء في ذاته أي جوهر الشيء وحقيقته وماهيته ) وأننا لا نعرف عن هذه الأشياء والموجودات إلا ما يظهر لعقولنا ظهورا حسيا في الزمان والمكان ويدخل في مجال القوالب والتصورات العقلية المحضة والخالصة كالعلة والسببية ... أي أننا لا نعرف إلا الظاهر ، أما الباطن فمستحيل معرفته ، لأننا لا نملك أدوات معرفته ، إلا أن كانط يستثني عدم إمكانية معرفة باطن الإنسان أو جوهره وحقيقته ، الذي قد يكون هو النفس أو الضمير ، أو ما يسميه كانط بالواجب من أجل الواجب ، ويقصد به الواجب الأخلاقي المطلق ، أو الحرية كشرط لوجود الأخلاق ، وإن كانت الحرية بدورها تساهم في خلق وإيجاد الأخلاق ، بل هي سبب وجودها باعتبارها العلة الأولى ( تبادل التأثير والتأثر بين الأخلاق والحرية ). إذن فهذا الباطن الإنساني ، يمكن معرفته عن طريق الأخلاق ، لأنه محل الأخلاق الحميدة الطيبة أو الرذائل والموبقات والآثام على اختلافها وما هو في تصوري (أي باطن الإنسان ) إلا الإيمان أو الكفر وهما كائنات حية كما سبق أن ذكرت ، محلهما القلب أو الفؤاد ، يوجدان في صراع دائم من أجل البقاء ، لأن الفؤاد لا يتسع إلا لأحدهما ، فعندما يتغلب الإيمان بفعل الخير ، والابتعاد عن الشر، يتمكن من القلب ويتربع على عرشه ، فيظهر العمل الصالح والإحسان إلى الخلق والخوف من الله والتقوى... فإذا تغلب الكفر بفعل الشر وكثرة الآثام والفساد والموبقات والتمرد على الله وشرعه ... تحول القلب إلى مجرد مضغة سوداء يتربع عليها الران ، فيظهر الفسق والشرك والإلحاد والنفاق ... وصدق الله العظيم إذ قال : [ كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ] ( سورة المطففين آية 14 ) والحديث النبوي الشريف يؤكد هذا الطرح . فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ] . والقلب هو بمثابة مرآة تعكس ما بها ، وتكشف عن سرها ، لأصحاب الفراسة من المؤمنين في الدنيا قبل الآخرة . فعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : ( ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه )....
إن السوداوية ، التي تهيمن على أفئدة المنافقين ومن يمدونهم بالغي من علمانيين وملحدين وحداثيين لبراليين ، تجعل السريرة والباطن يتناقض مع القول والفعل وهذا ما صدمنا به ثلة من منافقي الأزهر كنا نعدهم من الأخيار ،حتى فضحتهم أقولهم وتصريحاتهم وفيديوهات سجلت لهم ، تثبت مواقفهم المؤيدة لزعيم الانقلابيين عبد الفتاح السيسي وتصدر له الفتاوى التي تحث الجيش وتشجعه على قتل مواطنيه بشهادة ضابط قناص بوزارة الداخلية المصرية ، أكد أن المفتي علي جمعة جنرال الأزهر، كما وصفه متهكما يوسف القرضاوي ، زارهم في المعسكر وأفتى لهم بوجوب قتل الإخوان المسلمين ،لأنهم خوارج مرتدون ، وأن قتلهم أفضل وأولى من قتل اليهود . يقول الضابط : وبناء على هذه الفتوى قتلت 80 شخصا من الإخوان . إن كلا من علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وسالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف السابق والداعية عمرو خالد وأحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الذي أفتى بمصادرة أموال الإخوان المسلمين وأشياعهم ما يكفل بإصلاح المتلفات التي أتلفوها على حسب ما أورده موقع أخبار مصر وخفافيش آخرون بدون شك لا أعلمهم ولم تنشر أسماؤهم ، حثوا الجنود ، والشرطة ، وبلطجية ، وجيش الانقلاب العسكري على قتل الإخوان بغض النظر عن عقيدتهم باعتبارهم خوارج عارضوا الانقلاب ، وبهذا العمل يكونون قد نفذوا أوامر الله وليس القائد السيسي بل الإنسان رخيصي ، على حد تعبير علمانيي الأزهر الدجالين الأفاكين ، وهم الذين لم يجرؤوا على الإفتاء بالجهاد لتحرير القدس ، الشيء الذي شجع السفاح السيسي على إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين وأطلق إنذارا مدته ثمان وأربعين ساعة لجماعات من خيرة الأمة الإسلامية ، اتهمهم بالخروج عن الشرعية وبالإرهاب إرضاء للصهيونية والصليبية العالمية ، وهو الذي خرج عن الرئيس وخان الوطن ، ولم يلتزم بالقسم بالله في احترام القانون والدستور وطالب الشعب بالخروج يوم عيده الأسبوعي ( الجمعة ) ليفوض له قتل المعتصمين الأبرياء ، وجرفهم بالجارفات دون أي اعتبار لكرامة الأحياء ، ولا لحرمة الأموات ...مبررا فعله المشين القذر هذا ، بحجج ملفقة ، باطلة وكاذبة كحجج مستلهمه الأكبر ومثاله الأعظم فرعون مصر الطاغية الجبار ، الذي قتل الغلمان واستحي النساء بنية إبادة بني إسرائيل . إذ جاء على لسانه ، في كتاب الله : [ فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين أمنوا معه واستحيوا نساهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال ] ( سورة غافر آية 25) وفي نفس الوقت اتهم نبي الله موسى عليه السلام بالكفر والكذب والفساد والخروج عن الدين المألوف الذي يؤلهه ... والسيسي يعيد نفس السيناريو الفرعوني ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، أو أن السيسي سليل فرعون مصر ... والعرق دساس كما يقولون ، وهذا دأب ونهج كل الفراعنة والديكتاتورين في كل زمان ومكان ، فهم يرمون معارضيهم بكل نقيصة يستشعرونها في ذواتهم ويسقطون جرائمهم وفسادهم على خصومهم بقصد تشويههم والتغطية على ما يمارسونه من ظلم واستبداد ضد شعوبهم وأمتهم ، وقد سجل لنا القرآن الكريم نموذجا من الطغاة ، ليس للاعتبار فقط ، وإنما لمحاربة ومقاتلة هذا النوع من المتسلطين والطغاة الظالمين المستبدين الذين يستخفون قومهم ويجعلون من أنفسهم آلهة تعبد من دون الله بقوة الحديد والنار. إذ جاء في قوله سبحانه وتعالى : [ يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ] ( سورة القصص آية 38-39 )[ وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ] ( غافر آية 26) . لقد وجد الطغاة في كل زمان من يقف إلى جانبهم ويؤيدهم ، فهذا الملأ من قوم فرعون المتملقين ، هواة السلطة وعبيد المال والجاه ، المعادون لكل ما هو حق وعدل ، المؤيدون لكل ما هو ظلم وباطل ، من أجل مصالحهم طبعا ،لا حبا في السلطان . ولا غرابة فهذا الصنف من البشر موجود في كل زمان ومكان ، وما أشبه عصر فرعون بعصر السيسي وعمائم القتل الموالين للعسكر ، بملإ فرعون وحاشيته الذين أفتوه وحرضوه على قتل أتباع موسى، لأنهم خرجوا على فرعون ورفضوا عبادته ، فسبحان الله المطلع على الغيب ، الذي سجل لنا هذه الظاهرة ، ظاهرة نصيحة وإفتاء الملأ بقتل أصحاب موسى ، ومثلها نصيحة شيوخ العسكر للسيسي فرعون القرن العشرين وقاتل شعبه . في قوله سبحانه وتعالى : [ وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ] ( سورة الأعراف آية 127 ) .
إن السيسي تنكرا للديمقراطية ، التي أوصلت الإخوان وعلى رأسهم مرسي ، إلى سدة الحكم ، مفضلا العنف الذي راح ضحيته أزيد من 400 قتيل و5000 جريح و10000 معتقل في معتصم رابعة وحدها، وبالنسبة للميادين الأخرى فقد تجاوز عدد القتلى 3000 قتيلا . أما بالنسبة لحصيلة 50 يوما من حكم الانقلابيين وعلى رأسهم العسكر والشرطة الطاغية، فقد كانت 6000 قتيل مصري وجرح 20000 وسجن 10000 مواطن ، لم يضبط منهم واحد بيده أو حوزته قطعة واحدة من السلاح ولو بيضاء . هذا الرقم من القتلى والمصابين والسجناء في أيام معدودات والذي هو في تصاعد مستمر ، لم تحققه إسرائيل منذ سنة 1948 إلى اليوم . فبأي شريعة وبأي عقل وبأي دستور أو قانون يستباح دم وكرامة المصري بحجة المعارضة للسيسي العسكري وانقلابه . كل هذا تم بمباركة شيوخ الأزهر واستغلال فتواهم ، التي أباحت قتل المتظاهرين السلميين ،- ( بطريقة تتبرأ منها الكلاب والذئاب الضارية ) -، الذين رفضوا الانقلاب العسكري وثورة 30 يونيو، وأزاحت الرئيس مرسي الذي لم يجد من يعينه على الحملة المسعورة ولا المخطط الخطير الذي كان يستهدف الإطاحة به بعد عام واحد فقط ، بتدبير من رجال مبارك وفلوله وبتعاون مع النصارى والإعلام الذي كان وما زال يسبح بحمد مبارك على الرغم من علمه بفساد النظام البائد .فماذا كان سيحدث لو أن مرسي الرئيس المنتخب الشرعي طبق فتوى الجنرال المعمم على من خرجوا عليه ؟ ولكن لنظافته وورعه وتقواه وخوفه من ربه ، سمح لمعارضيه خلال السنة كلها ، بالتظاهر رغم استفزازاتهم له والمس بشخصه والتعريض به ، ولم يسجن أحدا ، ولم يصادر صحيفة ،أو رأيا . يقول القرضاوي : ( إن مرسي أتاح لشعبه الحرية ، وترك الحرية للجميع ،وأتاح للمصريين الحرية المطلقة ، وخرجوا ضده ولم يفعل بهم مثل ما فعل الفريق السيسي وزير الدفاع قائد الانقلاب الذي يقمع الحريات وكمم الأفواه )( نقلا عن مفكرة الإسلام ) .
إن الانقلاب على صناديق الانتخابات ، أسقط أكذوبة الديمقراطية التي يتبجح بها الغرب وكل الشعارات الليبرالية والعلمانية وحقوق الإنسان ... وتبين للخاص والعام ، أنها مجرد شعارات وكلام أعد للاستهلاك والتشويش وهذا ما أكدته من قبل انتخابات 1991 بالجزائر ، التي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا ساحقا نسبته 80%. إن التغيير في التركيبة السياسية الاجتماعية بفضل الوعي الثقافي والديني والسياسي لدى المجتمع ، أوصل الإسلاميين إلى الحكم وأحدث خوفا وهلعا لدى العلمانيين والليبراليين والمدعين للديمقراطية فاستعدوا واستدعوا الجيش للتدخل لإلغاء الانتخابات التشريعية وتدشين حرب العشرية السوداء في الجزائر والصراع بين النظام العسكري والشعب . فكان ذلك في تصوري بداية حراك الربيع العربي وتاريخه الفعلي ولولى أن حاصرته القوى العلمانية الخاسرة آن ذاك ، لكان للإسلام السياسي دور آخر في نظام الحكم والتشريع ولسقطت العديد من الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية في وقت مبكر ، ولما تأخر تاريخ الثورات الربيع العربي إلى أواخر 2010 وأوائل 2011 بعد محرقة بوعزيز . كما أن انتخابات فلسطين وفوز حركة حماس في مطلع 2006 وما تلاها من انقسام فلسطيني وظهور سلطتين سياسيتين إحداهما في الضفة والأخرى في القطاع ومواقف الغزاوين الشجاعة والبطولية في وجه آلة الحرب الصهيونية المدمرة وتحدي حصارهم المميت ، جعل الغرب يساند الانقلابات على الديمقراطية وعدم مهاجمة أصحابها الطغاة أو استنكار مواقفهم الإجرامية إلى درجة أنه لم يستطع حتى تسمية ما وقع في مصر مثلا انقلابا . يقول الصحفي البريطاني روبرت فيسك : ( إنه لأول مرة في التاريخ لا يدعى الانقلاب انقلابا ) ( نقلا عن الطيب مصطفى صحيفة الانتباه) . كما أسقط الغرب وشيعته من العلمانيين والليبراليين في عالم التنكر إلى لمبادئ الديمقراطية وأخلاقياتها وكشف مواقفهم المعادية للإسلام والمسلمين . ولقد شخص هذه الرؤية المعادية لٌلإسلام ولمرجعياته وأتباعه ، الكاتب الفاضل محمد الشركي في مقال له تحت عنوان : " سقوط أقنعة الذين يناصبون العداء للإسلام في عالم اليوم " نشره ب ( موقع بوابة وجدة بتاريخ 4\9\2013 جاء فيه : ( إن انقلاب مصر على شرعية حزب العدالة والحرية ذي المرجعية الإسلامية يعتبر بداية تاريخية جديدة تتسم بالعداء الصريح للإسلام من طرف عدة جهات ... من الخارج الأنظمة الغربية الصليبية عقيدة والليبرالية أو العلمانية ممارسة ، ثانيا الكيان الصهيوني ، ثالثا الكيانات الشيوعية . أما أعداء الداخل فهم الأنظمة العربية الخاضعة للغرب والأحزاب العربية الليبرالية والعلمانية وثالثا الجماعات المحسوبة على الإسلام بعقائد شاذة أو منحرفة ( حزب النور السلفي المصري نموذجا )...( بتصرف ) إن الغرب يهون عليه أن يضحى بالديمقراطية وصناديق الاقتراع وحقوق الإنسان والحرية في التعبير والفعل عندما يتعلق الأمر بفوز الإسلاميين ووصولهم إلى الحكم ومراكز صنع القرار ، وهذا الرأي يؤيده الدكتور مصطفى بنحمزة إذ يقول في تعقيب له على محاضرة لمصطفى المرابط : ( إن الذين كانوا يؤمنون بالديمقراطية والحداثة هم الآن من ضاقت بهم السبل وانقلبوا على الديمقراطية وهو تفكك جلي لهذا المفهوم واختفائه إجرائيا خصوصا أن الجهة المقابلة التي دخلت هذا المعترك محسوبة على تيار آخر ورغم ذلك فرضتها آليات الديمقراطية وفي مقدمتها الانتخابات ، وهو حدث عظيم يجب أن ينتبه إليه الجميع . ) ( هبة بريس 12\9\2013 ) وبدوره استنكر حبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني موقف من يعتبرون أنفسهم حداثيين ويتماهون مع الانقلاب الذي قاده وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ومذكرا في نفس الوقت بأن للحداثة أربعة أركان ، وركنها السياسي هو الانتخابات متسائلا هل هناك ديمقراطية مع العسكر ؟ ( نقلا عن محمد بلقاسم 27\8\2013 موقع هسبريس) .
عندما يتعلق الأمر بمشروع الحكم الإسلامي وتطبيق شرع الله ، تتضافر جهود الأنظمة الاستبدادية المدعومة بالغرب وعمائم السوء والفتن والقتل والفساد ، الذين باعوا آخرتهم بفتات موائد الانقلابيين والمستبدين ، مقابل تبرير القتل وتزكية الظلم ، فهذا خطيب الحرم المكي وإمامه ، وجنرال العسكر مفتي الجمهورية المصرية سابقا والمبيح للتجارة في الخمر والخنزير والتعامل بالربا في النقود الورقية ، وشيخ لبعر حاليا حاشا الأزهر ، وسالم عبد الجليل جندي العسكر المطيع ، الذي وصف المعتصمين والمتظاهرين السلميين بالبغاة، مع العلم أن الباغي هو ذو الشوكة والمنعة والسلاح ، الذي به تتم مقاومة السلطان وتخويف الناس وتقطع السبل عنهم وسرقتهم ، والإمام علي رضي الله عنه لم يعتبر ابن ملجم باغيا بل مجرما عاديا ، لأن خروجه لم يكن مغالبة . ومعتصمو رابعة ، كما يعلم سالم عبد الجليل ، قبل غيره عزل إلا من صدور اخترقها رصاص الغدر والمؤامرة ، ولو كان معهم سلاح ، لدافعوا به عن أنفسهم وأعراضهم ، ولما جرفوا أحياء وأمواتا بلا تكفين ولا مراسم للدفن والصلاة . لأن الدفاع عن النفس غريزة فطرية في الإنسان ولأنه مبرر دينيا وقانونيا وأخلاقيا . وآخرون كنائب رئيس الدعوة السلفية ، ومظهر شاهين خطيب مسجد عمر ، هاوي المناصب الوظيفية العليا .... هم أيضا برروا قتل وحرق وسجن الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال بحجة الإرهاب والخروج عن الشرعية وأي شرعية للانقلاب العسكري ؟ وشاركوا الشرطة والجيش تفتيش وفحص المعتصمين والتحقق من هويتهم قبل السماح والإذن لهم بالانصراف ، كل هذا بهدف التخلص من التيار الإسلامي والمشروع الإخواني بصفة نهائية .
إن العمائم المزيفة ، علماء العسكر والموالون للانقلاب الكاتمين للحق الساكتين عن الباطل ، من أجل دنيا يصيبونها أو رضا سلطان جبار يفوزون به ، هم أول من ينالهم العذاب والعقاب في الآخرة ، حسب الداعية وجدي غنيم . ولقد صدق مارتن لوتر حين قال : ( إن أسوء مكان في جهنم محجوز لهؤلاء الذين يمسكون العصا من الوسط في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة ) .
يقول الله عز وجل : [ ما كان الله ليذر المومنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ] ( سورة آل عمران آية 179 ) ومعركة مرسي والانقلابيين فعلا قد كشفت عمائم السوء وعلماء لبعر والدعاة والأحزاب الداعية إلى تطبيق الشريعة كذبا ، كحزب النور ، بل الظلمة والظلام ، المنافقون المندسون تحت غطاء الإسلام والإعلاميون والمنتسبون للفن بل العفن ، المأجورون الفاسدون المفسدون ، الساعون إلى السلطة على أشلاء ودماء الشهداء ، ومن ورائهم كل النجوم الكاذبة ، التي طمسها نور الحق وأعمى بصرها وبصيرتها ... ففتحوا المجال لأمثال الصحفي حمدي رزق ، الذي كتب في مقال له بتاريخ 12\9\2013 " لن نتسول توقيعات للسيسي .. رئيسا " " إنا عرضنا الأمانة ، الوطن أمانة ، وحملها السيسي إنه كان قائدا جسورا " ( المصدر مفكرة الإسلام ) معرضا وعابثا بآية من الذكر الحكيم ليخضعها لما يوافق هواه وشره الباطني :[ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ](سورةالأحزابآية72) كما ميزت معركة مرسي مع الانقلابيين ، العلماء الربانيين الرافضين للانقلاب كالعلامة القرضاوي والمفكر الإسلامي محمد أعمارة والمهدي والريان ... الذين صدقوا الله في سرهم وجهرهم ولم يخونوا الله والرسول ولا الأمانة ، وقالوا للعسكر الظالم يا ظالم اتق الله ولم يخافوا إلا الله.
إن منطق التناقض ، يسمح لي باستخدام مصطلح علمانيو الأزهر وسلفية العلمانيين وهؤلاء شيوخ لبعر ، حاشى جامعة الأزهر ، نخاف من تلوناتهم الدينية وفتاواهم التي تعطي الشرعية لقتل المسلمين بحجة الخروج عن حكم العسكر وتدخل العباد والبلاد في صراع وفتن كقطع الليل المظلم، يضيع معها التمييز بين الحق و الباطن ولا يسلم أحد من شرها . وما أضن فتوى أحمد محمود كريمة الشيعي العقيدة المندس بالأزهر، المؤمن بخرافة اتفاق أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وتآمرهما على اغتصاب الخلافة من علي رضي الله عنه ، التي تخرج الإخوان من الملة وتحكم عليهم بالردة وتدخلهم ضمن المحاربين لله ورسوله ، وتبطل صيامهم وهي تهم جميعها بلا سند . إلا أنها ، ستزيد من توالد وتكاثر الفرق والجماعات ، التي يكفر بعضها البعض ، وهذا معناه إذكاء نار الإرهاب والقتل والثأر... وإن لنا في العراق لعبرة ، إذ ما زالت الدماء بها أنهارا تسيل، وأهلها كالصراصير يقتلون ويفجرون ، بسبب فتوى جواز الاستعانة بالكافر الصادرة عن مؤتمر مكة سنة 1990 نزولا عند رغبة أمراء البترول.
إن الاتهامات الكاذبة الملفقة للإخوان المسلمين ، بأنها جماعة إرهابية تهوى القتل وتمتهن العنف ، بشهادة شيوخ الزور الأزهريين ، والأعداء المتآمرين من علمانيين ولبراليين وحداثيين ، وحلفائهم من أمراء البترول الذي هو سبب ويلاتنا ومعاناتنا وتكالب الغرب علينا ، وأبواقهم من الإعلاميين ... عجلت السيسي السفاح وحثته على قتل المتظاهرين بالرصاص ودهسهم تحت عجلات سيارات الأمن ومدرعات الجيش ، ويحه ، لا معذرة له عند الله .
لقد أكد العلماء المسلمون ، الذين نثق فيهم وفي علمهم ونظن أنهم لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ، المنتمون للمجلس التنسيقي الإسلامي العالمي ، الذي انعقد مؤخرا بإسطنبول و شاركت فيه 16 رابطة وتجمعا إسلاميا هي : ( الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين – رابطة علماء المسلمين - رابطة علماء الشريعة في الخليج – المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة – واتحاد علماء إفريقيا – ورابطة الأوربيين المسلمين – والمجلس الإسلامي الأعلى للدعوة بأندونسيا – والاتحاد العالمي للدعوة ومجلس شورى العلماء بمصر – ورابطة علماء أهل السنة – والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح – وهيئة علماء اليمن – ورابطة علماء الشام – ورابطة الشريعة لعلماء ودعاة السودان وهيئة علماء السودان - ورابطة الدعاة بالكويت ) ( بتصرف من مقال " موقف العلماء المسلمين من الانقلاب على الشرعية في مصر نشره بموقع المسلم بتاريخ 14\7\2013 محمد لا في " ) . كل هؤلاء أكدوا أن الخروج على رئيس شرعي منتخب مخالف للدين الإسلامي وإجماع الأمة ، وأنه انقلاب على الحكم الإسلامي وعلى الديمقراطية وخيارات الشعب المصر ، قام به أعداء الإسلام ، بتعاون مع رافضي المشروع الإسلامي المتبني لحكم الله وتطبيق شريعته ، مع مرتزقة من أصحاب المصالح الدنيوية وأصحاب العمائم الأفاكون الكذابون ، وفلول نظام مبارك والمتربصين من النصارى .
إن الخوض في الأموال والدماء والأعراض ، بغير حق ، محرم في كل الشرائع السماوية . وعلى العقلاء من المصريين ومسلمي العالم أن ينتبهوا إلى ما تريده وتسعى إليه ، الجهات الصهيونية والصليبية وعملائهم من العلمانيين واللبراليين ، دعاة التغريب ، من فشل للتجربة المصرية الرائدة .
كل أملي أن يفيق أهل عمائم السوء ويرجعوا عن فتاويهم ويتوبوا إلى ربهم ، علهم يفوتون على الأعداء فرصة المزيد من القتل وسفك الدماء ، وليذكروا قول الله سبحانه وتعالى : [ ومن يقتل مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ] ( سورة النساء آية 93 ) .
اللهم إني أبرأ إليك من شهادة زور عمائم السوء وفتاواهم الضالة المضلة ولا أصدقهم وأشكوهم إليك ، فأنت القادر عليهم وحدك .
بقلم عمر حيمري
|
|
|
|
|
|