دارفور... إلى أين؟

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 01:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-25-2004, 06:30 PM

الحسن بن طلال


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دارفور... إلى أين؟

    الحسن بن طلال: دارفور... إلى أين؟

    الحياة اللندنية GMT 20:45:00 2004 الإثنين 2 أغسطس
    أليس من المفروض أن تغمرنا مشاعر الأمل والتفاؤل حين نلاحظ هذا الاهتمام الدولي المركّز على قضيّة دارفور؟ فهناك تتكشف ملامح مأساة إنسانية، وتنقل الينا الأنباء أن اكثر من مليون إنسان قد اضطروا للجلاء عن مساكنهم، وتحدثنا عن عمليات تنظيف عرقي، وحتى عمليات إبادة. وتتحدّث الأنباء عن كل أشكال المعاناة كما تتحدث عن تقاعس سوداني رسمي عن وضع حدٍّ لهذه المأساة، ما أوجب ذلك التدخّل القوي من جانب الأمم المتحدة. هذا ما ترويه الأنباء.

    والمفروض أن مثل هذا التدخل هو من صُلب مهمات الأمم المتحدة، التي أنشئت لضمان سيادة الأمن والسلام في جميع أنحاء العالم. ومن ضمن مهماتها أيضاً أن تكرّس ما لديها، وكل ما لدى أعضائها، من جهد لإنقاذ الشعوب التي تتعرّض للظلم والعدوان والأذى والتشتيت، كما يقال إنه يحدث في دارفور. ويبدو أن الأمم المتحدة، وانسجاماً مع متطلبات ميثاقها ووفاءً للمبادئ التي هي ملزمة بمراعاتها، قد فعلت ذلك. فقد عبر الأمين العام أكثر من مرّة عن قلقه على الوضع، وعن اهتمامه وحرصه وتصميمه على وضع حدًّ للمأساة. كما قام شخصيًّا بزيارة دارفور، واطلع على ما يجري، وتباحث مع الحكومة السودانية، وأبرم معها اتفاقاً على المعالجة، وظل يتابع تطوّر الأحداث يوماً إثر يوم. وأخيراً، وإذْ أكتب هذه الكلمات، فإنّ الأنباء تنقل الينا أنّ مجلس الأمن قد اتخذ القرار (1556) الذي يمهل حكومة السودان شهراً واحداً لتنفيذ الإجراءات المطلوبة منها، التي تعهّدت بها بموجب اتفاقها السابق مع الأمم المتحدة، وإلاّ تعرّضت للعقوبات. وحتى لا يلفَّ النسيان هذه القضيّة الإنسانيّة الملحّة، فإن القرار يطالب الأمين العام بتقارير دورية كل ثلاثين يوماً ليبقى المجلس على إطلاع على ما يجري، وحتى يتمكن المجلس من فرض العقوبات التدريجية بالتناسب مع حجم التقصير أو المخالفات التي سيبلغ الأمين العام مجلس الأمن بأن الحكومة السودانية قد ارتكبتها.

    تقتضي الأمانة، بل بالأحرى المسؤولية، الاعتراف بإيجابية هذه الجهود. أليس هذا هو ما نطالب الأمم المتحدة القيام به بالنسبة لقضايا كثيرة ملحّة أخرى؟

    نعم؛ إن هذا هو بالفعل ما نطالب الأمم المتحدة القيام به. وهنا، أي في الإجابة عن هذا التساؤل، تكمن المشكلة. وقبل أن أستطرد، فإنني أرى الحاجة إلى التوضيح بأنني لن أتعجّل إصدار أي حكم، ولا حتى إبداء أي رأي، بشأن ما يجري في دارفور، أو ما جرى عبر عقودٍ متلاحقة، ولأسباب متغيّرة متشابكة. فليس لدي من الحقائق الثابتة ما يمكنني من ذلك. كل ما أستطيع هو أن أضمّ صوتي الى أيّ صوت، وأضيف جهدي الى كل جهد، من أجل إقرار المبادئ التي نأمل ان تكون الموجِّه والمقرِّر في معالجة أية قضيّة كتلك التي تستقطب اهتمام العالم في دارفور. والمبادئ الواجب تأكيدها، وأنا أول من يلتزم ذلك، هي رفض الظلم ورفض التنظيف العرقي ورفض الترحيل والإبادة ورفض الصمت والتقاعس عن كبح كل من تسوّل له نفسه استخدام قوته الفعلية أو نفوذه السياسي من أجل تحقيق المكاسب الداخلية أو الإقليمية على حساب الآخرين.

    فالطريق الأصح والأقصر والأضمن هي أن يصار إلى تحقيق دولي موضوعي محايد في دارفور بإشراف الأمم المتحدة، وبتعاون كامل مع الحكومة السودانية، وباحترام كامل لسيادتها وكرامتها، ومن ثم يصار إلى وضع الحلول اللازمة استناداً إلى القانون الدولي. وعند التمرّد على القانون، وعند التقصير في الاستجابة لتنفيذ الحلول الموضوعية ذات الصدقيّة، تتدرج المعالجة باتجاه التهديد بالعقوبات استناداً إلى القانون الدولي أيضاً.

    ثمة طريق آخر وهو تحرّك إسلامي، إما ليدعمَ عمل الأمم المتحدة، أو لينوبَ عنه. فمنذ أن بدأت ملامح هذه القضية تتكشف لنا وللعالم، لم تفارقني مشاعر الأسى لغياب الدور الإسلامي غياباً تامًّا؛ هذا الدور الذي لو تحرّك في الوقت المناسب لتمكن من وضع حد للتفاقم، ولما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه في مجلس الأمن.

    فإلى متى سيظل التقاعس سبباً لضياع الفرص؟ لا أنسى هنا أن الإحجام الإسلامي عن التدخل لانقاذ تماثيل بانيان في أفغانستان قبل بضع سنوات أدى إلى تدميرها وتحميل الإسلام مسؤولية ذلك الإجراء الرجعي الفاضح.

    أقول هذا لأن قضيّة دارفور، التي نحن بصددها، لا هي بالسهولة ولا هي بالوضوح اللذين يبرران التعامل معها بطريقة الأحكام المسبقة، التي قد لا تكون عادلة ولا صائبة. وقد علمتنا تجارب التاريخ القريب، والبعيد أيضاً، أن مثل هذه المعالجة تأتي دائماً بنتائج عكسية وبعواقب وخيمة. ولا نرجو أن نضيف إلى قضايانا المعقّدة جدًّا في المنطقة، والعواقب الخطيرة الناجمة عن المعالجات المغرضة المتسرّعة، كوماً جديداً.

    والذي نعلم أن منطقة دارفور تعرّضت للنزاع القبلي، والعرقي، والاجتماعي، والاقتصادي منذ بداية القرن الفائت. ويبدو أيضاً أن للنزاع أبعاداً دينية، وأنه قد تطوّر أخيراً، ربما بتأثير ما جرى جنوبيّ السودان، باتجاه التحوّل إلى حركة سياسية موجهة بأهداف كان لا بد لها أن تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الحكومة. ولا يجوز لأية معالجة لهذه الأزمة أن تتجاوز كل هذه الاعتبارات عند تشخيص عناصر القضية أو عند وضع الوصفة اللازمة لعلاجها.

    أكاد أجزم أن هناك مسؤولية يشترك في تحمل تبعاتها أكثر من طرف واحد، وهي مسؤولية السماح للأوضاع الاقتصادية والمعاشية الصعبة، وظروف الحياة القاسية، بأن تدفع بالناس في دارفور إلى اليأس والاقتتال. وكان على المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني، التي أؤكد ضرورة الارتقاء بدورها باستمرار، أن تبادر بالإجراءات الاستباقية، لا أن تنتظر انفجار الأزمة.

    وفي هذا المجال أذكر أنه كان لي شرف رئاسة حملة غوث إنسانية أردنية توجهت إلى السودان الشقيق في منتصف الثمانينيّات. وتم عقب الزيارة إنشاء اللجنة الوطنية الأردنية للتضامن مع السودان التي تشرّفت برئاستها أيضاً. وكان الهدف معالجة الأوضاع في دارفور منذ ذلك الوقت لتخفيف المعاناة وقسوة الحياة، أملاً في عدم تدهور الأوضاع المعاشية والإنسانية والاجتماعية إلى حدّ الانفجار.

    قامت البعثة الأردنية عندئذٍ بانشاء مشروع كهرباء ومشروع ماء في منطقة «كاس» قرب نيالا. وقامت البعثة أيضاً بإعادة إعمار مستشفى ألمانيّ متروك، وتأهيله وتزويده بفريق طبي تمكن على مدى خمس سنوات من معالجة أكثر من مليون حالة ومن إجراء أكثر من خمسة عشر ألف عملية جراحية كبرى. وقامت البعثة بتنظيم حملات بتطعيم الأطفال وتعقيم المياه. وتم توفير التمويل اللازم من الهيئة الخيرية الهاشمية والبنك الإسلامي للتنمية.

    أعود إلى تساؤلي السابق، حول دور الأمم المتحدة في تكريس كل ما يمكنها من جهد لمعالجة المأساة الإنسانية في دارفور. وأقول: نعم؛ هذا هو واجب الأمم المتحدة وواجب الأمين العام.

    لكن الذي يفزعني هو أن هذه القضيّة تذكّرنا مرّة أخرى، وبمضاضة، بأن القانون الدولي يطبق انتقائياً وأن القيّمين عليه يتعاملون مع قضايا الشعوب، لا على أساس مضمونها وعدالتها وجدارتها وطبيعتها الملحة، بل على أساس ملاءمتها للأغراض السياسية، ما يجعل مآسي الشعوب ومعاناتهم عرضة لخدمة غايات آنية وأهداف ذاتية لا علاقة لها بالإنسانية أو العدالة أو المبادئ النبيلة، وبالنظام الإنساني الجديد، الذي تشرفت في العمل عليه منذ الثمانينات ٭٭ وهو لخير شاهد على النواحي الواجب اعتبارها أساساً في تجنب الأزمات المتمثلة في صراع الإنسان مع أخيه الإنسان أو صراع الإنسان مع الطبيعة. وقد أقرَّت ذلك النظام الجمعية العموميّة للأمم المتحدة، وتكرر إقراره كل عام. وهو يأذن بالعمل على سياسة انضواء تحت النواميس والأعراف القانونية والدولية لجميع الأطراف، وللمنظمة الدولية والجهات الحكومية وغير الحكومية. ذلك إن أردنا أن تعلو كلمة الحق ويعلو قانون عالمي للأمم مبنيّ على احترام مصالح الإنسانية جمعاء، قبل الاستجابة الضيقة لأصحاب المصالح الخاصة.

    ليس من حق أحد أن يشكّك في أي اهتمام تبديه الأمم المتحدة، أو تبديه الدول الكبرى، من أجل السيطرة على تفاقم الأوضاع في دارفور تمهيداً لحل هذه المأساة نهائيًّا وجذريًّا. لكن، من ناحية أخرى، فإن من حق الجميع أن يطالبوا باهتمام مشابه في كل القضايا الأخرى. وتجنباً للغموض، فإنني أؤكد أن من حق الناس في هذه البلاد أن يتساءَلوا عن سبب صمت الأمم المتحدة على عدم تطبيق قراراتها في قضية الشرق الأوسط الكبير، وعن عدم تحديد مسؤولية من يعرقل مسيرة السلام وعدم تطبيق خريطة الطريق وغيرها من عشرات المبادرات التي ما لبثت أن اندثرت الواحدة منها تلو الأخرى. وما فتيء الوضع في المنطقة يتوغّل في متاهات العنف والدم والدمار. وما زالت الشعوب البريئة، عرباً ويهوداً، تدفع ثمن هذا التدهور.

    هنالك من يقولون لي باستمرار، وأجدني عاجزاً عن تهدئة غضبهم، أو تبديد شكوكهم، أو حتى الردّ على تساؤلاتهم؛ يقولون: إن الأمم المتحدة تتحرّك ويتحرّك مجلس الأمن بحزم وشدّة وبلغة قاسية حين يكون «المذنب» عربياً، وتستكين الأمم المتحدة للصمت وتستسلم للعجز حين لا يكون الأمر كذلك، أو عندما يكون العربي أو المسلم هو الضحيّة.
    أما آن لهذه المعادلة أن تسقط؟

    ٭ رئيس منتدى الفكر العربيّ وراعيه؛ رئيس نادي روما.
    ٭٭ النظام الإنساني، الذي أقرته 26 دولة، هو خير وسيلة لاستنهاض الإسلام من انغلاقه وتأثره بالسياسات الثنائية والقرارات الانفرادية. كما من شأنه أن يثبت للعالم أنه قادر من خلال الغيريّة على المحافظة على أرواح المسلمين وعلى إنسانية الأبرياء من بني البشر.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de