|
بيان من البؤساء في معسكرات النازحين بدارفور
|
بسم الله الرحمن الرحيم
شكــــــراً لأخوتنا البؤساء في المهجر
لقد اطلعنا على بيانكم الضافي بخصوص الاتفاقيات الأربعة الموقعة بين حكومة الخرطوم الدكتاتورية العنصرية وحكومة مصر الاستعمارية. وقد صدقتم في كل وصف وصفتم بها حكومات مصر وسياساتها الاستعمارية المتعالية تجاه الشعب السوداني من لدن محمد علي باشا حتى عهد الملك غير المتوج حسني مبارك .
وقد سبق لنا نحن نساء ورجال دارفور في معسكرات البؤس في داخل دارفور وفي معسكرات اللجوء في داخل تشاد ؛ وعلى الرغم من الظروف المعيشية والصحية والأمنية الصعبة التي نعيشها ؛ استطعنا أن نشكل لجاناً سرية لتعوية أهلنا وتبصيرهم بما يحيكها حكومة الخرطوم ومن ورائها حكومة مصر العنصرية . وقد نبهنا كل من يهمه أمرنا وأمر دارفور بأن مصر غير مرحبة بها لمواقفها العنصرية الداعمة لطغمة الخرطوم . وقد لاحظنا في معسكرات دارفور الدور الخبيث الذي يقوم به الأطباء المصريين والتجسس على النازحين وسؤالهم عن المنظمات الطوعية الغربية التي هرعت لإغاثتنا والسؤال عن علاقتة هذه المنظمات بإسرائيل . وهم يحرضون ويستغفلون النازحين ويقولون لهم بأن هذه المنظمات مسيحية وسوف تنصر أبنائكم وأن الإسرائليين لهم مصلحة بما يجري في دارفور. ونحن نقول للمصرين ؛ بأننا شبعنا من هذا الهراء . ونسأل المصريين بقرضاويهم وصاحبه العوا: لماذا لم يتنصر المصريين مع الحملات الفرنسية وتالياً الإنجليزية ؟ ونقول للمصريين: بأننا سوف نقف مع من أطعمنا من الجوع ؛ سببه حكومتنا المسنودة بالأسلحة والمخابرات والدبلوماسية المصرية. إن أهل دارفور أكثر أمتناناً لما تقدمه الغرب ولن تسمع للغو المصريين ولعقهم من الحياض الآسنة وترويجهم لبضاعة فاسدة . أنظر كيف استقبل كوفي عنان ؛ وكولن باول ؛ وجيسي جاكسون ؛ وجاك أسترو وغيرهم من الذين لم يغمض لهم جفن لرؤيتهم الناس يقتلون ويهجرون قسراً من ديارهم بحرق قراهم ورميهم بالقنايل المرعبة. كنا نود أن يلتزم المصريين الموقف السعودي الإسلامي السمح مع أخوتهم ؛ فلا إساءة ولا إحراج ؛ بل خدمة من أجل الدين القويم الذي جعلوه مرشدهم ولم يسألونا عن قبائلنا ولا عن ألواننا ولم يتأففوا من منظرنا ومن الوضع السيء الذي نعيش فيه .
إخوتنا في المهاجر ؛ كان بودنا أن نباشركم بأخبارنا وسير تنظيمنا الوليد ؛ ولكن كما تعلمون الظروف التي نمر بها من صعوبة التحرك وصعوبة الوصول إلى وسائل الاعلام العادية ناهيكم عن الأنترنت ؛ والطوق الأمني المضروب علينا من قبل الجنجويد بعد لبسهم للكاكي – شرف الجندي السوداني . كما أننا نعاني من أصحاب الذمم المريضة من أبناء دارفور الهائمين في أروقة السلطة .
وقد اطلعنا بالصدفة المحضة على رسالتكم ورسائل أخرى كثيرة في بريدنا الإلكتروني من عدة مدن وولايات أمريكية ؛ من فرنسا ؛ من إيطاليا ؛ من النمسا ؛ من أستراليا ؛ من كوريا ؛ من مصر ؛ من السعودية ؛ من الأردن ؛ من تايلاند ؛ من مدغشقر ؛ من لبنان ؛ من مالي ؛ من ليبيا ؛ من سويسرا ؛ من البرازيل ؛ بريطانيا ؛ الكويت ؛ من الفلبين ؛ من كينيا ؛ من مالطا ؛ من الإمارات العربية المتحدة ؛ من جنوب أفريقيا ؛ من يوغندا ومن دول أخرى عديدة في مشارق الأرض ومغاربها . ولم نكن نعلم بأن هذه الحكومة العنصرية قد فرقت أبناء دارفور في كل بلاد الأرض وإلى دول لم نسمع عنها البتة ولا نعرف موقعها في الأطلس مثل أندورا. كثيرون شرحوا لنا مجهوداتهم من أجل ايصال قضية شعب دارفور إلى أروقة المجتمع الدولي وناشدونا بالصبر الجميل وإن غداً سيكون أجمل في دارفور . ونحن رغم البؤس الذي نعيشه ؛ لا نملك إلا أن نقول لأبنائنا في مهاجرهم القسرية ان يستمروا على هذا النهج والضغط على الزناد من أجل حماية أهل دارفور من قبل المجتمع الدولي ومنع نظام الخرطوم من استخدام طيرانها ضد مواطني دارفور . كونوا يداً واحدة ضد حكومة الخرطوم العنصرية ولا تهنوا ولا يلين لكم عود حتى ذهاب تجار الدين غير مأسوفاً عليهم . وقد فعل الثوار خيراً بتنزيل مطالبنا ضمن أجندة مفاوضاتهم مع حكومة الجبهة العنصرية . ونحذر الأخوة الثوار من مراوغات الخرطوم ؛ فنقض العهود سمتهم والغش ديدنهم والكذب سلوكهم وقد تمرنوا جيداً في مفاوضاتهم مع الحركة الشعبية ؛ ويقف من ورائهم بائعي الوهم المصريين . فانتبهوا حتى من حروف الجر !
سوف نعمل جاهدين كل ما سنحت لنا الفرصة بتزويدكم بأخبار المعسكرات رغم صعوبة المهمة لنشرها في وسائل الاعلام المتاحة لكم . وفي العموم الأوضاع الإنسانية في تحسن على الرغم من فقدنا لأعزاء لنا وفقدنا لممتلكاتنا وحريتنا . والجنجويد القتلة كما تعلمون هم حراس معسكرات اليوم . يا للبؤس . ونحمد الله أن قيض لنا من يحمينا من من ندين معاً بدين واحد ونعيش معهم في أرض واحد .
نعود للإتفاقيات الأربعة. بحكم ظروفنا ؛ فإننا لم نطلع على تفاصيل هذه الإتفاقيات ولا ندري هل علم بها باقي الشعب السوداني أم لا ؟ كل ما سمعناه هو أن المصريين منحوا الأراضي الواقعة بعد مسافة 40 كم غرب النيل في محاذاة أرض النوبة الشمالية ليلتهم أرض كرم التوم المسلوخ من دارفور وألصقت في الولاية الشمالية قسراً – وهي منطقة غنية جداً بالبترول والفسفور والمياه الجوفية . وعلى نفس البعد في إتجاه الشرق من أرض النوبة الشمالية ليلتهم أرض البجة البشاريين . ونحن أبناء دارفور نقول للمصريين بأننا سوف لن نسمح لهم باستغلال أرضنا ونهب ثرواتنا و سوف لن ينعموا بحرية التنقل؛ أو بحرية التملك ؛ أو بحرية العمل أو بحرية الإقامة على الأقل في أرض دارفور.
ماذا سيمتلك السوداني في مصر؟ إذا كانت أرض مصر ضاقت بناسها . ونحن نعرف القصص الرتيبة في مسلسلاتهم عن عدم توفر الشقق لزواج أبناءهم. فهل المعنى هو أن يمتلك المصريين شققاً وأراضي زراعية لهم في أرض السودان ؟ خصوصاً إذا علمنا بضيق الرقعة الزراعية حول مجرى النيل والتكلفة العالية لاستصلاح الأراضي الصحراوية في مصر .
أما فيما يتعلق بحرية العمل : نقول ماذا يعمل السودانيون في مصر ؛ خدماً مذلولين في البيوت ؟ أم بائعين على الأرصفة تحت رحمة يد الشرطي الممدودة دوماً طلباً للرشوة أو المصادرة ؟ ونحن نعلم الأزمة الخانقة التي تعانيها مصر في البطالة ؛ فإن هذا ببساطة يعني أن نكون متسكعين في شوارع بلدنا بعد أن يكتسح العامل المصري السوق السوداني .
أما حرية الإقامة ؛ فالسودانيون ليس في ضيق وأرض المليون ميل يكفيهم ولن يحوجهم لطلب الإقامة في مصر . فما هي المغريات الأخرى التي تجعل السوداني يطلب الإقامة في مصر ؟ فالاقتصاد المصري يعتمد على المعونات الأمريكية ولن تسمح حكومة مصر للآخرين بمشاركة المصريين في ذلك . قد يقول قائل : أن هناك عدد هائل من السودانيين يقيمون في مصر ؟ إن هؤلاء لم يذهبوا إلى مصر طوعاً ؛ فقد ذهبوا إليها بعد أن قهرتهم حكومة الجبهة ؛ ولأن مصر هي مقر المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابع للأمم المتحدة . فهي ليست دولة مقر للسودانيين ؛ ولكنها دولة عبور إلى شتاتهم الإجباري . ولكم أن تسألوا ماذا يعانيه اللاجئين السودانيون في مصر ؟ إن توطين المصريين في السودان ليست فكرة جديدة . ففي الثمانينيات من القرن الماضي ؛ طلبت مصر توطين عدد ألف من المصريين العذاب – هكذا - في منطقة جونقلي !!
أما حرية التنقل ؛ فالمقصود بها أن تمرح المخابرات المصرية وتستبيح أرض السودان. وقد قلنا في بيان سابق أن الأساتذة المصريين – وهم جميعاً من المخابرات المصرية - في مدرسة الفاشر الثانوية كانوا يكتبون التقارير ليلاً لحكومتهم عن مستوى الطلاب والمواد التي يبرزون فيها وما هي قبائلهم !! كانت لمصر كم هائل من المعلمين في المدارس الثانوية خصوصاً الثانوية منها ؛ بالإضافة إلى البعثة التعليمية المصرية والري المصري واللتين تتبعان لجهاز الاستخبارات الخارجية المصرية. ولا ننسى جامعة القاهرة فرع الخرطوم – النيلين حالياً ؛ كانت قلعة من قلاع المخابرات المصرية . وفي جامعة أمدرمان الإسلامية ؛ كان أحد أساتذة القانون الدولي مستشاراً أمنياً سابقاً للرئيس جمال عبدالناصر ؛ فهل تخلى الدكتور المشهور جداً عن دوره الاستخباري عندما كان يدرس مادة القانون الدولي في الجامعة الإسلامية ؟
إن هذه الإتفاقيات فصلت من أجل تفريغ الشحنة السكانية المصرية الزايدة في تجاه السودان وتغيير وخلخلة التوزيع السكاني السوداني وبالتالي التأثير على مستقبله وخلق عملاء ثابتين لمصر في داخل السودان . إن هذا هو الاستيطان الاستعماري ؛ فهل تعلم المصريين من جيرانهم الإسرائليين فنون الإستيطان ؟!
نحن نتسآل ما هو موقف الأحزاب والتنظيمات السودانية من هذه الاتفاقية ؟ ولماذا لم تحرك ساكناً حتى الآن ؟ أنه من أوجب واجبات الانتماء لهذا الوطن المسلوب الدفاع عنه وصد المحاولات المصرية الاستعمارية التي لا تنظر إلى السودان سوى منجم ذهب ومستودع للعبيد على مر السنين . على اخوتنا النوبة الشمالية والبجة في الشرق التدافع للدفاع عن أرضهم ومنع المصريين من العبث بمقدراتهم وسرقة آثارهم ومحو ثقافتهم الإفريقية الضاربة الجذور في عمق التاريخ .
اللهم هل بلغنا .... اللهم فأشهد.
البؤساء في معسكرات النازحين في ولايات دارفور واللاجئين في تشاد
عنهم/ عيسى محمد آدم
22/09/2004م
[email protected]
|
|
|
|
|
|