|
نماذج من السرقات في الأدب السوداني المعاصر
|
نماذج من السرقات في الأدب السوداني المعاصر
تعقيب على مقال.. الرشيد عثمان لم يسرق أقوال إدوارد عطية بقلم :حيدر أبو التقى تابعت بسودانيز أون لاين قبل فترة ردا حول كتاب ادوارد عطية «An Arab tells his story» وعن تعليق وترجمة الدكتور محمد وقيع الله للجزء الخاص بالأديب السوداني الفذ معاوية نور. إنه لشرف لنا أن نبحث ونستقفي خطى أديبنا العظيم نور ونستل آثاره وذكراه أنى وجدت ، كما هو مهم كذلك أن نعيد شخصية مثل إدوارد عطية للدراسة و البحث من أجل التعرف على الأدوار المثيرة التي كان يقوم بها ، متزيـيـا بثوب وداد المثقفين في ظاهره ، مقلبا لهم ظهر المجن في باطنه ،وكيف لا والرجل يحدد في مذكراته شكل العلاقة التي يربطه بجمهور المـثقفين في تفسيرهم واستقرائهم على ضوء هوى حكومة الاستعمار في الخرطوم. وقد عملت جاهدا للحصول على كتاب الدكتور وقيع الله،لما يتضمنه من علامات بارزة في فكر معاوية نور وأرجو من سودانيز اون لاين أن تتبنى أدب هذا العملاق الذي كان يضاهي في قامته العقاد ، وقد شدني مقال الأستاذ حسن صلاح الدين - الذي تربطه صلة قرابة مع الرشيد عثمان – و الذي جاء بعنوان "الرشيد عثمان لم يسرق أقول إدوارد عطية" ، والرشيد هذا يعد جامعا ومقدما للسفر الهام الذي يعد مرجعا في أدب معاوية نور ،وأرجو أن أدلي بدلوي في هذا السجال لأن مرجعا في هذه الأهمية سوف نخسر إن نزهناه عن أعمال الجرح (نقدا) و التعديل( تصويبا) .وذلك لسببين: أولا: لأن كائنا من كان من البشر لا تعصمه عصمة عن النقد. ثانيا: لأن ما وقع فيه جامع آثار معاوية نور أي الرشيد من إخلال بمناهج التأليف يستحق التمحيص وسبر الغور من قبل الباحثين والمحبين لأدب نور. ولنطرح عينة من الاتهامات الأدبية التي عددها الدكتور وقيع الله لكاتب مقدمة آثار نور لنطلق على أساسها الأحكام النقدية : 1. إن رشيد قد نقل كلام إدوارد عطية واصطنعه لنفسه. وقد ساق وقيع الله دليله قويا على ذلك بعدة أسطر نقلها الرشيد حرفيا من حديث ادوارد عطية مثل العبارة التي تحدث فيها الأستاذ رشيد بضمير القائل : " ولعلنا لا نركن إلى المغالاة إذا ذهبنا إلى القول بأن معاوية كان أول سوداني يتصل اتصالاً حقيقياً بروح الغرب وأدب الغرب " وأصل العبارة كما جاء في إدوارد عطية: “Moawiya was the first Sudanese to make real contact with the spirit of the West . ” وبهذا التعامل مع النص فقد ارتكب الرجل نوعين من الأخطاء: أولاهما خطأ نقلي: مخالفا لأبسط قواعد الملكية الفكرية وأسس الإحالة و التهميش. وثانيهما خطأ حكمي: بأن تبنى أحكام الغير لأناه. حيث إن مثل هذه الأحكام القاطعة لا يطلقها العوام من الناس،ولا شك أن كاتب المقدمة كان يدرك ذلك مثلما يدرك جميع المهتمين بالأدب،أن إطلاق حكم بهذه الجدية لا يتأتى الا لمن أنس في نفسه ما يدعوه ليكون أهلا لإصدار هكذا أحكام نحو أستاذ أو مراقب لصيق أو ذي غرض كادوارد عطية بحكم مكنته الاستخبارية لا الرشيد عثمان الذي كون رأيه في معاوية عن طريق الرواية الشفهية من خال أديبنا معاوية نور وجد الرشيد (و الرواية الشفهية ليست بثقة في هذا الحكم بالذات و يؤخذ منها ما هو متعلق بنسب معاوية وتاريخه الاجتماعي بعد الفلترة والنقد الأولي ) فهل كان " الجد" المنقول عنه يتمتع بالإلمام بمجاميع المفردات وأدوات المقارنة في عصر معاوية نور حتى يصدر هذا الحكم المقارن لصالح ابن أخته معاوية ؟. ،إذن فمن أين أتى الحكم الذي انتقى معاوية كأول سوداني يتصل بروح الغرب؟ . إن هناك سرقة يجب أن نقر بمصدرها ،ولا داعي أن يوقع الأستاذ حسن صلاح الدين نفسه في التناقض ،و يدعي أن كاتب المقدمة لم يكن أديبا (لنسأله عن ترصيع مقدمته ببديع الكلام ) ولا باحثا (لنجره إلى محاكم النقد الأدبية ) ثم يبذل في الوقت نفسه جهدا موازيا لدفع السرقة الأدبية عن الرشيد كاتب المقدمة . إن الترجل عن صهوة العواطف هي أولى عدد الباحث العلمي ،وخلع بزة الهوى هي حلة صاحب الفتوى ولعلنا نعجب هنا من استشهاد الأستاذ حسن صلاح الدين بقول الدكتور مجاهد علي الذي حرر رسالة ماجستير بعنوان «معاوية محمد نور وآثاره النقدية» والذي قال لصاحبنا – والعهدة له- مندهشا عندما سأله إذا ما كان الرشيد عثمان خالد قد انتحل حديث ادوارد ونسبه إلى نفسه: «هذا كلام غريب فالرشيد عثمان خالد لم يكن يكتب بحثا علميا ومن الطبيعي ان يكون قد مر على جميع الذين كتبوا عن معاوية سواء كان ادوارد عطية او غيره فهو إنما يكتب مقدمة لمقالات جمعها وليس من مسؤوليته ان يرشد الباحثين الى المصادر التي تحدثت عن معاوية محمد نور» . إنه لفهم غريب ! ،بل ويدعو إلى الشفقة ،وإن شئت فهو مثير لاشمئزاز الباحثين ، لأن فيما يقوله الدكتور المجاهد دعوة لاستباحة بنات أفكار الغير!!، فهل يا ترى أن الدكتور يؤمن حقا برفع المسؤولية الأخلاقية عن الذي يخفي المراجع التي استفاد منها بإنكار صفته البحثية تارة وخبرته الأدبية تارة أخرى لطالما كانت طريقة التهميش والإحالة العلمية يا إخوتي لا تحتاج لناقد أو لأديب فهي مما يتعلم في باكر مراحل التعليم الجامعي، وفي أولى كورسات مناهج البحث التي تدرس في الاقتصاد مثلما تدرس في كليات الآداب .إن استشهاد حسن صلاح بالدكتور مجاهد هو من شاكلة استشهاده بموظف المكتبة على أن كتاب ادوارد عطية ليس نادرا ولا عزيزا ، حيث قال له بالحرف: «الكتاب دا سمح جدا، وفيه كلام مفيد عن السودان، لكن ادوارد عطية ما اتكلم كثير من معاوية!» .أرجو أن أسامح لأشير الى نقطتين : اولا : مثير للسخرية حقا الاستشهاد بموظف المكتبة الذي ليس من اختصاصه أن يفتي بندرة وعز الكتب ، وكان مرجوا أن يتجه الاخ الرشيد للأدباء والمثقفين ليسألهم كم منهم وقعت عينه على هذا الكتاب . ثانيا : فقد كذبك موظف المكتبة في قوله بالحرف (ما اتكلم كثير عن معاوية) فكيف يستقيم ذلك وادوارد عطية قد أفرد فصلين كاملين للحديث عن معاوية في كتاب لم يخصص في الأصل لتناول ظاهرة معاوية نور . لمن الفضل ؟؟ وقد ذكر ابن شرف القيرواني في رسائل الانتقاد تصنيفات لسوء التعامل مع نصوص الآخرين وعدد من أجناسها سرقة الألفاظ،وسرقة المعاني؛وقال إن سرقة المعاني أكثر لأنها أخفى من الألفاظ. ومنها سرقة المعنى كله،ومنها سرقة البعض، ومنها مسروق باختصار في اللفظ وزيادة في المعنى، وهو أحسن المسروقات، ومنها مسروق بزيادة ألفاظ وقصور عن المعنى، وهو أقبحها؛ ومنها سرقة محضة بلا زيادة ولا نقص. والفضل في ذلك للمسروق منه ولا شيء للسارق.( الكتاب ص 56) 2. واتهم وقيع الله الرشيد بأنه : • درج على إدماج كلام إدوارد عطية في كلامه بدون أن يشير أدنى إشارة إلى المصدر الذي أخذ عنه واتخذ ذلك ديدنا في النقل. • قام في بعض الأحيان باجتزاء عبارات إدوارد عطية ثم بنى عليها تفصيلات أكثر • وفي أحيان أخر أخذ كلام عطية كما هو من دون تبديل قليل و لا كثير ثم نسبه إلى نفسه وكأنه قائله الأصيل ! ومما يشهد على صدق دعوة وقيع الله هذه الفقرة وترجمتها المرفقة: " ولنتصور هذا الفتى الذي يفيض تطلعاً وطموحاً يعيش في أم درمان وحوله أمه وعماته وخالاته وكلهن محجبات ، عقولهن لا تعي من الحياة إلا مفاهيمها الأولية والتي كانت لا تخرج عن نطاق العائلة وتقاليدها ونواميسها مثل الزواج والطلاق والحمل والموت والحزن والتزين ... ويقضين بقية ساعاتهن في اجترار الأساطير والخرافات ... لنتصوره وسط بيئة كهذه وقد علقت بروحه واستبدت بوجدانه أفكار (جين أوستن) و (توماس هيكسلي) وغيريهما من مفكري القرن الثامن عشر ... في ذات الوقت الذي تهب فيه عليه رياح القرن العشرين من إنجلترا تحمل آداب وأفكار كتابها ... أي تباين ... وأي بون شاسع) . إن هذا التصوير ليس الا ترجمة لوصف ادوارد لمعاوية في نسخته الإنجليزية التي أرفقت بكتاب( تلميذي معاوية نور - ادوارد عطية) لمؤلفة الاستاذ الدكتور محمد وقيع الله والتي نضطر أن نوردها للقراء الاكارم وكما هي ، أثباتا لفعل النهب الأدبي و تعضيدا لحق المدعي في الاتهام (imagine him in the bosom of his : family at Omdurman, surrounded by his mother and aunts, sisters and cousins, segregated women who had never looked on stranger, illiterate women whose minds encompassed nothing beyond elementary facts of biological and domestic life-birth, circumcision, marriage, pregnancy, divorces, death, mourning, cooking, personal adornment-imagine him in this setting reading Jane ten or Aldous Huxley, moving about in polished 18th century Englishlish drawing-rooms, breathing the atmosphere of loth century Bloomisbury). يقول الاستاذ حسن صلاح (ولما لاحظ الاستاذ محمد وقيع الله التشابه بين حديث ادوارد عطية والمقدمة التي كتبها الاستاذ الرشيد عثمان...). الى أن يدفع بقوله ( فليس هناك غرابة اذن في ان تتشابه عبارات الرشيد وادوارد عطية في كثير من المواضع اذ كان المصدر واحدا وفي هذه الحالة تقدم الحقائق التاريخية التي أوردها الأستاذ الرشيد عثمان خالد من حيث قيمتها التوثيقية على تلك التي اوردها ادوارد عطية بحكم صلة القرابة بين الرشيد وخالد ومعاوية محمد نور(. وأرجو أن اعلق في نقطتين على هذا الدفع الأدبي. أولا :إن ما يثار الآن ليس هو تشابه واتكاء على اشتراكية المصادر ، بل يتعلق الامر بقضية انتهاب أفكار الغير بقوالبها اللغوية . ثانيا : إن الغلبة دائما للمصادر الموثقة والموضوعية كما في مناهج البحث ولا ركون لمصدر شفهي أهلي في فتوى حكمية . فهل يريد منا الأستاذ حسن صلاح أن نقتنع معه بأن جده هو الذي أصدر الحكم بأن الحفيد معاوية كان أول سوداني يتصل بروح الغرب ، ثم جاء إدوارد عطية ليحشر هذا الإسباغ في أحشاء كتابه . ويمضي الاستاذ حسن صلاح الدين في قوله " نلاحظ استخدام ادوارد عطية في بعض حديثه عن معاوية لكلمة «I heard» «سمعت» ثم يذكر أخبارا عن معاوية مما يوحي بأن هذه الأخبار تلقاها عن صديقه خالد". في الحقيقة كنا نأمل في الأستاذ حسن صلاح أن يكون أكثر موضوعية ودقة في دفعه ،وكم هو محزن حقا أن يواجه دعوى تستند الى المنهج بمنطق الرجم بالغيب،والتاويلات الساذجة ،إن عطية رجل استخبارات في المقام الأول ،فله أن يسمع من خالد وله أن يعدد من مصادره "إلا أنه لم يقل إنه سمع ذلك من خالد !!" ونرجو أن نرفق بالمرحوم خالد و ألا نحمله أوزار ادوارد عطية الذي يقال أن من مآثره على الثقافة السودانية كتابة تقرير أمني قبيح في حق أديبنا نور . سلَخَ أم مسخَ أم نسَخَ ؟ وبهذا فإنها لحجة تستدعي القلق أن يفكر صاحبنا بطريقة تغليب المصادر الشفهية - في قضية ثقافية معقدة الفحوى ،ومحددة المعالم كهذه .إن ما لاحظه الدكتور وقيع الله لم يكن مجرد تشابه وإنما بذل وقيع الله جهدا لم يسبقه إليه سابق ،في إثبات ( تناص حقيقي) أو إغارة أدبية يترفع عن مثيلها أدب العرب الأصيل الذي يغار على عفاف النصوص كما تصور مقامات الحريري في تراشق رشيق: "وهلْ عيب أفحش منْ عيبِكَ؟ وقدِ ادّعيتَ سِحْري واستَلْحَقتَهُ. وانتحَلْتَ شِعْري واستَرَقتَهُ؟واستِراقُ الشّعرِ عندَ الشّعراء. أفظَعُ منْ سرِقَةِ البَيْضاء والصّفْراء. وغَيرَتُهُمْ على بنات الأفكار. كغيرَتِهِمْ على البَناتِ الأبكارِ. فقالَ الوالي للشّيخِ: وهلْ حينَ سرَقَ سلَخَ أم مسخَ. أم نسَخَ؟ فقال: والذي جعلَ الشّعْرَ ديوانَ العرَبِ. وتَرْجُمانَ الأدَبِ. ما أحْدَثَ سوى أن بتَرَ شمْلَ شرْحِهِ. وأغارَ على ثُلُثَيْ سَرْحِهِ. .(ص175)" فتوى التحريم إن قضية السرقات الأدبية هي موضوع قديم متجدد ،ولأهمية الحفاظ على حقوق الغير نشأت منظمة الأمم المتحدة للملكية الفكرية التي يتربع على قمة هرمها السوداني المبدع الدكتور كامل إدريس ،كما تنشط لجان الملكية الفكرية في كل مكان لتقنين و صون مثل هذه الحقوق الأدبية،ومن الطريف أن بعضهم يقترح عقوبات تصل الى حد السجن في حال المخالفات الصريحة،ولا ننسى أن نذكر بالفتوى الأزهرية بخصوص الحقوق الفكرية لدى سؤال عن(التناص )ونصها «تفيد اللجنة بأن الاقتباس بكل أنواعه من كتاب أو مجلة أو مرجع جائز شرعاً، ولا شيء فيه، بشرط أن ينسب إلى مصدره وصاحبه عند الكتابة والتسجيل، ورده إلى مصدره الأصلي. أما النقل من كتاب أو مصدر أو مجلة عند التأليف ونسبة ما كتبه الكاتب، وما نقله عن غيره إلى نفسه فهذا أمر حرمه الشرع والقانون، وهو نوع من السرقة. أما النقل للأفكار وكتابتها وتطويرها وتزويدها بأفكار أخرى وتحديثها فليس في ذلك شيء، وذلك ينطبق على سرقة الأفكار والآراء العلمية والدينية بشرط أنه عند هذا السؤال تنسب الفكرة إلى مخترعها ومبدعها، وذلك لا يشبه في حكمه شرعاً حكم سرقة الأموال والمتاع من قطع اليد وإقامة الحد، وإن كان يجوز في ذلك التقدير إذا كان الحال كما جاء بالسؤال، والله تعالى أعلم» (توقيع رئيس اللجنة 30 يناير 2003- الموسوعة الإسلامية بلاغ دوت كوم)».. التحذير المجلجل عرف الأدب العربي في سيرورته الطويلة وعبر عصوره المتلاحقة الكثير من عمليات الانتحال الأدبي والعلمي والفني ، وقد قامت معارك مشهودة في ذلك ،واتهم أدباء كبار بانتحال أفكار غيرهم سواء عن طريق الترجمة ،أو عن طريق التصرف غير الكريم مع نصوص الآخرين،ولا ننسى أن نشير الى ما أشار إليه العلامة عبد الله الطيب في سرقة الموناليزا من تصوير بيت شعر عربي. إن هذا في واقع الأمر ما كان يخشاه المسعودي الذي كان في طليعة المفكرين الذين وضعوا للسرقة الأدبية أيما اعتبار و قد ساءه سرقة الآخرين لجهود غيرهم .. فآثر أن يقدم كتابه القيم "مروج الذهب "بتحذير مجلجل ،ينفطر له قلب كل من تسول له نفسه انتهاب مكنوناته الفكرية ونورد النص كما أوردته الموسوعة الإسلامية في بحثها الشيق حول السرقات الأدبية . (من حرف شيئاً من معناه، أو أزال ركناً من مبناه، أو طمس واضحةً من معالمهِ، أو لّبس شاهدةً من تراجمه، أو غيّره أو بدله، أو أنتخبه أو أختصره، أو نسبه إلى غيرنا، أو أضافه إلى سوانا، فوافاه من غضب الله، وسرعة نقمته وفوادح بلاياه، ما يعجز عن صبره، ويحار له فكره، وجعله مثلةً للعالمين، وعبرة للمعتبرين، وآية للمتوسّمين، وسلبه الله ما أعطاه، وحال بينه وبين ما أنعم به عليه من قوّة ونعمة مبدع السموات والأرض، من أي الملل كان والآراء، إنه على كل شيء قدير، وقد جعلت هذا التخويف في أول كتابي هذا وآخره» (مروج الذهب: 1ص19و5ص301).د النظارة السوداء إن ما قام به الرشيد من عمل يتعلق بجمع مقالات نور من باطن الصحف المتفرقة عمل يستحق الإشادة والتقدير بلا أدنى شك ،الا أن منهج تقديمه لهذا التراث الأدبي الذاخر قد شوش شخصية و أدب معاوية نور ،لاعتماده الترجمة من عطية ،حيث أدى ذلك الى أن يكون حظ المثقف السوداني أن ينظر الى (معاوية نور المبدع عبر نظارة إدوارد عطية المخبر) ..قلت في نفسي ليت العقاد أنجز مقدمة أشتات نور الصحفية ،فربما كان اتجاه الدراسات حوله قد سلك طريقا غير التي سلك . في واقع الأمر إننا لا نريد أن يظم معاوية نور مرة أخرى بانتزاعه من رحابة الأدب الى ربقة الأرحام والأهلية ،وخاصة و إن أديبنا العظيم قد ترك لنا دنيانا الفانية وفي فمه مرارة ،لم يترك حفيدا ليرفع ذكره ولم يورث متاعا الا آثاره الخالدة التي أصبحت مددا في عمره . أخوتي الأكارم :إن الرجعة للحق أكبر فضيلة ،وليس هناك من هو أكبر من أن يخطىء وليس هناك صغيرا على أن يعرف الحق ، حيث اقتضت حكمة البارىء الأزلية أن يذهب الزبد جفاء وأن يمكث في الأرض ما ينفع خلقه.
|
|
|
|
|
|