|
ماما.. سلمى/خالد دودة قمرالدين
|
خالد قمرالدين
تتعدد مصائب البلاد بصورة عامة .. وغربها بصورة خاصة .. والضحية واحد .. هو الإنسان (المواطن) .. الذي يظل يدفع الثمن ولا يدري لماذا ؟!!.. كل هذا العبث المستمر .. والمرأة ذات حساسية خاصة في ظل هذه الظروف المريرة . ماما سلمى .. فتاة .. في ربيع عمرها .. لم تتوافر لها أسباب الاٌمومة الفعلية حتى الآن .. ولكنها بإختيارها .. كلية المعلمين .. (التعليم قبل المدرسي) .. تكون قد إختارت الأٌمومة الطوعية. هي لم تختلف كثيراً عن فاطمة السمحة التي تحدثنا عنها في مقال سابق .. بعنوان ..(عذرا فاطمة السمحة) .. وإن يكن الإعتذار الأعظم .. يجب أن يتأتى من قِبل النظام .. ومنازعيه من الحركات.. على الثروة والسلطة .. جراء ما إقترفت أيديهم من فظائع .. تجاه العباد ،والبلاد ،وحرائرها بصورة خاصة .. وليست حادثة (صموعة) التي شهدت إعتداء وحشي من قبل متفلتين على عدد من الطالبات بغرب كردفان أمس الأول الخميس الموافق 2013/9/12م .. ببعيدة عن الأذهان. ما بين نزوح فاطمة السمحة ..وماما سلمى.. في أرض دارفور الواسعة المساحة .. المستباحة .. إختلاف جغرافي طفيف . تلك كانت ذات حسن وجمال (سمحة).. وهذه أيضاً .. تتسرب كما الانسام .. إلى دواخلك ..من حيث تدري .. أو لا .. فضلاً عن الوداعة والرزانة التي تجعل من كل منهن .. آية حسن .. تمشي على قدمين .. إلا أن عوامل الخوف .. وتوافر الظروف القاهرة .. التي خلقت من تلك متسولة .. من أجل بناتها الثلاثة .. تكاد تنكسر أمام .. ماما سلمى التي تُدخر وتُشهر كل أسلحة المقاومة الوسيمة .. التي تسلّحت بها .. بتعليمها الذي لا تزال تنهل من معينه . وبينما هي كذلك.. تفكر جادة في كتابة مذكراتها بالجامعة .. ليتها لم تفعل .. او تأخر الفكرة .. إلى حين كتابة ذكرياتها في دارفور .. إذ لا تزال حرب التمرد والحكومة قائمة .. ولا تزال حرب القبائل أيضاً قائمة .. تلك البيئة التي تم إستغلال إنسانها وتوظيفه في العداء والإعتداء ، لسماحته الموغلة في السذاجة . ليتها تمارس فعل الكتابة وهي التي شهدت الفظائع .. هناك كغيرها من بني جلدتها .. منهم من قضى نحبه .. ومنهم من ينتظر.. وإن كانت في كثير من هذه المواقف تلزم الصمت النبيل ، إلا أنها تنظر بعين فاحصة وعقل متفتح .. عقل من تثيرهم الأحداث وتحركهم المسؤلية التاريخية .. من أجلنا ومن اجل أجيال لاحقة في (زمن لسه) .. كما سلاطين باشا (عبد القادر) .. إنطلاقا من مركز (دارا) عاصمة جنوب دارفور قبل (نيالا) الحالية.. وكتابه ( السيف والنار في السودان) .. وها هو الوطن العزيز .. بعد كل هذا التاريخ الطويل .. قرن ونيف .. من الزمان .. يعاني ليس من ساقية (السيف والنار) .. وإنما يعود القهقري إلى مسلحين وأعزال .. طيران ومواطن .. أو كما فعل جوزيف أٌورفالدر في كتابه .. عشر سنوات من الاسر .. إنطلاقاً من مركز الدلنج .. مدينة الدلنج الحالية التي تعاني هي الاخرى . مصيبة عموم البلاد تكمن منذ قديم الزمان في كتابة التاريخ بصورة محايدة.. دارفور خاصة شهدت ..ولعشرات السنين .. الإعتماد على التاريخ الشفوي (حكي عجائز) ، أكثر منه كتابي .. أما الآن فأسباب الكتابة أكثر من ذي قبل .. مع توفر الوسائل. عذراً ماما سلمى .. وعذراً مجدداً فاطمة السمحة .. فقلمنا هذا الذي نخرج به من قرية آمنة ومستقرة .. في ربوع دارفور .. ونعدوا به إلى المجهول ، أو إلى أحد المعسكرات .. هو نازح !! وأن هذا الوطن.. عندما تقع فيه مثل حادثة (الإعتداء ) على طالبات في طريقهن من الفولة إلى بابنوسة .. فهو مغتصَب !! وعندما نتذكر ضحايانا .. بعرض البحار ..عن طريق قوارب الموت .. في الطريق إلى أستراليا .. كم نتألم على هذه العبثية الطاردة !! وجالياتنا هناك .. في كل بلاد الله.. تحدّث عن وطن.. بالكاد كان يوماً .. حنين .. خالي الهوان !! مابين ماما سلمى .. وفاطمة السمحة.. ونزوح الداخل .. ولجوء الخارج .. وقلمنا هذا خيط رفيع شديد .. خالد دودة قمرالدين
|
|
|
|
|
|