|
اشراط الساعه من منظور منهجى المهدىالمنتظر /المسيح الدجال /نزول عيسى(ع)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
اشراط الساعه من منظور منهجى
المهدىالمنتظر /المسيح الدجال /نزول عيسى(ع) ياجوج وماجوج/الدابه التى تكلم الناس
د. صبرى محمد خليل
بسم الله الرحمن الرحيم
اشراط الساعة مضمون التوحيد هو إفراد الربوبيه والالوهيه لله تعالى،وبالتالى ينقسم التوحيد الى: توحيد الربوبيه: ومضمونه أن الله تعالى ينفرد بكونه الفاعل المطلق ، يقول ابن تيميه في معرض رفضه لاستدلال المتكلمين على وجود الله بطريقه الأعراض الدالة على حدوث الأجسام( أن هذا المسلك مبنى على امتناع دوام كون الرب فاعلا وامتناع قيام الأفعال الاختيارية بذاته) ( ابن تيميه، درء التعارض،1/98). توحيد الالوهيه :ومضمونه ان الله تعالى ينفرد بكونه الغاية المطلقة يقول ابن تيمية ( .... ولكن المراد المستعان على قسمين: منه ما يراد لغيره ... ومنه ما يراد لنفسه فمن المرادات ما يكون هو الغاية المطلوب، فهو الذي يذل له الطالب ويحبه، وهو الإله المعبود . ومنه ما يراد لغيره).(ابن تيميه، كتاب التوحيد،46). فالتوحيد يتعلق بافراد الوجود المطلق(فعلا وغايه) لله تعالى ، و هو الوجود القائم بذاته ،وكل وجود سواه قائم به ،وبتعبير الغزالي( فهو القيوم لان قوامه بذاته ،وقوام كل شيء به ،وليس ذلك إلا الله تعالى)( الغزالي المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى، ص 8)، والحياة الدنيا( عالم الشهادة) قائمه على ظهورصفاته تعالى( اى مادل علىوجوده تعالى ) يقول ابن القيم ( ومصدر الأمر والخلق عن أسمائه الحسنى)(ابن القيم، بدائع الفوائد ج1، ص184) ولهذا الظهور شكلان: تكويني: يتمثل في الكون المسخر و الإنسان المستخلف والسنن الالهيه (الكلية والنوعية) التي تضبط حركته. وبالتالي فان اى فعل لا يمكن أن ينجح إلا بمعرفه والتزام هذه السنن الالهيه تكليفي: يتمثل في القواعد الموضوعية المطلقة التي مصدرها الوحي والتي ينبغي أن تضبط حركه الإنسان يقول ابن القيم( القران كلام الله وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته)( ابن القيم ، مدارج السالكين، ج3، ص399). أما الحياة الاخره (عالم الغيب) فهي قائمه على ظهور ذاته تعالى( اى عين وجوده تعالى ) و قد عرض القران نموذجا له" فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا...". هذا الظهور الذاتي يترتب عليه تغيير اوابدال الوجود الشهادى المحدود بالزمان والمكان والقائم على الظهور الصفاتى بوجود غيبي" يوم يبدل الله الأرض غير الأرض والسماوات"، وهو ماعبر عنه القران بالساعه او القيامه. وتنقسم القيامه الى قسمين: قيامه صغرى: مضمونها تغيير او ابدال الوجود الشهادى بوجود غيبى على المستوى الفردى بموت الانسان. ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رجال من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه عن الساعة ، فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول :إن يعش هذا، لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم . قال ابن كثير :والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة قيامه كبرى: مضمونها تغيير او ابدال الوجود الشهادى بوجود غيبى علىمستوى العالم. أما اشراط الساعة فهي الآيات أو العلامات التي تدل على تغيير وإبدال الوجود الشهادى بوجود غيبي وأدلتها: قال تعالى"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو ياتى ربك، يوم ياتى بعض آيات ربك لا تنفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، قل انتظروا إنامنتظرون"(الأنعام:158 ) يقول الطحاوى( ونؤمن باشراط الساعة من خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها...) (الطحاوى،شرح العقيدة الطحاويه،مكتبه الدعوة الاسلاميه، القاهرة، ص504) أقسام اشراط الساعة: غير انه يجب التمييز بين نوعين من الاشراط أولا: الاشراط الصغرى: وهى الآيات أو العلامات القائمه بذاتها،وبالتالى فان ظهورها مقترن بالحياة الدنيا(عالم الشهادة) خاضع لحتميه السنن التي تضبط حركته. ثانيا:الاشراط الكبرى: وهى الآيات أو العلامات القائمه بهذا التغيير او الابدال لا تنفك عنه، وبالتالى فان ظهورها مقترن بعالم غيبى غير خاضع لحتميه السنن الالهيه السابقه الذكر. وتنقسم الاشراط الكبرى إلي قسمين: ا/الاشراط الارضيه: اى الآيات أو العلامات القائمه بهذا التغيير انتهاءا وبالتالى فان ظهورها ابتداءا مقترن بالحياة الدنيا(عالم الشهادة) وخاضع لحتمبه السنن الالهيه التي تضبط حركته وانتهاء مقترن بعالم غيبى غير خاضع لحتميه السنن الالهيه السابقه الذكر،وقد اسماها بعض العلماءالاشراط الوسطى. ب/الاشراط السماويه: اى الآيات أو العلامات القائمه بهذا التغيير ابتداءا وانتهاءا وبالتالى فان ظهورها ابتداءا وانتهاءا مقترن بعالم غيبى غير خاضع لحتميه السنن الالهيه السابقه الذكر. ورد في شرح العقيدة الطحاويه( وان كان الدجال ونزول عيسى عليه السلام من السماء قبل ذلك، وكذلك خروج ياجوج وماجوج، كل ذلك أمور مالوفه لأنهم بشر، مشاهده مثلهم مالوفه، وأما خروج الدابة بشكل غريب غير مألوف، ثم مخاطبتها الناس ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر فأمرها خارج عن مجرى العادات.وذلك اول الآيات الارضيه كما أن طلوع الشمس من مغاربها أول الآيات السماوية) ( شرح العقيدة الطحاويه، ص506) مع ملاحظه أن نزول عيسى من الاشراط السماويه لا الارضيه . اثبات اشراط الساعه لايناقض التفكير العلمى والعقلانى: واثبات الاعتقاد باشراط الساعه لا يناقض التفكير العلمىوالعقلانىولا يندرج تحت اطار نمطي التفكير الاسطورى والخرافي الذين رفضهما الاسلام برفضه البدعة: اذ مفهوم البدعة يتضمن أنماط التفكير الخرافي (اذ هو محاوله العقل تفسير الوجود الشهادى(المحسوس) بدون برهان حسي، واستنادا إلي فرضيات ميتافيزيقية ( غيبيه) لكن دون برهان نقلى أيضا"اى بدون نص يقينى الورود قطعي الدلالة").كما يتضمن التفكير الاسطورى (اذ هو محاوله العقل تفسير الوجود الكلى"المتضمن للوجوديين الشهادى و الغيبى" بدون برهان عقلي أو منطقي ،والاستناد إلي فرضيات ميتافيزيقية " غيبيه"، لكن دون برهان نقلى أيضا). فكما سبق بيانه فان ظهوراشراط الساعه الصغرى مقترن بعالم الشهاده،وبالتالى خاضع لحتميه السنن الالهيه التى تضبظ حركته. كما ان ظهورالاشراط العظمى مقترن بعالم غيبى غير خاصع لحتميه السنن الالهيه السابقه،ويقع خارج اطار العلم الذى يقتصر مجاله علىالبحث فىضوابط الحركه واتجاهاتها (الكيفيه)، ولا يتجاوزه الى(الماهيه)، اى كيف بدء الوجود كيف ينتهىماهيه القوه التى تحركه،التى هى من اختصاص الدين. غير ان هناك مذهب فى اثبات اشراط الساعه يستند الى النصوص الضعيفه والاسرائيليات يتناقض مع التفكير العلمى والعقلانى ويتفق مع التفكير الخرافى والاسطورى ويقوم على الخلط بين عالمى الشهاده والغيب. لذا نجد من العلماء من نقد هذا المذهب الذى يخالف النصوص القطعية وقوانين العقل والواقع. ينقل القرطبي عن الدارقطنى في نقد رواية احد المحدثين في وصف ياجوج وماجوج والدابة"كان يضع الحديث على الرسول، وعظم هذه الدابة المذكورة وطول ياجوج وماجوج على تلك الصورة يدل على وضع هذا الحديث بالتصريح، ويقطع العاقل بأنه ليس صحيح.(التذكرة، ص564) كما نجد من العلماء من رفض القول أن الخضر حي إلي آخر الزمان" وبحديث أبى سعيد الخدرى وابن عمر وجابر استدل من قال أن الخضر ميت ليس يجىء"(التذكره:ص575) كما نجد من العلماء من رفض القول أن المسيح الدجال قد ولد ولكنه سيظهر آخر الزمان"وقيل انه لم يولد وسيولد آخر الزمان"(التذكرة:619)
المهدي النصوص الواردة عن المهدي أولا: من حيث الورود: في القران: لم ترد في القرآن كلمة مهدي وإنما وردت كلمتي مهتدي وهادي. في السنة : لم ترد أحاديث عن المهدي المنتظر في صحيح البخاري ،ويرى البعض عدم وروده في صحيح مسلم ، بينما يرى آخرون انه ورد فيه بحديث لم يصرح فيه باسمه ،حملوه على أن المراد منه المهدي.ولكن وردت أحاديث عنه في كتب الحديث الأخرى( أحمد و الترمذي وابن ماجه ابوداؤد...) ا/من حيث إفراد الراوي أو مشاركه غيره: يرى بعض العلماء أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر هي أحاديث أحاد يقول سعد الدين التفتزانى( ومما يلحق بباب الامامه خروج المهدي ونزول الساعة وهما من اشتراط الساعة وقد وردت في هذا الباب أخبار صحاح وان كانت أحادا) (شرح المقاصد، ج1، ص 214) يقول محمد الغزالي( والأحاديث التي اقتبسنا نتفا منها هي أحاديث أحاد وبعضها صحاح)( السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث، دار الشروق، 1989، ص134) وهناك من يرى أنها متواترة تواتر معنوي ( والتواتر المعنوي هو ما اختلفت ألفاظ الرواة فيه ولكنها تتفق على قدر مشترك ويصح أن تروى ألفاظه بطريقه الآحاد حتى تبلغ الرواة حد التواتر) ورد في شرح عقيدة الشيخ الاسفارينى الحنبلي ( كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت التواتر المعنوي) ( ج2، ص 194)غير أنه يجب ملاحظه أن شرط التواتر أن تكون أحاديث الآحاد التى بلغت مبلغ التواتر صحيحة، وهذا الشرط غير متوافر في كل هذه الأحاديث. ب/ من حيث عدالة الراوي: هناك رأيين حول أحاديث المهدي من حيث عدالة الراوي: الأول: أن بعض هذه الأحاديث صحيح والأخر ضعيف: يقول ابن القيم في كتابه المنار المنيف في الصحيح والضعيف"وهذه الأحاديث أربعه أقسام: صحاح وحسان و غرائب وموضوعه"ويقول الشوكانى" الأحاديث التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنجبر وهى متواترة بلا شك". وهذا هو الراى الراجح. الثاني: أن كل الأحاديث الواردة عن المهدي غير صحيحة: ينقل ابن خلدون هذا الموقف عن بعض العلماء ويعقب بقوله( فهذه جمله الأحاديث التي خرجها ألائمه في شان المهدي وخروجه في آخر الزمان وهى كما رأيت لم يخلص منها النقد إلا القليل والأقل منه)( المقدمة، دار إحياء التراث العربي ، ص311). وفى تعليق عبد الرحمن محمد عثمان على كتاب تحفه الاحوذى " يرى الكثيرون من العلماء أن كل ما ورد من أحاديث عن المهدي إنما هي موضع شك وإنها لا تصح عن الرسول بل أنها من وضع الشيعة". وهذا الراى فيما نرى خاطىء. ثانيا: من حيث الدلالة: وهناك من يرى أن الأحاديث الواردة في المهدي ظنيه الدلالة (ما اشتملت على لفظ أو أكثر يحتمل أكثر من معنى واحد ) من جهة المقصود بالمهدي المنتظر بناءا على اختلاف العلماء في المقصود بالمهدي ينقل ابن القيم أربعه أقوال في المهدي: احدهما انه المسيح بن مريم استنادا إلي الحديث لا مهدي إلا عيسى ويرى أن هذا الحديث لا يصح..الثاني انه المهدي الذي ولى من بني العباس ..الثالث: انه من آل البيت.. الرابع انه محمد بن الحسن العسكري ( رأى الشيعة)( المنار المنيف، ج 1،ص 289). ويقول ابن كثير" فصل في ذكر المهدي الذي يكون آخر الزمان وهو احد الخلفاء الراشدين المهديين "(ابن كثير، النهاية). ويستدلون بتأويل الكثير من العلماء بعض أو كل الأحاديث الواردة في المهدي... فالقرطبي يؤول الحديث( لا مهدي إلا عيسى) بمعنى لا مهدي كامل ومعصوم إلا عيسى"( المناوئ ،فيض القدير) . ويؤول ابن القيم حديث" إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فاتوا ولو حبوا على الثلج فان فيها خليفة الله المهدي" وهذا والذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي .. بل هو مهدي من جمله المهديين وعمر بن عبد العزيز كان مهديا بل هو أولى باسم المهدي منه "( المنار المنيف،ج1 ،ص 298) يقول بديع الزمان النورسى( ألا تعلم أن متشابهات القران كما تحتاج إلي التأويل كذلك مشكلات الأخبار تحتاج إلي التعبير والتفسير فإذا صادفتك رواية مخالفه للواقع... مع احتمال أن تكون من الإسرائيليات... وان تكون من أقوال الرواة... يلزم الناظر أن لا يقصر النظر على الظاهر بل يؤول بتأويل تمثيلي كنائي مسوق بمقصد ارشادى )( المثنوى العربي النورى، ص 445) وهناك من يرى إنها قطعيه الدلالة. مذاهب حول المهدي: مذهب النفي المطلق: اى نفى كل الدلالات التي تشير إليها الأحاديث الواردة في المهدي،ويستند هذا المذهب إلي أن النصوص ظنيه الورود والدلالة(كالأحاديث الواردة في المهدي المنتظر) لا يجوز الأخذ بها في العقيدة"الغيبيات". ورد فى تعليق محي الدين عبد الحميد على الحاوي للسيوطي( يرى بعض الباحثين أن كل ما ورد عن المهدي وعن الدجال من الإسرائيليات)(السيوطى، الحاوي، ص166) كما نفاه احمد امين في ضحى الاسلام والنشاشيبى في الاسلام الصحيح(دراسه الفرق الاسلاميه،ص404) ومن بين من ينكر ينفى" المهدي " مطلقا ( عبدالله ابن زيد آل محمود ) في كتابه ( لا مهدي ينتظر بعد الرسول ــ اللهم صل عليه ــ خير البشر ).. وكذلك محمد رشيد رضا الذى يقول ( أما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والجمع بين الروايات فيه أعسر ، والمنكرون له أكثر والشبهة فيها أظهر ولذلك لم يعتد الشيخان بشيء من رواياتها في صحيحهما . وقد كانت أكبر مثارات الفساد والفتن في الشعوب الاسلامية .. ) مذهب الإثبات المطلق: اى إثبات كل الدلالات الواردة في أحاديث المهدي، اى اعتبار هذه الأحاديث ذات دلاله قائمه بذاتها. مذهب الاثبات المقيد: اى اثبات الدلالات التي تفيدها الأحاديث الواردة في المهدي، والتي لا تتناقض مع النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ،وإنكار الدلالات التي تناقضها. بعبارة أخرى اعتبار هذه الأحاديث ذات دلالة غير قائمة بذاتها بل قائمة بغيرها (دلالات النصوص اليقينية الورود قطعيه الدلالة) ، باعتبار ان الاعتقاد بالمهدي من فروع الدين(التي مصدرها النصوص الظنية الورود والدلالة)، لا من أصول الدين (التي مصدرها النصوص اليقينية الورود قطعية الدلالة ). وعاده ما يرتب البعض على كون ظهور المهدى من الاشراط العظمى للساعه اعتبار ان الاعتقاد به من اصول الدين مع انه لاعلاقه بين الامرين فالمقصود انه من الاشراط العظمى للساعه انه ايه داله على الساعه وفى ذات الوقت قائمه بها ، اما المقصود انه من فروع الدين ان ظهوره ثبت بنصوص ظنيه الورود والدلاله. يترتب على هذا: أن نفى الاعتقاد بالمهدي(كما في المذهب الأول) ليس كفر،لانه ليس انكار لاصل من اصول الدين ، بل خطا فى الاجتهاد في فرع من فروع الدين.. أما إثبات الاعتقاد بالمهدي(كما في المذهب الثاني) فلا يصح إلا بشرط عدم تناقض الدلالة الواردة في هذه النصوص (الظنية الورود والدلالة)، مع النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة. ورد في كتاب: بيان للناس من الأزهر(... كما أن أدله ظهوره لم تسلم من المناقشة، والعقائد لا تثبت بمثل هذه الادله، فمن اثبت فهو حر، لكن لا يجوز أن يفرض رأيه، ومن نفى لم يخرج من الإيمان)( الإسلام وقضايا العصر، جمعيه تبليغ الإسلام، ص4). ويقول الشيخ شلتوت(تخضع جميع الأخبار التي تتحدث عن اشرط الساعة إلى مبدأ قطعيه النصوص و ظنيتها في الورود والدلالة)(الفتاوى،37-80) المهدى والمهديه: وقد نظر العلماء المتقدمين الى هذه النصوص من جهه معينه تتسق مع واقعهم، اى واقع الدوله التى كانت السلطة فيها مركزيه (الخليفة) الذي له حق تعيين الولاة في الأقاليم وقاده الجيوش...فركزوا على مفهوم المهدى كفرد فى ذاته (مولده،صفاته...). وسوف ننظر الى هذه النصوص من جهه اخرى لا تناقض الجهه السايقه بل تكملها وهى النظر الى المهدى كفرد فى جماعه منظمه قانونيا اى نركز على مفهوم المهديه. الالتزام بشروط الاهتداء : أول هذه الضوابط هي خضوع مفهوم المهدية لشروط الاهتداء التي دلت عليها النصوص القطعية الورود والدلالة حيث يقرر القران إن الهداية صفة ربوبية أي أن مضمونها دال علي الفعل المطلق الذي ينفرد به الله تعالي:"كلا إن معي ربي سيهدين “(الشعراء:162) . وعالم الشهادة قائم علي ظهور صفة الهداية (شأن سائر الصفات). ولهذا الظهورشكلان: 1/تكويني (الهداية التكوينية): ويتمثل في الفطرة من حيث هي إمكانية التزام السنن الإلهية التي تحكم الوجود الشهادي والتي يجب علي الإنسان الخضوع لها ليهتدي إلي ما فيه صلاحه"وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في الظلمات والبر والبحر "(الإنعام 97) "والقي في الأرض رواسي ان تميد بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون" (النحل : 15). 2/تكليفي (الهداية التكليفية):ويتمثل في الوحي من حيث تضمنه للشرائع المتضمنة لأصول اللازمة لهداية الناس في كل زمان ومكان: "يريد الله ليبين لكم سنن الذين من قبلكم" (النساء: 26 )."وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون"( البقرة: 53). والاستخلاف هو إظهار الإنسان لربوبيه الله تعالى والوهيته بالعبوديه والعباده على المستوى الصفاتى ، اى بإظهار صفات الربوبية بتوحيد الربوبية( اى بإفرادها لله تعالى وحده) والعبودية التكوينيه (بمعرفة والتزام الأوامر والنواهي التي جاء بها الوحي)، وبالتالي فإن مضمونه هنا إظهار الإنسان لصفة الهداية ذات المضمون الدال على الفعل المطلق على قيود الزمان الذي ينفرد به الله تعالى) في الأرض (اى عالم الشهادة المحدود بالزمان والمكان) وهو ماعبر عنه القرآن بالاهتداء:"من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه "( يونس: 108).هذا الإظهار يتم من خلال: توحيد الربوبية: بإفراد الهداية لله تعالى:"إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" (القصص: 56) العبودية (التكوينية والتكليفية):وذلك باتخاذ مقتضى الهداية التكويني (الهداية التكوينية) والتكليفي (الهداية التكليفية)ضوابط موضوعية مطلقة:"من يهد الله فهو المهتدي"( الأعراف: 178)"أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون". ويجب التمييز بين قسمين من اقسام الهداية: الهداية الخاصة: اى هداية الله تعالى لفرد معين ، بواسطة الوحي، وهذا القسم من أقسام الهداية يستلزم العصمة،وهو مقصور على الأنبياء والرسل "كلا إن معي ربي سيهدين"(الشعراء:162)وبالتالى فانه بختم النبوة وانقطاع الوحي بوفاة الرسول (ص) انتهى هذا القسم من أقسام الهداية. الهداية العامة: وهو هداية الله تعالى لمن التزم بشروط الاهتداء(التكوينية" السنن الالهيه" والتكليفيه" الوحي")"من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه "( يونس: 108) بدون تعيين، وهذا القسم من اقسام الهدايه لا يكون بنزول الوحي ، بل بالالتزام بالوحى ،ولا تستلزم العصمة إنما العدالة ، وتتفاوت درجاته، مع اختصاص الصحابه(رض) فى الامه المحمديه باعلى هذه الدرجات. مع ملاحظه ان النصوص الوارده فى المهدى تقتصر دلالالتها على من التزم بشروط الاهتداء فى مجالات معينه كالسلطه والثروه والقانون... باظهار حاكميه الله تعالى وملكيته للمال وانفراده بالتشربع... ولا تتعداها الى غيرها من المجالات. بناءا علىهذا فانه يمكن تقسيم المهديه الى: 1-مهديه خاصه:مقصوره على الانبياء والرسل الذين تنطبق عليهم صفه الهدايه الخاصه. 2-مهديه عامه: تضم الذين تنطبق عليهم صفه الهدايه العامه، يقول ابن كثير(فصل في ذكر المهدي الذي يكون آخر الزمان وهو احد الخلفاء الراشدين المهديين )(ابن كثير، النهاية) وتنقسم الى قسمين: ا/مهديه صغرى:نسبه لعلامات الساعه الصغرى، اى القول بمهديون راشدون قبل المهدى الأكبر (الذى هو آخر هولاء المهديون الراشدون)، وانهم من اشراط الساعه الصغرى، وبالتالى فان ظهورهم مقترن بعالم الشهاده خاضع لحتميه السنن الالهيه التى تضبط حركته، فلكل زمان مهديه صغرى . ويدل على هذا ان مصطلح المهدى في العصر الاول للاسلام استخدم بمعنى من هداه الله تعالى فاهتدى قال (ص):عليكم بسنتى وسنه الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى" وكان التابعون يطلقون على عمر بن عبد العزيز مهدياوامام الهدى. ونجد سليمان بن صرد قد وصف الحسين بانه المهدى ابن المهدى.(دراسه الفرق الاسلاميه،ص401). وأول هؤلاء المهد يون( الذين تنطبق عليهم صفه الهداية العامة فى اعلي درجاتها الخلفاء الراشدون( رضي الله عنهم) ، ومنهم عمر بن عبد العزيز الذي اجمع العلماء انه خامس الخلفاء الراشدين ،يقول ابن كثير( فصل في ذكر المهدي الذي يكون آخر الزمان وهو احد الخلفاء الراشدين المهديين )(ابن كثير، النهاية) .. ومثاله حديث الرسول اللهم صل عليه عن الخلفاء المهديـين ، وهو : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديـين من بعدي … " يقول ابن القيم: ( … وعمر ابن عبدالعزيز كان مهديا … وقد ذهب الامام أحمد … الى أن عمر ابن عبدالعزيز منهم < أي من الخلفاء المهديـين > … ) ويقول ابن القيم"فالمهدي إلي جانب الخير والرشاد كالدجال في جانب الشر والضلال كما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون"( المنار المنيف،ج1،ص 298) ويقول ( .. فيصح أن يقال : لا مهدي في الحقيقة سوى عيسى عليه السلام ، وان كان غيره مهديا ؛ كما يقال : لا علم الا ما نفع .. ، وكما يصح أن يقال : انما المهدي عيسى ابن مريم عليه السلام ؛ يعني : المهدي الكامل المعصوم ) ويقول ابن كثير ( .. والمراد أن المهدي حق المهدية هو عيسى ابن مريم عليه السلام ولا ينفي ذالك أن يكون غيره مهديا أيضا .. ) . ويقول القرطبي ( .. أي لا مهدي كاملا معصوما الا عيسى عليه السلام .. ) ، ويقول الشوكاني ( .. أي لا مهدي كامل ولا شك أن عيسى عليه السلام أكمل من المهدي لأنه نبي الله سبحانه .. ) .. وقد ظهر في التاريخ الاسلامي العديد ممن نسبت إليه المهدية، وإذا كان من الثابت إنهم لم تنطبق عليهم صفه المهديه الكبرى لان الأخيره من الاشراط العظمى للساعة، فان انطباق صفه المهدية الصغرى أو عدم انطباقها يكون بتقييم إعمالهم طبقا لمدى التزامها أو عدم التزامها بشروط الاهتداء "التكوينية والتكليفيه". ب/مهديه كبرى:نسبه لعلامات الساعه الكبرى، فظهورالمهدى الاكبر من الاشراط الكبرى الارضيه للساعه،وبالتالى مقترن ابتداءا بعالم الشهاده خاضع لحتميه السنن الالهيه التى تضبط حركته وانتهاءا مقترن بعالم غيبى غير خاصع لحتميه السنن الالهيه السابقه الذكر، فظهوره ممكن فى كل زمان. يقول الشيخ الألباني( إن كثيراً من المسلمين قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي ، وهذه خرافة وضلال ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة ، وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقاً بل هي كلها لا تخرج عن أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر برجل من أهل بيته ووصفه بصفات بارزة من أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم) ويقول البستوي( إذن فليس المهدي عجيبة من عجائب الدهر، وأي غرابة في أن أقول: "سيتولَّى أمر المسلمين في أواخر الأيام رجل من عِتْرة النبي ( ص )، اسمه محمد بن عبد الله، فيحكم بالعدل، فيبارك له الله تعالى في حُكمه، وتعيش الأمة الإسلامية في عصره في نعمة ورخاء"... أما ما ثبت من نزول عيسى وقتله الدجَّال فهو من الحوادث الزمنية المختصة بذلك العصر)(عبد العليم البستوي ،المهدي المنتظر 379،1) عدم اتخاذ الاعتقاد بالمهدي ذريعة لإسقاط التكاليف : بناءا على هذه الدلالة لا يجوز اعتبار الإقرار بالمهدي، ذريعة لإلغاء القواعد الامره ، الناهية، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة"المعبر عنها بالحدود" كتعليق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو الجهاد أو الأوامر والنواهي(الحدود) التي جاءت بها هذه النصوص ...على مجيء المهدي. مثال تطبيقي: نجد مثالا لهذا الموقف ربط الجهاد لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني بمجيء المهدي المنتظر أخر الزمان استنادا إلى الأحاديث التي تفيد محاربه المهدي لليهود ،وتفسير خاطئ لوعد الآخرة الوارد في سوره الإسراء بان المراد به القيامة( الاخره)، وهو تفسير لم يقل به احد من المفسرين المتقدمين، اذ قالوا أن المراد به تيطس الروماني كما عند الطبري وابن كثير وغيرهما. و هذا التفسير الخاطئ يقوم على المراد باولى المرتين فتح عمر بن الخطاب القدس، وان أخراهما لم يأت وعدها بعد، غير ان هذا التفسير مخالف لما ذهب إليه الأئمة والتابعين وكبار المفسرين، ومراجع التاريخ الاسلامي تدل على ان عمر بن الخطاب دخل القدس سلما لا حربا،وان هيكل اليهود المقدس كان مدكوكا كما عند ابن الأثير والطبري وابن كثير في فتح القدس.وأورد الحسن بن احمد ألمهلبي "ولما وصلت هيلانة إلى القدس بنت كنيسة القيامة على القبر الذي زعم النصارى أن عيسى قد دفن به، وضربت بيت المقدس إلى الأرض،وأمرت أن تلقي في موضعه قمامات وزبيلة، وبقى الحال على ذلك حتى قدم عمر وفتح القدس فدله بعضهم على موضع الهيكل، فنظفه عمر من الزبايل و بني به مسجدا.أما استدلالهم على صحة تأويلهم بان قوله تعالى "عبادا لنا" لا تنطبق إلا على المؤمنين، وهؤلاء وثنيين فغير صحيح اذ ورد إطلاق اللفظ على المؤمن والكافر كما في قوله تعالى "ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول: أأنتم أضللتم عبدي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كنا نتخذ من دونك من أولياء"، وقوله تعالى "إن تعذبهم فهم عبيدك"، وقوله تعالى "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض".فالوعد بالنصر على من استكبر من اليهود(لا كل اليهود)موجود فى قوله تعالى "ان عدتم عدنا" وهو غير محدد المرات. وهذا الموقف يلغى الجهاد كفرض عين إذا دخل العدو ارض المسلمين ، ورد في الفقه المالكي " ان دخل الكفار دار الإسلام تعين على كل من أمكنه النصرة حتى العبد والمرأة ولا مانع للسيد والزوج والوالد". وفي الفقه الشافعي " الجهاد الذي هو فرض عين فإذا وطئ الكفار بلدة للمسلمين أو اطلوا عليها ...ولم يدخلوا، صار الجهاد فرض عين" ، وفي الفقه الحنبلي "إذا نزل الكفر ببلد، تعين على أهله قتالهم ودفعهم كما يلغى الجهاد كفرض ماض إلى يوم القيامة" الجهاد ماضي إلى يوم القيامة". فضلا عن أن هذا الموقف يحول دون القيام بما هو ممكن ايجابيا فى هذه المرحلة الذي يأخذ إشكال عديدة وإتباع الوسائل المتاحة حتى تحقق النصر النهائي باسترداد الحقوق الكاملة كما ان هذا الموقف يناقض النصوص الوارده عن المهدى فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل لنا فيقول : إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة) [رواه مسلم] . كما يناقض موقف العلماء المتقدمين الذين قالوا بإثبات الاعتقاد بالمهدي ونزول عيسى ينقل القرطبى احد أوجه تفسير قتال عيسى للدجال" ان قتاله للدجال يجوز ان يكون من حيث انه إذا حصل بين ظهراني الناس وهم مفتونون قد عم الجهاد أعيانهم وهو احدهم لزمه من هذا الفرض ما يلزم غيره(التذكرة، ص611) . وبالتالىفان الاعتقاد بالمهديه لا يعنى سقوط الجهاد( بشكليه الممكن والذى ينبغى ان يكون) لتحريرفلسطين من الصهيونيه (الاستكبار اليهودى) فى هذا العصر كما يرى البعض ، فسواء كان تحريرها سيتم بواسطه المهديه الصغرى او الكبرى فانه لايتناقض مع التزام شروط الاستخلاف المطلقه والمحدوده كما سنوضح لاحقا،وقيام صراع وجود بين المسلمين والصهاينه وانتصار المسلمين فيه اخر الزمان لا ينفى قيامه فى عصرنا ، يدل على هذا ان المنظمه الصهيونيه متمايزه عن دوله اسرائيل وموجوده خارجها. عدم التناقض مع مفهوم ختم النبوة: كما يشترط في الإقرار بالمهدي أن لا يتناقض مع مفهوم ختم النبوة" وما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" وبالتالي فان المهدي هو الذي يلتزم بشروط الاهتداء ألتكليفيه ممثله بالوحي كما نزل على الرسول (ص).وبالتالي لا وجه لنسبه المهدية إلي بعض القائلين باستمرار الوحي أو نسخه(كمؤسسي ألبابيه و ألبهائيه او القديانيه ). الاعتقاد بالمهدي لا يعنى قبول التفكير الخرافي والاسطورى: والإقرار بالمهدي لا يعنى قبول أنماط التفكير الخرافي (اللا علمي )والاسطورى(اللا عقلاني)التي يرفضها الإسلام. فكما سبق بيانه فان القول بالمهديه الصغرى اى القول بمهديون راشدون قبل المهدى الأكبر الذى هو آخر هولاء المهديون الراشدون، مقترن بالقول بانها من اشراط الساعه الصغرى وبالتالى فان ظهورها مقترن بعالم الشهاده خاضع لحتميه السنن الالهيه التى تضبظ حركته. كما ان القول بالمهديه الكبرىاىالمهدى الاكبر الذى سيظهر اخر الزمان مقترن بالقول بانها من الاشراط العظمى الارضيه للساعه وبالتالى ظهوره ابتداءا مقترن بعالم الشهاده خاضع لحتميه السنن الالهيه التى تضبط حركته وانتهاءا مقترن بعالم غيبى غير خاصع لحتميه السنن الالهيه السابقه. رفض اهل السنه للتصور الشيعي للمهدي: اعتقد الشيعة الاثنى عشريه ( الاماميه ) بالمهدي المنتظر، و بنوا على هذا الاعتقاد أصلين من أصول مذهبهم هما: اولا:الغيبة:أي أن الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن (الملقب بالعسكري) قد غاب (اختفى) وهو طفل غيبة صغرى سنة 260 هـ واستمرت سبعين عاماً ثم غيبة كبرى في سرداب في منطقه سامراء( سر من رأى)بالعراق، و تستمر إلى آخر الزمان. ثانيا:الرجعة:أي عودة الإمام الثاني عشر آخر الزمان على صورة المهدي المنتظر. كما اعتقد به الشيعة الإسماعيلية، وبعض الزيدية ونفاه بعض الزيدية . وقد جعلت الاثنى عشريه و الاسماعليه الاعتقاد بالمهدي المنتظر أصل من أصول الدين ، أما من اعتقد به من الزيديه فقد جعلوه من فروع الدين كقول اغلب أهل السنة. وقد رفض أهل السنة التصور الشيعي للمهدى لأنه غير عقلاني(وبالتالي اسطورى) يقول ابن القيم( ولقد أصبح هؤلاء عار على بني ادم وضحكه يسخر منهم كل عاقل) وغير علمي(وبالتالي خرافي) يقول ابن كثير في كتاب الفتن والملاحم(وليس هو بالمنتظر الذي تزعم الرافضة ونرتجى ظهوره فى سرداب سامراء فان ذلك ما لا حقيقة له ولا عين ولا اثر) فالتفكير العلمي يقوم على الإقرار بأن هناك قوانين حتمية تضبط حركة الأشياء والظواهر ومضمون الحتمية تحقق السبب بتوافر المسبب، وانتفائه بانتفاء المسبب وهذا ما أقره الإسلام حين قرر القران أن حركه الكون خاضعة لسنن إلهية لا تتبدل: " فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً". (فاطر:43).والتصور الشيعي للمهدي يقوم على بعض أشكال التفكير الخرافي كما هو ماثل في مفهوم الغيبة التي تتناقض مع سنه الموت. و التفكير العلمي يقوم على التخطيط اى عدم توقع تحقق غاية معينه دون تدخل إيجابي من الإنسان، أما التفكير الخرافي فيتصف بالسلبية والتواكل وهو ما رفضه القران بتقريره أن شيئاً من الواقع لن يتغير ما لم يتدخل الإنسان لتغييره " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ".ونهيه عن التواكل.والتصور الشيعي للمهدي يؤدى إلي السلبية كما سنوضح لاحقا. وقد قرر علماء أهل السنة أن التصور الشيعي للمهدي مصدره غير اسلامى، يقول ابن حزم(سار هؤلاء الشيعة في سبيل اليهود القائلين: أن الياس عليه السلام فنحاس بن العاذر بن هارون عليه السلام أحياء إلي اليوم وسلك هذا بعض ألصوفيه، فزعموا أن الخضر والياس عليهما السلام حيان إلي الآن)(ابن حزم، الفصل، ص4،س180) المهديه والوعد الالهىبالاستخلاف : واثبات الاعتقاد بالمهديه يجب ان لا يتناقض مع الوعد الالهى بالاستخلاف الذى تشيراليه الايه﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ) . تشير الايه الى ان هذا الوعد للجماعة، وبناءا على هذا فان اثبات الاعتقاد بالمهديه يجب أن لا يتناقض مع كون الاستخلاف للجماعة لان دلاله النصوص المتعلقة بها تفيد تطبيق المهدي لقواعد الشورى والعدل والمساواة في جماعة المسلمة التي ستكون موجودة قبله،لا إيجاده للجماعة المسلمة"لا تزال طائفة من امتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلي يوم القيامة"."يكون آخر الزمان خليفة يحثى المال حثيا ولا يعده عدا" قيل لابى نضره وابى علاء تريان انه عمر ابن عبد العزيز قال لا"(القرطبي، التذكرة ،مكتبه الصفا، ط1 ، 2001 القاهرة ص559). فالحديث يفيد أن المهدية هى اقتداء بالخلافه الراشدة " "كما يدل الجدال حول كونه عمر بن عبد العزيز ام لا ،اى هي نظام اسلامى يسند ألحاكميه والملكيه والتشريع... لله تعالى(التوحيد)، والجماعة فيه مستخلفة عن الله تعالى في اظهارها باسناد السلطه و الانتفاع بالمال وحق الاجتهاد اليها (الاستخلاف)، والحاكم نائب ووكيل عن الجماعة لها حق تعيينه ومراقبته وعزله (البيعة عقد مرضاه واختيار). ولا يناقض هذا تقرير بعض الأحاديث أن المهدي من ال البيت لان كون المهدي من ال البيت لا يعنى إلغائه لشروط الاهتداء ومنها الشورى. ولان الحديث عن المهديه الكبرى لا الصغرى.كما ان هناك أحاديث تفيد غير ذلك " لو لم يبق في الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من امتى أو من اهل بيتى يواطى اسمه اسمي..." كما أن لفظ منى" المهدى منى" تستعمل بالمعنى الحقيقي(الحسي) والمجازى كقوله (ص)" سلمان منا ال البيت" ولا تناقض. كما تشير الايه إلى أن تحقيق هذا الوعد الالهى بالاستخلاف معلق بمعرفه والتزام شروطه الذاتية"والتي عبر القران عن جملتها بالإيمان" والموضوعية" والتي عبر القران عن جملتها بالعمل الصالح" .كما انه معلق بمعرفه والتزام شروطه المطلقة التي تولى القران بيانها, و شروطه المحدودة بالزمان والمكان النسبية فيهما, والتي ترك للناس أمر الاجتهاد فيها . وبناءا على هذا فان اثبات الاعتقاد بالمهديه الكبرى او الصغرى يجب أن لا يتناقض مع معرفه والتزام شروط الاستخلاف(الذاتيه والموضوعيه والمطلقه والمحدوده) والمقصود بالاخيره شروط الاستخلاف في مكان معين(مثلا الامه العربية المسلمة) وزمان معين(مثلاالقرن الحادي والعشرين للميلاد), وبالتالي يكون الاستخلاف هنا مجموعه من الحلول للمشاكل التي يطرحها واقع معين زمانا ومكانا حيث يطرح هذا الواقع مثلا عددا من المشاكل هي: الاستضعاف- الاستكبار الاقتصادي(مشاكل التخلف و التبعية الاقتصاديين والظلم الاجتماعي). ومشكله الاستضعاف -الاستكبار السياسي الداخلي والخارجي. (مشاكل الاستبداد والتبعية السياسية (الاستعمار بشكله الجديد والقديم)). و الاستكبار الاجتماعي ) التجزئة). الاستضعاف- الاستكبار الحضاري (الهوية أو الجمود و التغريب الحضاري).وهنا يكون الاستخلاف كمفهوم شامل كحل لهذه المشاكل، حيث يكون الاستخلاف الاقتصادي (العدالة الاجتماعية) و الاستخلاف الاجتماعي (الوحدة) و الاستخلاف السياسي الداخلي والخارجي (الحرية) و الاستخلاف الحضاري (الاصاله والمعاصرة)كحلول لهذه المشاكل على أن تكون هذه الحلول مقيده بالقواعد الأصول المطلقة عن قيود الزمان والمكان ،والتي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة. حول تفسير الاعتقاد بالمهدي: و الاعتقاد بالمهدي المنتظر نجده في كثير من الأديان السماوية وغير السماوية والفلسفات والمذاهب، فقالت به بعض فرق اليهود ،وبعض فرق المسيحيين، كما قال به المغول وورد في الديانات المصريه القديمه وفى كتب الصينيين وعقائد الهنود وفى الاساطير الفارسيه القديمه...(دراسه الفرق الاسلاميه ص 398 ). وقد فسرت بعض الفلسفات هذه الظاهرة بتصور قيم العدل والحق والمساواة...دون السعي لتحقيقها اى أنها من باب"التمني" ، غير أن لهذه الظاهرة ( بالاضافه إلي هذه الدلالة السالبة) دلاله ايجابيه هي الاعتقاد بان النصر النهائي هو لقيم العدل والحق والمساواة...مع السعي لتحقيقها اى أنها من باب الرجاء أيضا إذ أن كلاهما خصائص وملكات إنسانيه ثابتة رغم تغير مضمونها. مفهوم الانتظار: هنا يجب التمييز بين الدلالتين السلبية والايجابية لمفهوم الانتظار والذي نجد له مقابل في تمييز القران بين المصطلحين: الرجاء: هو تصور غاية أو قيمه مع السعي لتحقيقها" من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا" التمني: هو تصور غاية أو قيمه دون السعي لتحقيقها" ليس بأمانيهم ولا امانى أهل الكتاب..." الدلالة السلبية لمفهوم الانتظار: التي تعنى توقع تحقق الغايات والقيم دون تدخل إيجابي من الإنسان، او توقع تحقق النتائج دون معرفه والتزام الاسباب، وهى دلاله مرفوضة لتعارضها مع النصوص التي تقرر أن شيئاً من الواقع لن يتغير ما لم يتدخل الإنسان لتغييره " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ".و تنهي عن التواكل" أعقلها وتوكل". يدل على رفض الاسلام لهذه الدلاله السلبيه لمفهوم الانتظار انه لم يرد أي نص نبوي سليم اطلاقا بلفظ ( المنتظر ) أو ( المهدي المنتظر ) وانما ورد مفردا لوحده ( المهدي ) .فالثابت قطعا أنه لا يوجد أي نص شرعي قرآني أو نبوي يأمر المسلمين بالأنتظار حتى يخرج المهدي المنتظر . يقول الشيخ الالبانى(كذلك القول في أحاديث المهدي ، فإنه ليس فيها ما يدل بل ما يشير أدنى إشارة إلى أن المسلمين لا نهضة لهم ولا عز قبل خروج المهدي ، فإذا وجد في بعض جهلة المسلمين من يفهم ذلك منها ، فطريق معالجة جهله أن يعلم ويفهم أن فهمه خطأ ، لا أن نرد الأحاديث الصحيحة بسبب سوء فهمه إياها ) (مجلة التمدن الإسلامي :22 / 642 – 646( والتصور الشيعي للانتظار يمثل الدلالة السلبية لمفهوم الانتظار كما هو واضح في قولهم بعدم جواز الامامه،الخروج على السلطان الجائر ، صلاه الجماعة...إلا بعد ظهور المهدي هذا الموقف السلبي حاول الخومينى تعديله ( في المجال السياسي)بقوله بنظريه ولاية الفقيه (الخومينى، الحكومة الاسلاميه، ترجمه حسن حنفي،القاهرة،1975) والتي تلقى معارضه حتى من داخل المذهب الشيعي باعتبارها دخيلة عليه. الدلالة الايجابية لمفهوم الانتظار: التي تعنى السعي لتحقيق قيم( الحق، العدل، المساواة..) مع الاعتقاد أن النصر النهائي هو لهذه القيم.اوتوقع تحقق النتائج بعد معرفه والتزام الاسباب، وهى دلاله مقبولة و تدل عليها النصوص"لا تزال طائفة من امتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلي يوم القيامة"" إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيله فليغرسها"فإذا كان المهدي الأكبر سيحقق قيم الحق و العدل ... أخر الزمان"...فيملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا... يقسم المال صحاحا" اى بالسوية" فان المسلمين مأمورون بالسعي لتحقيق هذه القيم في كل زمان ومكان(اى في عالم الشهادة) طبقا للنصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة " إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" . ويدعم الاعتقاد بالمهديه والدلالة الايجابية لمفهوم الانتظار انه فى كل المجتمعات يوجد طلائع للتطور الاجتماعى، ذلك انه اذا كانت المجتمعات تتطور من خلال تبادل المعرفه الصحيحه بالمشكلات ،والاشتراك فى المعرفه العلميه بحلولها ،والعمل الجماعى تنفيذا لهذه الحلول ،فان الناس يتفاوتون فى مقدره كل منهم على ادراك المشاكل او معرفه حلولها او العمل، كما ان مقدره بعض المجتمعات على التطور الاجتماعى من خلال الخطوات الثلاثه السابقه الذكر قد تتعطل فى زمان معين نتيجه لعوامل ذاتيه وموضوعيه متفاعله، وهنا يوجد الانسان الذى يتوافر له الاحساس بمشاكل الناس، والمعرفه العلميه بحلولها ،والقدره على العمل الايجابى وهوما يسمى الزعيم او البطل... فالزعماء وابطال هم الذين التزموا بشروط الاهتداء التكوينيه ، بينما المهديون فى التصور الاسلامى هم الذين التزموا بشروط الاهتداء التكوينيه والتكليفيه.
المسيح الدجال النصوص الواردةعن المسيح الدجال : فيما يتعلق بالنصوص الوارده عن المسيح الدجال من حيث الورود فان هناك طائفه من العلماء ترى أن المسيح الدجال لم يرد فى القران صراحه او اشاره . ويرى اخرون انه ورد فى القران اشاره، واختلفوا فىتحديد الايات التىاشارت له. فالجميع اذا يتفق على عدم وروده فى القران صراحه. اما فى السنه فيرىالبعض انه لم يرد فى صحيحي بخارى ومسلم، ورغم وروده فى كتب الاحاديث الاخرى، وان الاحاديث الوارده عنه من جهة عدالة الراوي غير صحيحة. وقال اخرون إنها تضمنت أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة . كما قال بعض العلماء أنها من جهة إفراد الراوي أو مشاركه غيره أحاديث أحاد ، وقال اخرون انها متواتره. اما من حيث الدلاله فيرى البعض انها ظنيه الدلاله وقال اخرون انها قطعيه الدلاله. مذاهب حول المسيح الدجال: النفي المطلق: اى نفى كل الدلالات التى تشير اليها الأحاديث الواردة في المسيح الدجال باعتبار أن الأحاديث الواردة في المسيح الدجال ظنيه الورود والدلالة(لا يجوز الأخذ بها في العقيدة"الغيبيات"كما سبق بيانه) الإثبات المطلق : اى إثبات كل الدلالات الواردة في أحاديث المهدي، اى اعتبار هذه الأحاديث ذات دلاله قائمه بذاتها. الاثبات المقيد:والمذهب الذى نرجحه هو إثبات الدلالات التي تفيدها الأحاديث الواردة في المسيح الدجال، والتي لا تتناقض مع النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة وإنكار الدلالات التي تناقضها،باعتبار ان الاعتقاد بالمسيح الدجال من فروع الدين(التي مصدرها النصوص الظنية الورود والدلالة)، لا من أصول الدين (التي مصدرها النصوص اليقينية الورود قطعية الدلالة ). وبالتالي ويترتب على هذا ان إنكار الدجال(كما في المذهب الاول) لا يترتب عليه الكفر. أما الإقرار بالدجال( كما في المذهب الثاني) فلا يصح إلا بشرط عدم تناقض الدلالة المستنبطة من هذه النصوص الظنية الورود والدلالة، مع دلاله النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة". الدجال ومفهومى الاستكبار والطاغوت: هذه الدلالة أشارت لها نصوص يقينية الورود قطعيه الدلالة،وهى النصوص المتعلقة بالطاغوت والاستكبار. فإذا كان مضمون توحيد الالوهيه ،أن الله تعالى ينفرد بكونه الغاية المطلقة لكل وجود سواه ،.ومضمون توحيد الربوبية إفراد الفعل المطلق لله تعالى، فالدجال يملك المقدرة على تزييف حقيقة غاية محدودة (فعلاً) بتحويلها(كذبا)الى غاية مطلقة وبالتالي اعتبارها مصدر المثل العليا-القيم_ المطلقة( أو المستوى المطلق لها)،وقد أشار القران لهذه الصفه بمصطلح"الطاغوت". وهو ما قد يعد الذات بإمكانيات محدودة للتطور لكن لابد أن يأتي وقت يستنفذ فيه هذه الإمكانيات، ويصبح بعدها معوقاً للتطور لأنه في واقع الأمر غاية محدودة بالزمان والمكان، وبالتالي تخضع للتغير في بالمكان والتطور خلال الزمان.أما اتخاذ الله تعالي غاية مطلقة فانه يمد الذات بإمكانيات غير محدودة للتطور لأنه لا تتوافر للذات الإنسانية إمكانية التحقيق النهائي فضلاً عن تحاورها. كما يملك المقدرة على تزييف حقيقة فعل محدود( فعلا)بتحويله(كذبا) إلى فعل المطلق ،وهو ما عبر عنه القران بمصطلح الاستكبار ،وهو ما يؤدي إلي إلغاء فعل الآخرين، وبالتالي إلغاء المساواة بين الناس، ونشؤ علاقة ذات طرفين المستكبر والمستضعف، في حين أن إسناد الفعل المطلق لله تعالى يمد الفعل الإنساني بإمكانيات غير محدودة للتطور،كما أنه ضمان موضوعي مطلق للمساواة بين الناس الدجال الأصغر والدجال الأكبر:واشارت النصوص واقوال العلماء الى التمييز بين الدجال الاصغر والدجال الاكبر: الدجال الاصغر :اى ظهور دجالون قبل الدجال الاكبر وان ظهورهم من الاشراط الارضيه للساعة وبالتالي فهو مرتبط بعالم الشهادة والسنن الالهيه التي تضبط حركته،فلكل زمان دجال اصغر او اكثر. "لاتقوم الساعه حتى يخرج ثلاثون كذابا اخرهم الاعور الدجال"(اخرجه احمد5/61). " سيكون فى امتى كذابون ثلاثون كلهم يزعم انه نبىوانا خاتم النبيين ولانبى بعدى"(اخرجه ابو داؤود4/89). "لاتقوم الساعه حتى تقتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتله عظيمه دعواهما واحده وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم انه رسول الله"(اخرجه البخارى13/7). يقول ابن القيم"فالمهدي إلي جانب الخير والرشاد كالدجال في جانب الشر والضلال كما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهد يون راشدون"( المنار المنيف،ج1،ص 29). ويقول الامام النووى( قال العلماء قصه ابن الصبياد مشكله وامره مشتبه لكن لا شك انه دجال من الدجاجله)(فتح البارى،ج3) وقد قرر العلماء المتقدمين ان الدجال هو شخص(انسان). ولكننا نختار التمييز بين الدجال الاكبر الذى هو شخص، والدجال الاصغر قد يكون شخص أو عقيدة أو فلسفه أو نظام يملك المقدرة على تزييف حقيقة فعل محدود( فعلا)بتحويله(كذبا) إلى فعل المطلق وهو ما عبر عنه القران بمصطلح"الاستكبار". ويمكن الاستئناس فى هذا التمييز بتفسير العلماء للطاغوت، فقد ذكر ابن كثير أن الإمام مالكًا فسر الطاغوت بأنه كل ما عبد من دون الله... ثم خلص ابن جرير في معني الطاغوت في قوله ( والصواب عندي في الطاغوت أنه كل ذي طغيان على الله فعبد من دونه إما بقهر منه لمن عبده وإما بطاعة ممن عبده له إنسانًا كان ذلك المعبود أو شيطانًا أو وثنًا أو صنمًا أو كائنًا من كان من شئ) . الدجال الأكبر: آخر هؤلاء الدجالين ، وظهوره من اشراط الساعه العظمى السماويه وبالتالى مقترن بعالم الغيب و غير خاضع لحتميه السنن الالهيه التى تضبط حركه عالم الشهاده ،فظهوره ممكن فى كل زمان،.قال صلى الله عليه وسلم " ثلاث اذا خرجن لا ينفع نفس ايمانها لم تكن آمنت وكسبت في ايمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض " . ويترتب على هذا ان كيفيه خروجه غبيه لا تتوافر للناس امكانيه تصورها، وبالتالى فان حاوله بعض المفسرين تحديد صفات الدجال ومكان خروجه.... مما لم يرد فيه نص، هو خروج عن غايات النص الفرانى كما يترتب على هذا انه لا ضروره لتاويل الأحاديث الواردة في الدجال الاكبر كما فعل بعض العلماء كالشيخ بديع الزمان سعيد النورسى فقال أن المراد به مظاهر الافتتان الاجتماعى في الغرب ، وكذلك الإمام محمد عبده أول الدجال بأنه رمز للخرافات والدجل والقبائح التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها"(تفسير القران،ج 3،ص316)، اذ ان العله وراء تاويل هنا هو عدم تمييزهم بين الدجال الاصغر الذى يقترن ظهوره بعالم الشهاده ،والدجال الاكبر الذى يقترن ظهوره بعالم الغيب. مثال تطبيقى: فإذا كانت صفه الدجال الأصغر تنطبق على كل انسان اوعقيدة أو فلسفه او منهج او نظام يملك المقدرة على تزييف حقيقه وجود محدود (فعلاً)، بتحويله(كذبا)الى وجود مطلق فعلا"الاستكبار"، وغايه"الطاغوتيه"، فان صفه الدجال الاصغر فى زمننا هذا تنطبق(على سبيل المثال لا الحصر) على الليبرالية كنظام متكامل :علمانى فى موقفه من الدين،فردى فى موقفه من المجتمع، راسمالى فى موفقه من الاقتصاد(قانون حركته الأساسى حرية المنافسة على موارد الحياة والبقاء للأقوى)... فلسفته ( الطبيعية ) ومنهجه (القانون الطبيعي ) "الذى مضمونه أن مصلحه المجتمع ككل تتحقق حتما من خلال عمل كل فرد فيه على تحقيق مصلحته" . فهى تحول الفرد من وجود محدود(تكوينيا بالمجتمع والطبيعة والسنن الالهيه التي تضبط حركتهما) ،إلي وجود مطلق ،اى وجود قائم بذاته ومستقل عن غيره ،وبالتالي تعتبر الفرد غاية مطلقه"مضمون الطاغوتيه"، وتسند إليه الفعل المطلق"مضمون الاستكبار" ، فمن القانون الطبيعى استمد كل فرد حقوقاً سابقة على وجود المجتمع والدولة خالدة ومقدسة لا يجوز لنظام أن يمسها. ففى مجال السياسه والتشريع والاقتصاد اسندت السيادة(ألحاكميه) والتشريع والملكية إلي الإنسان.بدلا من إسنادها إلي الله تعالى (باعتبارها صفات ربوبية) ، واستخلاف الجماعه في إظهارها في الأرض .تلك الليبراليه التى نشأت كنظام فى اوربا و اصبحت امريكا(كنظام امبريالى لا كشعب) قائدته فى مرحله لاحقه. امتد الى كل أطراف الارض، ساحقا الافراد والقبائل والشعوب والأمم بالسيطره العسكريه و السيطرة الثقافية( بواسطة الإعلام، والفكر، والثقافة، والفن حيث يقدم من خلالها أسلوب الحياة الغربية بصورة عامة (أو الأمريكية بصوره خاصة) - على أنه أسلوب الحياة الأمثل لكل المجتمعات "وهو ما يشكل مضمون التغريب"). الاعتقاد بالدجال لا يعنى قبول التفكير الخرافي والاسطورى: واثبات الاعتقاد بالدجال لا يناقض التفكير العلمى والعقلانى،كما لا يندرج تحت اطار التفكير الخرافى او الاسطورى اذ كما سبق بيانه فان قول بالدجال الاصغر اى ظهور دجالون قبل الدجال الاكبر مقترن بالقول بانظهورهم من الاشراط الارضيه للساعة وبالتالي فهو مرتبط بعالم الشهادة والسنن الالهيه التي تضبط حركته .كما ان القول بالدجال الاكبر ، مقترن بالقول بان ظهوره من اشراط الساعه العظمى السماويه وبالتالى مقترن بعالم الغيب. غير ان هناك مذهب فى اثبات الاعتقاد بالدجال يناقض التفكير العلمى والعقلانى ويندرج تحت اطار التفكير الخرافى والاسطورى لانه يقوم على الخلط بين عالمى السهاده والغيب ويتناقض مع النصوص الصحيحه فعلى سبيل المثالنفى حديث كون الدجال من ولد ابليس كما في اعتقاد اليهود، روى عن ابو هريرة أن يهوديا اتى الرسول(ص) وفى اخره: فاخبرني عن الدجال امن ولد ادم هو ام من ولد إبليس قال هو من ولد ادم لا انه من ولد إبليس"
نزول عيسى(ع) أخر الزمان النصوص الوارده فى نزول عيسى(ع): قال العديد من العلماء أن الأحاديث الواردة في نزول عيسى ظنيه الورود والدلالة، يقول الشيخ محمود شلتوت " نزول عيسى لم يرد فيه نص قراني صريح قطعي الدلالة على نزوله، كما أن الأحاديث الواردة فى النزول لا تخرج عن كونها أحاديث آحاد وهى لا تفيد يقينا يثبت عقيدة يكفر من ينكرها ",( شلتوت، الفتاوى،ص73-80) بينما راى اخرون انها يقينيه الورود قطعيه الدلاله. مذاهب حول نزول المسيح: مذهب النفي المطلق: اى نفى كل الدلالات التي تشير إليها الأحاديث الواردة في نزول المسيح باعتبار أن الأحاديث الواردة فيه ظنيه الورود والدلالة لا يجوز الأخذ بها في العقيدة"الغيبيات"كما سبق بيانه. فالإمام محمد عبده يرى ان حديث نزول عيسى آخر الزمان حديث آحاد وأوله (بغلبة روحه وسر رسالته وهو ما غلب في تعليمه من الأمر بالرحمة والمحبة والسلام…)(الإمام محمد عبده،تفسير القران، الجزء الثالث، 317). ووجه الخطا فى هذا المذهب هو عدم تمييزه بين النزول المجازى ، ممثلا فى الالتزام بالاسلام باعتباره مكملا للمسيحيه،ومتضمنا لقيمها فى السلام والتسامح والمساواه... والذى من الممكن حدوثه فى زمان معين ،لانه مقترن بعالم الشهاده. والنزول الحقيقى(الغيبى) الذى لا يمكن حدوثه الا اخر الزمان (والذى هو غيب). مذهب الإثبات المطلق: اى إثبات كل الدلالات الواردة في أحاديث نزول المسيح، اى اعتبار هذه الأحاديث ذات دلاله قائمه بذاتها. مذهب الإثبات المقيد:والمذهب الذي نرجحه هو إثبات الدلالات التي تفيدها الأحاديث الواردة فيه، والتي لا تتناقض مع النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة .وإنكار الدلالات التي تناقضها. باعتبار ان الاعتقاد بنزول المسيح من فروع الدين(التي مصدرها النصوص الظنية الورود والدلالة)، لا من أصول الدين (التي مصدرها النصوص اليقينية الورود قطعية الدلالة ). و الدلاله التىناخذ بها ان نزول عيسى(ع) من الاشراط العظمى السماوية للساعة ، وبالتالي فهو مرتبط بعالم الغيب لا عالم الشهادة والسنن الالهيه التي تضبط حركته. اى انه باعتبار نبوته من أوائل الذين يبعثون يوم القيامة . ويقارب هذا الراى تعليل القرطبي للحكمة من نزول عيسى آخر الزمان على ثلاثة أوجه ، الوجه الثاني هو" انه يحتمل أن يكون إنزاله لدنو اجله لا لقتال الدجال لأنه لا ينبغي لمخلوق من تراب أن يموت في السماء... فينزله الله تعالى ليقبره في الأرض مده يراه فيها من يقرب منه ويسمع به من ناي عنه ثم يقبضه فيتولى المؤمنون أمره ويصلون عليه...فينشر إذا نشر معه ..غير انه يتفق في تلك الأيام من بلوغ الدجال باب اللد...فعلى هذا الوجه يكون الأمر بإنزاله لا انه ينزل لقتال الدجال قصدا)( التذكرة، ص610).ولكننا نرجح الراى القائل أن عيسى عليه السلام مات لا انه حى ، يقول الشيخ شلتوت فى تفسير الايه "انى متوفيك ورافعك إلى"( ال عمران: 55 )( فكلمه توفى لم تستعمل في القران ، فى غير معنى الموت، إلا فى حاله ورود ما يصرفها عن هذا المعنى المتبادر، والرفع المصرح به في الايه هو رفع المكانة لا رفع الجسد بناء على قول من زعم انه حي في السماء وانه سينزل منها آخر الزمان)(شلتوت:الفتاوى60-61) واستدلال البعض بالايه" وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا"بأنها تفيد انه حى، فمرفوض بدليل ورود الايه في حق غير عيسى(ع)"وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا".وبدليل وصف القران للشهداء بالحياه عند الله ولا يعنى انهم احياء في الدنيا" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون" فنزول عيسى (ع)اخر الزمان ما يندرج تحت مفهوم شهادة الأنبياء على أممهم يوم القيامة"وان من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليكم شهيدا"( النساء)"اانت قلت للناس اتخذوني و امى الهين من دون الله" (المائدة:116)" ما قلت لهم إلا ما امرتنى بعه أن اعبدوا الله"(المائدة":117) وهناك مذهب يترتب عليه اعتبار نزول عيسى(ع) من الاشراط الارضيه للساعة استدلالا بالحديث: " لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية"(صحيح مسلم:155)، وهو استدلال خاطئ لان مصطلح حكم ورد في القران بمعنى القضاء " وان خفتم شقاقا بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها"(النساء:35 و يدل على هذا جمله أحاديث منها قوله(ص)" كيف انتم إذا نزل عيسى ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" وفى رواية" فأمكم منكم"وفى حديث أخر أن المؤمنين يقولون لعيسى "تعال صلى بنا" فيقول "لا بعضكم على بعض أمراء تكرمه الله لهذه الامه".أما الأحاديث التي تحدد فتره زمنيه لبقاء عيسى(ع) في الأرض (أربعون عام وفى آخر أربعه وعشرين عاما) فقد قرر العلماء أنها ضعيفة.فضلا عن أن هذاالمذهب يتناقض مع مفهوم ختم النبوة .
ياجوج وماجوج ياجوج وماجوج كقصه قرانيه تاريخية : غاية القرآن من إيراد قصه ياجوج وماجوج (شان سائر القصص التاريخية القرانيه الأخرى) هداية الناس إلي الحق والعبرة باعتبارهما مفهومين لازمين لهداية الناس في كل مكان وزمان في مجال النظر التاريخي.ولتحقيق هذه الغاية انقسم النص القرآني هنا إلي قسمين: الأول: يتضمن الآيات ذات الدلالة القائمة بذاتها، والتي يمكن اعتبارها غايات يتحقق من خلالها غاية النص القرآني ،وتتمثل هنا في غايتي (أو مفهومي) الحق والعبرة : الحق: تهدف القصة إلي دعوة الناس إلي ما هو حق أو تحري الحقيقة التاريخية دون افتراء( وهو ما يبحثه علم التاريخ) (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا{83} العبرة: كما تهدف هذه القصة إلي الموعظة والعبرة أو المغزى والمعنى (وهو ما تبحثه فلسفة التاريخ) ومن هذه العبر: النهى عن الفساد في الأرض(، قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْن إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مُفْسِدون في الأرْض فَهَلْ نَجعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً). الدعوة إلى العمل والأخذ بالأسباب(اى معرفه والتزام حتمية السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود الشهادى)( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ثُمَّ أتْبَعَ سَبَباً) يقول ابن كثير( وهكذا ذو القرنين يسر الله له الأسباب، أي: الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرَّسَاتيق والبلاد والأراضي وكسر الأعداء، وكبت ملوك الأرض، وإذلال أهل الشرك. قد أوتي من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سببًا، والله أعلم.وقال سعيد بن جبير في قوله: ( فَأَتْبَعَ سَبَبًا ) قال: علمًا. وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى، والسدي). الثاني: أي الآيات ذات الدلالة غير القائمة بذاتها بل القائمة بدلالة الآيات السابقة وتتمثل هنا في تفاصيل القصة كقوله تعالى( حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدّيْن وَجَدَ مِن دونهِما قَوْماً لاَ يَكَادونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ، قالَ مَا مًكّنِّي فيهِ رَ بِّي خَيْرٌ فَأعِينُوني بِقوَّة أجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً، آتُوني زُبَرَ الحَدِيدِ حَتَّى إذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْن قَالَ انْفُخُوا حَتّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُوني أفْرِغْ عَليهِ قِطْراً، فَما اسْطَاعُوا أنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبا..ً)،. فهي بمثابة وسائل لتحقيق الغايات السابقة، وآية هذا أن الوقائع التاريخية تتميز بالفردية: أي تتحدث عن فرد مشخص لا يتكرر. والمكان والزمان: أي أن زمان ومكان الواقعة معين، بينما القصة القرآنية لم تتقيد بالزمان أو المكان المعين وتلغي مقولة الفردية فلم تذكر زمان ومكان ذي القرنين أو ياجوج وماجوج أو من هو ذي القرنين أو من هم ياجوج وماجوج. ولذا فان محاوله بعض المفسرين القدامى أو المحدثين تحديد من هو ذي القرنين أو من هم ياجوج وماجوج مثلا أو متى وأين ظهر ذي القرنين أو ياجوج وماجوج أو ومتى بنى سد ذي القرنين وأين يوجد... هو خروج عن الحكمة القرانيه من إيراد القصة،وقد أورد ابن كثير عددا من التفاسير التي تحاول تحديد من هو ذي القرنين ومتى وأين ظهر ثم بين ضعف النصوص التي تستند إليها ومن الامثله على ذلك(وقد أورد ابن جرير هاهنا، والأموي في مغازيه، حديثا أسنده وهو ضعيف، عن عقبة بن عامر، "أنه كان شابا من الروم، وأنه بنى الإسكندرية، ". وفيه طول ونكارة، ورفعه لا يصح، وأكثر ما فيه أنه من أخبار بني إسرائيل. والعجب أن أبا زُرْعَة الرازي، مع جلالة قدره، ساقه بتمامه في كتابه دلائل النبوة، وذلك غريب منه، وفيه من النكارة أنه من الروم، وإنما الذي كان من الروم الإسكندر الثاني ابن فيليبس المقدوني، الذي تؤرخ به الروم).كما نجد من المفسرين المحدثين الذين ساروا على ذات المنوال ومن الامثله على ذلك قول بعضهم أن سد ذو القرنين هو سور الصين العظيم وهو قول خاطىء من عده أوجه: الأول:أن بناء سور الصين العظيم بدأ في القرن السابع قبل الميلاد،ومر بمراحل وتعرض للتهدم ،وكان بداية بناء السور الحالي في القرن الرابع عشر. أما سد ذي القرنين طبقا للقران الكريم بنى مره واحده ولم ولن يتعرض للهدم إلى قيام الساعة. الثاني: أن باني السد وهو ذو القرنين أما بناة سور الصين العظيم،فهم أباطرة الصين الذين تتابعوا على الحكم،وقد ذكرت كتب التاريخ الأسر الحاكمة التي بدأ بناء السور في عهدها والأسر الحاكمة التي انتهى بناء السور في عهدها كذلك. الثالث: أن سد يأجوج ومأجوج لم يَقُم ببنائه أهلُ البلد الذين تضرروا من هجوم عدوهم (يأجوج ومأجوج) عليهم،بل كانوا عاجزين عن القيام بذلك،ولهذا استعانوا بذي القرنين في بنائه. بخلاف سور الصين العظيم،فقد بناه أباطرة الصين أنفسهم،لحماية ممالكهم من غارات أعدائهم عليهم،كما هو واضح من تاريخ بنائه الذي أوردتْه كتب التاريخ. الرابع: اختلاف مواد بناء كل من السد والسور،فمواد السد،كانت-كما ذكر الله-من قطع الحديد والنحاس ،وما شاء الله من المواد المساعدة للإذابة والقوة-كالفحم ونحوه-. أما مواد سور الصين العظيم،فقد كانت أولا من الحجارة واللبن،ثم أصبحت-كما هي حاله الآن-من الحجارة والآجر المتساوية الأحجام. الخامس: أن سد يأجوج ومأجوج رَدْمٌ-حائط-بُنِيَ بين سدين-جبلين-فقط،وكان بناؤه في ذلك المكان كافيا لصد عدوان يأجوج ومأجوج وإفسادهم في أرض المظلومين المعتدى عليهم،وذلك يدل على أنه الممر الوحيد الذي كان المعتدون ينفذون منه في غاراتهم العدوانية. أما سور الصين العظيم فإنه قد شُيِّد بين الجبال وعلى قممها،وهي جبال كثيرة تمتد من شرق الصين إلى غربها،وطول هذا السور يبلغ الآلاف من الأميال،وهذا يدل على أن المنافذ التي كان يخشى مشيدو السور أن يعبر منها أعداؤهم كثيرة جدا،وليست منفذا واحدا فقط-كما هو شأن السد-. السادس: أن سد يأجوج ومأجوج لم يكن باستطاعة المُغِيرين صعوده،ولا القدرة على فتح أي نَقْب-منفذ أو فتحة-للعبور منه،وأنه لم يكن في حاجة إلى أبراج أو حُرَّاس للدفاع عنه. أما سور الصين العظيم فإنه كان قابلا لإحداث فَتَحات ومنافذ يعبر منها العدو فكان في حاجة إلى حِراسة مستمرة،وحُرَّاس لا يغفلون عنه ساعة من نهار،ولذلك لا تكاد تجد قِمَّةً من قمم الجبال التي شيد عليها السور بدون برج أُعِد لحراسته من إحداث منافذ يَغير منها العدو. وبهذا يُعْلَم-يقينا-لا شك فيه أن سور الصين العظيم لا صلة له بسد يأجوج ومأجوج،إلا إذا قُدِّر أنه اتصل بِجَبَلَيْه-أي السد-في موقع من مواقعه-أي مواقع السور-الكثيرة. ذي القرنين كان بشرا نبيا: وذي القرنين طبقا لظاهر النص القرانى كان بشرا نبيا، وهو ما قرره عددا من العلماء، (وقد اختلفوا في ذي القرنين: فقال عبد اللَّهِ بن عمرو بن سعيد بن المسيب والضحاك بن مزاحم كان نبيا , وروينا عن علي بن أبي طالب رضي اللَّهِ عنه أنه قال كان عبدا صالحا من القرون الأول من ولد يافث بن نوح) (تنوير الغبش في فضل السودان والحبش (1/85)طبعة : دار الشريف , ط 1 تحقيق : مرزوق علي إبراهيم , سنة 1419 هـ). و قال الفخر الرازي في تفسيره (كان ذو القرنين نبيا وكان الإسكندر كافرا وكان معلمه ارسطا طاليس وكان يأتمر بأمره وهو من الكفار بلا شك). وقد أيده الله تعالى كنبي بالمعجزات بما هي امكانيه إلغاء حتمية السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود الشهادى،ولكنه اختار معرفه والتزام حتمية هذه السنن الالهيه.ذكر الدارقطني في كتاب الأخبار أن ملكا يقال له رباقيل كان ينزل على ذي القرنين. ذكر ابن أبي خيثمة في كتاب البدء له خالد بن سنان العبسي وذكر نبوته , وذكر أنه وكل به من الملائكة مالك خازن النار , وكان من أعلام نبوته أن نارا يقال لها نار الحدثان , كانت تخرج على الناس من مغارة فتأكل الناس ولا يستطيعون ردها... ياجوج وماجوج من البشر: كما أن ياجوج وماجوج طبقا لظاهر النص هم من البشر اى شعب من الشعوب المتوحشة المفسدة في الأرض، وهو ما قرره كثير من علماء أهل السنة، ورد في النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير : قلت: يأجوج ومأجوج طائفتان من الترك من ذرية آدم عليه السلام كما ثبت في الصحيح. أنهم من بني آدم ثم بني يافث بن نوح . وبه جزم وهب وغيره ، وقيل إنهم من الترك قاله الضحاك ، وقيل يأجوج من الترك ومأجوج من الديلم. ياجوج وماجوج كشرط من اشراط الساعة: ويرى كثير من العلماء القران قد أشار إلى خروج ياجوج وماجوج كشرط من اشراط الساعة كما في قوله تعالى: "حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَة أبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ" الأنبياء: 96-97. وقوله تعالى: " قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وكَانَ وَعْدُ رَبَي حَقّاً، وتَرَكْنَا بَعْضُهُمْ يَوْمَئِذ يَمُوجُ فِي بَعْض وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً" الكهف: 92-99. كما أشارت جمله من الأحاديث إلى ذلك،وان اختلف العلماء حول إثبات أو نفى دلالات هذه الأحاديث . والمذهب الذي نرجحه هو إثبات الدلالات التي تفيدها هذه الأحاديث والتي لا تتناقض مع النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة وإنكار الدلالات التي تناقضها. وبناءا على هذا فان الدلالات التي تثبتها هي اعتبار أن خروج ياجوج وماجوج من الاشراط الكبرى السماوية للساعة، وبالتالي فهو مرتبط بعالم الغيب لا عالم الشهادة والسنن الالهيه التي تضبط حركته. ومضمون هذه الدلالات دك السد الذي بناه ذي القرنين (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ) و بعث ياجوج وماجوج (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) قبيل يوم القيامة التي سيقترن بها دك الأرض كلها(كلا اذا دكت الارض دكا دكا) وبعث جميع الناس. اثبات ياجوج وماجوج لا يناقض التفكير العلمي والعقلاني: واثبات الاعتقاد بياجوج وماجوج كشرط من اشراط الساعة لا يناقض التفكير العلمي والعقلاني كما لا يندرج تحت إطار التفكير الخرافي أو الاسطورى إذ كما سبق بيانه فان قول بياجوج وماجوج مقترن بالقول بان ظهورهم من الاشراط العظمىالسماويه للساعة وبالتالي فهو بالتالي مقترن بعالم الغيب الذي يقع خارج إطار العلم. غير أن هناك مذهب في إثبات الاعتقاد بياجوج وماجوج كقصه تاريخية و كشرط من اشراط الساعة يناقض التفكير العلمي والعقلاني ويندرج تحت إطار التفكير الخرافي والاسطورى لأنه يقوم على الخلط بين عالمي الشهادة والغيب ويتناقض مع قوانين الواقع والعقل والنصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة، وقد تعرض علماء أهل السنة بالنقد للعديد من الأقوال التي تندرج تحت إطار هذا المذهب، ومن ذلك ما أورده ابن كثير في (النهاية في الفتن والملاحم): الرد على القول بان ياجوج وماجوج من ادم لا من حواء( وقد قال بعضهم: إنهم من آدم لا من حَوَّاء.وهذا مما لا دليل عليه لم يرد عن من يجب قبول قوله في هذا والله تعالى أعلم). الرد على القول بان ياجوج وماجوج لا يشبهون البشر( الصحيح أنهم من بنى ادم وعلىاشكالهم وصفاتهم... ومن زعم غير ذلك فقد اخطأ وتكلف ما لا علم له به ومالا دليل عليه) الرد على القول بان ذي القرنين كان يربط خيله بالثريا( وقال ابن لَهيعة: حدثني سالم بن غَيْلان، عن سعيد بن أبي هلال؛ أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار: أنت تقول: إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا؟ فقال له كعب: إن كنت قلت ذلك، فإن الله تعالى قال: ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا )....ولكن الشأن في صحيفته ، أنها من الإسرائيليات التي غالبها مبدل مصحف محرف مختلق ولا حاجة لنا مع خبر الله ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى شيء منها بالكلية، فإنه دخل منها على الناس شر كثير وفساد عريض. وتأويل كعب قول الله: ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) واستشهاده في ذلك على ما يجده في صحيفته من أنه كان يربط خيله بالثريا غير صحيح ولا مطابق؛ فإنه لا سبيل للبشر إلى شيء من ذلك، ولا إلى الترقي في أسباب السموات. وقد قال الله في حق بلقيس: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )[النمل: 23] أي: مما يؤتى مثلها من الملوك، وهكذا ذو القرنين يسر الله له الأسباب، أي: الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرَّسَاتيق والبلاد والأراضي وكسر الأعداء، وكبت ملوك الأرض، وإذلال أهل الشرك. قد أوتي من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سببًا، والله أعلم.وقال سعيد بن جبير في قوله: ( فَأَتْبَعَ سَبَبًا ) قال: علمًا. وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى، والسدي. الرد على القول بان ذي القرنين أنه سار في الأرض مدّة والشمس تغرب من ورائه (وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدّة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له. وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب، واختلاق زنادقتهم وكذبهم) الرد على القول بان الشمس تغرب في الطين في هذه المنطقة ( ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) أي: رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، يراها كأنها تغرب فيه، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه). الرد على القول أن الشمس لا تغرب في هذه المنظقه(( لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ) أي: ليس لهم بناء يكنهم، ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس). الرد على القول أن ياجوج وماجوج ثقبوا السد (قال: ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه، ولا على شيء منه.فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد:إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم... ورواه أحمد أيضًا عن حسن -هو ابن موسى الأشيب-عن سفيان، عن قتادة، به. وكذا رواه ابن ماجه، عن أزهر بن مروان، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عَرُوبَة، عن قتادة قال: حدث رافع. وأخرجه الترمذي، من حديث أبي عوانة، عن قتادة. ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.وهذا إسناده قوي، ولكن في رفعه نكارة؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه، لإحكام بنائه وصلابته وشدته. ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار: أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون: غدًا نفتحه. فيأتون من الغد وقد عاد كما كان، فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون كذلك، ويصبحون وهو كما كان، فيلحسونه ويقولون: غدًا نفتحه. ويلهمون أن يقولوا: "إن شاء الله"، فيصبحون وهو كما فارقوه، فيفتحونه. وهذا مُتَّجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب. فإنه كثيرًا ما كان يجالسه ويحدثه، فحدث به أبو هريرة، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع، فرفعه، والله أعلم). نسل ياجوج وماجوج العرقي والحضاري (ياجوج وماجوج الصغرى) وإذا كان القران الكريم قد قرر أن ياجوج وماجوج كشعب قد تم حجزهم خلف السد الذي بناه ذي القرنين،فان عددا من العلماء قد قرر أن لياجوج وماجوج نسل عرقي خارج السد، أورد ابن حجر العسقلاني ومن رواية سعيد بن بشير عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة ، بني ذو القرنين السد على إحدى وعشرين " وكانت منهم قبيلة غائبة في الغزو وهم الأتراك فبقوا دون السد " وأخرج ابن مردويه من طريق السدي قال : الترك سرية من سرايا يأجوج ومأجوج خرجت تغير فجاء ذو القرنين فبنى السد فبقوا خارجا. وقد حدد بعض المؤرخين القدامى والمحدثين بعض الشعوب كسلاله لماجوج وماجوج من هذه الشعوب المغول والتتار الذين كانوا في البداية مجموعه من القبائل المتناحرة التي استطاع (جنكيز خان) أن يوحدها في اتجاه مشترك وتحت سلطان واحد. حيث خرجت هذه الجموع الكثيفة والمتوحشة من من مواطنها ببوادي آسيه: نحو الصين شرقاً وجنوباً (عبر جنكيز خان سور الصين خلال الفترة 1207م ـ 1211م) ،ونحو روسية وأوروبية شمالاً وغرباً ونحو بلاد المسلمين والهند غرباً وجنوباً . وعاثت تلك القبائل في الأرض فساداً وتدميراً وسفكاً وحرقاً لم يشهد التاريخ مثله من قبل وحازت تلك القبائل المتحدة على حوالي أكثر من نصف الأرض وهي مساحة لم يستطع شعب من قبل تحقيقها.وبلغ تقدير قتلى حروب جنكيز خان وجيوشه ما يقارب 20 مليون نفس، ،وقد تحطمت الأسطورة المغولية على يد المسلمين في موقعة عين جالوت (658هـ/1260م). وبعدها بفترة بسيطة دخل المغول بأعداد متزايدة عبر السنين في الإسلام حتى ذابوا تقريباً في المسلمين. ومن هذه الشعوب اليهود الاشكناز حيث يقول بعض المؤرخون أن من سلاله يأجوج ومأجوج شعب وحشي الطباع معروف باسم الخزر والذي كانت تقيم قبائله العديدة في الجزء الجنوبي من الاتحاد السوفيتي الحالي . ويقول المؤرخ المعاصر الفريد ليتنتال في كتابه " التجمع الصهيوني الثاني " المنشور عام 1983 "أن الخزر وهم شعب من الرعاة الوثنيين كان يقيم في جنوب روسيا مابين نهر الفولجا والدون انتشر على شواطئ البحر الأسود وبحر قزوين وبحر آزون . ولقد لجأ اليهم اليهود الذين طردوا من القسطنطينية أيام الحاكم البيزنطي ليو الثالث ونافسوا المبشرين المسيحيين والمسلمين وكسبوا الخاقان بولان حاكم الخزر لليهودية نحو عام 740 ميلادية . فتبعه الى اليهودية صفوة شعبه ثم شعبه كله . وان بعض تفاصيل تلك الأحداث قد تضمنته رسائل متبادلة بين الخاقان جوزيف الخزرى وبين الحاخام حسداى بن شروط (915-1970 ).. فلما اجتاح المغول بلاد الخزر هرب اليهود الاشكناز الى روسيا والمانيا والبلطيق وبولندا واصبح هؤلاء الاشكيناز الطاغين عددا على اليهود الذين وصلوا الى اوروبا من طرق اخرى . وهكذا فان الاغلبية العظمى من يهود شرق اوروبا ليسوا يهودا ساميين اصلا ". القصة ذاتها بتفاصيل أكثر أو اقل واردة في دائرة المعارف الأمريكية الجزء 13 . وفى كتاب المؤرخ آرثر كوستلر المعنون " القبيلة الثالثة عشرة " المنشور في لندن عام 1976 الذي ينقل عن أبراهام بولياك ، رئيس قسم تاريخ اليهود في القرون الوسطي – جامعة تل ابيب . قوله :" ولهذا فان بعض المتعلمين من اليهود الخزر يسمون أنفسهم اشكنازى عندما يهاجرون من بولندا" هؤلاء الاشكنازى هم قوام الحركة الصهيونية من بين اليهود و هم الحاكمون ورجال دولة الصهاينة. وإذا كان القول بنسل عرقي لياجوج وماجوج محل خلاف فان من الثابت أن لهم نسلا حضاريا حيث يقول علماء الاجتماع والحضارات المقارن أن الهيكل الحضاري للشخصية يكتمل تكوينا قبل أن يبلغ الشخص السادسة عشرة من عمره . تنتقل القيم الحضارية المميزة للأمم من خلال الأمهات إلى أطفالهن بعد أن يكن قد تلقينها وهن أطفال من أمهاتهن . بعد السادسة عشرة يبدأ كل شخص في أن يكتسب من تجربته الخاصة ما يضيفه إلى هيكله ، ولا يستطيع شخص اى شخص أن يغير هيكله حتى لو طمس معالمه بما اكتسب . انه حيئنذ يغترب كما يقول علماء الاجتماع من هنا فان شعوبا كاملة تتميز بحضارات روحية أو مثالية ، أو مادية ، أو إنسانية ، أو فردية... ومن الشعوب ما يتميز بحضارة وحشية احدهما ياجوج وماجوج، قال تعالى " إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض " ( الكهف – 94 ) . لم يقل جل جلاله أنهم افسدوا أو أنهم يفسدون أو أنهم سيفسدون . لان الآية لا تحكم على أعمالهم الماضية والحاضرة أو المستقبلة . بل قال جل شأنه أنهم " مفسدون في الأرض " لأنه ينبئ بما هم عليه من طبيعة غير قابلة للتغير حسب الأزمان . وهى طبيعة وان تكن شريرة إلا أنها قيمة حضارية فهي تنتقل من خلال الأمهات إلى أطفالهن وتصاحب الشعب المفسد حتى فنائه ، لا حيلة له في هذا. وطبقا لما سبق فان اى قبيلة أو شعب أو أمه تتميز بحضارة وحشيه فهي من نسل ياجوج وماجوج الحضاري وان لم تكن من نسلهم العرقي،وهى ياجوج وماجوج الصغرى(نسبه إلى علامات الساعة الصغرى)،فلكل زمان ياجوج وماجوج صغرى. ومن هذه الشعوب المغول والتتار قديما ،واليهود (الاشكنازى)حديثا ، يقول الشيخ محمد متولي الشعراوى في تفسيره( وإنما المهم من قصتهم أنهم قوم مفسدون في الأرض لا يتركون الصالح على صلاحه فإذا تصدى لهم المتمكن في الأرض فعليه أن يحول بينهم وبين هذا الإفساد، وياجوج وماجوج هم أهل الفساد في كل زمان ومكان).
خروج الدابة و من الاشراط العظمى السماوية للساعة خروج الدابة التي تكلم الناس قال تعالى:( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابه من الأرض تكلمهم) وكون خروجها من الاشراط الساعة الكبرى السماوية، يعنى انه مقترن بعالم الغيب لا عالم الشهادة وغير خاضع لحتمية السنن الالهيه التي تضبط حركته. وعلى هذا فان كيفيه هذا الخروج غيبيه لا تتوافر للناس امكانيه تصوره، لذا فان محاوله بعض المفسرين تحديد صفاتها أو مكان خروجها... هو خروج عن غايات النص القرانى .يقول الإمام الرازي في تفسيره (واعلم انه لا دلاله في الكتاب على شيء من هذه الأمور فان صح الخبر فيه عن الرسول(ص) قيل والا لم يلتفت إليه) ويقول الشيخ شلتوت في الفتاوى( وقد تتبع بعض المفسرين غرائب الأخبار التي ليس لها سند صحيح وأغدقوا من شرها على الناس وعلى القران وكان جديرا بهم أن يقيموا بينها وبين الناس سدا يقيهم البلبلة الفكرية فيما يتصل بالغيب الذي استأثر الله بعلمه).
المراجع
1. ابن خلدون، المقدمة، دار إحياء التراث العربي. 2. الإسلام وقضايا العصر، جمعيه تبليغ الإسلام، القاهرة، بدون تاريخ. 3. ابن تيميه، درء التعارض،الجزء الاول . 4. ابن القيم، المنار المنيف فى الصحيح والضعيف، الجزء الاول. 5. القرطبى، التذكره ،مكتبه الصفا، القاهره ،ط1 ، 2001 6. الطحاوى،شرح العقيده الطحاويه،مكتبه الدعوه الاسلاميه، القاهره 7. الخومينى، الحكومه الاسلاميه، ترجمه حسن حنفى،القاهره،1975. 8. تقى الدين النبهانى،الشخصيه الاسلاميه،منشورات حزب التحرير،بدون تاريخ. 9. تنوير الغبش في فضل السودان والحبش (1/85)طبعة : دار الشريف , ط 1 تحقيق : مرزوق علي إبراهيم , سنة 1419 هـ). 10. رشيد رضا،محمد عبده، تفسير القران الحكيم،بيروت، دار المعرفه للطباعه والنشر، بدون تاريخ. 11. محمد الغزالى، السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث، دار الشروق، 1989 12. محمود شلتوت، الفتاوى، القاهره. 13. مصطفى السباعي، السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي .
|
|
|
|
|
|