|
الفصل الثاني من مسرحية النائب الاول
|
نواصل الان ما بداناه من حوار حول موضوع الحرب الشعواء التي تدور رحاها الان بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي ، وقلنا سابقا ان الاستاذ علي عثمان طه فضل ان يقود مايسترو المعركه بنفسه وذلك لانه يعرف تماما أنه سوف يكون المستهدف لاي مغامرة تقوم بها كوادر الشعبي ، ولا زلت اقول ان المؤتمر الشعبي ربما يكون برئيا من هذه المؤامرة المزعومة ، وليس السبب ان حزب المؤتمر وديعا وغير ميال الي سياسة العنف ولكن هنالك عدة أسباب تساعد في نفي الشبهة عن حزب المؤتمر الشعبي ، و أول هذه الاسباب أن حزب المؤتمر الشعبي تعرض لعملية اجتثاث مدروسة تم بموجبها استبعاد كل عناصره من كل أجهزة الدولة وشمل ذلك حتي القطاع الخاص ، هذه العملية ادت الي افتقار عناصر الشعبي الي الموارد المالية الي تمكنه من مقارعة تنظيم اخطبوطي متعدد الاذرع مثل المؤتمر الوطني ، ثانيا أدي الصراع الاخير الي تقلص القاعدة الشعبية للترابي وسط أتباعه وذلك لأنه كان يعتمد سياسة استمالة الاعضاء عن طريق الاغراءات ولكن ا هذا الاسلوب اصبحت تمارسه الحكومة الان لتقضي علي كل من تبقي للترابي من أنصار ، وهناك سبب اخر هو أن تنظيم المؤتمر الشعبي يبدو أنه لم يخطط جيدا لهذه المعركة الطويلة واعتمد علي العديد من الافتراضات الخاطئة والتي كان من بينها المراهنة علي ثورة شعبية تندلع ضد النظام بمجرد ادخال الترابي السجن ، وكان الترابي يعتقد أن الجماهير الثائرة سوف تخرجه معتقله وهو محمولا علي الاكتاف ، وكان يظن ايضا أنه يستطيع اسقاط مؤسسة طه والبشير عن طريق ندوة عفوية تقام بالميدان الشرقي لجامعة الخرطوم كما حدث في ثور اكتوبر عام 1964م ، تلك الثورة التي تنكر لها الترابي عندما دبر انقلاب عمر البشير الذي صادر الحريات العامة وانهي خصوبة الحياة السياسية في السودان والتي كانت في طريقها الي التطور ، ولكن الذي حدث أنه لم تقم ثورة سوي بعض الحركات الخفيفة والتي قمعها النظام بكل يسر وهي في المهد ، كما أن الكثيرين كانوا يرون في الترابي أنه السبب المباشر لهذا الوضع المأساوي الذي يمر به السودان الان ، بل وهناك من رحب باعتقال الترابي وأعتبر ذلك له جزاء بما اسلف في ايام الانقاذ الاولي ، ومن الاسباب التي تجعلني أعتقد ان حزب المؤتمر الشعبي غي رقادر علي حرب شوارع ضد نظام طه والبشير أن هذا التنظيم خسر التعاطف الدولي أو العربي وذلك بسبب العداء الذي كان يكنه للجميع وقد وطدت مصر علاقتها مع السودان بمجرد وضع الترابي في السجن ، ولذلك كان شيخ الترابي هو كبش الفداء أو القربان الذي يضحي به من أجل كسب صداقات دول العالم والشعوب ، كان الترابي ينتقد النظام الحاكم في مصر ويتمني زواله وكان يكره دول الخليج ويصف علمائها بالرجعية وبانهم علماء الحيض والنفاس ، ودخل الترابي ايضا في حرب مع الطرق الصوفية حين وصفها بالبرود السياسي ، دخل الترابي في كل هذه الحروب ولم يترك له صديقا واحدا يلجأ اليه عندما تدلهم الخطوب ، ولذلك انهزم في أول معركة ضد المشير وطه ، أن حال الترابي يذكرني بمفكر الثورة الفرنسية روبسبير والذي كان من قواد الثورة الفرنسية ولكنه تحول الي دكتاتور فدارت عليه الدوائر وقطعت عنه بنفس المقصلة التي كان يسوق اليها الشرفاء من أبناء فرنسا ، ولقد اعتمد د. الترابي الاسلوب الكلاسيكي في حربه علي النظام وذلك لاعتماده علي قطاع الطلاب من اجل تسويق وجهه نظره حول الصراع الدائر بينه وبين النظام ، والترابي يعلم يقينا أن الطلاب دائما ما كانوا أعداء للظلم والطغيان ، ولكن انغماس الترابي بشئون الحكم أيام مشاركته في الانقاذ جعلته يجهل التتطورات التي حدثت لهذا القطاع ، فألة التخريب التي قضت علي كل مؤسسات الحكم المدني في السودان قد مدت يدها والحقت اضرارا بليغة بالطلاب ، والطلاب الان ليسوا هم الذين يزيلون الطغاة أو يعلنون الثورات كما كان يحدث سابقا ، ولقد عشنا الان عهدا يحكم فيه دكتاتور مثل صدام بلده لمدة أربعة عقود بالحديد والنار ولكن قوة خارجية تستطيع الاطاحة به في ظرف ثلاثة أسابيع في معركة لم يحارب فيها ، هذا هو أسلوب تغيير الحكام في عهد الالفية الثالثة ، فداخليات البركس التي كانت تلهم الثوار وتأوي المناضلين تحولت بقدرة قادر الي مستودع للنساء تكدس فيه الطالبات بأعداد كبيرة من كل صوب وحدب ، وداخلية تهراقا والتي بنتها الجمعية الهندسية أصبحت مملوكة الان لصندوق دعم الطلاب يسكن فيها الطلاب حسب لونهم السياسي وبعد ازمة دارفور حسب لونهم العرقي ، أما حجر الدسمس الذي يقع بالقرب من كلية الاداب والذي كان منتديا سياسيا تقام فيه ندوات الحوار تحول بقرار من الدكتور المرحومة زكية ساتي الي مكان لقضاء الحاجة ، وتحولت واجهات الكليات الي بقالات وكبائن للهاتف ومطاعم البوش التي تسترخص طعامها الردئ من أجل ان تشبع بطون الطلاب الجوعي الذين لازموا البوش مرة كل ست ساعات كوصفة الدواء للمريض ، وعلي ما اعتقد ان بيت القزاز الشهير قد تمت ازالته تماما وبني في مكانه قاعة كبيرة ، أما أزقة الجامعة فقد أمتلات بصور الشهداء الذين ماتوا طمعا في حور عين زوجهم بها الترابي وهم علي قيد الحياة ، لم يكتف الترابي بأن يكون مثل الاسكندر المقدوني وذلك بأن تحقق له كل شئ في الحياة الدنيا ولكن الترابي زاد عليه عندما وزع الحور العين لاتباعه في الدنيا قبل مماتهم ، هذه هي جامعة الخرطوم التي يراهن عليها الترابي في حربه ضد نظام المشير وطه ، وهذا الوضع المزري الذي ألم بجامعة الخرطوم حدث تحت سمع وبصر د.اللترابي والذي وكان وقتها مشغولا بنظرية التوالي في الحكم ، ولكن الترابي تنكر لهذه الجامعة وتنكر للطلاب الذين كانوا سواعده في السابق و الذين حققوا له حلمه الكبير بأن يكون زعيما سياسيا من غير أن ينتمي لآ ل المهدي أو الميرغني كما تتطلب السياسة السودانية ، وبدأت الحرب علي جامعة الخرطوم عندما تهكم عليهم حسين خوجلي في جريدة الانقاذ الوطني و ذلك عندما وصفهم بالقطط المدللة التي تشرب الحليب مرتين في اليوم قبل كل طفل في السودان ، هكذا بدأت الحرب علي المؤسسات ، كانت حرب لا تفرق بين استاذ جامعي أو مؤسسة علمية متخصصة في البحث العلمي ، ولكنها كانت حرب تهدف لامتصاص هذا البصيص من الضوء الذي سوف ينير الطريق للأجيال القادمة ، والان هل فهم الترابي أن ايام الستينيات قد ولت الي غير رجعة ، وانه لم يعد هناك ثوار من الطلاب يحملون جثمان الشهيد علي أكتافهم وهو ملفوف بعلم الوطن ويخرجون به الي الشارع حيث يلتحمون مع الجماهير فتشتعل الثورة ويخرج الزعيم من معتقله محمولا علي الاكتاف كما يحدث في عالم الفنتازيا الخيالية والتي تجدها في كتاب السندريلا أو في قصة الاميرة والراعي ، هذا لن يحدث لأن جهاز الامن الذي أسسه الترابي وخصص له قسما للطلاب أصبح أقوي مما عليه في السابق ، وان جامعة الخرطوم قد أنتهت وعلي الترابي ان يعتمد في حربه القادمة علي بائعي الثلج والمياه الباردة واصحاب العاهات بسبب حرب الجنوب ، عليه أن يبحث لثورته وقودا عند ستات الشاي والكسرة وبائعي المساويك ، وعلي الترابي أن يعتذر للذين أحيلوا الي الصالح العام بسبب لونهم السياسي وأن يعتذر ايضا الي الذين اعتقلوا وعذبوا طوال سنوات حكم الانقاذ البائسة ، وعرفت الان ان الاخ ناجي عبد الله يرقد في المستشفي بسبب اصابات حدتث له من جراء مقاومته الاعتقال ، والان لماذا الضجة اذا أغتيل أحد أفراد المؤتمر الشعبي ؟؟؟ ا هذا ليس بشئ جديد فقد قتلت الاخت التاية بدم بارد قرب شارع النشاط وتركت تنزف حتي الموت ، وقتل الاخ سليم أبو بكر بين ردهات كلية الاداب واختلطت دماؤه بأرضيات كلية الاداب ، وقتل الاخ طارق بينما كان يحتمي بقطعة صهريج فارغة بالقرب من كلية القانون ظنا منه انها تحميه من رصاص قوات الامن المنهمر ،ولكن قوات الامن لم تفوت فرصة الهدف السهل ولم تذهب حصص تدريبها علي صيد الهدف هباء ، فأنطلقت رصاصة الغدر لتثقب الصهريج وتستقر في ذلك القلب النابض فتحيله الي الموت الزعاق ، الاخ طارق لم يسعف وكانت قوات الامن تطلق النار علي كل من يقترب منه محاولا انقاذه ، اين كان يقف الناجي عبد الله في هذه المعركة ؟؟؟ واين كان مهييج الشعوب و ملهم الثورات د.الترابي ,اين كان الاستاذ صديق محمد عثمان والذي يبكي الان من لندن علي المجد الذي ضاع بسبب غرور الترابي ، اين كان هولاء ؟؟؟ والناجي الان يتطبب في مستشفي الامن ولكن هولاء التاية وسليم وطارق تركوا ينذفون حتي الموت وكأن قرار موتهم قد أتخذ مسبقا ، وكانت شرذمة الاتجاه الاسلامي ومن بينها ناجي الزيتو المرحوم علي عبد الفتاح والتجاني المشرف يساعدون جهاز الامن ليصطاد أهدافه ، وكان الرصاص ينهمر كالمطر ويصيب الكل من غير تمييز ، كان لا بد من حدوث مجزرة حتي يقلع الطلاب ثورتهم ، وحتي يثبتوا للجميع أن عهد التسامح قد انتهي ، وقد حدتث المجزرة وسالت الدماء البريئة ، ولكن القاتل يقتل ولو بعد حين وها هي الدوائرتدور عليهم ، وان المقصلة التي صنعها الترابي قد ارتدت عليه وها هي تحصده وتحصد معه ابناؤه وأسرته والتي أصبحت شبه مشردة الان ، هذا هو الواقع الذي فرضه الترابي علي أهل السودان ، ولكن علي الترابي ومن أمن بفكره أن يدعوا الله مخلصين أن يتوب عليهم قبل العودة لاقتسام الكعكة مع نظام طه والمشير ، ونحن نسأل منتمي المؤتمر الشعبي اذا تبقي لهم ذرة من ضمير
من الذي قتل شهداء الحركة الطلابية بجامعة الخرطوم ؟؟؟
ومن الذي مارس السحل والتعذيب حتي الموت لشهداء حركة 28 رمضان
وهذه الاسئلة الان مطروحة لكل من د.علي الحاج والاستاذ المحبوب عبد الله عبد السلام وللاستاذ صديق محمد عثمان ، واذا أجاب هولاء النفر علي هذه الاسئلة فمن الواجب علينا أن نوسع سرادق العزاء ونبكي مع كل من فقد عزيزا في طاحونة المشير والامير طه
ولنا عودة
اختكم ساره عيسي
السودان- ام درمان الثورة الحارة الاولي
|
|
|
|
|
|