دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: وأين نور الشقائق من مي زيادة؟ حسن الجزولي وشخصية فوز مصطفى عبد العزيز (Re: مصطفى عبد العزيز البطل)
|
لعمري انه لكلام لا يمل ولا يكل منه .. صراحة اول مرة ابحر معك في احدى مقالاتك الفتية اخي الاستاذ مصطفى البطل ولكن ما شدني اليها هو صياغتها الجميلة المرتبة وهي فعلا كالسهل الممتنع .. ولقد سعدت ايما سعادة وانا اعرف معلومات ثرة عن احدى نخلات بلادي الشامخات وهي الشول بت حلوة او كما يطلق عليها (فوز) فصراحة لم اسمع عنها من قبل ولقد سعدت ايضا بتحليل الكاتب لشخصيتها دون اي رياء او تحفظ وهذا من فطنته ومن حسن ظنه ولكي يعكس لنا ماضي كان الناس تعيشه بكل اريحية وبكل شفافية وبكل تجرد فهذا كان ماضينا الذي لا نستطيع ان ننكره فيجب ان نعكسه للناس بكل ايجابياته وسلبياته من ايجابياته انه اخرج لنا روائع وتراث وثقافة سودانية مازال الناس يعيش على القها وعلى ثوابتها فمثلا ما قاله شاعرنا وفناننا الفذ خليل فرح فهذا فن راقي شكل وجدان عدد كبير من ابناء الشعب السوداني في قصائده وفي مقالاته وفي اغانيه التي تدعو للنضال والكفاح وتتحقق من الجمال في المجتمع السوداني وتدعو للمثل والاخلاق الفاضلة ,,,, على العموم اشكرك الشكر الجزيل على هذه الإضاءات الثرة التي جعلتني اسجل اسمي مع رابطة معجبي الاستاذ مصطفى البطل ..
تحياتي : ياسر العيلفون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وأين نور الشقائق من مي زيادة؟ حسن الجزولي وشخصية فوز مصطفى عبد العزيز (Re: مصطفى عبد العزيز البطل)
|
Quote: (أجدني على الضفة الأخرى من الأشواق الوطنية، التي دفعت المؤلف الى ابراز وجه نسائي سوداني، في الربع الاول من القرن العشرين، يكون مكافئاً للأديبة اللبنانية مي زيادة، صاحبة الصالون الأدبي المشهور في مصر، وأن تكون فوز هي هذه الشخصية النسائية المكافئة. أكاد أجزم أن فوز ليست هذه الشخصية، بل أن الباحث من خلال سفره هذا يكاد يصل الى هذه النتيجة)!
أعلم أن تلك لم تكن سكة الجزولي ولا من أغراض بحثه. غير أنني أرى ان الطريق منبسط أمامه كي يسير منقباً في هذا الدرب الشائك، بعد ان عبّده المرحوم الدكتور خالد الكد في بحثه الرائد حول الافندية ومفهوم القومية السودانية.
ولما كنت أربأ بنفسي ان تأخذني الحماسة في تزكية بضاعة صاحبي، وتنأى بي عين الرضا عن النقائص، فلا بد أن أقول ان أجزاء قليلة جدا، لا تكاد تذكر، لم تقع مني الموقع الحسن. مثال ذلك جنوح المؤلف وهو يرثي الشاعر خليل فرح، اذ كتب عن تاريخ وفاته أنه: (يتزامن مع يوم الثلاثين من يونيو الذي انطفأ فيه وهج فنان الأمة مع غروب شمس الديمقراطية الثالثة في حياة السودانيين). وقد رأيت في بكاء صاحبي المزدوج على الديمقراطية وموت خليل، تزيّداً لا يليق، يكاد يقترب من النضال المجاني، حيث نعي الابن وتصليح الساعات!
كما استطبت الفذلكة الذكية والتحليل الرفيع حول الكلمات الاخيرة لتلك القصيدة (قدلة يا مولاى حافي حالق) وتأكيد الشاعر الفنان في غمرة النشوة التي تملكت وجدانه وام درمان تتراءى له كضريح وكعبة ورمز ديني يستوجب خلع غطاء الرأس والنعلين. حيث يتمثل نفسه في هيئة عابد يطوف كعبته حاسر الرأس حافي القدمين. وقد استورد الجزولي في هذا المقام نصاً بديعاً من مخطوطة للاستاذة أماني عبد الجليل، بعنوان "غطاء الرأس في السودان، سيميوطيقا التاريخ الاجتماعي والسياسي". جاء فيه: (ومن المعروف في أدب التصوف السوداني أن المريدين لا يضعون الطواقي أو العمائم في حضرة مشايخهم، وعليهم خلعها قبل الدخول في حضراتهم، وهو تقليد مهاجر من الدولة السنارية، التي دخلت الطرق الصوفية الى السودان في عهدها، فقد كان السناريون يقفون في حضرات ملوكهم حاسرى الرؤوس).
سُئل الراحل العظيم عبد الخالق محجوب: "ماذا قدمت لشعبك؟" فأجاب: "الوعي بقدر ما استطعت". |
*** هذا البوست أعده بكل ثقة أحد مصادر المعرفة ( معلومات ، أدب مخالفة فكرية ، جرأة طرح ، دسم البلاغة ، تساوي المسافة بين أبطاله رغم تعددهم)
*** فشكرا البطل وشكرا د. عبدالله حمدنا الله الذي سن سنة المخالفة فى التقديم وشكرا د. حسن الجزولى الذي قبل بها وشكرا لكل من ورد اسمه هنا .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وأين نور الشقائق من مي زيادة؟ حسن الجزولي وشخصية فوز مصطفى عبد العزيز (Re: الطيب عثمان يوسف)
|
التحية لك يا عزيزي مصطفى البطل والتحية للأخ حسن الجزولي وعبد الله حمدنا الله وكل من ورد إسمه هنا.. كتب فيصل مصطفى مقالا وجدته في الراكوبة: http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-38713.htm قال في بدايته:
Quote: خليل فرح في صالون "فوز" 09-07-2013 10:44 PM
وفوز هذه كانت من بقايا الرقيق. وكان دارها مفتوحة لرواد وعشاق الطرب والغناء و يغشاها رموز الشعر الغنائي في ذلك الوقت أمثال خليل فرح وقرناؤه لأن هذه الدار المفتوحة لم تكن لكل من هب ودب بل قاصرة على شريحة من الطبقة الستنيرة ، التي لم تكن ترود هذا المكان لتزجية أوقات الفراغ ، فقط إنما لتبادل الآراء في الشأن العام والنواحي الأدبية والثقافية والتي أرهصت - فيما بعد - بدورها الى قيام الجمعيات الأدبية والأخرى الأهلية لرفد المجتمع بالمدارس والمؤسسات الخيرية، وربما " الشول بت الحلوة " إكتسبت لقب "فوز" بفضل إجادتها لفني الرقص والغناء وهذا ما جذب "خليل فرح" وأمثاله الى صالونها لعل هذا الصالون مجازاً كان مجرد صدى لصالون (مي زيادة) الذي رمى بظلاله على ثقافة المجتمع السوداني فأحياهاوبعث فيها روحاً جديدة فتلقاها شعراء الحقيبة ورفدوا مجراها بدلالات ومعاني توحي بالتحريض والرفض القاطع للبالي والقديم من رواسب أوهام الفقهاء الداعية الى التشبث بالفكر الوهابي !!؟... |
الشول وأمها حلوة ذكَّراني بمصطفى سعيد بطل رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" وما رواه عن أمه:
Quote: إنها قصة طويلة . لكنني لن أقول لك كل شيء . وبعض التفاصيل لن تهمك كثيراً ، وبعضها ... المهم أنني كما ترى ولدت في الخرطوم . نشأت يتيماً ، فقد مات أبي قبل أن أولد ببضعة أشهر ، لكنه ترك لنا ما يستر الحال . كان يعمل في تجارة الجمال . لم يكن لي أخوة ، فلم تكن الحياة عسيرة عليَّ وعلى أمي . حين أرجع الآن بذاكرتي ، أراها بوضوح ، شفتاها الرقيقتان مطبقتان في حزم ، وعلى وجهها شيء مثل القناع . لا أدري . قناع كثيف ، كأن وجهها صفحة بحر ، هل تفهم ؟ ليس له لون واحد بل ألوان متعددة ، تظهر وتغيب وتتمازج . لم يكن لنا أهل . كنا ، أنا وهي ، أهلاً بعضنا لبعض . كانت كأنها شخص غريب جمعتني به الظروف صدفة في الطريق . لعلني كنت مخلوقاً غريباً ، أو لعل أمي كانت غريبة . لا أدري . لم نكن نتحدث كثيراً ، وكنت ، ولعلك تعجب ، أحس إحساساً دافئاً بأنني حر ، بأنه ليس ثمة مخلوق أب أو أم ، يربطني كالوتد إلى بقعة معينة ومحيط معين . كنت أقرأ وأنام ، أخرج وأدخل ، ألعب خارج البيت ، أتسكع في الشوارع ، ليس ثمة أحد يأمرني أو ينهاني . إلا أنني منذ صغري ، كنت أحس بأنني ... أنني مختلف . أقصد أنني لست كبقية الأطفال في سني ، لا أتأثر بشيء لا أبكي إذا ضربت ، لا أفرح إذا أثني عليَّ المدرس في الفصل ، لا أتألم لما يتألم له الباقون . كنت مثل شيء مكور من المطاط ، تلقيه في الماء فلا يبتل ، ترميه على الأرض فيقفز . كان ذلك الوقت أول عهدنا بالمدارس أذكر الآن الناس كانوا غير راغبين فيها . كانت الحكومة تبعث أعوانها يجوبون البلاد والأحياء ، فيخفي الناس أبناءهم . كانوا يظنونها شراً عظيماً جاءهم مع جيوش الإحتلال . كنت ألعب مع الصبية خارج دارنا ، فجاء رجل على فرس ، في زي رسمي ووقف فوقنا . جرى الصبية ، وبقيت أنظر إلى الفرس وإلى الرجل فوقه . سألني عن اسمي فأخبرته . قال لي كم عمرك ، فقلت له لا أدري . قال لي : (( هل تحب أن تتعلم في المدرسة ؟ )) قلت له : (( ما هي المدرسة ؟)) فقال لي : (( بناء جميل من الحجر وسط حديقة كبيرة على شاطئ النيل . يدق الجرس وتدخل الفصل مع التلاميذ . تتعلم القراءة والكتابة والحساب )) . قلت للرجل : (( هل ألبس عمامة كهذه ؟ )) وأشرت إلى شيء كالقبة فوق رأسه . فضحك الرجل وقال لي : (( هذه ليست عمامة . هذه برنيطة . قبعة )) . وترجل من على فرسه ووضعها فوق رأسي فغاب وجهي كله فيها . ثم قال الرجل : (( حين تكبر ، وتخرج من المدرسة ، وتصير موظفاً في الحكومة ، تلبس قبعة كهذه )) قلت للرجل : (( أذهب للمدرسة )) . أردفني الرجل خلفه فوق الحصان ، وحملني إلى مكان ، كما وصفه ، من الحجر ، على ضفة النيل ، تحيط به أشجار وأزهار . ودخلنا على رجل ذي لحية ، يلبس جبة ، فقام وربت على رأسي ، وقال لي : (( لكن أي أبوك ؟ )) فقلت له أن أبي ميت . فقال لي : (( من ولي أمرك ؟ )) قلت له : (( أريد أن أدخل المدرسة )) . نظر إلي الرجل بعطف ، ثم قيدوا اسمي في سجل ، وسألوني كم عمري فقلت لهم لا أدري . وفجأة دق الجرس . فررت منهم ، ودخلت إحدى الحجرات فجاء الرجلان وساقاني إلى حجرة أخرى وأجلساني في مقعد بين صبية آخرين عدت إلى أمي في الظهر فسألتني أي كنت ، فحكيت لها القصة . نظرت إلي برهة نظرة غامضة ، كأنها أرادت أن تضمني إلى صدرها . فقد رأيت وجهها يصفو برهة ، وعينيها تلمعان ، وشفتيها تفتران كأنها تريد أن تبتسم ، أو تقول شيئاً . لكنها لم تقل شيئاً . وكانت تلك نقطة تحول في حياتي . كان ذلك أول قرار اتخذته ، بمحض إرادتي . إنني لا أطلب منك أن تصدق ما أقوله لك . لك أن تعجب وأن تشك . أنت حر . هذه وقائع مضى عليها وقت طويل ، وهي كما ترى الآن ، لا قيمة لها . أقولها لك لأنها تحضرني ، لأن الحوادث بعضها يذكر بالبعض الآخر . المهم أنني انصرفت بكل طاقاتي لتلك الحياة الجديدة . وسرعان ما اكتشفت في عقلي مقدرة عجيبة على الحفظ والاستيعاب والفهم . أقرأ الكتاب فيرسخ جملة في ذهني . ما ألبث أن أركز عقلي في مشكلة الحساب حتى تتفتح لي مغالقها ، تذوب بين يدي كأنها قطعة ملح وضعتها في الماء . تعلمت الكتابة في أسبوعين ، وانطلقت بعد ذلك لا ألوي على شيء . عقلي كأنه مدية حادة ، تقطع في برود وفعالية . لم أُبال بدهشة المعلمين وإعجاب رفقائي أو حسدهم . كان المعلمون ينظرون إليَّ كأنني معجزة ، وبدأ التلاميذ يطلبون ودي . لكنني كنت مشغولاً بهذه الآلة العجيبة التي أتيحت لي . وكنت بارداً كحقل جليد ، لا يوجد في العالم شيء يهزني . طويت المرحلة الأولى في عامين ، وفي المدرسة الوسطى اكتشفت ألغازاً أخرى ، منها اللغة الإنكليزية فمضى عقلي يعض ويقطع كأسنان محراث . الكلمات والجميل تتراءى لي كأنها معادلات رياضية ، والجبر والهندسة كأنها أبيات شعر . العالم الواسع أراه في دروس الجغرافيا ، كأنه رقعة شطرنج . كانت المرحلة الوسطى أقصى غاية يصل إليها المرء في التعليم تلك الأيام . وبعد ثلاثة أعوام ، قال لي ناظر المدرسة ، وكان إنكليزياً : (( هذه البلد لا تتسع لذهنك ، فسافر . إذهب إلى مصر أو لبنان أو إنكلترا . ليس عندنا شيء نعطيك إياه بعد الآن )) . قلت له على الفور : (( أريد أن أذهب إلى القاهرة )) . فهل لي ، فيما بعد ، السفر ، والدخول مجاناً في مدرسة ثانوية في القاهرة ، ومنحة دراسية من الحكومة . وهذه حقيقة في حياتي ، كيف قيضت الصدف لي قوماً ساعدوني وأخذوا بيدي في كل مرحلة ، قوماً لم أكن أحس تجاههم بأي إحساس بالجميل . كنت أتقبل مساعداتهم ، كأنها واجب يقومون به نحوي . حين أخبرني ناظر المدرسة بأن كل شيء أُعد لسفري للقاهرة ، ذهبت إلى أمي وحدثتها . نظرت إلي مرة أخرى ، تلك النظرة الغريبة افترت شفتاها لحظة كأنها تريد أن تبتسم ثم أطبقتهما ، وعاد كعهده ، قناعاً كثيفاً ، بل مجموعة أقنعة ، ثم غابت قليلاً ، وجاءت بصرة وضعتها في يدي ، وقالت لي : (( لو أن أباك عاش ، لما اختار لك غير ما اخترته لنفسك . افعل ما تشاء . سافر . أو ابقَ ، أنت وشأنك . إنها حياتك ، وأنت حر فيها . في هذه الصرة ما تستعين به )) . كان ذلك وداعنا . لا دموع ولا قبل ولا ضوضاء . مخلوقان سارا شطراً من الطريق معاً ، ثم سلك كل منهما سبيله . وكان ذلك في الواقع آخر ما قالته لي ، فإنني لم أرها بعد ذلك . بعد سنوات طويلة ، وتجارب عدة ، تذكرت تلك اللحظة ، وبكيت . أما الآن ، فإنني لم أشعر بشيء على الإطلاق . جمعت متاعي في حقيبة صغيرة ، وركبت القطار . لم يلوِّح لي أحد بيده ولم تنهمر دموعي لفراق أحد . |
كما تذكرت قصة مصطفى سعيد مع جين مورس:
Quote: وحملني القطار إلى محطة فكتوريا ، وإلى عالم جين مورس .
|
Quote: لبثت أطاردها ثلاثة أعوام ، قوافلي ظمأى والسراب يلمع أمامي في متاهة الشوق . وذات يوم قالت لي : أنت ثور متوحش لا يفتر من الطراد . إنني تعبت من مطاردتك لي ومن جريي أمامك . تزوجني . تزوجتها في مكتب التسجيل في فولام . لم يحضر العقد غير صديقة لها وصديق لي . حين قالت أمام المسجل : أنا جين ونفرد مورس أقبل هذا الرجل مصطفى سعيد عثمان زوجي الشرعي في سراء والضراء في الفقر والغنى في الصحة والمرض ـ فجأة أجهشت بالبكاء وأخذت تبكي بحرقة . دهشت أنا لهذه العاطفة منها وكف المسجل عن إجراء المراسيم وقال لها بعطف : هوني عليك . أنا أقدر شعورك . ما هي إلا لحظات وينتهي كل شيء . وظلت بعد ذلك تنهنه بالبكاء ، ولما انتهى العقد أجهشت بالبكاء مرة أخرى . وجاء المسجل وربت على كتفها ثم صافحني قائلاً : زوجتك تبكي من شدة السعادة . إنني رأيت نساء كثيرات يبكين في زواجهن ولكنني لم أر بكاء بهذه الحرقة . يبدو أنها تحبك حباً عظيماً . اعتن بها . أنا متأكد ستكونان سعيدين . وظلت تبكي إلى أن خرجنا من مكتب التسجيل . وفجأة انقلب بكاؤها إلى ضحك قالت وهي تقهقه بالضحك يا لها من مهزلة . (وقضينا بقية اليوم في سكر . لا حفل ولا مدعوين ، أنا وهي والخمر . ولما ضمنا الفراش ليلاً أردتها فأدارت لي ظهرها وقالت : ليس الآن . أنا متعبة . وظلت شهرين لا تدعني أقربها ، كل ليلة تقول : أنا متعبة . أو تقول أنا مريضة . لم أعد أحتمل أكثر مما احتملت . وقفت فوقها ذات ليلة والسكين في يدي . قلت لها : سأقتلك . نظرت إلى السكين نظرة بدت لي كأن فيها لهفة ، وقالت : ها هو صدري مكشوف أمامك اغرس السكين في صدري . نظرت إلى جسمها العاري في متناول يدي ولا أناله . جلست على حافة السرير ونكست رأسي بذلة . وضعت يدها على خدي وقالت بلهجة لم تخل من رقة : أنت يا حلوي لست من طينة الرجال الذين يقتلون . أحسست بالذلة والوحدة والضياع . وفجأة تذكرت أمي . رأيت وجهها واضحاً في مخيلتي وسمعتها تقول لي : إنها حياتك وأنت حر فيها . وتذكرت نبأ وفاة أمي حين وصلني قبل تسعة أشهر ، وجدوني سكران في أحضان امرأة . لا أذكر الآن أية امرأة كانت . ولكنني تذكرت بوضوح أنني لم أشعر بأي حزن ، كأن الأمر لا يعنيني في كثير ولا قليل . تذكرت هذا وبكيت من أعماق قلبي . بكيت حتى ظننت أنني لن أكف عن البكاء أبداً . وأحسست بجين تطوقني بذراعيها وتقول كلاماً لم أميزه ولكن صوتها وقع على أذني وقعاً منفراً اقشعر له بدني . دفعتها عني عنف وصرخت فيها : أنا أكرهك . أقسم أنني سأقتلك يوماً ما . وفي غمرة حزني لم يغب عني التعبير في عينيها . تألقت عيناها ونظرت إلي نظرة غريبة . هل هي دهشة ؟ هل هي خوف ؟ هل هي رغبة ؟ ثم قالت بصوت فيه مناغات مصطنعة : أنا أيضاً أكرهك حتى الموت . |
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|